jeudi 30 avril 2020

خذ إليك // علي الزاهر // المغرب


خذ إليك جذع الصبر ، رويدا ، رويدا
تساقط منه في غيم الحنين
،حروفك الولهى 
،و انسج من رحلة منفاك قصيدا 
...يساقط لحنها ، نغمات على وقع هذا الصمت 
أعد صدى صداك من منفى اغترابك
و اكتب بحبر الصبابة
وهجك المبثوث في ثنايا حزنك
يا صاحبي ، هز إليك الكتاب
يساقط من فحواه مسير خطاك
و على صبوات انتظارك
ودع فؤادك المنسي جوف الغياب
ودع حروف القصيدة خلف اليباب
واغمض في جنح الأنين
،نافذة العشق الأبدي 
فأنت سيد هذا الحضور
هز إليك بجذع القصيدة ، يأتيك
من محال الخطو ، لفح اغترابك
ودع عنك غيم هذي الملامة
،،،معطفا لضيق السؤال 
،يا صاحبي ، هي البيد 
لك الآن باب مشرع للغياب
و للسؤال و تلاوة آي السؤال
،فامخر في رتابة صمتك سفن العبرات
وهز إليك بجدع الكتاب
يساقط منه الحضور ووهج الغياب
دع عنك ملامتي ، كلماتي
وامض على جواد سرابك
هذا الحنين الشاسع ، يفتح هذا الأفق
و هذا الوجع المترامي شهبا
من فلاة الصمت
يا صاحبي ، قل للقبيلة : هذا وجه الغياب
يترصد بي ، حتى أعبر صوتي
و أفتح هذا الأفق ، لصوت العاديات
و صوت الراقصات على جراحات حزنك
مد في غبش الحنين يدا
ليمطر هذا الحرف أغنية أو نشيد غياب
مد يديك المتعبتين وراء النقع
لا تكترث بما وهب الشعراء
من غوايتهم ، لجمع الغرباء
لا تكترث بصراخ امرأة
.لها بين النساء طلع نضيد
فافتح يا سيدي ، ذراعيك
هذي لجج من فيح الرمل
....تسأل الخطو عن مولد العاصفه 





أناشيد للحجارة..// سماح لغريب // الجزائر


.الساعة : منتصف الليل بتوقيت الخراب الذي يسكنني
.المكان : أرض تحتضر
.الزمان : عهد لارحمة فيه
.الشخصيات : أرواح تتلاشى مع خيوط الفجر
.الموسيقى :عواء الريح
.يسمعون حسيسها إنها قرقعة عظامي تكسر
من يرأف بي ؟
من يسعف صوتي المبحوح؟
.زوبعة هائجة ترتمي على جسدي النحيل
.توهمتها ذئبا بات على الطوى
طلب الشياطين لها شايا ...وفتحوا لها النوافذ
حدثوها عن أحلامي ...وعن خجلي
،وأوردتي بقايا دبابيس متناثرة
وبردتي مبللة ...كحجلة مغمغ فرخها
من يشتري منا الحجارة ؟
...طفولتي خطئي
.كل شاشات العالم تعرضني مكسورا حزينا
من يشتري طفولتها؟
..والقبر المفتوح يلوح لي 
..أبوك وأمك هنا
..عصي دمعي ...أيها الجرح
.يهزني التمزق ...فحتى الأقمار لها أنياب تعض
إخواني يطرحون قضية السلاح
!!ويفتحون المراقص لحضور عرس الشيطان
ينادونني الثكلى ...أين أجنحتي ؟
.نهاري بيع للنار واللهيب
همس الجلاد لصاحبه
يجرح الحجر بدمعه
..امنحه منديلا يمسح بها تدفق الحجارة
..مد الجلاد يده يداعب طرف الحبل
لفصل الطين عن الماء
.فانكشفت أكف العار بأناملها فوق الجباه الذليلة



mercredi 29 avril 2020

ذكرى // محمد بوعمران // المغرب



وهي مستلقية على ظهرها فوق سرير نومها حاملة صورة لزوجها الذي غيبه الموت عنها منذ سنوات خلت ...هدوء الليل وسكونه مكنها من استرجاع ذكراه وهي تتأمل صورته الأخيرة التي كان يظهر فيها وهو ينعم بصحة جيدة وفي كامل أناقته ...رجل مربوع القد ..ممتلئ الجسم ...بمحيا تظلله لحية قصيرة بيضاء ورأس يغطيه شعر مبالغ في تقصيره ...وبلباس تقليدي شرقي عبارة عن قميص من النوع الخليجي أبيض اللون...كانت الصورة تخلد لعودته من العمرة ...كانت هي من أخذت له هذه الصورة بهاتفها النقال ونسختها على الورق ووضعتها في اطار جميل احتفاء بهذه المناسبة
تذكرت تلك اللحظة التي صارحها بحقيقة لم تكن تتوقعها ...تلك اللحظة التي قلبت حياتها رأسا عن عقب...حين قال لها
اسمعي يا عائشة ...أنا الآن احس أنني تقدمت في السن ...وانا زرت الديار المقدسة وأعلنت هناك توبتي ولم اعد أستطيع كتمان سري عليك
تذكرت ما دار بينهما من حديث وكأنها تعيش تلك اللحظة من جديد
تذكرت أنها قالت له بالحرف
قل يا عمر ...تحدث...من ذون مقدمات-
ليرد عليها وعيناه في الأرض
-اسمعيني جيدا ...كل ما جمعته من ثروة ومن مال كان مصدره الاتجار في الممنوعات ومن النصب على العباد...نعم كنت مروجا للمخدرات ونصابا خطيرا...فتنتابها موجة من الضحك الهستيري...لتقع أرضا وتفقد الوعي من شدة وطأة الصدمة..وهول المفاجأة
ولم تستيقظ وتعود إلى الوعي إلا حين أحست بقطرات من ماء بارد يرش على وجهها لتفتح عينيها وتجد نفسها بين ذراعيه وهي تنتحب باكية وهو يحاول تهدئتها قائلا
-اهدئي يا عائشة...انا لم أعد كذلك ...أنا تغيرت...وأنت من غيرمجرى حياتي ...انا تبت ياعائشة...تبث
...حينها لم ترد عليه ...لم تعد تقوى على الكلام
تذكرت كل ذلك فانسابت من عينيها قطرات من دمع دافئ
دخلت عليها ابنتها الوحيدة واقتربت منها ...مسحت دمعتها ...قائلة
..الله يرحم أبي ...كان رجلا طيبا...كرس كل حياته لإسعادنا



