mercredi 30 septembre 2020

عشق بلا لون // محمد بوعمران // المغرب

لم  يستطع أحد تحديد جنس قمر ،هل هي أنثى ام ذكر، ومما زاد في التباس الأمر هو هذا الاسم الذي اُختير لها "قمر" ، وهناك من العارفين بخبايا الأمور من كان يقول بأن قمر "خنثى

شب الجسد وترعرع في الحي كسائر الأجساد التي جايلته من الذكور والإناث ، وتلاشت الدهشة ، وأصبح تواجد قمر عاديا ، يتواصل مع الذكور والإناث بتلقائية ، يعرف ما يخفيه أقرانه من الجنسين من أسرار ، له مرونة عجيبة في فرض وجوده في العالمين ، فيتحول الأسلوب وتتغير الكلمات والمواضيع حسب جنس محاوريه ومجالسيه ،يظهر قمر بلباس الفتيات أياما وبلباس الفتيان أياما أخرى من دون الشعور بأي نقص،فلا يعطي اهتماما لتعاليق الاخرين ، فكان يرد على مضايقاتهم اللفظية ببرودة دم بل بابتسامة تزيد من حيرتهم في أمره،
تغيرت حال قمر،وأصبح يميل الى الوحدة ،رق الأقران من الأصدقاء والصديقات لحاله فحاولوا معرفة سبب هذا التحول المفاجئ في سلوكه ، كانت سعاد من الفتيات اللواتي يرتاح إليهن قمر ، إلا أنها لم تكن تعرف هويته الجنسية ،ولم تسأله يوما عنها ،وكانت تعامله كإنسان بجسد وروح ومشاعر وكفى،مما جعل قمر يطمئن لها بل يتعلق بها ...
انتبهت سعاد لغياب قمر عن جمع الفتيات ،وشعرت بما تركه من فراغ بينهن ،فقررت زيارته في منزل أسرته،كم كانت فرحة قمر كبيرة حين رأى سعاد.
سألته بنبرة حزينة
-لماذا غبت عنا ياقمر ...؟الفتيات اشتقن لك ...
علت وجه قمر حمرة الخجل، شيء لم تعهده فيه سعاد،أحست أن الأمر جدي ،وأن في صدر قمر شيء يريد الإفصاح عنه ،فقالت له وهي تشجعه على البوح
-قل يا قمر ما الأمر...
نظر قمر إلى سعاد نظرات أحرجتها وقال
-أحبك يا سعاد ...أحبك وأرغب في الارتباط بك ...لكن ....
تمالكت سعاد نفسها وهي تهضم جواب قمر وقالت
-سأنظر في الأمر ...ياقمر ...
ثم غادرت المكان والدمع ينسكب غزيرا من عينيها..





حين تفقد اللغة بوصلتها ..// كامل عبد الحسين الكعبي // العراق


تَذَكّرْ وأنتَ تقتفي أثرَ الضوءِ هشاشةَ الأرضِ التي تقفُ عليها تَأمّلْ جيداً حتىٰ يصيرَ قلبكَ معطفاً كبيراً يتّسعُ لكُلِّ الطرقاتِ المبلّلةِ بالصقيعِ أو يتضاءَلُ فيتهاوىٰ باكياً علىٰ جفافِ عرشٍ تخاطفتهُ مجاذيفُ وداعٍ ، الاقتفاءُ أنْ تلحقَ بالشمسِ ولا يبلعكَ البحرُ، أنْ تسرقَ شعاعاً يراودكَ في المساءِ وتخضّب قلبكَ بالطيفِ أنْ تدسّ يدكَ في العتمةِ تصطاد التوابلَ وتبرق كلّما داهمكَ النشيجُ ،أنْ يتخطفكَ الوجدُ وأنتَ ترسمُ للظلالِ نشيدَها أنْ تظلّ واقفاً تنحت في الجبالِ نقوشَ البرقِ وتلعن الظلامَ كما لو أنّكَ كسرتَ الضوءَ بموشورِ البصيرةِ وجبرتَ الغسقَ .تَعلّمْ قبلَ أنْ تكونَ صياداً أنْ لا ترفعَ عينيكَ عن الماءِ ترمي خيطَ الأملِ كيفَ تهدهدُ نُعاسَ الشمسِ قبلَ أنْ تصبحَ غرقانَ بلا قُبَل .



