jeudi 16 mai 2024

شهوة البرتقال // يحيى موطوال // المغرب

 

مبهَمٌ
يعبثُ بفوضى الفراغ،
نصٌّ
يتقنُ شهوةَ البرتقال،
غيمةٌ يتيمةٌ
معلّقة بالسماء .
وجعُ حوارٍ،
صوتُ عطشٍ
وحرقةُ
سؤالٍ مجنون .
أتحجَّرُ
في صمت الانتظار ،
أندبُ خطيئتي الأولى
أقطفُ فاكهةَ اللَّيل
صادقًا معَ الموت
مبتلَّا بعرق المحن
وأنا أمضي
إليَّ
شاعرًا من عالمٍ آخر .
حلمٌ
هو أنا
لا يعرفُ اتِّساعي ،
انزلاقُ حدثٍ للتوِّ
على الطّينِ والنّار والأبجدية ،
منسيٌّ
قبلَ اندلاعِ الحياة..
فوضى مجازٍ
تتمظهرُ
في حدود اللامنتهى ،
قصيدةٍ أخيرةٍ
لشهوةِ الجنون .
فرحٌ كاذبٌ
يولدُ من عبثِ الوقت ،
هذيانُ حرفٍ
يبعثُ من حطام اللِّغة ،
شيءٌ ما
مختلفٌ عمّا هو
أبحثُ
في عظام الذَّاكرة
لأكتشفَني
مزهرًا
من دهشةِ الشعر،
حبقَ أملٍ
يحتفلُ بالمجهول .





قضيت عمري مسافرا // يونان هومة // سوريا

 

قضيتُ عمري مسافراً
ألملمُ الأوراق الصفراء المتناثرة من على أرصفة الذاكرة
وأصغي السمع لوَقع أقدام الزوّار
الذين يطرقون باب الفجر في الأحلام من أجل التجلّي
بعثرة الليل لأوراق الشجر قد تقتل الغزالة اليتيمة
وتصيب وجه المطر بالطفح والجذام
أرض الطفولة أرض الأنبياء قد باتت اليوم صحراء جرداء
تشكو من فقر الدم ومن السلّ والعجم
الوطن يحترق ونحن نفترق
نتجشّأ أزمة الرحم المكسور
ونسقط في دوّامة ألاعيب الدول الكبرى
كأرنب في الشبكة مذعور
لم يكن وهماً
حين التقينا كغرباء وتعانقنا كعناق الأرض للفجر
ثمّ بكينا كطفلين صغيرين
وتذكّرنا في لحظة ليالينا الماضية
وكلّ السنين المجيدة الغابرة
لم تكن صدفة حين التقينا
ونهراً من الشوق كنّا قد غدونا
لم يكن حلماً حينما أصبحنا مشرّدين
وعلى مفترق الطريق التقينا
وكان نداء الدم يولول في جسدينا.










يم الأسفار // حسين جبار محمد // العراق


تراتيلي في وديانِ الهمس،
إذْ تبدو الأشجارُ وشاحاً من غنجِ العيْنَيْن،
إذْ نصعدُ في خَدَرِ النظرةِ أفواجُ الغَزَلِ الدافق
الدافقِ من نبْعِ المحرابِ المُتَجلّي في خطِّ اللؤلؤِ من عنقودِ ثناياك.
تأتينا اللهفةُ وسنى،
تمشي بين الهمسةِ واللمسة في موجِ الأشواق
ترسمها فرشاةٌ من وشيِ أناملكِ.
تتّسعُ الرحلة،
تمتدُّ الخطوةُ في أثرِ الخطوة.
ترقصُ فيها بمدياتِ اللفتةِ في لعَبِ الكفِّ الهائمِ عند سحابِ البسمةِ إذْ ساحتْ.
من موجِ الأنداءِ بمجذافِ ،زورقِ بشرى الوصل، بألوانِ شراعاتٍ غَنّتْ للنهرِ،
إذْ سرحت بدلالِ الإشراقةِ ولهى،
كُنتِ ذراعَ أمانٍ ترسو بموانئِ يَمِّ الأسفار.









mercredi 15 mai 2024

ومضى ...// محمد لغريسي // المغرب

 

