mercredi 31 janvier 2018

تشهد أني.. // نور الدين زغموتي // المغرب


عَيْناهَا تَطْوِي كُلَّ الفَرَحِ والحُبُورِ
حِينَ مَضَتْ أمَامَ اللَيْلِ 
.تَحْكِي عَنْ تَقَاسَِيمِ عِشْقٍ وَ فُتُونِ
...كَيْفَ أَحْكِي؟
وَأنَامِلُهُ تَشْهَدُ
أنِّي وَثَرٌ يَرْتَجِفُ، وَيَشْهَدَُ إحْتِمَالاً أوَّلاً
لِشَهْقَةِ المَاءِ وَالعُيُونِ
وَيُظْهِرُ كَلاَمَهُ الشَّهِي حٍينَ تَسْتَتِرٌ في
جَسَدِي رُوحُهُ خَجَلاً مِنْ رَفَّةِ اليَمَامِ
وَتَعْلُونِي الرَّجْفَةُ فَأَرْنُو إلَى وَجْهِهِ 
سَدِيمِ أَحْلاَمِي البَيْضَاء
بِفِعْلِ سِرٍّ يَصُوغُ رَائِحَةً جَدِيدَةً للإِحْتِفَاء
يَخْطُو عَلَى صَدْرِي بِبَصِيرَتِهِ البَعِيدَةِ
ثُمَّ يُتَبِّلُني بِقَصِيدَةٍ
فَأشْهَقُ بِخَفَرٍ وأَحْكِي
عَنْ بَسْمَتِهِ اللَذِيذَة
عَنْ عَسَلٍ فِي نَظْرَةٍ 
تَسْعَى لِشَهْوَةٍ تَشِي
بِهَا أَوْرَاقُهُ المَجِيدَة
******

زغموتي نور الدين...مرتيل



lundi 29 janvier 2018

خطى عابرة ..// ادريس أشهبون // المغرب


..خُطى عابره
يدِبُّ صداها في روحي
...دون رِفْقٍ
كبُروقٍ مُضْجِره

.تمحقُ أنفاسي ساعة النهار 
...فَتَرسُو ثقيله
في ليل هاربِِ من رُؤايَ
!!.كأطيافٍ ساحره

..خُطى عابره 
..تصدَحُ بِإفلاسِ قدرِي
كوشمٍ يائسٍ 
على حافةِ الأثيرِ
رأيتُ روحيِ ملمحاً
...على لَوْح هذا الشقاء
وآنستُ خدوشَ الغروبِ 
..في هذا المساء

..كطائر الخريف
ينتظرُ في جفاء
..ليلة بارده 
..أو موتا في خفاء
رأيتُ عبثَ الخُطى
...ترسمُ ألوانَ العزاء
*****

من ديوان ..انكسار الذاكرة

هي ...هي.. // هادي عاشور البصري // العراق


في لحظةِ شرود
كانتِ الرُّوحُ ذاهلةً
تتأمَّلُ في شتَّى الأرجاء
واللَّيلُ يلتهبُ في عيونِ النَّوافذ
حطَّتْ على كتفيَ اليسرى
قادمة من تلك الشُّجيرات
ساحرةٌ زرقاءُ
تصفَّحتْ أجنحتهُا المبتلَّة 
بندى العشب والزَّنبق
أوراقَ دفتريَ الصَّفراء
امتزجتِ الأحرفُ بلونِها
فإنزلجَ تحت قدميْها التِّركواز 
شممتُ رنينَ الطّقس
يلمعُ من تحتِ القشر البنِّي
ولجاجُ زقزقزتها
يوقظُ ذاكرةَ الأمكنة
في ألبومِ الصُّور
الجاريةِ صَوْبَ أصونةِ الأجراس
لم أدرِ أيَ سلاحٍ تحمل
وكم ادَّخرت من رَميات
بأيّ آليَّة تعمل
مَنْ أنبأها 
أنِّي ما زلتُ أعرفُ العصافيرَ
بأسمائها وأفقَهُ ألوانَ الرِّيش
في الزّغب قبلَ بيانِ الطِّيف
لتنهالَ على ساقي نقرا
حاملةً أحلامَ العشّ الذّهبي
المكدّسة في أحداقِ غصونِ التّوت
...إلى محراب القلب
****

أنين وصدى// Assif Assif// المغرب


أنين وصدى
*****
فات اليوم ..
وجاء المساء
بخطوات متثاقلة
ولحظات طويلة
تجر وراءها
جبالا من الوقت
وطبقاتٍ عائمة
من زمن مليء بفراغات
لا تسدها الذكريات .
*****
الحياة ..
مليئة بالضوضاء
بروائح  يسكنها العفن
أحيانا
كأطباق مُهملة .
****
أنين وقلوب ..
تعالقٌ وتشابكٌ ..
تصوراتُ أفكارٍ ..
حياة دائمة الاتصال ..
مع محيط  لا متناهٍ
تدعونا
لفهم ذواتنا
والتبصُّرَ ..
في تفاصيل حياتنا
التي هي
أشرطة حكاياتٍ
تتأرجح
بين الحضور والغياب
بين أحلام ضائعة
وذكرياتٍ سعيدة
 تومض كنجوم  سامقات
لا ينفصل عنها
خيط إنساني
حتى لما يحضرُ
ضمير المتكلم
ويجنح  إلى السخط
في بؤرةٍ
يَشحُب فيها الضوء
وتُغمضُ فيها العيون
وتَمتنعُ فيها الرئتان
عن التنفس للحظات .
*****
وَضاعَة الإنسانِ و سُمُوِّه
تتجلى في علاقته
مع الطبيعة ..
مع الآخر
لما يختلي  بنفسه 
في حضن ورقة
بسطور بيضاء ناصعة
تطل بنخوةِ جرحٍ
عميقٍ حتى الحلق
تحت  غصن
عارٍ من الأوراق
 والأزهار
على أرصفة ليل
في شارع  بئيس
بلا أقواس ..
بلا مصابيح ..
ولا بيارق .
****
بقلم
Assif assif
28/01/2018