mardi 29 septembre 2020

المقطع الأول من ذاكرة البرد ...// سلام العبيدي // العراق


سأمحو الكثير من الأسماء الداكنة التي امتدت إلى ذاكرتي المحاصرة .. وأعيد تشكيل ألوان المزهريات التي أتعبتها أصابع البرد ماقبل العصيان ...
هل جرَّبتَ يوماً
أن تخرج في رحلةِ صيدٍ
فتنسى رأسَكَ مزروعاً
بالقربِ من زهرةٍ برية ..؟
في كل عامٍ
أنا والخريف
دون قبعة أو معطف
نحصد ماسرقته الريح
من قبلات .. وقطع موسيقى
تشردت قبل عري الأشجار ...
ندس في جيوبنا
ذاكرات المطر ...





القصائد المفقودة // يونان هومة // سوريا


حزين أنا

وشجوني تلعق ذاكرتي

ماذا أفعل

وسحائب من دخان الحلم

تجوب رأسي

وأنا المجلجل بعظمة الوطن

أصبُّ جام غضبي على الزمن

أبحث عن قصائدي المفقودة

أحسُّ أنَّ روحي

قد خطفت من جسدي

لا أعرف ماذا أفعل

وحنيني يسبقني

كلُّ القصائد حبّات قلبي

...ما أصعب تفاقد الأهل

فأشواقي تنوح

تأكل بعضها البعض

وجمجمتي حزينة حدّ الانتحار

لا أعرف كيف 

أصف كوامن داخلي

يا ترى كيف يكون

 مَنْ يفقد أحبابه

هكذا أنا اليوم

.حينما فقدتُّ قصائدي





انشتاين يراقص ظله // باسم عبد الكريم العراقي // العراق


في هذا الكون
الهازئ بالحدود
أنا ...وحدي أنا
من عجزتْ
كتب السماء
منطق الفلاسفة
والحكماء
و ( الكلمات المتقاطعة )
عن ايجادِ
معنىً له
أو تفسير...!!
فمن يجيبني
من أنا ..؟؟
ما أنا ...؟؟
أكونُ رقماً تارة
وتارةً حرفاً
أصيرُ مكافأةً مرة
ومرةً ... ثمناً
كثيرا ما أُباعُ
دونَ مقابل
وقلّما أُسَعّر
في (بورصةِ ) الدم
غيرَ أنني ( مُعوَّم )
وما كان لي
يوماً ( غطاء )
يُضرَبُ طولي
في عرضي
ويكون الناتج
دوماً صفراً ..!
أُوضعُ كمجهول
في ( المعالاتِ الآنية )
وقيمتي دوماً
تكونُ صفراً
الحواجزُ
لاتردِّدُ صدايَ
والشمسُ
لاترسمُ لي ظلاً
كلُّ المرايا
لا تترجمُ
ملامحَ وجهي
وكتلتي
لاتشغلُ حيِّزاً
من الفراغ
أشلائي
بلا لون
أو طعم
أو رائحة ..
الفضائيات
لاتعرضني
إلاّ في
( مطبخُكم ) هذا اليوم ..
رؤوسُ أهلي
المنحورة
تملأُ الساحات
مِزقُ أرواحِ أحبابي
تلوكُها الغربةُ
في كلِّ المفازات ..
حين اكونُني
......... أُهان
أكونُهم
........ أُصان
ولا أباتُ
........ جوعان
فمن يجيبني
من.. ما.. أنا..؟؟
في أيةِ مجرَّةٍ
أو ( ثُقبٍ أسود )
.......... أكون ..؟؟
و ........
لاغيرُ صمتٍ
يجلدُني بخلودِهِ
............ كلَّ آن ...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هامش : مابين الاقواس مصطلحات اقتصادية وعلمية اخرى وغيرهما





lundi 28 septembre 2020

شلالات هيامي ..// نصيف علي وهيب // العراق

 