أمل يسكنني ..// بوعلام حمدوني // المغرب


إن نظمت القصيد
فلن أقصيني
حروف النبل
قـدرت سفر تكويني
لولاه ما ضخت
بالمحبة شراييني
و لا فاح من حول
ضياء الود حناني
الوئام رياض
أينعت بتربته رياحيني
أرسمه على خد
المدى أهازيج ألحاني
مـا كنت قبله
أترجل مخيلة جنوني
أتوق دوما
لبريق نبل شعر يغريني
و نجم السمو
يصغي لآهات تلتحفني
عزيمة المنى
أنارت شعـري و قافيتي
بإيقاع خطى
الحرية تلهم موازيني
الفجر المقبل
من كومة الأيام يلهمني
و الصدر يهتز
مفتون الأمل يضورني
بنسيم رق التغيير
الآتي يفتن حنيني
ما زال عطر البراءة
فواحا بثنايا تطلعاتي
ممدود كل حين
على نغمات أنيني
الشعر أمل الغد
و نار غضب براكيني
و القلب مضطرب
بتراتيل الأماني
نبضه مبتسم
يشرق لأمان موطني
أشرقت حروفه
رعشات في بدني
تنفخ وميض
الروح في أحلامي
على مدى الود
بالأحباب تجمعني
و الوئام بالالتزام
من الوحدة يعفيني
عهد المبادئ الكريمة
يحيي سنيني
كعزف ناي مرتجف
الصدى يشجيني
الأمل حمر المحيا
بالفجر يؤنسني
فترت أنواره
انتظارا من الحزن يعريني
أنا هنا
عاشق الود و المحبة أنثرني
من أنين دموع
براءة حنت تبكيني
ألتزم بنصرة
حق العيش بحبر دمي
شيب الأيام
المظلمة لن يطوي عزيمتي
و لن أنحني
.لعتمة صمت يعذبني



أعيريني انتباهك // روضة بوسليمي // تونس


    حتّى طينتك دافئة لينة...
    حتى أنّكِ كالمطر
    تمسحين عنّي غبار الحياة
    وجهكِ مشرق كقصيدة
    و صاف كالغدير
    حتّى أنّك قريبة كغيمة
    أقول ذلك لأنّي عاشق ولهان
    ولأنّني خبير في صنوف القصائد
    و من آيات خبراتي
    أنّي أرى كلّ حاجب
    كمهنّد ...كحسام
    تزهر في عينيك
    الكلمات الصّامتات
    تأخذني إلى هضاب مبتسمات
    أو وهاد معشّبات
    أو إلى الوادي المقدّس النّضير
    حيث ورد نيسان الأحمر... /
    هناك...!!!
    أراك تريحين قدميك على حافة النّهر
    فيبوس الماء الوسيم
    باطني قدميك
    و النّسائم الخضراء
    تبعثر شعرك
    حتّى أنّي ارى القصائد
    تترنّح ناضجات
    فيتدلّى الشّعر عناقيد
    تقطر سكّرا
    فتتقافز الكلمات
    كأسماك تفرّ إلى جدول
    و يتمرّد الشّوق عنيدا
    حتى أنّك مشدوهة بلا حراك
    تستعذبين حكايات زخات المطر
    وقوس حاجبيك
    يسدّد نبال شغب صارخ
    فتتراجع جحافل الخجل
    على عجل
    أراك تمدين يديك على استحياء
    تلتهمين قشطة غيماتي بنهم
    و اراني لا أعترض بالفطرة
    فأتمتم بهرطقاتي على رأسك العليلة
    ادعو لك بالشفاء /
    وأرجو لو أهديك
    عقدا من نوتات الموسيقى
    و أساور من درّ الكلمات
    و قطعا من ايقاعات صاخبات.



    L’image contient peut-être : oiseau




mardi 28 avril 2020

يا لائمي في الهوى ..// لطيفة الأعكل // المغرب


يـا لآئِمي في الهوى
إنّ الهوى شغف
وإنّ مَن لَم ينبض قلبُه
أوْ يعشق
لا ولن يَثمل وجدانه
من سكرة الـشّغف
إذا النّور فـي سماء الوجد
تَجَلّى .. و أشْرق
بات الشّوق إلى المحبوب
مُنتهى الرّجاء
وأشْرقت الروح في رحابه
صلاةً.. وتهجّدا
فيا قلب بِـلذّةِ فرحٍ
..إنّ الـنُّور ضِـيـاءْ 
******
نص وجداني صوفي*