samedi 27 janvier 2018

هل للتغيير ريح؟!// Abdelkader Kandoussi// المغرب


في أحشائي سر مكنون!
ضغط مدفون!
أروم البكاء، لكن!
تتحجر الأوشال!
مشحونة نفسي!
ملغومة هواجسي!
أنفجر ليسود السكون!
و تبدأ كتابة المجنون!
أكتب لأستريح... و أريح!
أنتظر...! أتساءل..!
هل للتغيير ريح؟!

ماوراء الشكل//Zakia Mohammed // المغرب

بيضوية ،كروية بل ربما هي مسطحة تلك الأبجدية الغريبة تربكني سرعة تقمصها للاشكال والألوان ،يستفزني برود سكوتها، تذبحني أوجاعها وهي تحتضن بخنوع كل هذا الهرج والمرج.
متماسكة،متفائلة، ابتسامتها الخضراء وعد ربيعي وحنينها الملتهب كرنفال صيفي ،عروس رملية توزع حلوى الحب والمرح.الكل يبدو سعيدا في عالمها الساحر لكن سرعان ما يسمع العويل والصراخ ،كريح ثكلى تندب حظها البائس ،سلالة الاوراق المنتحرة كان نصيبها من ارث الرحمة .هل ادركت الآن لمَ لم  أتمكن من تحديد شكلها هي مثل الأجنة لاتنفك عن الحركة والتحول .
ماوراء الشكل
*****
زكية محمد .

غجرية أنا // Fatma Jamal // سوريا

غجرية أنا حين لا أبالي
اتصنع ولا أكترث
سأرقص على وجعي
لا تسألوني لم
فالغجرية ترقص لأن عليها الرقص 
سأرقص حتى الصباح 
ترافقني شلالات الدموع 
تسيل لتغرق الكون 
يهمني أن تغرقك أنت ..
شمسي باهتة السطوع 
مريضة هي اليوم 
سأرقص تحت المطر رقصة ملاك يتعمد ليصفى القلب 
سأغزل خصرا يهتز 
ورأسا بشعره يلف العالم 
يامن تنظرني من بعيد ....
هي طقوس الإعتبارات في كلمة لولا ....
اتقنت الرقصة واعود لكوكبي من جديد 
أحمل روحي على كف روح شربت طعم الوجع 
كم هو مؤلم الحرف حين يصفعك 
في تلك الحقول مزقت أوراق البنفسج 
لن ينتشر العبق فقد ماتت الروح
ورحلت انا لادفن في مكاني بلا جنازة اسقط نفسي وأغمض العيون 
وأتجمد على جسر جنوني
وأتلاشى ...
وأضيع بين السطور 
*****

لستَ معي // Ijja Essabir // المغرب


مشحونة انا
بالشجن..
كلما تذكرت 
طيفك 
الذي يأبى الرحيل
عن زوايا الروح
وزوايا المكان
تسابقني اللهفة حيناً
إلى لقاء 
لا يتم ..
ولا يتحقق
إلا عبر معانقة
الحبر لبياض الورق.
كيف لي يا حاضري
أن أنسى 
تعابير الماضي القريب
والذكرى تحاصرني
ان وليت وجهي
شطر اليمين
او اليسار..
كيف لي أن أمضي
في رحلتي
و بوصلة طريقي
ليست معي..
سأتيه وأحلامي
في صحارى العمر
لأنك لست معي.
*****
23/01/2018

"يا مثلي " // Assif Assif // المغرب


سأبقى ..
سأبقى أبحث
عن عالم يشبهني 
عالم أحرر فيه
أسئلة الحياة 
من سجون التاريخ 
وحدود الجغرافية .
*****
سادة هذا العالم 
رجال عظماء 
لا يخشون السقوط
لا يرتادون الأماكن العامة 
فضاؤهم ..
تحتفي فيه المخيلة 
بالجمال .
تنتصر فيه الحياة 
لكفاح الإنسان الملحمي 
ضد جبروت الموت 
والغياب .
*****
يا مثلي ..
أنت هناك 
وأنا هنا 
أبحث عنك 
لاحتواء كياني 
وجزئي المظلم من نفسي 
ذراعاك ملجئي 
وحديثك غذائي 
في عالمي الذي 
يتشابه وعالمك .
*****
يا مثلي ..
دع الآخرين 
باحثين عن عالم
يشبههم.
ومدىً 
يحتفظون فيه
بحقيقتهم .
Assif 
25/01/2018