جميل الهوى حرفٌ، يبحرُ مع القلب بلا شراع، يلتحف الموج على الشاطئ، يرى في الغيم لقاء، يثمر غيثا، لتتسابق على السطر الكلمات، لا كبوةً ما دام انتظاري فارزة حرف، ينحدرُ في مجرى خيالي شلالات هيام، على أنغامِها خببُ العشق أكتبهُ الآن




على ضفاف عينيك ..// الحسن أسيف // المغرب


وأرى كلماتي بعيدة
أراها تفر مني
تعصف بها رياح..
وبين أشجار و أودية
تخفق بصمتي العاشق.
مثل النشيد
أنت هنالك
تملئين كل شيء
كل شيء تملئينه حد التشبع
وتحتلينه بلطف
وبعنف .
****
أنثى قريبة ..
أرى في عينيها الخُضر
ألسنة شفق أحمر
تتقد ، تستعر
وتحترق فيها ذاتي.
****
أنثى بعيدة ..
من نظراتها..
يطل شاطىء محيط
يلقي بشباكه
لتسلب مني
أعماق اشتياقي
كلما رفرف الليل
وتنفس الفجر .
****
أنثى متمردة ..
نظراتها ..
تقتنص طيورا تائهة
تحلق فوق قلوب عاشقة
ولا تتوقف أبدا
عند " القفص".
****
أيتها الأنثى البعيدة..
القريبة..
المتمردة..
في " غرفة انتظار "
تقبع هواجس محب
تسأل أرشيف الجسد
أمام دوّامات الحياة
في ساعات عميقة
يطويها الليل
كلما نقرت عصافير المساء
وهَجَ أولى النجوم .
****
يا عيون الغياب ..
يا عطشي وارتوائي
وطريقي الحائر
العناء استفحل
وألم أبدي تجبر..
تربص بي..
اجتاحني ..
واخترقني ..
****
هنا الوحدة ..
هنا مهرجان الغروب
بين يدي الشمس
يداهم الربى
ويهبط فوق العالم .
يمحو التماثيل المتحركة
تحت الأضواء الخافتة
وقطرات ندى
هجرت الغيوم
في لحظات صقيع .
****
يا عيون الغياب
أنا في وطن حلم
أستمع لأغنية يائسة
على ضفاف عينيك
حيث تضج بالحياة .




بقايا الأوفياء // زيد الطهراوي // الأردن


تعبتَ من البحث عن وجهة في فضاء
و للقلب أمنية و حقول أرق
أمن قلَّة و الطيور ستمضي إليك
قبيل انحسار الشفق ؟
ظهرتَ على سطح بحر القلق
و مات الرفيق لتحمل أيامه في ضمير السماء
فكفّ عن الحزن يا مبدعاً في الحنين إلى الأصدقاء
و للقلب أمنية فاقت الزهر حسنا
كمثل الغمام انتمى للتراب
وأذهب عن خافق الطير حزنا
ألا تسمع الشدو يبرق فوق الشذى في ارتقاء :
أيا عاشقاً للحياة استفق
و اغتنم ما تبقى من الأوفياء.




سؤال..// محمد بوعمران // المغرب


لا تسألني
لماذا يلطم الموج الصخرْ...؟
ولماذا تغرد العصافير وقت الفجرْ...؟
فأنا لست من الذين يجيبون ،
بل أنا مثلك أسألْ.
أنا سؤال بعمق البحرْ،
قطرةٌ من ماء ،
وكومة من ترابٍ
جسدي ،
وقلب ينبض بالحياة،
ويحسب بدقاته سنوات العمرْ،
أفراح وأطراح وذكريات جميلة،
ومعاناة عشتها بكثير من الصبرْ.
السؤال أشسع يا رفيقي من البحرْ،
وأعتى من أمواجه،
وأصلب من الصخر،
والجواب متاهات تسري بك وبي ،
من المهد الى القبرْ....