همس الليل // عبد الله التويس أبو فيروز // المغرب



ويحمل وزر القعم
كتاب تتلوه صفحات الهشيم
فكر يغتني من إبط الليل
وعقل يلتحي للجحيم
تلطخت رقعة البياض
شمس تصحو
والظلام غنوة زنيم
يرعى وروداً
وتمائم تزرع سراب النعيم
تشجّرت البضاعة
والأكلة في مرقهم يلعقون
كنت قابلاً للامتداد
الفعل يحثو المدى
وأنا رهينة ممشاي
عاديت هواي
ومنه هويت إلى منبت خطاي
أشتم عرق الحرف
ومن عين الدواة
أشرب متن الغوص
ترياقاً
يقيني تورم الانتفاخ
بين وعي واللاوعي
محطة تستقبلني
وأنا أسير كنانيش الجدل
أنتشلني من غمرة الشرود
وارضع إدراكاً
يفقدني وعي الإدراك
حاضت بسمتي وهي بكر
الفعل يرعاني مضارعاً
وأنا مصلوب بين الماء والماء
الجزر يغنيني موجاً متصلا
النهاية حامل
والولادة
سؤال يعشق المخاض
يحملني قارباً دون مجاديف
واللون الأزرق يسدل خاتمة الرحلة
ولا مخيط أرتق به المشهد
إلا زفيراً
يذكرني بالاستقاظ
أجدني أحمل فسيلة حلم
أثقلَت فلكي
ولا مكان في خريطتي
تحضن تربته الغرس
قد أعزني طول الانتظار
وما تعبت من الحلم
لولا دفئ الشروق وعشق المطر
..لاحتنكت الصمت في مقبرة الغياب



حوار مع سيدة القلب // طاهر مصطفى // العراق


...يا سيدتي 
أسمع همسات صوتك
هوس الحب وجنونه يصيبني
وحين أتنفس عطرك
رائحته ورد وياسمين
حينها تنتعش كلماتي
بين حروف شعري وعقلي
بين قلمي وأصابعي
بين غضبي وهدوئي
بين وسادتي وأحلامي
مابين وطني وعمري
مابين قلبي وخطوط عينيك
أعلم أني سائر إلى حتفي
وفي عينيك عنواني
...يا سيدتي 
كيف أنتظر كلمة الوداع
والحب ينتظر إيقاظ العشاق
تموت الأسماء والكلمة والأغنية
وننتظر في المساء قبلة الوداع
أفتش في عينيك الكلمات
هي عشق وصلاة
آه زنبقة الفجر
الطيور تغني لأجلك
الفجر فضح شوقي للربيع
عيناك الطامحتان لضوء الشمس
أنشودة عشق وحكاية ماضي
غنوه ترتل أنفاسك في صحراء سنابل
فتنبت الأشجار في حقلي
القلب ينزف عطراً
وواحة الحب تخشى الفراق
لحني يصبح ترنيمة عشق
من احتراق ليالي الألم
فكيف أنتظر كلمة وداع
...يا سيدتي 
طريق شواطئ مهجورة
وقدري وجدران عمري المرسوم
ورياح حزني تبحث
عن قطعة أرض تحويني
وكتاب عمري
يقلب صفحات الأمس
إحساس بالوحدة يبكيني
فتمطر الغيوم
وأمسك ورد العشق بيدي
وأتنفس رائحة أنفاسك
معطرة بورد الياسمين
تخونني قواي
وأسقط على الأرض
وأكتب فوق الرمال بأناملي
خطواتك بدقة متناهية
وسنوات عمري
.ورؤية وجهك قبل موتي




سليمان // أحمد البحيري // مصر


كنت تفكر فيه لما بان
يمشي بمنسأته ويذكر رد سؤال المال
ثم ابتسم وقطع الدرب إليك
كنت تواري المسبحة خلف الظهر
،وتسبح رب العرش
.حيث الوقت أوان غروب
:قال وبسمته تداوي كروب
هل ضحك عليك الشيطان؛ فغبت ثلاث؟
قلت و كيف يكون الشيطان غريمي وأنت زعيمي؟
قال أتسألني؟
.قلت ارتحل السر وشغر مكاني
قال وهل تحسب أن يخفي علي دقائق أمرك؟
كنت أود الإطمئنان
جاء الهدهد بسحابات العلم ونذر الأموال
هل يشغلك عطاء بعد رجوعك نطفة في رحم الأقدار؟
لا تسألني وارجع للثكلى وبنت اليتم وحر النار
،مقدورك أن تهجر كل بهارج تلك الدنيا
.ولا تبتهج النفس بغير بلوغ الأسرار
،وإذا شئت ركوب الريح
فخذ بالعزم وخلي الرخص لصخب الفتيان
،مقدورك أن تبقى بنهر فتون،
،وتهد المستكبر
وتحرر أوهام الدهماء من الشيطان

.وتحرر أوهام الدهماء من الشيطان



lundi 27 avril 2020

نواعير الشوق // أحمد خلف نشمي // العراق


نواعير الشوق
تدلي دلوها في الذكريات
تبحث في سراديب الهيام
عن تلك النظرات
وتأخذني رويدا
إلى المشهد الأخير
فيضيق المكان
وتنزفني الجدران
وتشدني من وادي الصمت
صيحة
تقرب الخطوات
توقظ في أزقة الغياب
أماني محنطة في غرف الانتظار
من قال قد نالني النسيان
مازالت نواعير الشوق
تذرف وجدا
بين شقوق أرضي المتعطشه
.وإن جفت سماء اللقاء