الكنز المتجدد //وائل رضوان الناصر // سوريا


عَمِيَتْ عيونكَ عن حدودِ المقبلِ
فامنحْ لنفسكَ ما تشا بتعَقُّلِ
إنَّ القناعةَ كنزها متجددٌ
تحمي وجودكَ مثل بابِ المنزلِ
لولا الرِّضا لرأيتَ قلبكَ أسوداً
ولعشتَ بين الناسِ كالمتطفّلِ
كمْ جامعٍ للمالِ أفنى نفسهُ
عاشَ الحياةَ منادياً: مستقبلي
قارون يحملُ كنزهُ في لُجَّةٍ
متجلجلٌ يبكي على متجلجلِ
أقدار رزقكَ كلها مسطورةٌ
فعلامَ خوفكَ من زمانٍ مقبلِ
ابسطْ يديكَ ولا تعشْ في غَلِّها
.إنَّ الكريمَ لكلِّ بابٍ يعتلي
*****

القيد بالأسر // حسن محمد الزيرجاوي // العراق



جمعت بقايا 

عشقي بالهدب
وركنته بزوايا 
الروح و القلب
إذا جن ليلي 
و حل الكرى
يتوهج الهوى 
ويستعر بالوجد 
وتكوي حشاشتي 
ذكرى مضت
ويلومني ضميري 
والرمح بالكبد
وأقلب الماضي 
وما فعلنا سوى
دمي من مدمعي 
يخضب الكف
أينتحر الحب 
‏بمرأى ناظري؟
أيعقل أن يكون 
موته بسببي؟
أسوأ حب أن 
يخضع لعاطفة 
ولاتناقش تفاصيل 
نتائجه بالعقل
لا زال هواها 
بفؤادي يتجذر
وأينعت أغصانه 
محملة بالزهر
أيشم الورد 
وأنا ذابحه
وقد سقيته من 
مشاعري بالقطر
و أبقى على 
الذكرى وخيالها
وأعيش على حبها 

.مقيدا بالأسر

*****
في 1 / 2018

مجرد رأي ...// باسم عبد الكريم الفضلي // العراق

إن وضع العصي في دواليبب المنجز الإبداعي بذريعة الالتزام ( بالأصول والمقاييس ) الكتابية لهذا الجنس الأدبي أو ذاك وفق ماقرره واتفق عليه نقاد أو منظرون محافظون في تعاملهم مع الحركة التجديدية في عالم الكلمة المتطورة دأبا ( رغم أنف السلف الصالح )، لهو مدعاة للسخرية فخرافة إدخال الفيل في ثقب الإبرة لم تعد تدافع عن بقائها في دنيا المتغيرات المتسارعة ( في مجمل تفاصيل الحياة الإنسانية ) إلا في عقليتين اثنتين ؛ عقلية منغلقة صدئة فضح خواءها الواقعُ فراحت تكابر لستر انهيار مؤسستها الإيدلوجية التي اعتادت استعباد العقول ودوام سلطانها المتحكم و المهيمن عليه من خلال ضمان تبعيته العمياء إليها ، أو عقلية اعتادت على اعتبار الأحكام الذوقية والجمالية الماقبلية ( المتوارثة ) هي المعيار الوحيد لتحديد ( قبول / رفض ) المنجز الحديث وهنا ينشأ التقاطع / التنافر بين الاثنين فالأول ( ثابت ) والثاني ( متغير ) والتغير مفروض من قبل عدة عوامل واقعية ليس للاثنين أية قدرة على إيقافها أو منعها من فرض قوانينها التغييرية القاهرة فنحن نعيش في عالم أوسع بكثير اليوم من عالم الخيام بالأمس ، عالم صرنا فيه نتأثر رغما عنا ( بالآخر ) بحكم مفهوم العولمة وتساقط الحدود ( الجيوسيااقتصادية ) بين الأمم بحيث أصبح  نزول سعر النفط دولارا واحدا يهدد إنساننا بالجوع والتفكير بهجرة وطنه .... لتكن الأحكام النقدية مستندة على التحاور مع النصوص والغوص في مجاهيل أسرارها وليس إخضاعها إلى مزاجية صاحب السرير( في الميثولوجيا الإغريقية ) ذاك الذي كان يلقي ضحاياه عليه فمن كانت رجلاه أطول من طول السرير يقوم بقطع القدمين وربما الساقين كيما تكون الرجلان مطابقتين لمقاس السرير طولا ، ومن كانت رجلاه أقصر ، يقوم بمدِّهما عنوة ، حتى تتخلّعا ، لكي تنسجما مع أحكام ذاك المقاس العتيد ( المقدس غير القابل للتعديل مهما خالف الواقع ) ....... والزمن الذي لم ولا نملك آلية تطوره ، لعدة أسباب ( لاتخفى على اللبيب ) لاينتظر احدا ... وهو يضع قوانين رقي / انحطاط الأمم .. وللحديث بقية ... ألا فليفقه ( أولي الأحكام ).
******