dimanche 27 septembre 2020

ترتبك في حضرتك القصائد // فؤاد البوهيمي الأخير// المغرب


 ترتبك  في حضرتك القصائد

تتلعثم
وكلما همّت بكتابتك تُهزَم
وتندم
لأنها في عينيك أبحرت
من غير شراع
ولأن الحبر خانها واليراع
ولأنها
من جبنها
أرخت سدول النبض
في بحر هائج
دون أن تعلم
ترتبك في حضرتك القصائد
تتلعثم
وتمضي لا تلوي على شيء كأنما
عصرت نبيذ الريح
في كف السما
أو كأنما
ربحت كل المعارك ولم تغنم
ترتبك في حضرتك القصائد
تتلعثم
فتبدو الحروف مقعرة جوفاء
والمعاني تهجر أوكارها
وتفقد نكهتها الأسماء
لا أرض تزهر من غير مطر
فالأرض تحييها السماء
وهذي القصائد أنت سماؤها
وأنت المطر
لا تتركيها تحتضر
لا تتركيها تنتظر
وانعمي عليها بلمسة
ونظرة وهمسة
علها من رفاتها
تتأجج وتحتدم
علها تورق من جديد
فتزهو الأوراق للقصيد
ويلثم ثغرها القلم
منك القصائد تغرف زادها
وبك
تستنير وتتعلّم
ترتبك في حضرتك القصائد
تتلعثم.




بوصلة التفاح // محمد محجوبي // الجزائر


الليل مسافر
كما يحلو عيد العبير
والشوق إن تغافى يراقصه العندليب
كنه الرحيق
تدفق من توق المدى وسعف النخيل
أنشد الريح
جنون الضوء حاكى عينيك دفؤه ذاك المد الظليل
فيعانق الموج أطياب الندى
ويهذي عطش الفصول رياحين
والغواية من حدق السهاد مهجة الليل والحالمين
والطلاقة من غصن النسيم
بوصلات طيب
ورغيف أنس تغنى حنين
ههنا مشكاة شعر
وهزيج ليل وسيم
وهنا خصب الماء يروجه كرز حميم
وزهو الأطياف
سبحت بأطباقها عنفوان الوهج الثمين
فيكون الشعر غناء المشتهى ثغر وعينين
وبارقة الوجد على قوافيها
تهيجت لها الأمواج
فغنت فيحاؤها واحات كما الهبوب صفقت له البساتين .




إلفان عن العشاق نختلف // توفيق القنيطري // المغرب


إلفان نحن عن العشاق نختلف
منذ الفطام وأهل الهوى
على هيامنا قد شهدوا
ماحاد عن ألق محياكِ ناظري
مذ كنتِ صبية ضفائرك الناعمة أتوسد
أغفو وطيفك البهي مؤنسي
ونبض قلبي طوال الليل اسمكِ يردد
أفيق على همسك العذب يناديني برقة
كأنه صوت عندليب عاشق يشذو و يغرد
يزهو صباحي بقبلة على الريق تثملني
فأقضي نهاري أغازل عينيك الجميلتين وأتودد
أقطف من أجلك الأكاليل احتفاء بوجودكِ
فيكتم حياءً من عطركِ عبيره الورد
وكلما اشتعلت حرائقي لحضنكِ
يحمر خداك خجلا
والجلنار عليهما مزهوا يتورد
فأهتف بين الورى غير عابئٍ
هذه حبيبتي وتاج رأسي
وبين ذراعيها كل ليلة عاشقا مجنونا أولد
لوعشتُ في هذه الدنيا ألف سنة
لظللت أسير هواكِ
أحكي ملحمة حبنا في كل نادٍ وأنشد
وإني لموقن بأن حبي عل عرش قلبك قد استوى
هذا ما تبوح به عيناكِ
وبريق الحب فيهما يُقِرُّ ويشهد
سأحميكِ عند الشدائد بمالي وروحي
ولهنائكِ أريق دمي قربانا ولا أتردد
إني قد توسلت في هواك رب الورى
أن يرزقني منك ذرية صالحة
تركع لمن أبدعك وسواك شكرا وتسجد .