حبك آخر أمنياتي ..// توفيق ركضان القنيطري // المغرب


حبيبتي
همساتك العاشقة
نُسيمات منعشة
تهب على هجير وحدتي
كل مساء
تتدفق كحبيبات الندى
تعانق برقة أزهار الروح
فتنثر شذاها
في كل الأرجاء
هل تعلمين
أن حبك آخر أمنياتي
بمحراب الهوى
أنتِ ثمرة المناجاة
وفاكهة الرجاء
تسللي إلى ربوع قلبي
كفراشة زاهية
وانثري براعم الخصب
وضعي هناك وشم الوفاء
كوني غيمة عشق ماطرة
واهطلي على صحرائي
زخات هيام
لتزهر ورود مشاعري بالبهاء
تهادي في عالمي
كألوان قوس قزح
لتحلق فوق دوحتي
حمائم الفرح
وتؤنسني بوميضها
في عتمة ليلي
نجيمات السماء
دثريني بنعومة رمشيك
وعتقي لي نبيذ الكرز من شفتيك
وجودي علي بحبات الرمان من خديك
وأرجحي روحي بين ضفيرتيك
واكتمي بدفء حضنك
صهيل رغباتي الهوجاء
جرديني من بربريتي
حطمي كل أسلحتي
امسحي ذاكرتي
أعيدي تشكيل خارطة جسدي
أزيلي عني أوراق التوت
إِرْوِ ظمئي
واغتالي من تاريخي القديم
كل النساء
أغرقيني في بحر عينيك
واجعلي منفاي الدائم بين ذراعيك
و ترنمي لي بترانيم الحلول والتجلي
فأنا في حبك صوفي
ضل الطريق
أهفو لسكينة الاعتكاف
ونشوة الانزواء
عوذيني بالند والبخور
احضنيني بحنانك كعصفور
حاصريني من عينيك بذاك النور
وحُفِّيني بابتسامات البهجة والسرور
.فهي لجراحي البلسم الشافي و أحلى الدواء




dimanche 26 avril 2020

بكل ثمن ........ معك ياوطن // أحمد ابويبس // المغرب


...قال : نسيتْ........ قلت:ـ ما نسيتْ
قال :ـ نسيتَ أن الشتا جَـثَا ناسكا فوق حريق، بلا حطبِ
،والصيف صاغَ الصقيع يختال الوفَا في أهبةٍ للهرب
وأنت ماض في النوى تشدو الدّوَى في منبعِ الشمس والشُّهُبِ
قلت:ـ طيِّب....لكن،ما نسيتُ أني من صلب وطن حبيبِ، فاتن العُجْم والعرب
...صفْـوُ البلدان، ........زهْـوُ الألوان
فليعش نديا، يَصْفُ الردى فيه كالذهب
.....قال: ــ .....دعك تطحن المساحيق خمرا، وتشْـتَـمُّ الأعاصير عطرا
.....ياخفيف الرجولة والشنبِ
قلت :ـ ليت الآهات تصرَّفت لوحدها دون إذني، فشكَـتْـكَ اللهَ غيضا ببُكاءِ نحِبِ
قال :سَلْـهُ إذن عن رائحة المطر ،عن نغمة الوتر
ها هي حادَتْ مسَارَك، شقَّت وَقارَك... مزقت أغصان الحنايا بالهوس والعطبِ
:قلت :سأريك :ـ فدَعْنِي وشأني ، واسمع ياقليل الأدب
:سأنشده بشارة الخير:جنانُ تمُورٍ رُطَبِ
!ـ أيا أريج الود ، يا سَنَدي
أشهق النهار فيك ياحسبي
أزفر الظلام أشلاء بلا أربِ
 :فأينك ؟ ـ ما بخلتَ يوما عن طلبِ
ــ أسقني كأس غناء ، وطبْطِبْ على كتفي بريش ثناء وَهِبِ
ـ ها الشمعُ انتفى تحت خمائل الأمطار
،والنور انقشع بعيدا عن خيمة النهار
...والغمُّ أدمى القوارير وأضحى جاثما على قلب حارق كاللهب
،ـ أيا حقول الشهوة اُرقُصِي
،فَضفِضِي.......فالأحباب ناموا في غواصة المسار
رجاءً...اُدْهِـنِـيني وميضاً دافئا ممزوجا بسوائل المحار
فالقلب أضحى يابسا ..... ما استطاع انصهارا في الغيوم ولا السُّحُب
........... ..........
الروح انكمشت وغاب النغم...الصمت اشتاق للمدائح والدّعَمْ
والسكينة اشتهت الشدى ....توزعت أثيرا فوق ربوة النِّعَـم
....فَـــآهٍ يا وَصْل !! اليومَ أستجديكَ حبّاً في الأهل والقُرُبِ
....بالله يا موطن الأجداد: احضُـنِّي بالغفران ، ودثِّرْنِي بأغصان الثوار
اُسقُطْ يا مطر، اغسل أثاثي ، ورمِّمْ أعضائي بسفايف النوار
......فالذاريات باقيات ،والأمل مأمول لم يَخْـبُ ولم يَغِـبِ




قراءة نقدية في رواية "مقاش" للكاتبة الفلسطينية سهام سليمان خليل // خالد بوزيان موساوي // المغرب



