lundi 30 mars 2020

زمن كورونا الملعون // أحمد المنصوري // المغرب


فراغٌ يغزو الأرضَ والسماءْ
..مدارسٌ فارغةٌ
..مساجدٌ فارغةٌ
..مكاتبٌ فارغةٌ
..أزقةٌ فارغةٌ
قلوبٌ مرتجفةٌ
شمسٌ غائبةٌ
إلّا من شعاعٍ مريضْ
أيّامهُ قيثارةٌ صماءْ
داعبَ أوتارها
بأناملَ داميةٍ
فانتحرَ النغمُ
وبكى الغناءْ
!يا أبا العلاء
لَمْ تُحرَمْ أبداً من الضياءْ
رغم العتمةِ والظلماءْ
كل الأسفارِ دونكَ هباءْ
كبدُ بروموتيوس يتشظّى
وهو لازال ينتظرُ
في بهوٍ فارغٍ ينتظرُ
فُتات زمنٍ موبوءٍ
يُنذر بالموتِ والثبورْ
!يا أبا الطّيب
لا أحدَ يستطيعُ
أن يَقنعَ بِشرفِ دونَ النجومْ
ففي كلِّ خطوةٍ
ارتجافٌ وموتٌ زُوّامْ
الكلُّ يرضى
بالحتفِ الحقيرِ المذمومْ
دَعني أُبحِرُ في الذاكرة
أُسفِرُ عن مُحيّاها المغمورْ
أستحضرُ تقاسيمَ وجهها المهمومْ
فلا ارى سوى أنيابِ كورونا الملعونْ
تفتكُ بجميل الأحلامْ
وتغتال كلّ قبسٍ في الجنونْ
ولمْ يبقَ إلا القتلُ المسنونْ
هكذاتنتهي القصيدةُ
.وتبتدئ الفجيعة



رقم // عبد اللطيف ديدوش // المغرب


حين يصطادك موت سليل مختبر
موت شائع كالهواء...مبيد للبشر
موت ينفث سمه بمتتاليات هندسية
ستموت مع سبق الإصرار والترصد
ستموت بالكورونا وتصحر المشافي
سيعلنون موتك رقما في ملهى رخيص اسمه التلفاز
سيبثون على ربوع الخريطة غواية الرقص الشعبي
...وتفاهات هوليودية
سيضعونك في ثلاجة الموتى
حتى تبرد آخر فورة أعصاب
سيدفنوك في هوة جماعية بمطرح مهمل
أو سيحرقون جثتك بخورا ضد العدوى
وربما سيصلون عليك صلاة الغائب
أو يقفون دقيقة صمت زئبقية
أو يترحمون عليك في الفيسبوك
ولن تحظى بنعي ولا عزاء
عندها فقط ستعلم أن وزنك أقل من وزن ذبابة
وأن حياتك مجرد زائدة دودية
وأن ما يسمى الوطن مجرد كذبة أبريل
!!...وما يسمى الإنسان محض فاصل إشهاري
------------------------------------------
وأنت أيها الرقم الباقي على قيد الحياة
المنفلت من موسم القنص
سر بجانب الجدار
احضن وهمك الخاص
قدسه وغذه يوميا بالتوكيدات
فلا سبيل لك غير الوهم
ولا خلاص من الهم سوى بالوهم
توهم أن العالم أكلة سريعة
مقامرة تافهة بفتات الحياة
توهم أن رقمك رقم هاتف الملائكة
توهم أن رقمك هو من سيربح المليون
هو من سيربح قسيمة شراء في سوق ممتازة
هو رقم زنزانة مشمسة في سجن تقضمه الرطوبة
توهم أن العالم زر سحري
فتحة زمنية نحو جزيرة الكنز
مضمار لاستعراض فانتازيا الأساطير
توهم أن الوهم ملح الخبز
نخب في صواع العزيز
مكيف في الربع الخالي
فينوس على سرير اللذة
نيرفانا الميتافيزيقا
توهم رقمك أن يكون أي رقم آخر
...غير الثالث عشر...
!!!...أو التاسع عشر


عشقي لملامحك نوروز ...// منى فتحي حامد // مصر


عشقي لملامحكٓ نوروز و وداعآٓ كورونا 

برفقة تلك النسمات ، في ظلال أريج نوروز و عبيره ، ما بين إشراقة الشمس و ازدهار و تفتح ربيع أغصانه و أزهاره ، نرتشف أكاسير من النور و الأمل و التفاؤل ، تعيد إلينا ورود الفرحة و الجمال و الإبداع و الابتسامة ،بجميع ملامحنا و أفئدتنا و مشاعرنا 

تعم و تنبت من جديد روح الإنسانية بداخلنا و يقظة الضمير ، و تتألق أكثر و أكثر ، بمشاعر جياشة ترفرف حول سمات الخير ، و التآلف و الوحدة و الاحتواء لجميع الأفراد ..

