jeudi 29 février 2024

عذرا ... // ثامر الخفاجي // العراق


عذراً
إن محوتك من الذاكرة
لأنني لم أعد أجيد
قراءة أفكارك بعد الذي
سمعته وقرأته ورأيته
عن الرايات المعمدة
بالدم المراق باسم القبيلة
لشاة ذبحت وهي تقتحم
حقول الجيران سهوا
تملكني الروع
عقدت الحيرة تفكيري
ونحن مذ ولدنا
نقرأ في وجهك
همزك ولمزك
قدحك ومدحك
وكل ما تفوح به
الأيام الغوابر
عبر مسافات الزمن المار
ولما زال الروع عني
وتبددت حيرتي
أيقنت أني أسير
على بساط
أوله لنا الجفنات الغر
وآخره وبيض الهند
تقطر من دمي
فأدركت أن الأمس
لن يغادر غداً
وغداً يقول
ما أشبهني بالبارحة
وأن عبلة ستحاكم
بجرمها المشهود
بغضا بعنترة
وإن بثينة
لن تزف لجميلها.






من يضمد جراح الحقل ؟ // علاء الدليمي // العراق

 

الفلاحُ يبسملُ بــ إسم الله
فلا حيلةَ في الرزقِ،
شاحبةٌ سيقانُ القمحِ
ما عادتْ تضحكُ للشمسِ !
غادرتِ النوارسُ بعيدًا
عن مجرى النهر
لا سمكةَ تراودُ الجرفَ،
لا فتاةَ ترمي فتاتَ الخبزِ عندَ الجسرِ!
أويموتُ القلبُ غريقًا بالهمِّ؟
أتموتُ الأحلامُ كما عصافيرُ غزةَ
قد تساقطتْ عندَ بوابةِ الصبرِ!!
آاااااااهٍ تفتكُ بقلوبِ العشاقِ
نعم عشاقُ الحياةِ
فهل تموتُ القُبلةُ فجأة ؟
ياااااااا للخطيئةِ !
يا رفيقةَ الدربِ
القلبُ محزونٌ والكبودُ على الجمرِ،
لا أصابعَ تضغطُ زنادَ البندقيةِ
لا ثغرَ يلثمُ رحيقَ الشفاهِ !






mercredi 28 février 2024

دراسة نقدية في نص " إلى أبي" للشاعرة سما سامي بغدادي // محمد الكروي // المغرب

 