مضى حبها
خيولا سريعة
وشردتني الذكريات
صوبت نابها الأصم،
نحو شعيرات اللهفة
ودمرتني ..
و مضت
غاضبة كما ترحل
قوافل الرسول .
سهما نازفا كان الشوق..
كأفعى الجبال.
كل حالي.
.....
مضى حبها
تبدد صخب الشموع الضاحكة
جفنا لغروب ناشر
كان الألم!
وددت أن أبلل شفتي
بالبنفسج..
لكن أمطار ي القليلة
صدئت..
وذراعي بين موج عاصف
وملح صاعق
تعثر.
..............................
مضى حبها سريعا
وشردتني الأمنيات
خارت ساعدي
كما تنق ضفادع الضاحية..
والعقد الفريد على حين غرة
تشنج..
وأقراط الغزال
صارت معاقة
كما تتهادى
الصحراء .
.....
شب الحريق يا فؤاد
حول
حرائقي
و الجفاء أينع
بابا موصدا ضدي..
و الجفاء ..
شج بمطرقته رأسي
ورمى الحزن معاطفه جبالا
على
حقائبي
التعيسة.
.........................
سأنسى..
تبا لمساحيقك،
تبا لأنفاسك الباردة،
تبا لك..
فأنا سبيل
لسبيل جديد..
أنا خطوة تحث خطاها،
تبا..
سأبحر مرة أخرى
نحو لب وقت لا يبكي.
باحثا
عن خلايا جديدة
وفي اليدين
جوقة أعشاب.
.........................
مضى حبها ..
أقصى من الغم،
أقسى من العبث..
كانت الطلقة!
تركتني الضفاف يتيما..
شنقتني حواجب الهلال..
ياهذا..
وطردتني
كقط
منهك
لا يدري الطريق.
......
مضى الأمر ..
خيولا مسرعة
وشردتني
المسافات..
بحثث
في البرق عن ماء
بحثت في الإيقاعات
عن مناخ
لكن الشظايا
كانت تنتظر حتفي ..
وسط المدارة !
....................
مضت ..
و في نصف رمشة،
انهدم الركح،
وتحطمت السواري
شاخت ورقة التوت
الأخيرة
وشردتني
في
دمعتين
كاملتين.
.......
كنت أعتقد ان في الخيال
نونا يرافقني..
كنت أظن
أن في الوهم
سينا يضمد جرحي..
لكن يومي :
غدا
غمامتين
قاتلتين.
....
اسمع..
أيها المعذب -المعذب،
اسمع ..
أيها المذبوح
كشاة المواسم
تضرج بخيبتك..
كما يحلو !
الحقول المنكوبة:
أوانك المقبل!
وفصلك الشتوي
تمنطق خنجره..!
....
وشردتني
الفساتين!
كشفت عن ساق خديعتها
يا سيدي..!
كأنها نزوة شيطان!
.....
والمجازات التي كنت أصوغها
من مخ لحمي
ونخاع عظامي ..
توقف عزفها!
.....
وخد الزعفران
قصفني بالخذلان
و البهاء الذي كان بلحا
طريا
بين اليدين
خاف من حفلته المرة
وشطرني خريفه
وشتاؤه
إلى
نصفين.
....................
تركتني..الشقية
أتبتل بأشعار الخنساء
وحدي
ألجأ
إلى صورتي
التي انصرفت
وأمامي:
لحية المسيح مخنوقة
و كلماتي
تترنح..
.............................
آه.
آه..
يا ابن الهموم
ضاعت قبعتك
وسط
الهرج
انتحرت سيقان القرنفل
فر الوميض
خلف خيبة مرة ،
تاهت البوصلة..
خلف
الحدائق.
.....
مضى حبك خيولا خادعة..
فتشت عن رعشة
مثلك!
وأنثى مثلك !..
فما عثرت..
آويت إلى الأطياف
فأوجعتني
الأسهار..
كلها !
دمرني المحار الملعون
من حد
الهامة
إلى حد
الإبهام..
.......
سما
جسورا
يا فؤاد..
كانت الثواني،
غما ..
كانت الأشجار حدجا ،
سرابا
سربلني
من ألف
إلى ياء.
...........................
مضى حبها،
فارحل..
ارحل يا حبيبي
اترك خواتمها للساعة
ترجل
عن سلالمها
لا وقت للمنافي
يا أخ: الشيح
لا تجزع
يا جار: المزامير.
لا تجاعيد لصوتك بعد الآن..
خذ غلتك الاستوائية
وانطلق..
بع زفرتك
لمعابد الهندوس ..
وغن..
كن ..
يا عاشق اللهب الجميل.
.....
مضى حبها،
أطلقت الغنيمة
جناحيها
للردى
ورحلت
وشردتني!
صرت أعالج ليلي الطويل
بقافيتي
وتعاستي
وحدي،
و فات ما صار..
لاذعا..
وشردتني.