غني و فقير، نساء و رجال باختلاف الأعمار ، إخفاء و مساواة،مع السؤال عن و مراعاة الأيتام و المسنين و ذوي الاحتياجات ، الاهتمام و الحرص على تخطي هذا الآلام من معاناة و مشاق و مخاطر وباء كورونا ، و غيره في تلك الأوقات ...

فأوردتنا واحدة ، متلازمة و متلاحمة و أصولنا العربية أصيلة و شامخة ، تظهر قوتنا و توحدنا و تمسكنا في جميع الأزمنة ..

و الحياة مرتبطة بنبضات القلب ، و التي تنادي بهمسات العشق ، فمن الغرام أمل و شفاء و رغبة و إصرار ، و من الهيام دفء و سكينة و ألفة و حنان و مودة ...

فالمحبة أساسية لتواجدنا،و تخطينا تلك المحنة، و بالمحبة نقوى على متابعة الأخلاق و القيم السامية الراقية .. 

فالحب هو نسمات نوروز و شعاع النور و عناق أوراق الشجر ، تغاريد طيور من مشاعرهم يصير الاشتياق و الغزل ..

فمرحبا بكِ نسمات نوروز مع ربيع متلألئ بماسات الياسمين و الورد ، و المعافاة من البلاء و الأحزان و المرض  ...

بالأول إلى النهاية نحن بشر ، لن نفقد الأمل من رحمة الله جل جلاله ،في إعادة دنيانا إلى ما كانت عليه من قبل ، هناء و رغد و طموحات لحياة  أفضل و أجمل ..فلن نتخلى عن أحلامنا،فاليأس و الاستسلام ليس بأرواحنا أبدا.






حداد // نادية السعيدي // المغرب



!...حداد على عالم أغلقت مساماته إلى حين 
...حداد على مواجع سوريا والعراق ...اللائحة طويلة 
زمن اللغط
..مدائن مستنفرة ...محتضرة
تتناوب على طاولة الموت
هلوسات المساء تمتطي برج الذاكرة
تشرع أحضان الذهول
تفسخ شرايين الموت
لتعبث بضحكات الشوارع
تتعرى الأسئلة
تخلع أوردة الفجر
فتعلق بدموع الفراشات
...هذي القضبان 
متى كانت موعدا ينام على أحزمة الصمت ؟
سيان اليوم ...ولادة أو حياة
هي مزيج من حمى الغثيان
يتسلى فوق الأجساد /الأموات
!..يكشف آخر نبضة محنطة
ها أنت أيها الجاثم فوق الجماجم
تحصد الصرخات
تصوغ الموت على هيئة قناع
لا عزاء ...لا حداد
سقوط لانهيارات داخل قبور منسية
....تنام و تستيقظ على وساوس الألم 
!اكتملت الفجيعة






dimanche 29 mars 2020

نفاق // سعيدة سرسار // المغرب



وقف أمام المرآة وتظاهر بالفرح الذي نسي لونه.خمن أن يكون أبيض أو بنفسجيا أو أصفر يسر الناظرين ، اقترب حاجباه من بعضهما البعض ، تشابكا بقوة بالأيدي. بحت حنجرتهما بالاحتجاج : النفاق. . ارحل. . ارحل