هذه قراءة نقدية في نص : الى ابي ، للدكتورة الشاعرة الكبيرة سما سامي بغدادي ،،، التمس من هواة النقد تناول نص/ أمي لنفس الشاعرة ، على اساس تقاسم الخبرة و التجربة و تبرشم نسيج اللغة و الأفكار من تقديم و تأخير و اعتراض و استنتاج ...
نص : الى أبي
اشتاقت احداقي الى محياك ، أبي
حلمت بك ظلا يناغي عتبة القمر
وركناً من سكينة ترتاح فيه خصلات شعري
لم أعد كما كنت ، أبي
طفلة تتعشق بغمرة الياسمين من صباحك الندي
لم أعد تلك الفتاة بجديلة شقراء
تحلم بارتقاء الغيوم
و تحلق على جناح حمامة نحو وادي الشمس
و تنتظر القمر يجيئها على قدميه
و يخرج يديه المخفية
كي يمنحها وعداً وردياً محملاً بهدايا العيد
مضى الزمان أبي
صرت امرأة وحيدة على عتبة فصل بارد
حولي مأتم المرايا
و عزاء التجارب الباهتة
و ترابك المضياف حوّله إشارة من سكينة
تهب الريح تعوي في زقاقنا القديم
و تطوي وصال الأوقات ...
رميت ضفيرة طفولتي
و تفاحة عمري التي قطفتها
دحرجتها الأوهام
أبي مازلت انتظرك
في ضيافة الشمس و العصافير ، فلا تتأخر
عد بي إلى ربى الشعور
إلى حبور الأوقات و ليالي السمر
إلى ركنك المعبأ بالذكر
و عطور المسك في بساط جدتي
إلى صباح بأنسام بكرية
تهب في زقاقنا القديم
باتت سماؤنا مليئة بالضباب يا أبي
عد و خبئني في قعر المحيط عن عيون الشمس
أنا مهزومة كشجرة أنكرت ثمارها ،
خرساء كالصمت في منتصف حديث حب
خاوية أدور في عالم متهالك
عيناي كأعشاش عنقاوات مهجورة
كم كنت عطوفا يا ابي !
كم كنت حنوناً و أنت تغلق مرايا أحداقي .
و أنت تطفىء الشمعدان
آخذاً بيدي إلى زوايا الربيع
كم كان الصمت في حضرتك بهيا بالحبور ؟
أصغي لهمسك البعيد يشدو :
غدا، يا صغيرتي ، سوف نذكر
كيف كنا .. لسنا نعبر
لا نعرف الى ضفة الأمان كيف نعبر ..
غدا سوف يأتي الربيع ليعانق السماء ،
فقط لنؤمن ..وننظر
مواسم الحب
كيف تزهر .
سما سامي بغدادي
1- الإطار العام :
حبلى ثنايا النص الأدبي الطويل ، بالغناء الحزين تمجيداً لدور الأب الذي يملأ الحياة دفء وبهجة ، على بساط ألوان زاهية لا تبلى و ليالي الزمان .
إلى بابا ، تتطلع عيون الفراخ ، فهو الحضن و السند و الحمى ، على يده ندب أولى الخطى ، و سيراً على هديه نتهجى أبجدية الوجود ، له نحمل الأفراح و عليه نشكو الأتراح ،و الاثنين يمزج إبتسامة توقظ العزم ،و تقوي الإرادة و التحدي و الإصرار ، نظرة عميقة خبرت صروف الدهر ، ذي الناب الحاد المسموم ، و المروض على حلم بابا ، نشيدا على مسامع صغاره ، المرددين له لحنا يتفتق ألواناً طروبة تؤنس الترحال حكماً صانعة رجال و نساء الغد .
و في إضافة لما سبق، نود أن نشير، إلى التكامل الوجودي بين الطفل و الأب حسب ما تراه الدراسات النفسية ، فاذا كان الطفل يمنح الأب الأبوة ، فان هذا الأخير يمنح طفله الوجود في الحياة ، فكلاهما مرتبط بالآخر ، و على هذا الأساس يرى علم النفس بأن الطفل أب للرجل .
2- تأثر النص بالعناصر الخارجية :
يرفل هذا النص الادبي ، تأثيرات مختلفة ، متداخلة ، تستحضر أوراق الزمن الغابر ، و الزمن الحديث ، و ما بينهما من تفاعل حضاري كبير .
فأول هذه التأثيرات: مسحة دينية طاهرة تحث الانسان على الاهتداء بها ابتغاء التعايش و العمارة ، و ثانيها التصوف البسيط و ثالثها الأسطورة الخفيفة المشعة عمقا يراعي السياق ، بعيدا عن كل تكليف ثقيل على القارئ . و رابعها التناص الثر ، المتعدد و المفتوح النوافذ على الإبداعات الأدبية الحديثة التي لها تأثيرها القوي في بناء معمار ثقافتنا اليوم ، و أخيرا فن العمارة المحتضنة للذات و الأحلام و ربيع الحياة .
3- المكونات الأساسية البنيوية .
1- شدة الشوق / 1-3
2- تخطيت الطفولة / 4-13
3- السكينة / الأوهام / 14-22
4- انتظار و استرجاع لحظات الأمس /23 -36
5- مزايا و صفات الأب / 37-41
6- غدا و نوافذ الأفق / 42-49
4- مضمون القصيدة :