مآسي لحظة غياب ( مقتطف من رواية) // مختار سعيدي // الجزائر



كان هو يتقدم وهي تتقهقر إلى الوراء حتى كانت على حافة السطح، عرفت أنه عازم على دفعها إلى الهاوية فرمت بنفسها، تعجب أنه ما كان يقصد ذلك، بل أراد أن يحضنها ويهمس في أذنها أنه ذلك المجنون الذي صنعه هيامها بجميع الرجال الذين عشقوها بشغف، ينظر إليها من الأعلى وهي جثة هامدة على الرصيف، ولا تزال أصابعه مخضبة بالحبر.. فجأة اختفت الجثة وتفرق الجمع، وعادت الأمور على ما كانت عليه وكأن شيئا لم يكن ووجد نفسه عاد بروايته في عالمه الافتراضي، ينتظر أن تعود إليه شبحا لتنتقم منه، بل من كل الرجال، ابتسم ليخفي الرعب الذي سكنه كأنه من شخوص ذلك البيت المهجور الذي رسمته أصابع لا تتردد في صنع النهايات، نزل إلى غرفتها، لا يستطيع أن ينظر إلى صورتها، يتحسس وقع أقدامها، ومن حين إلى حين يمزق حضورها سكون البيت بشيء يستغربه، يشعر كأنها تراقبه، بل تعيش معه، أحيانا يحس بدفء جسدها وهي تزاحمه على السرير، كان يقول دائما أن ما يجاري الحب أكثر من الجنون، ولهذا بحثت الانسانية عبر العصور عن شيء تبرر به حماقاتها، وتحمله مسؤولية إخفاقاتها، فاستلهمت من أخطائها ربا لكل شيء وظفته لخيرها وشرها، ترضيه بقرابينها، وتضحي من أجله بالنفس والنفيس، واستوحت من هواجسها طقوسا تمارسها في أماكن وأوقات معينة، وجد نفسه وحده لا يؤمن برب يمكن أن يحميه من أشباح الذين أخرجتهم كلماته عن سنن الكون، فما أتعسه في أسطورته ولا خلاص له...









mardi 14 mai 2024

حبك احتواء // علا معروف // سوريا

 

حبك
احتواء
جنة الآفاق
مدى عينيك
أحجية ..
الغَزل منها
يغار..
حبك نسمة
ربيع بسمتك
أنوار
أحبك..
الروح
تعشق الحنان
نبض قلبك
يطربني..
نغماته غواية
أسرار لاتقال
هيامك عبير
يعطر عمري
في كل الأوقات .







dimanche 12 mai 2024

خلف المعنى ...// علي الزاهر // المغرب

 

خلف المعنى ما يستر وهج القصيدة
حين يمت ليلها بين حلمي و سهدي
عبثا ، أحاول ترتيب أنفاسي
أردد أغنية على إيقاع صوفي
و أدس وراء ستارات الوهم ، خوفي
أبحث لي عن موطئ ٱخر
خلف روايات العابرين
فلا أرى غير ما تشعله القصيدة من ذكرى
و من سطور يتوجها صمتي بالفراغ
أعبر ذاكرتي ، لعلي ألمح بعضي
يرمم بعضي على فوهة الزمان
أرمي لفافة الٱه جمرا
فتسبقني العاديات قطرا
تسقي برضاب العشق أرضي
أهش على أحرفي وردا فوردا
حين تنساب مني الهمسات أنهرا
و تشق جدار الصمت بيني و بين من أهوى
ثم يطول الحكي على مسامع أوردتي
و أنا المتيم في غمرة الصحو
لا أجد حين السهد ، غير صدى الكلمات
تنعتها المفرادات في ليلتي
بواردة المعنى و المجاز .