لن أقول وداعا ..// توفيق ركضان القنيطري // المغرب


أيها الجرح الأزلي
الغائر بشمال صدري
طال النزيف
وتمزقت حبال صبري
توارت هالات أحلامي
خلف سراب العمر
لا الزمن كان لك ترياقا
ولا شيب الشعر
كان نذيرا بقرب الرحيل
متى ستكتم من أنفاسك زفرات الأسى
وترحل بعيدا عن مهجتك شهقات النوى
شمس حبيبتك واراها الأفول
كانت بكماء في محرابها التراتيل
ما تُقُبِّلَتْ على أعتابها القرابين
وما شفعت لك في ديرها
بخور الند
ولا لوعة الوجد
ولا حمرة المقل من السهد
تركتك في دوامة الحياة وحيدا
عصفورا مرتجفا هائما شريدا
صوفيا لأنوار التجلي عاشقا مريدا
تذرف دموع حرقة الفراق
من قلب ملهوف ملوع مشتاق
ما اكتفى من نشوة القبل
وما ارتوى من زلال العناق
السماء من بعدك يا روح الروح
صارت قصائدا رمادية
والورود أضحت أشواكها معادية
حينما هجرتني ابتسامتك المُداوية
ما أصنع وقد رحلت مع أسراب البجع بعيدا خلف النجوم
وتركت روحي سجينة ذكراك تثقل كاهلها جبال الهموم
أي مظلوم أنا في دوحة العشق أي مظلوم
أنا العاشق الذي أغشي عليه من الانتظارات
وما عاد يأبه لعزف كمان أو وجع نايات
أنا الذي ابيضت عيناه من وطأة الانكسارات
أنا الذي دونك ما عادت تعنيني بهجة الحياة
لن أقول وداعا يا أبهى الحبيبات
سأصنع في سماء الأماني العديد من الفجوات
.لعلك ذات حلم تهطلي على يباس قلبي زخات عشق من إحدى الغيمات




كورونا // حميدة محفوظ // تونس


تهمس لي القوافي من بعيد بعيد
بعد أن كانت اقرب الي من حبل الوريد
لماذا اصبحت الحروف ترتدي القفازات؟
لماذا صارت المقاطع تخاف الكلمات؟
كيف امست بينها كل هذه المسافات
و منع بينها الاقتراب و حتى القبلات؟

انها كورونا زمن العذاب
التي اوصدت الأبواب
وفرقت الأحباب
و بثت الفزع بين الأقارب و الأصحاب

انها كورونا زمن الأوهام
التي أنهكت ألأوراق و الأقلام
و شوهت الأحلام
و خنقت الألف و الميم واللام

إنها كورونا زمن الذنوب
التي أرهقت القلوب
وأرعبت الشعوب
وأفرغت الجيوب

انها كورونا الزمن اللئيم
التي حكمت حتى على المشاعر بالتعقيم
وجعلت قصور الملوك تبدو كالجحيم
عندما ضربت كبار العالم في الصميم

إنها كورونا موت الضمير
التي استوى أمامها الغني والفقير
الصغير والكبير
الخادم و الأمير
الراعي و الوزير
فهي لا تفرق بين الٱسر والاسير
أو حتى بين الأعمى والبصير

إنها كورونا زمن الجرذان
الذي صار فيه للتفاهة عنوان
و للرداءة إخوان
وللمبادىء سوقا و للمواقف اثمان
لكن لا تيأس أيها الإنسان
تمسك جيداً بقدرة الرحمان
املأ قلبك بالإيمان
ستعبر بإذن الله الى بر الأمان
.هذا هو الرهان



الشعر في زمن الكورونا // علي الزاهر // المغرب


لا تدع خطاك تسابق
هذا الوجع المترامى
على أطراف الريحْ
لست وحدك من يهوى السفرْ
عد لمنفاك
و اترك للريح ما تبقى
من ذاكرة الصبر المشتهى
عد لما اجتاحك من حنين
و بكاء ساعة الغياب
وحدك تدرك سر الهتاف
على أعقاب الريحْ
،هذي الريح يا وجعي
عاتية
،قد تفرق بين سرب الطير 
...أو تدمي مقل الغرباء
فكف شوك لسانك عن هذا البلدْ
و عد بأحزانك حيث لا رجوعْ
...دعنا نعانق أفق أحلامنا / أشجاننا 
و عد حيث لا رجوعْ
توجعني بعض فقاعات الوهم
يا وطني
و أنت من أنت ، بلاد الله
...و حصن ذاكرة مشتهاة 
تمزقني الجهالة إن سارت
فيك يا وطني
فكن أنت ، أنت
....أيها البلد المرتجى 




أنا ؟؟ : أنا ....،../ نص مفتوح // باسم عبد الكريم العراقي// العراق

كان..... و........ بان ...