تجلو القصيدة ، شدة الشوق الى شخص الأب الذي لا يبلى ذكره مع مرور الايام وتقلبات الفصول و التقدم في سلم العمر ، فهو السند ، و هو العون، و إليه تزف المنى ، و بمسحة من يده البيضاء تهون المنعطفات ، و تندمل الجراح ، فهو السكينة و الهدوء ، هو منجم الطاقة و التحدي حيا و ميتا ، على ذكرياته، زاد الأمس ، تتجدد الحياة لدى الخلف و هو يراجع و يفتق براعم أحلى الدروس و أسلسها، فهي سراج من السلف للخلف ، المراعي دوما تمديد و تواجد الأب، فالأب بما أودعه صغاره يبتغي سريان حلقة الزمن ، و الفراخ بدورهم ، و هم يقفون عند كل ما يكسر الغفلة ، يرشون ماء زهر و ورد على أواصر المحبة و العرفان المبجلين لكل نبل و طموح يطمئنان الروح .
5- الايقاع الداخلي لنص .
اهم المكونات الموسيقية و الموازنة الصوتية ، و في مقدمتها الطباق :
لم اعد تلك الفتاة بجديلة شقراء
...
صرت إمرأة و حيدة على عتبة فصل بارد
...
باتت سماؤنا مليئة بالضباب أبي
...
خرساء كالصمت في منتصف حديث حب
خاوية أدور في عالم متهالك
التكرار : أبي.
اشتاقت أحداقي إلى محياك، أبي
...
أبي مازلت أنتظرك
...
كم كنت عطوفاً يا أبي !
التاء الساكنة : اشتاقت – حلمت.
التاء المتحركة : صرت – رميت
لم أعد :
لم أعد كما كنت أبي
...
لم أعد تلك الفتاة بجديلة شقراء
الهاء : يجيئها – يمنحها – قطفتها – دحرجتها
إلى :
عد بي إلى ربى الشعور
إلى حبور الأوقات و ليالي السمر
إلى ركنك المعبأ بالذكر
تهب :
تهب الريح تعوي في زقاقنا القديم
تهب في زقاقنا القديم
الى جانب كلمات مثل سكينة – عتبة – القمر – الشمس – غداً – أحداقي.
التوتر :
اشتاقت أحداقي الى محياك ، أبي
...
مضى الزمان أبي
...
عد و خبئني في قعر المحيط عن عيون الشمس
...
التوازي :
كم كنت عطوفا يا ابي !
كم كنت حنوناً و أنت تغلق مرايا أحداقي
الحوار :
الحلم- الربيع- الحب
أصغي لهمسك البعيد يشدو:
غدا ، يا صغيرتي ، سوف نذكر
كيف كنا ..لسنا نصبر
لا نعرف الى ضفة الأمان كيف نعبر ..
غدا سوف يأتي الربيع ليعانق السماء ،
فقط لنؤمن .. و ننظر
مواسم الحب
كيف تزهر
6-مكونات الصورة الشعرية : المجاز – التشبيه – الاستعارة ، و تقديم رؤية انطباعية تجريدية ، و قراءة مفككة للنص .
الصورة الشعرية ، إحدى اهم المكونات التي عليها تنبني بنية القصيدة لدى الشاعرة ، و في مقدمتها المجاز :
حلمت بك ظلا يناغي عتبة القمر
...
تحلم بارتقاء الغيوم
...
رميت ضفيرة طفولتي
و تفاحة عمري التي قطفتها
...
عد بي الى ربى الشعور
...
إلى ركنك المعبأ بالذكر
- الاستعارة :
إشتاقت أحداقي إلى محياك ، أبي
...
نحو وادي الشمس
...
و تنتظر القمر يجيئها على قدميه
...
و ترابك المضياف حوله إشارة من سكينة
...
في ضيافة الشمس و العصافير فلا تتأخر
...
عد و خبئني في قعر المحيط عن عيون الشمس
...
أخذاً بيدي الى زوايا الربيع .
- التشبيه:
أنا مهزومة كشجرة أنكرت ثمارها ،
خرساء كالصمت في منتصف حديث حب
...
عيناي كأعشاش عنقاوات مهجورة
-قراءة انطباعية للنص:
نلمس من خلال قراءة قصيدة : الى أبي ، على أننا أمام قصيدة إبداعية ثرية بمعمارها الفني و الجمالي النبيلين الرائعين الساعيين إلى تواجد الأب ، عبر استذكار و اعتراف جد مؤثرين ، لا ينال منهما سباق الليل و النهار ، و قد نقشا في أبهى حلل حرف يرعى سحر المبنى و المعنى ، زاد من حسنهما خيال خصب يتزين استعارات بالغة التأثير لدى القارئ ، الباحث عن نص متميز متفرد ، و من الكتابة الأدبية الحديثة، ينهل اثراء للخبرة و التجربة ، متكلمة اختلاف الأنا اضافة نوعية ، ترجح الرصيد الفني تشذيبا يطال الفكرة و اللغة المنفتحتين على جديد الساحة الفكرية ، و ما تحفل به من دراسات تحليلية و تأويلية و تفكيكية و غيرها ، و كلها تروم عمق النص الذي سنعرج عليه قراءة تفكيكية .
-قراءة تفكيكية للنص:
وقفت قراءتنا للنص :إلى أبي ، على كونه بنية من عدة مقاطع مترابطة فيما بينها ، على أساس وحدة كاملة للنص الإبداعي المؤثر ، واجلاء للأثر الغني، نتوقف عند كل مقطع على حدة، في ترابط فيما بين المقاطع وحدة معمارية جد متميزة .
تبتدئ القصيدة في مقطعها الأول / 1-3 ، الشديد التوثر و هي أشد شوقا إلى سكينة محتضنة تهب الاطمئنان الذي كان يجسده الأب و لا يزال، عبر استرجاع شريط الذكريات ، و قد تجدد أثر الشوق و تفجر الحلم : استرسال متوالية لا تخمد و لا تصدأ ، إلى أبي ... إلى أبي
إلى أبي
اشتاقت أحداقي إلى محياك ، أبي
حلمت بك ظلا يناغي عتبة القمر
و ركنا من سكينة ترتاح فيه خصلات شعري .