قراءة نقدية في رواية "مقاش" للكاتبة الفلسطينية سهام سليمان اخليل (سهام أبو عواد)
تجت عنوان: "وعيُ الذات النّسائية الفلسطينية: "لذة النص"/ "عنف النص" الروائي بين الواقعية و الفانتاستيك"
*******
:توطئة
أ ـ بطاقة تعريف: "مقاش" عنوان رواية للكاتبة الروائية الفلسطينية سهام سليمان أخليل ( سهام أبو عواد). الكتاب من الحجم المتوسط (156 صفحة). صدر عن "دار دجلة، ناشرون و موزعون"، عمان/ الأردن (الطبعة الرابعة 2017). تصميم الغلاف: محمد خضير. الأردن
:ج ـ حيثيات منهجية: لماذا تمّ اختيار مقاربة الرواية تحت هذا العنوان
"وعيُ الذات النّسائية الفلسطينية: "لذة النص"/ "عنف النص" الروائي بين الواقعية و الفانتاستيك".؟
نقرأ في عمق الرواية:"طفولتنا مختلفة (...) طفولة لا تملك دمية، لكنها تملك قضية." (ص. 24)؛ و "مقاش" رواية "غضب" يسكن الذات كما مصير/ قدر محتوم: "ثورة مُستدامة" لأجل قضية "أمّ" هي الأرض، هي الوطن، هي فلسطين؛ نقرأ
"تغتالني رؤية وطني على هذا الحال، و عيون الأطفال الحائرة تهزمُ روحي،و أستشيطُ غضبا كاّم رأيتُ كم هي مستباحةُ أجسادنا و كرامتنا و أرضنا. صوّر تتكذّس كلّ لحظة في دماغي، حتى ظننتُ أنّ ذاكرتي ستخرجُ يوما عن طورِها... فترفُضني ! لكن، ما بيدي حيلة، فأنا لا اركض وراء تلك الصّور؛ بل هي من يسبح في ذاكرة حياتي اليومية..." (ص. 44
هي إذن "رواية القضية" (Roman à thèse) و غالبا ما يتعامل معظم النقاد مع هذا النوع من الكتابة الأدبية على أنها "وثائقية" (documentaire)، أو "ملتزمة" (engagée)، أو حتى "راكبة موج" (embarquée على حدّ تعبير الكاتب الوجودي ألبير كامي). فيهيمنُ الاهتمام بالمضمون كأفكار و مشاعر و مواقف على حساب جمالية الكتابة الفنية الأدبية التي تُميّزُ "جنس الرواية" كعمل أدبي عن كتب التاريخ أو الفلسفة أو علم الاجتماع أوعلم النفس، أو السياسة أو الإعلام، إلخ... لذا ركّزنا عنوان هذه القراءة النقدية التطبيقية في رواية "مقاش" على المتن باعتباره نصّا/ مقروءا في أبعاده الفنية الجمالية ، نستأنس بِمقولتَيْ "لذة (أو متعة) النص" (Le plaisir du texte كما سمّاها رولان بارت)، و "عنف النص" كما في النظريات الحديثة ل "تحليل الخطاب" (محاضرات جون لانغواي أوسطين نموذجا)، و عند ريفاتير
و استأنسنا كذلك بوعي الروائية سهام أبو عواد نفسها بأن عملها الروائي "مقاش" أدبيّ محض؛ الرواية وُلِدَت بعد "مخاض" متأثرة بشعراء "الغربة" و "الاغتراب" نقرأ
"أصِبتُ حينها بصداع غريب، لمْ يكن عارضا أو بردا أو حتى ألما من ضرس سيفارقني، بل كانت طفلتي التي أظنّها قد دخلت مرحلة مخاض الخروج؛ فأدخلتني عوالم الشعر و الشعراء الذين احتجزتهم الغربة على حدود الوطن..." (ص. 14)
هو إذن سؤال "الشعرية" (La poétique)، كما جاء عند تودوروف، و تعني في نظره " تلك الخصائص المجرّدة التي تصنع فرادة الحدث الأدبي أي الأدبية..."؛ و سؤال "الأدبية" (La littérarité) كما طرحه ياكوبسون ، و هي تعني حسب تصوّره "كلّ ما يجعل من عمل معيّن عملا أدبيا...".
لذا، ستكون قراءتنا هنا مقاربة توفيقية/ مندمجة، تُعنَى في ذات الآن (دون عزلهما) بالمضمون (وعيُ الذات النّسائية الفلسطينية تحت الاحتلال الصهيوني)، و بالشكل ("لذة النص"/ "عنف النص" الروائي بين الواقعية و الفانتاستيك")، عبر ثلاثة محاور: نُسمّي الأول "سينوبسيس" (Synopsis)، و الثاني: تدوين السيرة الذاتية تصوير لواقع شبيه بعوالم الكتابة العجائبية (fantastique )، و الثالث: السرد بين جمالية اللغة و عنف الخطاب
1 ـ "سينوبسيس" (Synopsis): هو مصطلح خاص بلغة أشرطة السينما، و يعني "ملخّص" الفيلم. و استعرنا هذا المصطلح لأن جانب مهمّ من تقنيات الكتابة الفنية في رواية "مقاش" يُشبه إلى حدّ بعيد تقنيات كتابة "سيناريوهات" الأفلام؛ منها هذه العتبات
أ ـ اختيار العنوان: عنوان يثير فضول القارئ/ المشاهد... إذ قد يتساءل أغلب القراء في الوطن العربي و خارجه عن معنى العنوان (يبدو غريبا و غامضا لغير العارفين بالثقافة الشعبية للفلسطينيين). فضول قد يدفع بالقارئ (أو بالمشاهد لفيلم) للبحث عن المعنى و حتى عن دلالاته المجازية و الرمزية
تعني مفردة "مقاش": "قصعة الطعام الموزع على السجناء/ السجينات"... العنوان وحده إذن شبه إعلان عن تحديد "فضاء" الرواية، و أبعادها الدراميّة، كما يجعل القارئ يطرح مجموعة فرضيات قراءة تترقب إشباع فضول آفاق انتظارات ممكنة... و سنستدرك في تضاعيف الرواية أن "مقاش" يتجاوز في دلالاته الرمزية فضاء "السجن" بمعناه اللفظي المتداول، ليتم تعميمه على كلّ فضاءات الرواية، و كأن الوطن كلّه "سجن كبير" في ظلّ الاحتلال الاسرائيلي الصهيوني؛ نقرأ
ـ بخصوص "الوطن/ السجن": "أصبح الحكم بالسجن، ساري المفعول علينا: كما هو عليها (الأمّ) فهي تنفّذه فعليا، و نحن نعيشه مع وقف التنفيذ، و جميعنا نحمل علامة "... "بينجو"... " (ص. 45) ( "بينجو" تعني باللغة العبرية "مطلوب و مستباح") ÷وامش. ص 45).