Toutes les réactions :
الأحرار الأدبية

الوطن // عدنان يحيى الحلقي // سوريا

 

الوطنُ زقزقةُ عصفورٍ يحومُ حولَ عشِّهِ.
المبنيّ على غصنِ شجرةِ كينا .
على طرفِ طريقٍ معبَّدٍ بالطمأنينة.
الوطنُ خريرُ جدوَلٍ .
يَتَحَدَّرُ مِنْ جبلٍ مكلَّلٍ بالغارِ، والهممِ العاليةِ.
الوطنُ نايٌ على فم راعٍ .
يهشُّ بمواويلِهِ على غنمِهِ في المراعي النظيفةِ البريئةِ.
الوطنُ جنديٌ يحرسُ الحدودَ.
وفي وقتِ راحتهِ يكتبُ رسالةَ حبٍّ.
لأمِّهِ، لأبيهِ، لأخوتهِ، لأخواتهِ، لحبيبتهِ..
الوطنُ صدرُ أمٍّ ترضع صغيرها بكل هدوء.
الوطنُ أنْ أتعبَ بكل حبٍّ.وصفاء نيَّةٍ.
كي أنامَ آمناً في سربي، أو في البريّة.
الوطنُ مواويلُ الحصَّادين في حقولهم.
وهمْ يجنونَ القمحَ، والفرحَ..
الوطنُ خيمةٌ عامرةٌ بالإنسانيةِ...
الوطَنُ أمّي التي
ما تعطَّرَت يوماً.
لكنَّ رائحةَ ثوبِها تناديني.
على مسافَةِ آلاف السنابلِ.
ما تعطَّرَتْ يوماً.
لكنَّ رائحَةَ تَعَبِها.
تأخذُني حافياً.
إلى حيث تجني..
ما يصيرُ رغيفاً،
على الحطَبِ المضمَّخ.
برائحةِ العَرَق.
ما تعطَّرَتْ يوماً.
لكنَّ رائحَةَ صوتِها.
هي القصيدة التي.
ما كتَبَتْها الأقلامُ.
الوطَنُ أبي.
الّذي ما تَعَطَّرَ يوماً
إلّا بدموعِ السحابِ.
ما تَعَطَّرَ يوماً إلّا بالتّرابِ المجبولِ.
بدماءِ الشّهداءِ..