أما المقطع الثاني /4-13، ففي شجن و أسى عميقين ، يتخلى مرغا عنه ، عن عالم الطفولة البهيج بألوانه و هداياه التي ترحل معنا العمر كله ، و هي الأنس في الوحدة و الزاد في الغربة القارسة ، و الزمن يلج أبوابا أخرى على مسار التيه المراكم للكثير من الأزهار و الأشواك ، أخذا و ردا يصقلان الإرادة و تربة الطموح و التحدي يخصبان في تدرج عمري و علمي وثقافي واجتماعي واكبها تخاتل الزمان و موجه بعيدا انداح و ثناياه أبي تكرار لذيذ، عميق الأثر في النفس و الأذن ، خاصة و ان أبي آخر صدى السطر ، يتقدمها إيقاع مكرر فاتن لم/اعد ... الموحية بالأسى و البعد الحسابي دون النفسي ، و ذلك باعتماد هرس اللغة و هسيسها تلبية شعور دافئ لدى الشاعرة الكبيرة مروضة اللغة تعابير و احاسيس :
لم أعد كما كنت أبي
...
لم أعد تلك الفتاة بجديلة شقراء
...
مضى الزمان أبي .
يتميز المقطع الثالث/ 14-22 ،بتوتر و انفعال قويين ، حتى و الذات تحتمي طالبة السكينة زاوية الأمس ، تجد نفسها من فقد إلى فقد، تلافيف شعور تجلوه أفعال ماضية حسمت جرحها: صرت – رميت - دحرجتها، و أفعال مضارع مسترسل الحزن: تهب – تطوي.
الملفت في المقطع الرابع /23-36، زخم التوتر المفضي إلى الوقوف أمام نافذة الانتظار لارتياد فرح و هناء التواجد ضمن أماكن سرت النفس غاية ما يكون السرور ، المتناوب و ترح الزمان و المكان الفاقدين لمعناهما بعد رحيل حامي الدار و أهلها ، فبرحيل الأب تعرف الحياة رجة قوية ، نحاول أن نتخطاها و نحن نتشبث بصدى الذكر و النقر على أوتار الإبداع ، نسيجا ينثر ثقافة الاعتراف و تخفيف صدمة أفراد المجتمع و هم ينالون من رحيق الأفكار المزهوة لحنا أو لونا ، و الهدف من كل هذا ، الانتصار للحياة التي يجب أن تؤثت إيقاعا مغايرا ، كما هو الحال في المقطع متكلم الأنا و شوق الانتظار ، الذي يرفض التأخر :
في ضيافة الشمس و العصافير فلا تتأخر
و قبلها الكلمة الحلوة ذات النغم السحري: أبي. و كواسطة العقد مرة أخرى يطل فعل : عد بي: يردفه إلى ، إلى ،إلى، طلبا للاشباع و الارتواء و الهروب من أدران العالم و تهافته و ابتذاله .
يتغنى المقطع الخامس/ 37-41 ،مزايا و صفات الأب ، نبرة تعجبية تنفي الشبيه و المثال ، و في نفس الآن الابريت الذي لا يتقادم ، و لا تمل الروح من تكرار سماعه ، الخفيف مخاطب الوجدان رنة رقيقة على أجنحة كم –كم – كنت –كنت و أنت- أنت .عبقة ترفرف و تزقزق استرجاعا يهب القوة و الأمل و أواصر المحبة و الذكرى حبلا متينا تضفر ، في استحضار الروح و تجوال زوايا الذكريات صرة الأمس العطرة .
في هذا المقطع الأخير / غدا و نوافذ الأفق/ 42-49 ،تشرئب عيون الشاعرة الكبيرة سما سامي بغدادي إلى أفق الحلم في حوار صدحت به روح الأب على قيثارة حبيبته مفتقة الكلم ، حيث حلق الاثنان/ الثنائي المرح يدا في يد يسبقان تموج الأثير ، و عيونهما حب كبير و أمل كبير بوهج نظارة الربيع و أزهاره:
غدا يا صغيرتي ، سوف نذكر
...
غدا سوف يأتي الربيع ليعانق السماء
فقط لنؤمن .. و ننظر
مواسم الحب
كيف تزهر
7- توضيح هدف الشاعرة :
تروم الشاعرة الكبيرة سما سامي بغداي ، في قصيدتها الرائعة : إلى أبي : الفراغ النفسي الذي خلفه غياب الأب ، و هو فراغ لم يفت الشاعرة أن تتوقف عند كل ملمح من ملامحه المتعددة و المختلفة ، سواء في الزمان او المكان و ما يحفلان به من مناسبات حفرت أخاديدها العميقة في النفس ، و هو ما يجعلها لا تبلى و لا إليها يتسرب النسيان ، و كيف للنسيان أن يخطو خطوته نحو أب حنون راق ، أشبع الوجدان و العاطفة ؟! مقابل هذا و غيره ، تشدو الشاعرة الرقيقة العرفان و الاحتضان و الحمى و الدفء و ثقافة الاعتراف، أجمل هدية من خير خلف لخير سلف .
8- استنباط النتائج :
يتميز نص : إلى أبي . بشدوه المؤثر جدا ، و المتسرب إلى شغاف القلب منذ اللحظة الأولى ، مخلفا إحساسا يخض المشاعر، سنده في ذلك تموج موسيقى تقطر شجنا و حزنا ، نسجا على توتر للغة شعرية مطواعة ، تنبض ألم الفراق و وحشة الفراغ و قد ملأت الشاعرة المبدعة دوما صداه دفء أوراق الأمس، و شذرات سير ذاتية و حوار يتطلع إلى أبهى نوافذ الغد سبيل الإنسان إلى كل تتفتق جميل ، يهب الحياة الحب و فتنة الربيع .