فقد امتلأت كأسُ الارتقاب ...بنضوب الطوفان
... حين عادت
بغصنِ الغمامةِ الأسلية .........حمامةُ الغيران..
سكوووووووووووووووووووووووووووووووووتاً ..
فقد تباركَ انسلالِ
فوق جُنحِ الوهمِ المبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاح ..
..... هل هناك خيار ..؟؟؟
... : لمااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااذأ يأأرقَّ أحلامِ الفجر
... تمرينَ بهدوووووووووووء ...بين أسرار الخمود
ولا .. ترسمينها......... جمرةَ بسمة ..!!!؟؟
ـ ما ... منك لك ؟ ، هذه خرافة
ـ المرايا اعترافاتٌ غبية فهي... بلا عيون
ـ بل لأنها لاتنافق
ـ أوَتدري ..؟؟
ـ لأنني ...
ـ فماذا وراءُ الأثر ...!؟؟
...فلا ...
لا أسئلةً .. لاأسئلةً
أزفَ الغدُ ..
آنُ الأمس حان ؟..
................. سيّان ..
ـ صمتٌ لايندثر
ـ فما مزيَّتي ؟؟
- تذكارك أوجهِ متاهتِي ..
.... : لأنني ..
,.. صخبُ مواسمِ عذراء
.....لا تراقص اصداء
........... صُفرَ الأسماء ...
ـ لا أملاً ... فعذراً ..
ـ لا..عذراً ..، بل امل ..
...فأنّى ...؟
و...
أنتِ ...!!
... تعرفيني ..



جائحة .. // كامل عبد الحسين الكعبي // العراق


مِنْ بين مساماتِ العتمةِ يسترقُ السمعَ :
_ غضبٌ لا يصيبُ المؤمنينَ .
_ حربٌ بايلوجيّةٌ لا تضرّ المتوقينَ .
_ ضجةٌ مفتعلةٌ سَتَمرّ بسلام .
أشاحَ بوجههِ عنهُم ودلفَ يرقبُ رئةَ العالَمِ وهي تختنقُ ، وكُلّ شيءٍ في تناقصٍ إلاَّ المقابر تَسَعُ الجميع .


كورونا ..// حسين المغربي // المغرب


،كورونا
..يا زمن الحجر
،من أين أتيت
!!في خطاك العدم
..الخوف يقيم بين أضلع
!!معجونا بالالم
..رب جائحة
،سقتنا سما
..و دروسا و عبرا
..كورونا
،أسقطت اوهاما
..و هامات و دولا
..ما أحقرك
،أدميت
..مقلا خالت نفسها فوق المقل
..كورونا
..سنحيا رغم الأحزان و الألم
..ففي الأفق
..غد كله أمل
،كورونا
..لا نزال على قيد
..ارفع قبعتي
للقابضين على الجمر
و للواقفين في زهو
،يسخرون من العاصفة
،و للثكالى
،و الحزانى
،و العوائز
..و للمحشورين من هول
!!..مزقتهم ايد باطشة
..كورونا يا هما
،في ثناياه عبر
!!..سنحيا رغم الأحزان و الألم



samedi 28 mars 2020

للغة الصدى // المحجوب سناح // المغرب


..جمال أثيري المهابة
..لا تحاكيه الدمعات إلا انجلاء
..و موعد الرؤيا
..لقاء مفتون بألوانه
..كلما تعالق النبض في اختلاجه
و انتهى؛
..نفسا
..لا يفتعل للرؤيا
سوى؛
..حكمة من كلمات
..و بقايا
ش
ج
!!...ن    

..سأعلل لمشهد الغياب
..صورة ، لا تشبه الصور
و سأتوارى../ همسا حتى لا يدركني
..خفق الكلمات
..صبابة
و أنحو منحى الصدى؛
..ظلا ، غريبا بين
..الأشعة
،و مرايا
ا
ل
خ
ج
!!!ل  

..هذه؛ بدايتك
..المنثورة عبر الضياء
..أيها الأمل
..لا تشجيها باسم القضاء
،نظرة كافية لاستيعاب الألم
..لكن بإمكانك أن تجديها لوعة مورقة
..بمباهج الصدى
،نورا يأتي ضفافنا العاتمة
..بامر الروح
ك.../
ا
ل
ش
ط
ح
ا
!!!..ت    