عينان دامعتان ( قصة قصيرة) // محمد الكروي // المغرب


بعيدا عن قريته ، بساط بور مرتاح، وخلف الجبال الوعرة، على أوراش تحمي من الصقيع والهجير وعويل الريح الممزوج زخات مطر، كان عبد الرحمان يلتقط السنبلة تلو السنبلة ، وعلى يد آمنة يرسلها سلاما ينسج التواصل والتطلع إلى زيارة قصيرة تورق الأنس والدفء الذين ما تكاد إشراقتهما تزيح ظلمة الغياب ،حتى ينطفئان مهب تلويحة رحلة لا تخطئ الموعد.
بين سفر ممتد وتواجد خاطف، معدود الأيام والليالي ،ضج البيت ولدا يبهجون العين ،
صخبا يمرحون الفؤاد ،طلبات وأسئلة لها الأحضان والاستجابة المرضية .
على جناحي الحل والترحال ضمن حلقة مفرغة ،يتنفس هنا هناك ،ويستعجل هناك هنا ،وبينهما انساب الحلم .
كبر الأولاد تحت رقة الأم ،عليها يغمضون كل مساء ، واستجابة لندائها اللطيف تنفتح عيون البراء ة كل صباح، وهم فرح أخذ وسباق سرعان ما يعقبهما الصمت و الهدوء المشوبين قلقا وحصرة وندما على ما يكون قد صدر من قسوة نتيجة ضغط لا يقبل التأخير.
يعيش عبدالرحمان هذا الجو التنافسي الجميل وكأنه في حلم ،حتى إذا استيقظ من تجاذبات مجرياته ، حاول إعادته ثانية وثالثة بغية الوقوف عند كل صغيرة وتأملها حلم يقظة جوار أهل منصرف إلى شغل يومي مكرور.
بعطف يصلح عبد الرحمان ما لا يماشي رغبته في أولاده الذين يستجيبون إرضاء له .
في زيارة أخرى ،وبعد طرح العياء ،يتبين أن حرث المرة السالفة ذهب أدراج عدم الحرص والتذكير ،فيرفع الإيقاع أمرا ونهيا وزجرا محمر المقلتين مع سيل من التنبيهات رفقة توبيخ محتشم على مسمع من الجميع أملا في فهم المراد قبل فوات الأوان .
جيئة وذهابا، نفس الطريق، نفس الترتيبات، نفس التضاريس،مضت حلقات الزمن، فذبلت زهرة العمر ،وعبد الرحمان يرص اللبنات خطوطا مرصوصة ، أو ثنايا براكته رفقة مذياع يعظ ، يشدو، يخبر، وطورا آخر أهازيج حنجرة مبحوحة تطوي المسافات ، تحت سقف صفيحي شبيه بالفرن صيفا وبالعراء شتاء ممطرا.
يستحضر قبل عناق الجفنين ذريته وبعض حاجاتهم في توقف أمام كل واحد وصدى كلماتهم تطرب سمعه ، فينام و قد قرر أن يقتني كل خميس وهو يتسلم كد اليدين وعرق الجبين رغبة عبد الله ، عبد الواحد ،نزهة وكلثوم ..
عاد الأب إلى بلدته وقد لفظه "الساس" واسترسال اللبن الوردي الخلاسي أدراجا تتودد نوافذ الغيوم، وكل مرامه أن يعوض الأسرة ما سلبته منها الهجرة من رعاية وحنان وتقويم تصادم وعدم مبالاة البكر وتابعه ،وهو ما تبينه منذ زمن بعيد، عبر الفراسة العميقة المتنبئة بالخسران لقلة الالتفات إلى منثور درر الخبرة والتجربة .
ضجر الأب وضجر الولدان وضجرت الأم، وعم البيت سوء الفهم ،فكان التغاضي ولباس الغفلة أحيانا ،مطلع هدوء ما قبل العاصفة التي يجب أن تضع حدا لمعاناة الجميع ،المتجددة كل لحظة بمجرد التماس ولأتفه الأشياء ،حصيلة رتابة وعدم استنشاق هواء نقي ،إليه لجأ الأب فرارا من زوجة ثرثارة لا تصمت إلا برهة قلب الصفحة لتبدأ نشرتها الإخبارية عن فلان أو فلانة، وهو أكره ما يكره عبد الرحمان .
انسلاخا من هذه الزاوية المظلمة ،دون دراية عمد الأب إلى بيع صندوق بطاطس ،طماطم ، وبصل بالتقسيط ،عادوا بربح خضته اليد بين هنيهة وأخرى طلبا لرنين القطع المعدنية ،فتوطد العزم على الاستمرار بعد تراقص شعاع الأمل نافض ثقل الأيام ،غير أن الفرحة التوت وجف ماؤها وهي بعد في المهد ، لتتناسل الخسارة ثم التخلي مع إعادة النظر كل ثنيات القدرة الضعيفة التي لا خيار أمامها إلا عربة اليد المكتفية بقليل من قفف ثلة من المتسوقين في جهد عضلي كبير، مرة إلى اثنتين وكله عرق وإرهاق لم يعرفهما من قبل ، يقول هذا في نفسه لتلهجه خافتا شفتاه اللتان لا تلبثا أن تتكلما صوتا مسموعا يلج كل مسام الجسد المنهك:
- كم أنت مر يا خبز!
واليد قبض الريح ، تخلص الأب من كل ما له علاقة بالبارحة ، باع ما في حوزته من أدوات البناء الملفتة للانتباه كل حين ، ثم الميزان و أوزانه غير الضائعة فذات العجلتين معذبته فارغة أو بطنها بعض الأغراض الخفيفة .
لزم عبد الرحمان البيت ،وبات كل كلامه تقويم ونصح الولدين غير المهتمين لا لعصيان وإنما لكونه لا يساير ما يشاهدانه وما يسمعانه من أترابهما الذين يحكون مرونة وتحاور آبائهم .
ركن الأولاد إلى أمهم فكانت الحمى والتحامي ،وصار كل ما هناك، الضروري من بنت الشفاه تلبية لمساعدة أو استجابة لطلب نادر.
لجم عبد الرحمان فمه ، وما انفك ينظر إلى واقع الحال نظرة الأمس ،التي تبينت عتمة الزمن الرديء ، والمرارة لهيب حارق تخمد نيرانه عينان دامعتان .