ـ بخصوص معنى "مقاش": "كانت السّجانة تجلب لنا "المقاش" محملا بوجبة الغذاء التي غالبا ما تكون من الأرز و الفصولياء البيضاء..." (ص. 101)
ـ و بخصوص رمزيته: "لم يكن يستوقفنا شيء (سهام و مها) سوى رائحة الطعام المنبعثة من بيوت الجيران، تلك الرائحة؛ كانت تساويني بها، فيصبح عمري خمسة أعوام (بدل 14 سنة آنذاك) ! لذا، كنّا نثب معا لنتسلق شبابيك البيوت، ليس فقط لأننا جائعتان؛ بل لهفة في استشعار ذلك الدفء من خلف الجيران، فرائحة الطعام تعني أنّ هناك أمًّا داخل البيت، و أنّ هناك أسرة..." (ص. 43)
ب ـ " الجنيريك": مصطلح آخر ينتمي لمعجم السينما، و بالتالي كتابة "السيناريوهات"، و "يتعلق بتحديد جميع المساهمين في العمل السينمائي في بداية الفيلم وفي نهايته، وترفقه موسيقى تصويرية..."
تم ّ استعمال ما يُشبه هذه التقنية في رواية "مقاش" باستحضار ثلاثة عناصر
ـ عرض خطاطة أولية جد مختصرة للوحدات الثلاث للرواية (الزمن و المكان و الشخصيات) و الآفاق المأساوية
"في الصفحة الأولى؛ رسمتُ وجهَ أمّي، و هو يرقبُ الشمس، و تحت ظلّها، رسمتُ بيتا صغيرا و حقلا، في باحته الخلفية؛ لوّنتُ الابتسامة بثغور إخوتي، و جدلتُ الغيماتِ الجميلاتِ لتصبحَ سلّما للأحلام/ السماء، و جلستُ أرقبُها من بعيد و هي تنتشر في خيلتي كالنجمات، و ما إن فرغتُ حتى سالت الألوان كالدماء..." (ص. 19)
ـ توظيف تقنية "الفلاش باك": من 2013/2014 ؛ تاريخ خروج الرواية للوجود إلى سنة 1982 (المصادفة للأحداث المأساوية ل "صبرا و شاتيلا)، أي إلى ذكرى "اعتقال الأمّ"، و "اغتيال طفولة" سهام (ذات 14 ربيعا حينها) لتصبح أمّا لأختها مها (خمس سنوات)؛ تقنية اختصرت "آفاق الانتظار" بمفردتين صغيرتين في الحجم، ضخمتين عميقتين من حيث الدلالة: "آه"، و "لَوْ"
"ما زلتْ تلك الطفلة الأمّ تحيا داخل جسدي الأربعينيّ و قلبيَ يعود بها إلى الوراء مُحمّلا بألفِ آهٍ و ألف لَوْ..." (ص. 11)
ـ "أغنية جنريك الرواية": أو تصميم "مِعمار الرواية" بتقنية "المونتاج الدائري"
و يعني "المونتاج الدائري" (في لغة السينما): تقنية ربط بداية الحكاية بنهايتها، موازاة مع "المونتاج التعاقبي" الذي يأخذ بعين الاعتبار التسلسل الزمني المنطقي للأحداث
تبدأ رواية "مقاش" من حيث تنتهي بقصيدة الشاعر الفلسطيني/ الأردني محمد خضير : قصيدة "يا وجه أمّي" (من ديوان "قلب قزح" غناء وألحان الفنان كمال خليل، فرقة بلدنا..)؛ تفتتح بها الروائية سهام رواية "مقاش" (ص . 13 و 14)، لتنهيها بها؛ نقرأ:
"... فتفيض بي الذكريات لأدرك أن حكايتي لا تنتهي إلا بانتهاء الاحتلال، فأعود حيث ابتدأت القصة و أرتّل على مهلٍ ما قاله الشاعر محمد خضير
يا وجه أمّي
هذه القسمات منفى
(...)
أي ضاد
في نحول الحرف يكفي
!كي يصير الشعر صوتَ البندقية
يا وجه أمّي
من سِواك؟"
2 ـ تدوين السيرة الذاتية تصويرً لواقع شبيه بعوالم الكتابة العجائبية (fantastique )
يستوجب السياق التوقف عند عدة تقنيات سردية درامية تقايض عوالم الواقع المأساوي بعوالم تشبه الأحلام لا نشاهدها غالبا سوى في أعتى كوابيسنا (أو في أفلام رعب هوليودية)، نقتصر (لقصر المجال) على بعض تمظهراتها كنماذج جد صارخة في رواية "مقاش"
أ ـ عن الحدث الرئيس كمعطى واقعي أليم
على غير ما اعتدنا قراءته في الجنس الروائي، اقتصرت الروائية سهام أبو عواد في "مقاش" على حدث درامي رئيس واحد: اعتقال الأمّ (هو الحدث و القضية) داخل فضاء "سجن واحد كبير" بثلاثة أسماء: المعتقلات الاسرائيلية الصهيونية، و بيت الأسرة في غياب الأمّ، و الوطن المُحتلّ: فلسطين... و ربّما انتبهت الروائية سهام أبو عواد لهذا المُعطى المتمرّد على المألوف في جنس الرواية: تعدّد الأحداث داخل "حبكة" روائية واحدة، لذا كتبت (في تضاعيف روايتها) ما يشبه الاجابة بالتلميح ما مفاده: إن لا حَدثَ أهمّ و أخطر ليستأثر بفضاء رواية أكثر من "اعتقال أمّ فلسطينية" من لَدُنِ" العدوّ الصهيوني، و لا قضية تعلو على قضية أرض محتلّة/ مغتصبة؛ نقرأ
"في الروايات، يمكن للراوي أن يسرد الحكاية على عجل ! و في روايتها (الأمّ)، يتوقف دولاب الأيام عند كل صغيرة و كبيرة لنعاود الوقوع في الأسر للمرّة الألف، حتى غدت حكاية "الأسر و السجن" مثل ظلّ لا تغيب شمسه ! (ص. 52) (...) فقد هبطتُ إلى الأرض من قمّة هي أمٌّ تعالتْ على الألم و الخوف و الحاجة و القهر و السجن و الحياة، و تعالتْ حتى على الموت، أمٌّ ما زالت بعيدة و رهن الاعتقال، أمٌّ لم تُخلَق لتكون مُكَبَلة داخل سجن عسكري !..." (ص. 53)
واقعية أغرب من الخيال، لذا يتجدّد السّرد و كأننا أمام مشاهد من قصة الخيال الغرائبي/ العجائبي/ العبثي
ب ـ الانتقال بالواقع العبثي المأساوي إلى عالم الفانتاستيك
و أهم تجلياته شخصية "الطفلة الأم": من روائع الصّور التي أبدعتها سهام أبو عواد شخصية "الأم الطفلة"؛ نقرأ