هي ذي بلادي ...! // أحمد المنصوري // المغرب


 !...هي ذي بلادي
!...أحارُ
في كلِّ لحظةٍ تبدو وردةً ومقبرة
والشهداءُ
ينبجسون من لحودهم
..نبعاً. .فنبعاً
وحولهم تُزغردُ اﻷشجارُ
وترقصُ اﻷحجارُ
وتبكي اﻷقدارُ
وتنتحرُ اﻷحلامْ
هكذا أستنشقُ
صبحكَ يا وطني عبيرَ داءٍ
وذاكَ المدى
تسكنهُ الجراحْ
وللصبح عينانِ ﻻ تبصران
والشمسُ تحجبُ نورها غيمتان
ويا أيّها الليلُ الكلحُ
من غرسكَ في القلبِ
وسوَّاكَ في الشفتين ؟




vendredi 27 mars 2020

الشارع بين الأمس واليوم // محمد محجوبي // الجزائر


انقطعت الأنفاس إلا من أنين ذكرى . تستعطف الأبواب الفولاذية المغلقة . الهواء مكثف ثقيل تستحوذ عليه غيوم تسلطت على الشمس وانتاب الفضاء خوف يزحف على فراغات ضائعة بين أقواس السراب
لزم الإنسان سجنه الصغير ليتواصل عبر سجن العالم الكبير . الأشياء ضجيج شاشات جندتها كورونا لموعد مؤجل العتمات . الخبر الطبي يتمطط في خصب الموت . ربما جثث تلاحقت على أمواجها أسئلة إنسان سجين . أو لربما على ضجيج الشاشات تنبت العيون دهرا من الجحوظ الزمكاني المتصلب
في المنازلات المحتدمة بين الشك واليقين ، بين سيول اللغط الإعلامي وركون المتلقي المستسلم  تعزز حمى السجون المنزلية . تمطر الأرقام ، تتلاشى مسارات خافتة بين جدران متعطشة الأنفاس
بينما يئن الشارع الذي ودع وجوهه الأخيرة إلى مثواها . تحجب الطبيعة مفاتنها عن وحش متهور . لتترك هامش السجون يحتفل بمن تداركوا مصيرهم فواجع يتقيأها شارع 
موبوء



قبل صافرة العدم // عبد اللطيف ديدوش // المغرب

1
في زمن كورونا
أتوجس خيفة من ظلي
أجفل أمام المرآة
أنفر من يدي
أتحاشى الأهل
أنبذ القبلة والعناق
أحيي البقية بالإيماء
أخزن ما تيسر من الزاد
وتوا أغلق علي بابي
أطل من شقوق الشباك على الفراغ
وحدها كورونا تصول وتجول
أهي الحرب العالمية الثالثة يا ( سنودن ) ؟؟؟؟
أهي القيامة يا كلكامش ؟؟؟
2
قبل صافرة العدم
لن أكتب أية وصية
لن أطمر نفسي في أي قبو
لن ألعن خفاشا في الصين
لن أضع كمامة ضد مجرى الهواء
سأنتظر المجهول بلامبالاة سلحفاة
سأمشي على أخماصي من غرفة إلى غرفة
سأغني أغنيتي الأثيرة في البهو
سأسلي نفسي بإعداد الشاي الأخضر
سأقتل الوقت باستخلاص حبات البازلاء
سأنقب في ألبوم الصور
للسفر عبر الزمن
إلى طفل على صهوة قصب
...تستهويه الغميضة وكرة القدم
3
قبل صافرة العدم
سأفرد أجنحة شطحة
لأطير عاليا ...بعيدا إلى نواتي
بي حنين جارف إلى هيولاي
فيا يد نحات شكل من هلامي نصبا للريح
تمثالا للشعاع
حولني إلى شيء أولا شيء
يا شاعر اكتبني مرثاة لأنفاس الحياة
مرثاة لشجرة مجهولة في الأمازون
...أو انقشني وشما على جبين آخر هندي أحمر
يا عازف اعزفني نشيدا لمعراج الشهداء
رقصة باليه في مروج الفراشات
يا ريشة ارسميني جدارية عناق مع الحلم
قوس قزح على البحيرات الخمس
لوحة ( الصرخة ) على سورالمدينة العتيقة
يا يد فلاح تفرك التراب
ازرعني شتيلة بابونج
...أو نبتة صبار على حافة واد
4
قبل صافرة العدم
سأسكر بثمالة الوجود
سأقشر قشوري
سأسلخ عني أقنعتي
!!!...لعلي أموت بعدوى الإنسان
5
قبل صافرة العدم
:سأصيح ملء الصمت
...أيها العالم
...لا تنقرض قبل أن أغرس الصبار