jeudi 25 janvier 2018

بمنتصف الرصيف // سلام الربيعي // العراق


بمنتصف
...الرصيف
استرجعت
بعضا من المسافات 
ألقيت تعبي
....... وجعي
وأحلامي.. الغريبات
أثقلت كاهلي
بعضها 
مدعاة... للآهات 
انتزعتها من وسادتي
وأدخلتها 
بجيوب... مرتقات 
ستغادرني إليك 
...وستسمعني
!!!وتحزن 
...وستسمعني
وتسأل ؟؟؟
..عن
مصدر... الأصوات 
هي أناتك أسمعها
.........يا أنت
............ألحانا 
لا تشبه... الأغنيات 
تستوحشني 
... وتشدني 
إليك.... وجعا
يلتحف
.....بي كالبرد
يجتاحني 
فتطول... الساعات 
حتى ينقضي.... ليلا
ليحل نهارا 
.....تتأبط
ذراعه.... الجميلات 
وتنجلي محنتي 
ومعك أبقى
.داخل.... المدارات 
*****


جنون عاشق // سامي السعيدي // اليمن



لمي ما بيني وبينكِ من شَتاتِ
اغفري لي إذا انتهتِ الحياة

وقولي كان قلباً من ظنون
تعيش به الليالي الغامضاتِ

وقولي كان بعضًا من خطوط
ومن فِكرِ الشعوبِ الغابراتِ

وقـولي كـان سُـماً أو دواء
به قاربت على الوفاةِ

وقولي كان شكـاكًا عظيمًا
يلاحقني في وقتِ الصلاةِ

وقولي كان يهزأ بالأماني
ويحرمني كل أوقاتِ السُباتِ

ويكتب الطلاسم فِي المَرايا
أنـا في النـومِ آتٍ يـافَتاتي

وقولي كان يعبث بالـرَحايا
ويرعبني في ليالٍ عاصفاتِ

ويحرمني متى اخترت عطراً
ويمنعني وقد هيّأت ذاتي

وقـولي عـني كـل قـولٍ
يُخيف ذِكرهُ جاسيات البناتِ

وقولي كان مجنوناً صديقاً
بفـأسه أرعب آلاف الـغُزاةِ

وشج بهِ طالب القرب يوماً
من أبي وأسَـالَ دَمهُ في القناةِ

قُـولي عني ماشـئتِ حتى
أحس بأني خالد في مماتي

وإن طلبوا منك غير هذا
.أخرجي لهم من القبر رُفاتي
*****
سامي السعيدي

mercredi 24 janvier 2018

ارتحل ...// عبد الواحد خمولي // الجزائر


...أيُّها الوَلَدُ المسكونُ بغُبْنِ غيثِ حكايةٍ
...ودِّع مدينَتَك الجميلةَ وارْتحِلْ
...ودِّعْ قصائدَك القَديمةَ وارْتحِل  
...فالوقتُ وقتُ تَذكُّرٍ 
...والبُعدُ بعدُ تذكُّرٍ
...والنومُ نومُ تذكرِ 
...سافرْ في مغيبِ الشَّمْسِ قبلَ احْمِرَارِ خُدودِها 
...فمصيرُ ليلِكَ أنْ تكونَ مُسافرًا
...ومصيرُ عُمرِك أنْ تَحتَوِيك مدائنٌ
..وشوارعٌ 
...وجميلةٌ في الديرِ تَقرَأ كَفَّها
...في ظلِ خطٍ والخطوطُ تشابكتْ
...في ظلِ حلمِ أُغنيةٍ 
...تَراقصَتْ طرَبا 
تحتَ ظِلالِ البوحِ
...في بياضِ ثلجِ مدينةٍ
...في غربةِ البحرِ المسافرِ في دمِي 
..في بَسمةِ الطِّفْلِ المُخبَّإِ في ضلوعِ قصَائدِي
...صَمتُ الحكايَا
...غربةُ البحرِ
...جرعةُ الأفيونِ المُهرَّبِ من مدينةٍ لمدينةٍ
...من شارعٍ لشارعٍ 
...ودِّعْ مدينتَك الجميلةَ وارتحِلْ قدَرًا
...ودِّع قصائدَكَ القدِيمَة وارْتجِل غيرَها مدَدًا
...مزِّق شِرَاعَ غُرْبتِك التي لفَّتْكَ فِي حُجُبِ
...المراكبِ
...والأزقَّةِ 
...والأماكنِ 
...والحفرْ
...وارْمِ سوادَ الظَّنِ خلْفَك هَازِئًا
...واسكبْ فِي يَمِّ تِيهِكَ كلَّ حِبرِ تَذكُّرٍ
...وتَذمُّرِ
...حَلِّقْ فِي سمَاءِ البحرِ مثلَ نَوارسٍ
فَالبحرُ بَحرُكَ سَيِّدي 
...والملحُ ملحُكَ من زمانِ طُفُولَةٍ
والطهرُ طهرُكِ فَتجمَّلِي
...وتَمَرَّدِي
...فُكِّي الوثاقَ وغرِّدِي
فالذَّنْبُ يمحُوه القصيدُ بِرقْصةٍ شرقيةٍ
فلِمَ التذمرُ
...ولِمَ التأسفُ
.وبحركِ أطْهرُ من عقِيقِ العنْبرِ
*****