كيف أهرب منك سيدى ! // أحمد البحيري // مصر

 

فى البدء أحمد الله على فضله ورحمته بى؛ فكم أعد نفسي من المحظوظين. عرفت الإبداع وأنا صغير، وصار العمل على اللغة ديدنى، ولما اشتد عودى عكفت نحو عامين على موسوعة الفتوحات المكية للشيخ الأكبر، سجلت بعدها دراسة جامعية حول النفس لم أتمها. كانت اللغة العذبة الثرية المستغلقة أحيانا في الجانب العقلي إلى جانب الأسرار هى ما يثير شغفى للصبر على القراءة. ومع الوقت صرت أتصور الشيخ فى مجلس علم وحوله الكتاب من تلاميذه: اسماعيل بن سودكين وصدر الدين القونى وغيرهما، يكتبون ما يسمعون. أما ميكانيزم التأليف عنده فى الفتوحات وغيرها؛ فيبدأ دوما بالآية قبل ان يحشد الآيات، ثم الحديث قبل أن يحشد الأحاديث، ثم يترك الشريعة إلى الحقيقة ويبدو كأديب أريب يعرفك ما لا تعرف بأدلة وبراهين الفلسفة. تصور أنه كتب 270 كتابا ورسالة لتدرك مدى ثراء لغته وقدرته على التعبير عن أضعف المواجيد. أثناء فترة إلقائه جمعت بضعة أسرار من أسراره، كان ينبه عنها بعدما يخبر بها؛ فألزمها طويلا حتى أعقلها، وبعدما تنامت الأسرار وجربت أحدها وأنتج ما أخبر به تغيرت حياتي. أنا شاذلى بتربيتى وتكوينى، سيدي سلامه الراضي بابنا لسيدي أبو الحسن، الذى هو بابنا لسيدنا رسول الله. متصوف سنى أقنع من قريب ولا أحتاج لأدلة أو براهين وأقول مع سيدى أبو الحسن: كيف يعرف بالمعارف من به عرفت المعارف؟. والشيخ الأكبر من أنصار التصوف الفلسفى، شعاره الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أولى بها. قرأ تراث الهند والفرس والإغريق، ونشأ وشب بمدينة مرسيه ضمن مدن الأندلس، وكان له من الثقة والاعتداد بالنفس ما جعله صديقا لملوك الدول وأمرائها ووزرائها، ومعلوم لقاؤه بقاضى قرطبة وفيلسوفها أبو الوليد بن رشد... باختصار أفقه أوسع مما تربيت عليه. فى فترة القراءة تلك كنت قد جمعت نسخة ورقية من أوراد الشيخ الأكبر اليومية وردان كل يوم الصبح والمساء، صورتها وكنت أعتبرها هدية قيمة لمن أحب. لقد صار الشيخ الأكبر شيخ علم بالنسبة لي، هكذا عقلت الأمر، كل المعضلات الروحية التي مررت بها لم أفهمها من غيره، يتوافق ذلك مع كونى شاذلي أداوم على الوظيفة الشاذلية وحزب البحر والحزب الكبير. وفى الرؤيا لم أر غير مشايخ تربيتى، الشيخ بيومى حمد والحاج احمد مرسي وسيدي سلامه الراضي وسيدى حامد سلامه الراضي والحاجة زكية بدوى وسيدى أبو الحسن الشاذلي، أما الشيخ الأكبر فلم أره مرة. ولقد حاولت الاتصال بإخوة من طريقه بعدما عدت من السفر وعلمت بمكانهم، واتفقت أمور روحية أجبرتنى على تركهم. عدت إلى جذوري ووصلت أسيادى وعاودت قراءة الكتب الشاذلية. إنها ليست كثيرة، لا تزيد عن عشرة، أكثر من نصفها لسيدى أحمد بن عطاء الله السكندري. وذات ليلة أحسست أن الأسرار المقدسة التى أحتفظ بها للشيخ الأكبر تحت سريرى تشبه الثعابين؛ فنهضت وجمعتها وأشعلت فيها النار . حسنا، لقد قال سيدى أبو الحسن: اصحبونا واصحبوا غيرنا فإن وجدتم منهلا أصفى وإلا فردوا. ربما أردت القطع مع الشيخ الأكبر، غير أنى لم أجد إلى ذلك سبيلا. فاليوم أتابع صفحة محترمة تقدم أوراده ومعارفه من خلال مقاطع من كتبه، وعدت استمتع بلغته واتعجب من ثراءها وما بها من الشعرية، واتصوره فى الحضرة وقت درس العلم والأحباب أمامه، وتلامذته يكتبون ما يسمعون