"لم يطل الوقت حتى اكتشف الجميع أن هناك طفلة تعيش في داخلي، طفلة تحمل حكاية من فلسطين... (ص. 11) (...) أطلّتْ هذه الطفلة من شرفة جبيني بِخِفّة (...) أسدلتُ لها أهدابي مِثلَ سُلّمٍ كي تهبط إلى الحياة، لكنها أمسكتْ بشرفة جبيني، و بتردّد أخرجتْ قَدَماً واحدةً لمستْ بها الأرض المبلّلة بالمطر، ارتعدتْ، ثمّ أعادتها إلى داخل رأسي..." (ص. 12)
الطفلة ليست ابنة "سهام" الكاتبة/ الساردة/ البطلة... هي ليست أختها "مها" التي منها تعلّمتْ أن تصبح أمًّا حين احتضنتها حين اعتقل العدوّ أمّها:؛ أمومة غير متوقّعة استفزّت سؤالا وجوديا حائرا " سؤال صغير مزقني إلى نصفين (...) طحن تحت قدميه طفولتي التي صار عليها أن تحمل عبء تربية طفلة أخرى. هي أختي الصغرى "مها"، طفولة كانت قبل قليل في عهدة القدر، فصارت في عهدة ابتسامة أمّي التي ودّعتها قبل لحظات، لأدرك تماما أنني أصبحت كبيرة، فهل أنا كبرتُ فعلا؟..." (ص. 39)
هي "أمينة سرّ" الحكاية، هي الطفلة سهام التي ما كبرت بدواخل سهام المرأة الأربعينية، هي الأمّ "فاطمة" المُعتقَلة/ القضية/ الوطن
"تلك الأسرار و التمتمات؛ جندتني لأكون على قدر من المسؤولية، فشكّلتْ لي ذاتي الجديدة، و أعلمتني عني ما لم أكن أعلمه، و روّضت لي جسدي الصغير على فنّ التعامل مع المتغيّرات كي لا أخيب ظن أمي التي باتتْ تحمل ملامح الوطن..." (ص. 55).... هي الحكاية (رواية "مقاش") التي رفضت أن تولد إلا على تضاريس تشبه جغرافية وطنها؛ و لم تنفكّ عقدة اللسان لتولد الرواية، إلا على أرض الأردن، وليس في المنفى (لندن)
"سارعت "لينا" (طبيبة نفسانية لبنانية تشتغل في لندن) لتبتاع لي قلما جميلا، و دفترا مرقّطا، قائلة: ـ نحن نثق بك، و سنُدلّلُ لكِ كلّ صعب حتى تخرج هذه الطفلة الخائفة من أسرها (ص. 11 ) (...) أخرجت (الطفلة) قدما واحدة لمستْ بها الأرض المُبَلّلة بالمطر، ارتعدتْ، ثمّ أعادتها إلى داخل رأسي (ص. 12) (...) يمضي صيف 2013 ثقيلا على طفلتي التي سافرت معي مرّات و مرّات إلى فلسطين، و كانت في كلّ مرّة تؤجّج شوقها لتخرج من عنق جبيني، إلى أن عادت معي في ليلة شتوية أعتاب سنة 2014 إلى عمّان (ص. 13) (...) ومن مبنى "رابطة الكُتّاب الأردنيين" (...) خرجتْ (الطفلة/ الرواية) كاملة الموت و الولادة، فنالَ الموتُ منها حظّه... و الحياة حظّها. ص. 15
 ـ  3السرد بين جمالية اللغة و عنف الخطاب
هو صراع بين الموت و الولادة و الحياة تمّ اختزاله بين "ألف آهٍ"، و "ألف لَوْ"؛ و الصراع لا يخلو من عنف. و في رواية "مقاش" لسهام أبو عواد هو "عنف خطاب"، اكْتَوى حتى النخاع ب "عنف الأسر" تحت كمامات الاحتلال الاسرائيلي الصهيوني الغاشم...
"عنف خطاب" تفرضهُ قداسة قضية، و نداء وطن؛ نقرأ:
"ففي الوطن المُحتَلّ، يعلق صدى الضحكات أعلى الجبال، و في التلال و الشواطئ (...) فتُردّدُهُ على مسامعنا كواجب وطنيّ كيْ لا ننساه، فذاكرة الوطن مناضلة أيضا و لا تخرج عنِ النّص إلا إذا تلَعْثمَ النّص... (...) لأننا لا نكتبُ الوصايا، فلا وصيّة لنا ما دمنا جميعا مشاريع شهادة..." (ص. 61)
هو "عنف مضادّ" يُوَلّدُ عنف المُعتدي: لم تكتسب "سهام" الروائية/ الساردة/ الشخصية سلوكيات العنف بالفطرة، و لا بتربية ذويها (أمها على وجه التحديد)؛ نقرأ
"مهد طفولتنا دائما كان محاطا بالدّمى و الألعاب الجميلة، و لمْ تُحِطْهُ أمّي بالخوف؛ فهي لم تقتنِ يوما كِتابا عن الغول أو الوحش، و لمْ تسرد لنا الحكايات المخيفة، بلْ كانت حكايات نومنا في حضنها عن الأميرات و الأبطال (...) عن حبّ يملأ الكوْن أملا... (ص. 20
عنف ليس فطريا حتى أبدا و ليس لا من شِيّم الإنسان (ولو كان عدوّا) و لا حتى من طبائع الحيوان
"كلب قبيح (كلب الضابط الاسرائيلي)، كلب نسيّ بأنه حيوان جميل بالفطرة، فتقلّدَ دور الكلب المحتلّ تماما مثل ما نسيّ "الكابتن فريد" (الاسرائيلي الذي اعتقل الأم فاطمة) كلّ إنسانيته... (ص. 31)
و حين يُوَلّدُ "العنف" "عنفا مُضادّا"، كانت "سهام" (الكاتبة/ الطفلة/ الأمّ) تتسلّح في خالات غضبها ب "سلاح الابتسامة" كما علّمَتها أمّها (فاطمة)
"تعلّمتُ دائما أن الغضب قد يحمل خنجرا أو سيف أو حتى بندقية ! لكن لم أدرك أن هناك نوعا من الغضب يحمل ابتسامة ! فكثيرا ما تزيّن ثغر أمّي بابتسامة مبهتة علقت بذاكرتي و بذاكرة المكان، و أظنّها أصابتني عدواها..." (ص. 54)
و لا يتوقّف الاصرار عند المواجهة، او عند النضال السّري، أو عند الكتابة... بل يتحوّل إلى إيمان بحتمية تحقيق المصير
"هذه هي البداية فقط، و إنّكَ (العدوّ) قد تسرق أمّي لبعض الوقت لكنّها ستعودُ لي يوما ما، لأنها لي." (ص. 32)
و قبل أن يتجدد لقاؤنا أعزائي القراء مع نافذة النقد، أوصي بقراءة رواية "مقاش" للمبدعة الفلسطينية سهام أبو عواد: تستحق القراءة
 مع تحيات الأستاذ بوزيان موساوي ونافذة النقد