عشتار // يونان هومة // سوريا



دأبَ الطيرُ
أن يغنّي في الصباح
وأنا في سريري
أتصفّح الغيب
وأحلم
لعلّي أربح ورقة اليانصيب
كي تنتشلني من الحضيض للأعلى فوق الجبل
كم أحلم بذلك
كم أحلم
أن أُنهي معضلة الفقر
أن أطير إلى السماء السابعة
إلى كوكب المريخ
أصبُّ أشواق عذابي في جرن الزمن
وأرى عشتار
التي تأتي
ولا تأتي
.وتكون القيامة



قمري الملثم // توفيق ركضان القنيطري // المغرب


بيضاء كالياسمين
تتلألأ الأقمار على الجبين
..يستوطن الليل العينين
حوراء حد الدهشة
لها في القلب وحشة
..أسرتني بين الرمشة والرمشة
تستثير من المهجة الحنين
تعلق الروح بين الهدبين
تُأرجح الوجدان بإسبال الرمشين
..يتسلل عبيرها كالمخدر إلى الرئتين
تشرق على أيكتي مرتين
الأولى كابتسامة الفجر
والثانية كألق البدر
..وطول النهار تحفني كأريج العطر
تهب نسماتها العليلة على السقيم فيشفى
تصب نبيذ الهيام على العاشق رشفة رشفه
..نسجت بعذوبتها خياما مخملية من الألفة
سلسبيل رقراق حديثها
مثملة حد النشوة ابتسامتها
دافئ مغر خدرها
متطاير في أرجاء الكون شعرها
مرمر إذا تبسم ثغرها
..لذيذ في العشق جنونها
شاكستها مرارا لتكشف اللثام ولم تبالي
طيبة القلب عفيفة الروح تهفو للمعالي
أسأل لها الرب العالي
أن يسعدها كما تتمنى
وأن بحياتها تتهنى
..وبألحان الصفو و الحبور تتغنى
أيا قمرا ملثما في سمائي
أنت دائي ودوائي
بين ذراعيك شفائي
اعلمي أن مناي ورجائي
.أن تظلي ملهمة شعري وألق بهائي




jeudi 26 mars 2020

قراءة في المجموعة القصصية "قطار الحب ..يصل متأخرا " للقاص المغربي عبد الباسط بوشنتوف // خالد بوزيان موساوي // المغرب