. لله الأمر من قبل ومن بعد، قدس الله سرك سيدى، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.






 


وجهتنا وجع السوسن // محمد محجوبي // الجزائر

 

وجهتنا وجع السوسن
مزاجنا من ملح الأطلال ومن أجيج ضبابنا
يتقطر الليل
من أنين القارات
المتكورة على رجع أنفاسنا المبللة بحلم تنافر في نزوات النار
فقد تجيء القصيدة المتفرعة الإنكار
على شكل خرافة مرتعشة
ربما يعانقنا وحش المنافي
فتؤول حكاياتنا الدسمة الحزن
مآل ما تجذر في شجرنا الغريب
يباس إشارات منتفخة اللغز
أو لربما ينطق البحر بملاحمنا الناشزة
حينها . تعيدنا تلك القصيدة الكلسية
الى وراء زاوية الإطراق
لكي ينتعش نسيمنا الجافي
برهة في زمن الكي
نغالب خيوطنا المتشابكة في زمن الدخان .







lundi 26 février 2024

حتما ...// نجاة دحموني // المغرب

 

فوق أرض
حول شمس واحدة ندور.
بإذن الجليل الرحيم الغفور.
سنهدم الحدود
ونبني بدلها الجسور.
بحرية نجوب
برها ونعبر البحور.
من دون إذن
و لا تأشيرات عبور.
نتجاهل اللون
و الجنس والجذور.
ننهي النزاعات
سبب الحروب و الجور .
نعيش بسلام
و وئام وسرور.
كلنا بالآخر يتباهى
و بأخوته فخور.
------------حتما.
حينها سنرى
نحلا مع الفراشات
يتراقص فوق الأقحوان.
نسورا وعصافير تحلق
عاليا بانسجام و أمان.
شتائل نخل و تين
و زيتون و رمان.
تزرع في كل مكان
و كل الأوطان
دون أي تردد ،
ترخيص أو استئذان.
تعود شعوبنا مفخرة
بها لا يستهان.
حتما حان الأوان.
-------------حتما.






dimanche 25 février 2024

نبوءة // أحلام الدردغاني // لبنان


يَتَبَدَّدُ الخَوْفُ فِي قَبْضَةِ الغُبَارِ
وَنُدرِكُ أَنَّ المَعْرِفَةَ وَهْمٌ
يَزُوْلُ آنَ تَقْفِزُ القِطَطُ فِي فَنَاءِ الرَّمَادِ
اَلعَدِيدُ مِنَّا يُصَفِّقُ
وَيُحَدِّثُ النَّفْسَ عَنِ الرَّجَاءِ
ثُمَّ يَتَمَرَّغُ فِي الهُرُوْبِ
تُشْرِقُ الشَّمْسُ لِتَتَبَدَّدَ الرِّيْحُ
المُوسِيقَى تَصدَحُ مُجَدَّدًا
وَتَكْسِرُ الرَّتَابَةَ
قَيْدُ المَلَلِ يَنْهَزِمُ
الدُّرُوبُ الجَوْفَاءُ أَزْهَرَتْ
لا تُحَدِّثْنِي عَنِ الفَرْقِ
شَارِكْ مَعِي فِي كَسْرِ الفَراغِ
أَرَانِي مُدْرِكَةً
أَرَى الوُجُودَ مُحبْطًا
العَفَنُ يَتَآكَلُ الفَنَاءَ
لا تُحَدِّثْنِي عَنْ خَيْباتِ الأَمَلِ
الجَرَسُ يُقْرَعُ
رُبَّمَا يُطَارِدُنَا الفَنَاءُ
غَنِّ فالمُوسِيقَى حَيَاةٌ.