samedi 25 avril 2020

السماء // يونان هومة // سوريا

 السماء
تلمع بالنجوم
وقلبي في غيبوبة حب لا متناهية
تصطادني الذكرى
وأنا أتنفّس الألم من كلّ جوانبه
لغة الأيام
بتُّ لا أعرفها
تسري قشعريرة قوية في جسدي
لكنّي لا أستطيع كبح جماح رغبتي
أستيقظ ووسادتي مبلّلة بدموع العذاب
وطني المعروف بضحكته
لم يعد كما كان
يوم كنا أطفالا
نتمرّغ بالتراب
ونلعب الغميضة
وبالطائرة الورقية
هل يعلم كم أحبّه
أم أنَّ الزمان غيّر مجرى الحياة
تسعفني عيناه
وأنا في خضمّ الأوجاع
أصرخ
كم أحبّك يا وطن المجد.


vendredi 24 avril 2020

جامعتي عوالم دفء // كامل عبد الحسين الكعبي // العراق


كَمْ كنتُ ظمآنَ أشكو انخفاض مناسيبِ المشاعرِ عبرَ سني المحولِ حتىٰ مرّ نسيمُ الوَلَهِ فداعبَ خصلات الحنينِ وهدهدَ مهدَ لواعجي الحزينةِ ، سافرتْ بي الروحُ محلقةً في سماء ذلكَ الحرَمِ الساكنِ في الوجدانِ تسترجعُ سنوات الوصالِ تقرعُ نواقيسَ الاتصالِ تطلقُ صيحاتِ الحنينِ تقشّعُ غيومَ النسيانِ تحنو علىٰ ديمةٍ تعجّلُ لها بالهطولِ تسقي صحراء الوحشةِ تجعلُ الدربَ نديّاً بالحلمِ تنثّ علىٰ شجرةِ الحرمانِ بوابلٍ من تِحْنانِ ثم ترقدُ محمّلةً بأرقِ الشرودِ ليقصرَ ليل الوجْدِ وتضيق مساحاتِ القهرِ الشاسعةِ ، أينَ منِّي ذلكَ الشوق الجارف لجامعتي العريقةِ وتلكَ العوالم من الدفء التي لا تعوّضها شمسٌٌٌ تحترقُ هي النورُ الذي ترددّ كثيراً في متاهاتِ العتمةِ وفاضَ على مواسمي ليوقظَ تلكَ الأَماني الغافيةَ سنين ، لحظات بل هي عهدٌ بأكملهِِ يقفُ الزمنُ دونَ حراكٍ يلتقطُ شذرات من وجعي المسكوبِ بمدادٍ من شَجَنٍ ينثرها علىٰ قارعةِ الوجدِ شُهُباً لها في وتينِ القلبِ ألف ألف حريقٍ وأظلّ أحترقُ بسعيرها طولَ النهارِ فإذا ما جنّ الليلُ جنّ جنونُ تلكَ الخَلَجاتِ فتتبعها الروحُ بهمهماتٍ متمردةٍ تَلِحّ عليََّ بفتحِ دفاترِ الذكرياتِ وخزائنِ الصور وما إن فعلتُها حتىٰ طفقتُ أخصفُ من ورقِ الحُبُورِ على حجري الساكنِ في خبءِ أحلامي حتىٰ آخر لحظةِ جنونٍ ثُمّ أمضي نشوانَ من فروةِ الرأسِ إلى أخمصِ القدمِ أنتشي بعَبَقِ جرعاتِ البقاءِ فيستقيم النبض وتكتحل عيوني التي كادَ يأتي علىٰ إنسانها الرمدُ ويخذلها الجَلَدُ لولا هذهِ البُلغة قدْ أنعشتْ ثُمالة كأسِ العمرِ أشرعتْ أبوابَ القلبِ فتظلّ حبيستهُ أبدا