إنطلقَ السهمُ صوبَ الرجلِ الواقفِ بصدرِ الريحِ
جنب البركةِ الصغيرةِ التي يجري ينبوعها بهدوءٍ، لم يُصبْ منه شيئاً، هرعَ الناسُ
وراء السهمِ تاركين الرجلَ يجمع نفسَه وينزل أسفل الطريق، لم يلحقوا به، دارَ
مراتٍ وعادَ الى البستانِ الساكنِ جنبَ الجداولِ، إستقرَّ في قلبِ شجرةٍ كانتْ في
طريقِ الشتاءِ، خرجَ الرجلُ من خلفها متعباً يجرُّ معه أعباء السنين التي كبرتْ
على تجاعيدِ وجهِهِ المضيء رغم الهموم، جلس تحت الشجرةِ ينظرُ الى من حوله، كان
جيبُه مثقلاً بكراتِ الثلجِ، راحَ يرميها في البركةِ ويلامس وجهَ الماءِ بأناملهِ
الحنطيّةِ، سألهُ طفلٌ: أيها الجدّ لماذا هكذا أناملك ؟ إبتسمَ: إنظرْ الى هذا الزرعِ
فمنذ عقودٍ وأنا أعيشُ بين سنابلهِ، أعشقُ جدائلَه أستنشقُ نسائمَه، فأنا فلاحٌ
أنبتُ كالأشجارِ يُفرعُ قلبي كالسنابلِ، أُولدُ في كلّ موسمِ حصادٍ، وما زال
النهرُ يتدفّق في صدري، لكنّي أخشى هذا القادمَ أن يُسدلَ ستائرَ النهرِ بوجهِ
الجداولِ ويتصحرَّ وجهُ الشمسِ وتذوبَ سنابلُ عشقي...
******
عزيز السوداني
العراق
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire
Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.