الجزء الأول من نص قراءتي النقدية في المجموعة القصصية "قطار الحب.. يصل متأخرا" للقاص المغربي عبد الباسط بوشنتوف،
تحت عنوان: قراءة القصة القصيرة فسحة الذهاب و الإيّاب بين ضفاف الواقع و الخيال
******
ـ بطاقة تعريف: "قطار الحب.. يصل متاخرا"، عمل أدبي صنفه كاتبه الأستاذ عبد الباسط بوشنتوف ضمن جنس القصة 
صدر الكتاب (الطبعة الأولى) عن مكتبة قرطبة. وجدة. المغرب سنة 2019.. الكتاب من الحجم المتوسط: 90 صفة؛ يحتوي (فضلا عن أوراقه الخارجية) على 12 قصة قصيرة
على غير العادة، عرض علينا القاص بوشنتوف من خلال أوراقه الخارجية ثلاثة إهداءات ("إليك..."، ص. 2، و "إهداء"، ص. 3، و " إهداء خاص"، ص. 4)، و ورقة خارجية رابعة تحت عنوان "عتبة"، ص. 5
و من الإشارات أو الإيماءات التي يمكن التقاطها من هذه الأوراق الخارجية لهذا الكتاب
:أ ـ إصرار الكاتب على الدعوة للقراءة؛ نقرأ
"إليكِ أكتب "قطار الحب" إشعارا لك أنه "يصل متأخرا" علك تحثين الخطى لتكوني هنا بين السطور قبل موعد إقلاعه من جديد." (من الورقة الخارجية الأولى تحت عنوان "إليك..." ..ص. 2)
"قطار الحب" هذا لا جواز مرور له، فهو للأسف "يصل متأخرا"، متأخرا دائما، يبحث عن بعض مسافرين أنهكهم الانتظار... و الترقب..." ( من الورقة الخارجية الرابعة تحت عنوان "عتبة"، ص. 5).
ب ـ استدراك الكاتب: إن المغزى من دعوته للقراءة لايعني القراءة لأجل القراءة في حد ذاتها، نقرأ
"أهديكم هذا الكتاب لا لتقرؤوه، و لا لتجعلوه زينة بين الرفوف، و إنما لتسمعوا همس قلمي الذي غيبني عنكم ليالي طويلة، (...) لتسمعوا نبضا من واقع شهدته، و آخر أوحاه إلي الخيال." (من الورقة الخارجية الثالثة تحت عنوان "إهداء خاص"، ص. 4)
و هذا "التبئير" (Focalisation)، من زاويتي نظرتين متناقضتين و متوازيتين
و متكاملتين: زاوية نظرة شاهدة على واقع ("من واقع شهدته")، و نظيرتها من عالم افتراضي من إنتاج خيال ("أوحاه إلي الخيال")، هو الذي، من بين مؤشرات و فرضيات و علامات أخرى ، يفسر ربما اختياري لعنوان مقاربتي لهذه المجموعة القصصية كما في الصياغة التالية
ـ قراءة القصة القصيرة فسحة الذهاب و الإيّاب بين ضفاف الواقع و الخيال
:ـ منهجية القراءة: التناص / الأدب المقارن
أتبنى شخصيا ما كتبه محمود أمين العالم لما قال: "هناك في الحقيقة واقعان لا واقع واحد، هناك واقع الخطاب نفسه، وهناك الواقع الإنساني الخارجي بكل ما يحتدم من حياة وإنتاج وممارسات..."... و الداعي لذلك، كون الأديب قاصا كان أو شاعرا أو روائيا... ينتج خطابا أكثر مما ينتج واقعا أو خيالا... كيفما كانت درجة المشابهة (La vraisemblance)، او المطابقة (La similitude) بينهما...
و للخطاب حمولة لغوية بحتة كأداة للتواصل، و أسلوبية بلاغية للابتعاد عن المباشرة و الابتذال وفق انزياحات الحرف و الصورة و سيمياء العلامات و الرموز، و ثقافية حضارية يتحكمها الزمكان كظرفية تاريخية و جغرافية، و بشرية يؤثر فيها
...و يتأثر بها الإنسان
لكن عبد الباسط بوشنتوف، عبر هذه المجموعة القصصية، و عبر دعواته للقراءة، ينتج نوعين من الخطاب القصصي، و كأننا في قصة داخل قصة ثانية، داخل قصة أخرى... و هكذا دواليك، كما في كتابات الأرجنتيني بورخيص (رواية "الأدراج": أي ، و كأننا نفتح درج مكتب يحتوي على قصة، لنجد درجا آخر بداخله يحتوي على قصة أخرى، الذي الآخر يحتوي بداخله على درج آخر به قصة... إلخ... و كما في رواية "مائة عام من العزلة" للكولومبي غارسيا ماركيز، حيث يتكرر اسم البطل الرئيسي إلى ما لا نهاية عبر عدة عقود و أجيال مع اختلاف في الأمكنة و الأزمنة و الأحداث
نوعان من الخطاب القصصي: الأول من إبداع القاص عبد الباسط بوشنتوف، و الثاني لكتاب عالميين غيره؛ نقرأ