الشاعر:عبد الرزاق خمولي 

قراءة في المجموعة القصصية "نزق"..// خالد بوزيان موساوي // المغرب


قراءتي في المجموعة القصصية "نزق " للكاتبة السورية ريتا الحكيم
ذ. بوزيان موساوي ـ وجدة ـ المغرب
******
توطئة:
ـ الإصدار:1
صدرت عن دار المختار للنشر و التوزيع لسنة 2017 مجموعة قصصية للكاتبة السورية ريتا الحكيم تحت عنوان " نزق "، الكتاب من الحجم المتوسط ـ 129 صفحة ـ بدون تقديم، و يحتوي على خمسين قصة.
لم أحض بشرف التعرف إلى الكاتبة ريتا الحكيم شخصيا، و المجموعة التي نحن بصددها، هي أول كتاب أقرأه لها.. و هو عنصر ربما له أهميته لإضفاء مصداقية أكثر على هذا المقال بعيدا عن كل مجاملة.. مما يعني أني سأقرأ المتن Le corpus و ليس الشخص/ الانسانة الكاتبة.
و أجد نفسي محظوظا لأنني لن أتعامل كعسكري مرور مع سلامة اللغة و أبعاد انزياحتها في المجموعة القصصية التي نحن بصددها، لمعرفتي الجيدة ،و لو عن بعد، بمصداقية ما تنشره دار المختار للنشر و التوزيع، و على رأسها الكاتب و المبدع و الناقد الأستاذ مختار أمين بمعية الأستاذة سعاد العتابي، و بقية أعضاء فريق الدار...
ملحوظة لابد من إثارتها كمدخل / عتبة قبل تناول تضاعيف قراءة المجموعة القصصية حسب ما يسمح به الحيز: إن كان تودوروف و رولان بارت و قبلهما فلاديمير بروب و بعدهم غاريماس و أحمد المديني و غيرهم..، يتبنون فكرة تعدد الأصوات في الأجناس الأدبية السرية كالحكاية، و المقامة، و الرواية، و المسرحية، والقصة، و القصة القصيرة، إن نثرا أو شعرا .. فالكتابة عند ريتا الحكيم أحدثت من خلال هذة المجموعة القصصية ثورة في نظرية التلفظ
Les actes de parole و نظرية أفعال الكلام     Théorie de l’énonciation
لما جعلت من السارد و الشخصية و البطل (أو اللا بطل) صوتا واحدا بصيغة الجمع كما سنرى: أنا، أنت، أنت، هو، هي، نحن ...
أقرأ لكم هذا المقتطف من قصة "ما ورائيات" ( صفحة 47) من المجموعة القصصية ذاتها في نفس السياق:
"
يعود إلى بداية الإنسان الأول، و أنا لم أر تحولا في سلوكي إلا بعد أن رحلت أنت و في جعبتك أنا مع أني هناك، إلا أنني هنا أيضا. بما أنك بارع في الماورائيات، أرجوك أن تفسر لي هذه الظاهرة الغريبة، عين هنا، و أخرى هناك، قلب هنا، و آخر هناك..."
ـ  حيثيات منهجية-2
كتب الباحث فوزي سعد عيسى يقول: « إذا كانت جهود كثير من النقاد قد انصرفت إلى التنظير، فإن الحاجة ماسة إلى جهود مماثلة، بل مضاعفة، في ميدان النقد التطبيقي لأن عجلة الإبداع تسير بمعدلات سريعة وتتسع في مساحات مكانية واسعة في مصر والعالم العربي كافة ».
و النقد التطبيقي في نظري قراءة تعتمد آليات علمية يفرضها جنس النص الأدبي، و ميولات الكاتب، و زمن الكتابة، و زمن التلقي، و تفاعلهما، و انفعالهما مع المواضيع / القضايا المطروحة داخل فضاءات جغرافية و زمنية، و ثقافية / حضارية و اجتماعية و نفسية معينة.
و يحق السؤال للضرورة المنهجية: ـ هل قصص الأديبة ريتا الحكيم مجرد وصف لما يكابده بلدها من مآسي ظرفية مصيرية جد حرجة؟... فرضية انطباعية كهذه، قد توجه القراء لانتظار مجرد وصف فوتوغرافي في قالب أدبي.. في هذا السياق كتب محمد نجم الحق الندوي، و هو يقرأ الاتجاهات الرمزية في أدب نجيب محفوظ، قال: " من المعلوم أن الفنان الذي يصور لنا صورة فوتوغرافية للحياة ليس فنانا صادقا، و إنما يعتبر مؤرخا، أو مسجلا إحصائيا، إذ أن التصوير كلما اقترب من الفوتوغرافية، ابتعد عن دائرة الصدق الفني، و كذلك التسجيل، كلما لاءم الواقع وطابقه في صورة منسوخة بورق شفاف، أصبح بعيدا كل البعد عن الخلق الأدبي، وهذا ما جعل أرسطو ينادي بأن الفن محاكاة منقحة للطبيعة تحاول التغيير و التشكيل بما يتلاءم مع الأحداث، إذ تقوم على تعديل الواقع...و تنقيح الحياة"
لذا كان علي أن أستبعد هذه الفرضية، وأستحضر أسئلة محورية حول كفاءة الكاتبة من خلال قصصها على تمثل لحظتنا المعاصرة في تعقيدها التكويني، و التصويري ، و التفاعلي معا، و كيف يتداخل فيها الحقيقي بالمحاكاة ، و التشبيه ، و كيف يخرج التشبيه من حدوده القصصية، والبلاغية إلى اليومي ، و السياسي ، و الوجودي ـ الانساني عامة و العربي السوري خاصة ـ، ليبدو في صيرورة الحقيقي نفسه ، و كأنه بذرة داخلية فاعلة من خلاله ، و ليست خارجة عنه لذا يصعب على أي قارئ متمرس التسلح مسبقا بآليات النقد التطبيقي كما أسس لها البنيويون أو على شاكلتهم الشكلانيون الروس، أو رواد الواقعية، أو الواقعية الاشتراكية، أو أصحاب المنهج السيميائي ـ السيميولوجي ـ ، أو المحسوبون على البنيوية التكوينية... وحدها نظرية جمالية التلقي الحديثة النشأة و التميز، قادرة و لو نسبيا على جعل النصوص تبوح بأسرار أغوارها و جماليتها حسب نوعية زمن و مكان الكتابة / القراءة، و حسب نوعية المتلقي، و مدى إلمامه بآليات القراءة كما تبنتها مختلف التيارات و المذاهب و المدارس النقدية النظرية و التطبيقية المشار إليها سلفا.
ـ3- 3عتبة النص / المجموعة القصصية: نزق
 
