lundi 13 avril 2020

إدمان // حبيب القاضي // تونس


لم أستلم بريدكِ.. تتواتر الأيّام و تكبر معها كرات الشّوق فتكاد تسدّ شراييني.. أحرق صورتك عشرات المرّات في الليلة الواحدة، أملأ بالدخان رئتيّ.. القطّ الصغير الذي يتسلق ساقي المتدلية يهرب من صوت الزفيز الأخير، يلتحم بفرو أمّه و يترك آثار خربشاته كما كانت تفعل أناملكِ.. السّكون و عدسة القمر المصوّبة على شرفتي تستزفني.. أكتشف كم تقلّصت و أنا أحترق بنار الذاكرة.. كل ليلة، يبصق النسيان آخر كأس نبيذ سكبها بين شدقيه على وجهي و يتركني عارياً و مشرّدا في أزقة أسئلتي.. لم أفلح مرة واحدة في مسك توازني لأصوّب باتجاهكِ الطلقة القاتلة.. أعدّ الرصاصات الفارغة و أضع رأسي تحت حنفية الماء البارد.. ينسكب وجع آخر في مفاصلي و دوار خفيف يشعرني بنشوة جميلة.. لم تأت رسالتكِ و قد لا تأتي أبدًا.. أرسم خطط الإفلات منكِ.. كأن أختفي في غناء القرويات و هنّ يتغنّجن في بيادر القمح.. أو أتسلل في خطى النازحين منكسرا و مجرّدا من الانتماء.. أو أُسكبَ في مصبّ نفايات كتّاب النّدوات و الاحتفالات، هناك لن يهتمّ لأمري أحد و هنالك لا يمكن لك ان تلاحقي ذاكرتي.. يزداد الصّداع و تسقط كل الاحتمالات، الشيء الوحيد الذي أجدني أتمسّك به عند خيوط الفجر الأولى هو ضحكتك.. كنت عنيدة في المرة السّابقة و كنت متوحّشا، لم نلتزم بايتيكات التحضّر و مارسنا بربريّتنا، ودّعتني و رائحة البنفسج تفوح من زهيرات جسدك.. و دّعتكِ و حبيبات العرق على جسدي تزداد ملوحة و حرارة.. كتبت لي " لن تقطف وردك من بستاني" لم أجبك.. كان العطش قد شلّ حركتي، لم تبق سوى الذاكرة تطحن عظامي بين رحاها.. نحن بعيدان الآن و الوحشة تضغط على صدري فتتأوّهين خلف المسافات.. خمّنت أن نلتقي لكن طائرا يشبه الخطاف في خفته أفسد اللحظة.. كان يراقص أنثاه عند الغروب، أحببت الرقصة و نسيت موعدنا.. نمت إلى حدود الضحى في اليوم الموالي و حين أفقت قرأت على الجدار قبالتي" أنتَ نسيٌ منسيٌّ.. أنتَ كمن "فوّت موعدا


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.