samedi 24 février 2024

تسلل // عمر حسن الخيام // سوريا

 

التسلل خارج حدود الواقع من عاداتي
أجد على وسادتي الكثير من المعابر
أحفر بأجفاني آبار أحلامي
وأنضح ما أشاء من أحلام
أستحضر شهرزاد وشهريار
وأجلس على بساط من عبق
أتحدث مع الزعماء والملوك وأملي عليهم ما أريد
أصدر تعاليم، وأسن قوانين ومراسيم
أبني وطنا من ورق
أكتب قصائدي على طبق
أحرك جيشا من خرق
أبتسم وأبكي، أضحك وأشكي
أفرح، أحزن، أصرخ
وتحكي أيتها الوسادة .
في ليل الأمس تقلدت قلادة
في ليل الأمس اجتمع عندي اصحاب العمادة
حلم وحلم
وصم بكم
ووطن وكعبة
قم حي على الصلاة
حي على البنات
حي على القيم التي فارقت الحياة
حي على أحلام الشتات
حي على منفى
وقيد ورغيف وقلم ومشكاة .








vendredi 23 février 2024

بساطة // عدنان يحيى الحلقي // سوريا

 

ينامُ الكونُ، ويستيقظُ الحلمُ.
قبلَ الشمسِ، أشكرُ اللهَ، وأسألُهُ الرّحمةَ.
على أسلاكِ الكهرباءِ تفلّي الطيورُ ريشها.
وتتبادلُ أطرافَ الحديثِ.
أو ربّما تؤدّي الصلاةَ.
على الطّريقِ قططٌ تبحثُ عن رزقها بين الفضلاتِ.
عليكِ السّلامُ أيتها النوافذ المغلقة.
تتناهى إلى أنفي رائحةُ الفلافلِ والفول.
أبلعُ ريقي، على وقع خطاي.
أقنع نفسي بالضّرر الّذي قد يصيبُ معدتي.
إنْ تناولتُ الفول، والفلافل هذا الصباح.
أصلُ مكانَ عملي بعد سيرٍِ ساعةٍ.
أكونُ فيها الفائز الوحيد على كل شيء.
لا يتناسب مع ما لاأستطيع أن أحقّقه لنفسي.
من ترفٍ، ورفاهيّة..
كانتْ من أبجديّات الحياة اليومية.








jeudi 22 février 2024

حلم // يونان هومة // سوريا


كُلّما أحلم
يُقتل هذا الحلم
تدركني صعوبات جمّة
لا أعرف
كيف أفسّر أمور الحياة
القلب
تهالك على سرير الشوق
أبغي أن أكتب قصيدة لعشتارتي
أمجّد فيها عينيها
فلا تنفع كلّ الأقاويل
طالما الليل
لا زال يمشي متبختراً
كالديك الرومي
والفجر في الأفق
ينظر من البعيد كاليتيم
تمنحني أنوثتها رقّة الوجد
وأقول رغم أنف الزمن
سأحلم
أحلم
أحلم.







mercredi 21 février 2024

السند // فوزية الخطاب // المغرب

 