قراءة لقصيدة "زليخا" للشاعرة الجزائرية سيليا بن مالك //أحمد البحيري // مصر


القصيدة:
من أفتى لك بجواز حب زليخا
إن لم تكن يوسفيا
وأن قد قميصك من كل النساء
أكبرتك
أعددت لك متكأ في روحي
يطوف عليه النبض تبركا وتحصنا
ملح العين أن تساقط شوقا
هذبته بانعكاسك على بلورة
لؤلؤ ومرجان
أيقظت أصابعك لتعاقر الشعر في حاناتي
تدخنني قصيدة تحرق أنفاسك المشتعلات
ليس لي عزيز غيرك أشكيك إليه
فاحكم حكم العادل
وأسجن روحك الروحي في دواخلي
صفدها لتنهار انصهار
كيف أكذب رؤيا القلب وقد
تجلى فيك الطهر غض ممرد
يدعو الحواس السجود في محراب جنونك الزاهد
زليخة العهد والهوى
أمشط العمر لحظات وجد
بهوسك تطايرت شظاياه
لتحرق حكمة العقل المتأهب
خلف متاريس الصمت الرجيم
تعال متمردا تفقأ عين المستحيل
تنخر الوجع اللذيذ
ممتطيا صهوة الضوء
تعال فأنا علي بعد لؤلؤتين وشهقة
نجمة لا يخبو بريقها
تجدد العهد كل مساء
*****
في العنوان إحالة للموروث الديني حيث التنزيل وأحسن القصص. وقد بدا المفتتح كموال لموشح أندلسي.( من أفتى لك بجواز حب زليخا إن لم تكن يوسفيا، وأن قد قميصك من كل النساء). بعد هذا المفتتح القصير الدال والموجه تظهر الذات الشاعرة بإكبار الحبيب وإعداد متكأ له في الروح يطوف عليه النبض. وهنا تبدو مخالفة التراث في الطرح. أي أننا خرجنا من الموروث ولم نفارقه. فقصة الحب هنا هي قصة الذات الشاعرة التي تعد عصرية لا تراثية. وتبدو الحكمة في الطرح من قبل ظهور ضمير ال(هو). فتقول الشاعرة:(ملح العين أن تساقط شوقا، هذبته بانعكاسك علي بلورة لؤلؤ ومرجان). ومن الموروث إلى العصري تتبدل وتتغير حالات الفتون. هناك تقطع النسوة أيديهن حيث كانت زليخا صاحبة تمكين وتنجو من ذلك. وهنا تطلب زليخا الإنصاف من الحبيب لا النسوة أو المجتمع. فتقول لحبيبها اليوسفي بضمير الغائب:(أيقظت أصابعك لتعاقر الشعر في حاناتي. تدخنني قصيدة تحترق بأنفاسك المشتعلات، ليس لي عزيز غيرك أشكيك إليه، فاحكم حكم العادل). إن تفكيك القصيدة يؤكد علي نهج الموشح، وإن شئت قلت القصة القصيدة. حيث الاستهلال أو المفتتح والعقدة والحل. فجمال الحبيب يظهر في معاقرة الشعر وتدخين القصيدة. وهذه صور سوريالية جديدة علي قصيدة النثر التي اشتهرت بها الشاعرة. تلك الصور التي ظهرت مع نتالي ساروت ومشيل بيتور وجماعة الكتابة الجديدة في فرنسا الستينيات وعبرت لقصيدة النثر العربية بواسطة شوقي أبي شقرا والماغوط وأنسي الحاج. مما يجعلنا نحتفي باللغة عند الشاعرة سيليا بن مالك.
هي لغة متوثبة ذات إيقاع يغني عن الوزن. الجملة فيها دائما ما تقطع مع ما قبلها للتكثيف والتشويق والإبهار. وأغلب الفعل فيها في زمن المضارع مما يوحي بالاستمرارية والتوالي. هذا على الرغم من أن قصة الحب المكتوبة تحتاج لزمن وأحداث. وهذا أيضا يحسب للشاعرة. ألم يقل إبن قتيبة قديما الشعر هو ما أشعر؟. الشعر من الشعور والقصيدة هنا دفقة شعورية واحدة. تلوذ الذات الشاعرة التي تنشد العدل في أغلب ما كتبت وليس هنا فقط إلي الحبيب. تلوذ به منه. وتفتح له باب المصالحة فتقول:( وأسجن روحك الروحي في دواخلي، صفدها لتنهار انصهار، كيف أكذب رؤيا القلب وقد تجلى فيك الطهر غض ممرد).
وهذا المقطع هو بيت القصيد. وروح الحبيب الروحي هو قلبه. حيث أن له روح آخر هو الروح العقلي. وفي الحب والغرام يغيب العقل قليلا مفسحا للقلب المجال. زليخا إذن رؤيا قلب. جمعت الشاعرة بحبيبها في كون غير هذا الكون. لذلك كان القطع اللغوي في كل مقطع. وكان الجو العام الذي لا يفارق الموروث الديني. وكان هذا التقسيم الذكي لإستهلال وعقدة وحل علي طريقة القصة القصيدة. الجزء الثالث في القصيدة يتخلي عن الرمز والغموض. فبعد الوصول إلي ندبة الجرح تتجرد الشاعرة وتتحرر. ( زليخة العهد والهوى). هذه الجملة هي مفتاح القصيدة. وعن طريقها نستطيع ربط الدال بالمدلول وفتح باب الخيال للإحالة. فالحبيب يوسف وغيره في واقع رؤيوي. أليست رؤيا قلب؟. وقديما قال ابن عربي: حدثني قلبي عن ربي. والحبيبة زليخا والذات الشاعرة. زليخا العهد والهوى تمشط العمر لحظات وجد. من هنا قلنا قصة الحب هي قصة العمر. واللغة المتوثبة الطيعة تقوم بالقطع والوصل معا. وتحرق حكمة العقل الذي يتأهب لمغادرة الحكاية. وتطلب من الحبيب التمرد ليفقأ عين المستحيل. تمنيه بنخر وجعها ممتطيا صهوة الضوء. وفي الأخير تحدد موقعها في هذا الفلك المترامي. ( تعال فأنا على بعد لؤلؤتين وشهقة، نجمة لا يخلو بريقها، تجدد العهد كل مساء). زليخا قصيدة تحوز علي نصيب وافر من الشعرية العربية. فقد شغلت هذه الشعرية ابن قدامة والآمدي وابن المعتز والأقدمين. كم في شعر فلان من الشعرية؟. والجواب هنا أن سيليا بن مالك حازت قصب السبق وبلغت القمة. هذا الحكم من خلال متابعتها ثلاث سنوات. هي كذلك في الرومانسي والتأملي والوطني والفلسفي. تحية لها بقدر ما تسعدنا بحرفها وبالتوفيق في القادم.




