mercredi 29 avril 2020

ذكرى // محمد بوعمران // المغرب



وهي مستلقية على ظهرها فوق سرير نومها حاملة صورة لزوجها الذي غيبه الموت عنها منذ سنوات خلت ...هدوء الليل وسكونه مكنها من استرجاع ذكراه وهي تتأمل صورته الأخيرة التي كان يظهر فيها وهو ينعم بصحة جيدة وفي كامل أناقته ...رجل مربوع القد ..ممتلئ الجسم ...بمحيا تظلله لحية قصيرة بيضاء ورأس يغطيه شعر مبالغ في تقصيره ...وبلباس تقليدي شرقي عبارة عن قميص من النوع الخليجي أبيض اللون...كانت الصورة تخلد لعودته من العمرة ...كانت هي من أخذت له هذه الصورة بهاتفها النقال ونسختها على الورق ووضعتها في اطار جميل احتفاء بهذه المناسبة
تذكرت تلك اللحظة التي صارحها بحقيقة لم تكن تتوقعها ...تلك اللحظة التي قلبت حياتها رأسا عن عقب...حين قال لها
اسمعي يا عائشة ...أنا الآن احس أنني تقدمت في السن ...وانا زرت الديار المقدسة وأعلنت هناك توبتي ولم اعد أستطيع كتمان سري عليك
تذكرت ما دار بينهما من حديث وكأنها تعيش تلك اللحظة من جديد
تذكرت أنها قالت له بالحرف
قل يا عمر ...تحدث...من ذون مقدمات-
ليرد عليها وعيناه في الأرض
-اسمعيني جيدا ...كل ما جمعته من ثروة ومن مال كان مصدره الاتجار في الممنوعات ومن النصب على العباد...نعم كنت مروجا للمخدرات ونصابا خطيرا...فتنتابها موجة من الضحك الهستيري...لتقع أرضا وتفقد الوعي من شدة وطأة الصدمة..وهول المفاجأة
ولم تستيقظ وتعود إلى الوعي إلا حين أحست بقطرات من ماء بارد يرش على وجهها لتفتح عينيها وتجد نفسها بين ذراعيه وهي تنتحب باكية وهو يحاول تهدئتها قائلا
-اهدئي يا عائشة...انا لم أعد كذلك ...أنا تغيرت...وأنت من غيرمجرى حياتي ...انا تبت ياعائشة...تبث
...حينها لم ترد عليه ...لم تعد تقوى على الكلام
تذكرت كل ذلك فانسابت من عينيها قطرات من دمع دافئ
دخلت عليها ابنتها الوحيدة واقتربت منها ...مسحت دمعتها ...قائلة
..الله يرحم أبي ...كان رجلا طيبا...كرس كل حياته لإسعادنا



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.