عادت متعبة من العمل، ألقت بأشيائها دون ترتيب داخل الغرفة، استلقت على سريرها، لم تعر أهمية لضجبج الأطفال، غفت لدقائق، تعالى صراخهم، وصراخ زوجها الحاد المزاج، استيقظت مذعورة...وجدته قربها يحدق فيها وعلامات الغضب تظهر على وجهه:
- تحسبين أنك في فندق، تنامين متى شئت، هيا انهضي، هلا سألت نفسك، هل تناول الأطفال غدائهم، هل أنجزوا واجباتهم المدرسية؟
لم تنبس ببنت شفه، فقد اعتادت هذا الموال كل يوم، يلقي عليها المسؤولية كلها، وإذا ردت، ينهال عليها بالضرب أمام أطفالها، مهمته الوحيدة في هذا البيت، هو نزع الراحة والأمان، وبث الرعب فيه. يقضي معظم وقته في المقهى بعد العودة من العمل، والوقت القليل الذي يكون فيه بالبيت، ينثر سمه وتراتيله الشيطانية، تحملت الزوجة المسكينة الكثير من الألم والجور، والحزن، كذلك أطفالها، فإنهم لم يسلموا من هذا الأب القاسي، وكم ذرفت من دموع الظلم خلال سنين زواجها الفاشل.
في كل مرة تقول:
( أصبر حتى يعود أحمد من بلاد الغربة)، أحمد شقيقها التوأم، قطعة من روحها، يحنو عليها، يمنحها الأمان والأمل، يخفف عنها قساوة الحياة، وجبروت الزوج المتعسف، تدعو الله في كل صلاة، أن يفرج عنها ما هي فيه، ويجلي حزنها.
في صباح أحد الايام، سمعت طرقات على الباب، فتحت...
يا لها من مفاجأة كان أخوها، ارتمت في أحضانه، والدموع تتساقط كحبات المطر.
- أخي حبيبي، الحمد لله على سلامتك، وأخيراَ عدت، أنا بأمس الحاجة إليك، تعبت، تعبت والله، يا أخي وسندي.
- حبيبتي، لا تبكي، كفاك حزناً، انتهى وقت الألم، والمعاناة، أعلم أنك عانيت ماعانيت، وقاسيت الكثير... توقف قليلاً وسألها:
- وأين أحبائي؟
- في المدرسة؟
في هذه الأثناء،عاد زوجها من العمل غاضباً متشنجاً كعادته، يتطاير الشرر من عينيه، بدأ بالصياح والتدمر، لكنه تفاجأ بوجود أخيها، تقدم منه، رادعاً وأوقفه عند حده، و رد له الصاع صاعين هذه المرة.
- كما تعلم أن البيت بيتي، ولاحق لك في كل ما فعلته بأختي وأطفالها، والآن أخرج من بيتي، ولا تنس تاريخك الأسود!
طرده شر طردة، ألزمه تطليق أخته، وإعطائها حقوقها كاملة.
استعادت حريتها، حيويتها ونشاطها وكأنها ابنة العشرين ربيعاً، عاشت في سعادة عالية، مع أبنائها وأخيها البطل أحمد.





صهوة الآن // نصيف علي وهيب // العراق







ويح صمتي // علي الزاهر // المغرب

 

ويح صمتي
ها هنا تقتل الأماني
إذ الريح تفتح لي باب التيه
كلما غدوت في صخبي
نحو زوايا الكتم
و أنا أعبر في مقام البوح
صحراء ذاتي الحزينة في وطني
أكتم أنفاس الحكايا على وتر العشق
أشق جدار المعنى المفعم بالحنين
ثم أوسد ما لي من حماقات
لعلي أحرق في تعبي ، نزقي
ما وجدت قافية يوم نحري
و لا خضبت بالعويل دروب تيهي
أشفقت على نفسي كثيرا
حين رأيت مرايا انتظاري
تلفحني على سجادة الوقت المجهول
ثم تصيح بي القصيدة في أفقي :
ويح صمتك يا هذا ،
و قد اعتلاك السؤال
عمن تبحث في جزر تيهك
و من أحرف ولهى
يدثرها بالجنون نقع الٱه.






dimanche 18 février 2024

إلى عاشقة الليل // أحمد خاليص // المغرب

 

أنت عفتي
و كبريائي
أنت روحي
و رجائي
أنت عطر ربيع عمري
و أمل يغريني
بهمساتك الجذلى تسكرينني
و تتوغلين في أعماق وجداني
كعمق قبلاتك
المترعة بعطر الرًضاب
أنت عفتي
و ليالي سعدي المقمرات
أهديتني صفاك
و سعادتي
منك تعلمت القراءة
في سر العيون
و في كف القدر
يا غجرية اللفتات
فيك وجدت نكهة الأزل
تاريخ الأسرار
و سحر الحرف
عبق الكلمات
لهفة الشوق
و صخب الحنين
لأنك حبر قلمي
و ريشة فني
و إلهامي .





آهة // محمد الأنصاري // العراق

 

من حبل مشنقة الحروف
وبيد مقطوعة أسرق صوتي
أنا الساكت عن موتي
الغائب لأن الجميع ينتظر
ليرى لون نهايتي
يدي على فمي.
لأحبس الكلمات
فلا معنى للكلام حين تهتف غزة
حين تصرخ غزة
حين تهدي للموت أزهارها
كي يتنافخ الخونة المتشبثون بالكراسي
السادة أصحاب المآسي
من أول أميرهم لملوكهم و السلاطين
وكذا الملتصقين بالكرسي الرئاسي.