1-3 ـ تصنيف الكتاب
و قبل القراءة السطرية الأولية و الانطباعية للمجموعة القصصية التي نحن بصددها: "نزق "للكاتبة السورية ريتا الحكيم، كان لابد من تفحص محتويات الغلاف، و الفهرس لكونها تشكل "عتبة النص" التي تطلعنا على معلومات قد يراها البعض هامشية ، لكن ستكون لها دلالاتها و وظيفتها في تضاعيف هذا المقال كما سنرى، و نقصد اسم الكاتبة، و جنسيتها، و جنس المكتوب / المقروء، و تاريخ صدوره، و عنوان المجموعة القصصية، و عنوان كل قصة على حدة.
و الملاحظة الرئيسة تكمن في اختيارريتا الحكيم لجنس القصة القصيرة... و هو من أصعب الأجناس الأدبية النثرية/ السردية ـ ذات الأصول الغربية ـ. إذ يعتبرمن الأجناس الأدبية الأكثر تعقيدا، من حيث التعريف، و التصميم، و الكتابة، و اختيارالركائز، و البناء المعماري، و نظريات التلفظ، و اختيار المواضيع و القضايا، و تحقيق القيمة الفنية و الجمالية التي تشكل أهم و أسمى عناصر آفاق انتظارات القارئ من العمل الأدبي عامة، و المجموعة القصصية القصيرة التي نحن بصددها هنا خاصة...والأكثر تعقيدا أيضا، لأن الفضاء / المكان فيها، كما الزمن/ الزمان لا يكتفيان بتأثيث عوالم القصة، بل هما برمزيتهما و إيحاءاتهما، كائنان مؤثران على الشخصيات و الأحداث و القضية (القضايا) المطروحة، و يتأثران بها بشكل حتمي في إطارعلاقة جدلية.. و الأكثر تعقيدا في نفس السياق، كما أشرنا إلى ذلك سابقا يكمن مهارة استعمال تقنية تعددية الأصوات: ـ الأنا ـ الذات الفاعلة أو المفعول بها في القصة القصيرة عند ريتا الحكيم، "أنا" غالبا ما (ي)تكون بصيغة الجمع: "الأنا" ضمير مبهم قد يكون: أنا، و أنت، و أنت، و هو، و هي، و نحن... كما الحدث فيها، ليس مجرد مبرر للسرد و الوصف و الحوار، بل يخدم قضية مطروحة بعيدا عن أساليب المؤرخ و الصحفي و السياسي و المواطن العادي... هي إذا عناصر تتفاعل و تتلاقح فيما بينها، مربط خيلها عقدة محبوكة باحترافية و جمالية، سواء كانت مأساوية، أو كوميدية، أو ميلودرامية، أو عبثية... القفلة وحدها تمكن من تقييم فعاليتها، إما باقتراح حل مفاجئ مريح، أو مستفز، أو محبط... أو حتى عبارة عن اقتراح مفتوح يطالب كل قارئ بإيجاد الحل الذي يناسبه كما تقاليد المسرح البرختي ـ نسبة للكاتب الألماني العالمي بريخت... و الأكثر تعقيدا أخيرا شرط تواجد عنصر التكثيف في القصة القصيرة... و التكثيف لا يعني الكثافة، بل كفاءة القاص ـ ريتا الحكيم في سياقنا هنا ـ على توظيف هادف لأساليب لغوية و أسلوبية و بلاغية دقيقة و جميلة باختزال ما قد تحتويه رواية من مئات الصفحات، في أقل من صفحة أو ما يزيد بقليل...
 3 ـ2- قراءة في العنواين
عنوان المجموعة القصصية ـ نزق ـ ، اسم نكرة بصيغة المفرد.... و كأنه يعني جموح.. لأن المفردتين في معجم اللغة تحيلان ،مصدرا، على جموح / نزق الفرس، و كناية، أو مجازا على: الخفة و الطيش في كل شيئ... و المفردة ـ نزق ـ صفة مشبهة تدل على من طبعه حاد، و سريع الغضب... بهكذا عنوان تدعونا الكاتبة ريتا الحكيم للولوج لمقامات، و لمعالم،و لمتاهات لا نعلم كقراء كيف، و أين، و متى، و عند من، سنكتشف مكامن الطيش و الغضب: في أسلوب الكتابة؟ أم في فضاءات القصة؟ أم في الزمن؟ أم في سلوك شخصية أو شخصيات الخرافة؟ أو لربما في اختيار الحدث / القضية، و تعقيداته و حلها...؟. أو في كل هذه العناصر مجتمعة؟