vendredi 25 septembre 2020

همسات في صدر السكون // كامل عبد الحسين الكعبي // العراق


وأنا مُستلقٍ علىٰ جمرِ مواقد الاستعارِ تتراشقني أمواجٌ من بحارِ الهواجسِ الكظيمةِ ألهجُ بها صبحَ مساء بلسانٍ أبكمٍ وشفاهٍ ذابلاتٍ ، ضفافُ الكلماتِ مراكبُ سعدٍ نحمِّلُ عليها أعباءَ حرائقنا لتحيلَها أعوادَ بخورٍ تضوعُ عطراً عندَ كُلِّ مرفأٍ من مرافِئنا الوشيجةِ لاتزالُ عراجينُها تواقةً للإخصابِ في سُدُمِ الليلِ العقيمِ ناياتٌ عازفةٌ لَمْ تفقدْ ذاكرةَ القصبِ في هبوبِ الشوقِ بينَ ثقوبها ترنيمة للضحى المنتظرِ على ذمةِ قمرٍ صاجيٍّ ونجماتٍ غائراتٍ في الفضاءِ ينبثقُ منها ضوءٌ تكوّرهُ بين أذرعِ السماِء يسبّحُ في هزيعها صدى النورِ ليرتدّ برشقةِ سحرٍ في ريقها ندى لوردِ على شرفاتِ البوحِ أعياهُ العطشُ ولمْ يزلْ عطرهُ مختبئاً بينَ ظِلالِ الأنامل يبحثُ عن ثقبٍ للخلاصِ ليشقّ صفحةَ ماءِ البحرِ أو يُطمر في بئرِ النسيانِ فتُغتال زنابقي ويبقى العطرُ مصلوباً في برازخِ الانتظار .