وبعيدا عن القراءة السطرية  linéaire   وبواسطة مسح-طوبوغرافي – نزولا وصعودا balayage successif و يمكن تصنيف عنواين قصص المجموعة لأربع حقول دلالية champs sémantiques
 اخترنا لها عناوينا تقريبية تفيد مقاربتنا، و تهدف إلى التعريف بعناوين المجموعة القصصية و تقريبها من القارئ.
ـ الحقل الدلالي الأول تحت عنوان: الوجود بقوة اللغة، أو النطق قسرا: و ضم عناوين قصص مثل: 
اعترافات على حافة النزق. ص: 09 ، و إيحاء ص: 44 ، و مونولوج ص: 66 ، و هواجس معلنة ص: 62 ، و ثرثرة ص:75 ، و عندما نطق الحجر ص: 86 ، و لغط ص: 108 إلخ
ـ الحقل الدلالي الثاني تحت عنوان: مسخ الوجود كما في عالم كافكا العبثي الغرائبي: وضم عناوين قصص مثل
ثورة المرايا ص: 18 ، و قيد حياتين ص: 42 ، و عندما تحولت لزرافة ص: 14 ،و عبث ص:110 ، و أطياف ص: 91 ، و تكوينات خفية ص: 05 ، و وجوه ص:29 ، و موت أخضر ص: 23 إلخ...
ـ الحقل الدلالي الثالث تحت عنوان: الوجود و العدم توأم من خلال حرقة أسئلة الكتابة، و ضم عناوين قصص مثل : حقائب غائبة ص: 114 ، و من التراب إلى التراب ص: 33 ، و قرابين ص: 100 ، و موت أخضر ص: 23، و لا حصانة ص: 96 ، و نتوءات ص: 84 ، و انسلاخ ص: 12 ، و عندما سقط الحلم ص: 07 إلخ..
ـ الحقل الدلالي الرابع تحت عنوان: الوجود كتابة بأمل تفاؤل ثوري مغتصب، و ضم عناوين قصص مثل: 
ليلتي الأولى ص:66 ، و قرار صعب ص: 36 ، و بدائل ص: 32 ، و حر ملك ص: 52 ، و تسريبات ص: 118 ، و وشاية ص: 39 ، و معايير ص: 53، و خروقات ص: 81 ، برزخ ص: 27 ، و أطوار ص: 72 ، و إفراج ص: 51  و شرق غرب ص: 25 ، و شاهد عيان ص: 78 ، و هدنة مؤجلة ص: 20
و قد نختزل عناوين الحقول الدلالية الأربعة السالفة الذكر أعلاه، و ربما عنوان المجموعة القصصية كلها في عنوان واحد: هدنة مؤجلة كما عنوان القصة ص: 20... لاحظتم ربما قرائي الكرام، و قراء الكاتبة الأديبة ريتا الحكيم، أني لم أختر عبثا عناوين الحقول الدلالية
الوجود بقوة اللغة أو النطق قسرا، و مسخ الوجود كما في عالم كافكا العبثي الغرائبي، و الوجود و العدم توأم من خلال حرقة أسئلة الكتابة، و الوجود كتابة بأمل تفاؤل ثوري مغتصب... سؤال المكتوب و المقروء في ذات الآن حاضر طوال قراءتنا للمجموعة القصصية للمبدعة الكاتبة السورية ريتا الحكيم... عبر الذاكرة أولا، و المخيلة ثانيا، و اللغة ثالثا، و البلاغة رابعا، و المعيش اليومي خامسا، و الألم / الأمل سادسا، و السؤال الوجودي الأبدي سابعا...
 حرقة سؤال الكتابة في المكتوب / المقروء -4- 
نقرأ:
"
أين هي الآن؟ لم لا تمارس طقوسها المعتادة؟ لم أنا قلق و متوتر هكذا؟ كل هذه الأسئلة أثقلت علي و حشرتني في شهقات غصت به حنجرتي.." ، من قصة "قيد حياتين" ص: 43.
من يتحدث هنا؟ حسب القصة / الخرافة مجرد مراهق ذكر في مونولوج يدور حول مفاتن أنثى... لكن، وراء هذا الصوت، تختبئ الذات الساردة الأنثى / المرأة / الكاتبة ريتا الحكيم لتحول السرد لخطاب، و الخطاب لمونولوج ، و في الكواليس صنعت كتابة حرقة الأسئلة...
و قد يتساءل أحد القراء: و ما علاقة الخطاب في القصة بالسرد؟
الخطاب مجرد تمويه فني، لأنه في طبيعته سرد، لكن بتعدد الأصوات... فالكاتبة عبر قصصها تتقمص عدة أدوار، بصوت الأنثى أحيانا، و بصوت الرجال أحيانا أخرى، بلغة الشر و بلغة الخير، و بلغة اليأس، و بلغة الخلاص... تشاؤما تارة، و تفاؤلا تارة...
و لأن ريتا الحكيم واعية جدا بتحديات و رهانات كتابة القصة القصيرة، دعتنا عبر رسالة غير مباشرة و مشفرة للاحساس بمعاناتها ليس فقط بسبب ما تكابده من قهر في معيشها بل و حتى لما تسرد قصصها:
نقرأ:
"
يتفوه بجمل قصيرة جدا لا تتعدى طول إصبعه الصغرى، بصمت، ثم يبدأ من جديد كمريض يعاني من قصور كلوي، و أنا أستمع لمواجزه في إيصال الشائعة على دفعات، لأفهم ما يريد، كان علي أن أربط الجمل كما ربطت اليوم سيارتي بشاحنة جاري لكي يقلني عند الميكانيكي لاصلاحها..."، من قصة "إيحاء" ص: 44
و تريدنا الكاتبة أن نصدق بأن السرد غائب بحضور الخطاب و لو كان حوارا مع الذات... لكن جمالية كتابتها تجعلنا ندرك سريعا ألا خطاب في قصصها.. الخطاب كما درسناه بين، و السرد كذلك بين، ولو أوهمتنا بعنوان ك "مونولوج" لإحدي قصصها ـ ص: 64
نقرأ:
"
إلتقينا في أطلال حديقة الحي، مجرد حيز مكاني لا يشبه الحديقة في شيء، افترشنا الأرض فوق حجارة من مختلف الأحجام #...# . استأنست بوجوده وسط هذا الخراب، و سألته
ـ من أين أنت؟ و لم أسمع جوابا؛ فسارعت بالرد عنه، لكسر جدار الصمت بيننا.."
هو فعل كتابة و ليس "جدار صمت"، لأن ما من مخاطب أصلا غير الأنا، الذات الساردة، و من ورائها الكاتبة المتخيلة لعالم افتراضي أو موازي هو أصلا من صنع ومضات كالصعقات الكهربائية تصيب الدماغ دون إحراقه...
و الأغرب و الأجمل في كتابة ريتا الحكيم، هي هذه المفارقة المقصودة: رغم إتقان الكاتبة لقواعد كتابة القصة القصير، فهي تجعل القارئ يبحث عن الزمن (الزمن الحقيقي / الزمن الافتراضي / زمن السرد...)، و لا زمن يلقاه غير زمن التلقي، و يبحث عن المكان.. و لا مكان غير فضاء القصة المؤثث بالدموع و الأحلام، و يبحث عن الشخصيات، فلا يجد سوى أطياف أرواح منهزمة مغلوبة عن أمرها... و يبحث عن الحوار، فلا يلاقي سوى صمت بفعل كمامات فوق الأفواه...
للتذكير، "يتكون علم السرد، (كما كتب الدكتور الجيلالي الغرابي في كتابه علم السرد عن شركة دار الأكاديميون للنشر و التوزيع عمان الأردن) من أربعة مكونات، هي الفضاء أو المكان، و الشخصيات، و الزمان، و الوظيفة السردية... تتكامل هذه العناصر، و تتلاحم حتى لا تتمايز بينها، فعلى المستوى النظري فقط، إنها أطراف تذوب في بوتقة واحدة، و يستوجب فهمها و الوقوف على وظائفهان النظر أليها في إطارها الشمولي العام....و الأهم من ذلك ما كتبه عن زمن القصة:
يعتبر الزمان مكونا هاما من مكونات السرد، و يشكل طبيعة العمل، و يحددها، و يؤثر في بقية العناصر الأخرى، و ينعكس عليها...
لذا نتساءل و نحن نعيش زمن الكتابة مع الأديبة ريتا الحكيم، و زمن السرد في قصصها، و زمن الحكايات فيها سردا و وصفا و حوارا، و زمن التلقي / القراءة هنا الآن معها افتراضا... ما كنه كل هذه الأزمنة المجموعة القصصية ـ نزق ـ ... و تجيبنا ريتا الحكيم بصوت غير صوتها، و في زمن خرافي يشبه زمنها، لكن من صنعها: 
نقرأ:
"
قاموس الأحاديث اليومية في بلدة لا يتقن سكانها مهمة سوى الإصغاء، لا بد أن يكون خاليا من علامة استفهام
و نحن كقراء، نقول: مجموعتك القصصية صاحبة الحرف الجميل مبدعتنا ريتا الحكيم: علامة استفهام كبرى تحمل هم وطن، و سؤال حداثة، و إشكالية كتابة..."
لقرائي الكرام، أتمنى قراءة ممتعة للمجوعة القصصية "نزق"، و متمنياتي بالتوفيق و التميز للكاتبة المبدعة ريتا الحكيم و لدار المختار للنشر و التوزيع، و تحايا عطرة للأساذة الكاتبة و المبدعة سعاد العتابي، و الكاتبة الأستاذة ليلى المراني ...
و لنا لقاء
******
ذ. بوزيان موساوي .. كاتب من المغرب