على مقاصل المذق // أحمد عبد الحسن الكعبي // العراق


عندما تخلعُ العروبةُ جلدَها يصبحُ القدسُ أسيرآ و تصلبُ مناراته على مقاصلِ المذق و تغادره الأضواءُ في ليلٍ تائه في زحاماتِ أحلامٍ رثةٍ قابع تحت عباءةِ ظلامٍ دامسٍ سابح في غيومٍ مختنقةٍ بجروحها المندملة تحت وطأةِ خناجر التخاذل و رماح الهزيمة و سكاكين التطبيع مدمرة صروح الأمل و قلاع الأمنيات و معاقل الرجاء فتنفصلُ لحظاتُ الزمنِ و تتوعكُ سيقانُ الذكريات و تصمت الحناجرُ عن اللغوِ و الهذيان وتتساقطُ المواعيد الهترة في
نفاياتِ المكائدِ و تغلق أبوابُ العفةِ و الكرامةِ بمفاتيحِ الذلِ مكبلة بسلاسلِ الختولِ .........








الفرح المنسي // عبد الرؤوف بوفتح // تونس


أخفيت كثيرا من الفرح
وأنا طفل
أخفيته في تراب القلب
كما تفعل سلاحف البحر
حين تَبِيض في قاع الرمل
ثم تفر الى مياه الاعماق
كنت..
كلما اصطاد عصفورا
أَقبّلُ منقاره
وأرتّبُ على جناحيه
ثم أُطلقه في وجه الأشجار
وأقول :
- سوف يذكرني بخير
عند السماء الأولى..
فأنا ..
لا حاجة لي
بسماوات أخرى لا أعرفها..
- أقول :
لماذا لم أكن طائرا
فرحي ..في ريش أجنحتي ،
وفي منقاري كل الأوطان ..؟!
- كنت..
كلما أمسكتُ فَراشة
أضعها ترتاح في كفي قليلا
ثم أرميها عند النهر
وأقول :
للنهر ..ذاكرة الماء
والماء لا يخون..
أذكر ..
أني تحسست إبِطي
ذات صباح..
وجدت زَغَبا
يشبه النّمل
ركضت إلى أمي
قلت لها :
- لقد اصبحت رجلا يا أمي
وسوف أتزوج مثل الخلفاء
في كل يوم امراة
لا أمل لي في الحوريات غدا
أعرف ان تاريخي في الدنيا
ملطخ بِحِبْر الذنوب..
أشدّ قطْرَانًا من سَواد الغراب..
ورِبْحا ..لما مَلَكْتْ شهوتي
سوف أتزوج امراة ..كل غروب شمس
يوجد ايمان ..للشهوة ايضا..
يا أمّي.
- أعرف..
أنّ كَثْرة النساء
لا تطيل العمر
بالتأكيد ..
سوف أموت من التخمة
ولن يُصلّي عليّ غير أهل الجَنَابة ضحكا..
.. أنا أحب الخلفاء
كان حلمهم اللذيذ
ليس في الغزوات
وفتح الأمصار
والجهاد في سبيل الله
كانوا ينتظرون قادة الجيش
ليبعثوا لهم غنائم السّبْي
من العلوج والروم والبربر
و أظل هكذا..يا أمي.
إلى أن أقطع شَعْرة مُعاوية
التي لم ينتبه إليها أحد..
- الفرح يا أمي مثل النبيذ
كلما تعتّق..
كلما زاد مَكْرا
ودَوّخنا أكثر..
الفرح الفُرات.. يا أمي
لا يوجد إلا عند الأطفال..
لذلك..
كنت خبّأت كثيرا منه
في تراب القلب
لأستعين به في يومي الأسود..!!