" ـ ما عنوان الكتاب الذي تقرئينه؟
ـ مائة عام من العزلة لغابرييل غارسيا ماركيز.
(....) أهدتني الكتاب و انصرفت... بقيت ليلتها أقلب صفحاته باحثا عنها، أشتمها علني أصيب بعضا من عطرها، و كلما يئست من إيجادها، أخذت الكتاب و رسمت عليه قبلة حارة..." (من قصة "مائة عام من العزلة". ص. 55
بعض عناوين القصص، و منها العنوان الرئيس للمجموعة قد توحي لنا باستنتاجات قبلية و استشرافية في ذات الآن لتأويلات ممكنة للخطاب القصصي للمجموعة برمتها بين عالمين متوازيين: الخياال و الواقع، و مدى ترابط علاقة المشابهة أو المطابقة بينهما بفعل السلطة الجمالية للخطاب، و تداعيات الاطار المرجعي الفكري الذي استقاه الكاتب عبد الباسط بوشنتوف من قراءاته، من بين عناوين هذه القصص
ـ قصة "لعبة القدر" (ص. 6) تستقطب تأويل رهان فلسفي يحيلنا على "القدرية" (Le fatalisme) كما في رواية ديدرو (القرن 18 الفرنسي) (Jacques Le fataliste et son maître) "جاك القدري و سيده" على سبيل المثال لا الحصر لنتبين من خلالها نقط الخلاف بين فلاسفة الأنوار و دعاة الظلامية بخصوص مقولة القدر
ـ قصة "امرأة بين رجلين... و وطنين" (ص. 12) قد تذهب بنا بعيدا في قراءات لإيحاءات سيمياء المرأة و الرجل و الوطن في مجتمع شرقي تتحكمه قوانين غاب من إنتاج فكر فيودالي عتيق أسس له الكهنة و الأحبار و الفقهاء من رجال الدين خدمة لأنظمة دكتاتورية مستبدة، كما يحيل عليها أحد كبار فلاسفة الأنوار مونتيسكيو، و آخرين، في كتابه (Les lettres persanes) "رسائل فارسية" (القرن 18 الفرنسي)
ـ قصة "مذكرات شيطان عاشق" (ص. 75) تسافر بنا نحو عوالم "الفانتاستيك" بتجربة فريدة للقاص عبد الباسط بوشنتوف في عالم السخرية الهادفة، و كأننا نستعيد قراءاتنا لكن بشكل عصري و أنيق و هادف، لرواية لوساج (دائما القرن 18) (LESAGE) تحت عنوان (Le diable boiteux) " الشيطان الأعرج"
ركزنا أكثر على القرن الثامن عشر عبر إيحاءات بعض عناوين المجموعة القصصية " قطار الحب.. يصل متأخرا" للقاص المغربي عبد الباسط بوشنتوف لأن كل تصريحات و إيماءات و إيحاءات قصص مجموعته في سفرها بين الموهوم (المُتَخيّل)، و المعلوم (الواقع) تستدرج الظرف و الحدث و الشخصيات و قضاياهم لتشخيصها بوصف باطني عميق و لتفكيكها، غير ما تسكت عنه سخرية تفضحها انزياحات البلاغة: هي انتقاد لاذع لمجتمع و معاصر و غير عصري يعيش في جلباب ماض عتيق تتحكمه شرائع الظلامية... من هنا قبس التنوير في قصصه، و من ثمّ لامسنا بعض أوجه الشبه مع 
ـ قصة " مائة عام من العزلة" (ص. 56). استعارة هذا العنوان من الروائي الأمريكي لاتيني، الكولومبي غارسيا ماركيز صاحب الرواية الشهيرة (Cien años de soledad) "مائة عام من العزلة"، ليست مجرد صدفة، هي بمثابة ما يشبه التصريح غير المباشر للمبدع القاص المغربي عبد الباسط بوشنتوف يعبر من خلاله عن خطه التحريري في كتابة القصة، أي، و بعبارة أخرى، عن ما يشبه التيار الأدبي الذي ربما تأثرت به كتاباته السردية في هذه المجموعة: أقصد التوجه ذاته الذي أبدع فيه غارسيا ماركيز: (Le réalisme magique) " الواقعية السحرية" وليدة ستينيات القرن الماضي في الغرب الإيبيري اللاتيني، و التي كانت تهدف، من بين أهداف أخرى، إلى إضفاء صفة الغرابة على الواقع و كأنه من صنع خيال، و كأن الواقع مجرد حلم عابر لا يستحق التوقف عند محطاته، و هذا ما أشار إليه عبد الباسط بوشنتوف بشكل شبه صريح عبر عنوان مجموعته، وإحدى أوراقه الخارجية حيث كتب
"إليك أكتب "قطار الحب" إشعارا لك أنه "يصل متأخرا" علك تحثين الخطى لتكوني هنا بين السطور قبل موعد إقلاعه من جديد." (ص. 2)

********
الجزء الثاني من نص قراءتي النقدية في المجموعة القصصية "قطار الحب.. يصل متأخرا" للقاص المغربي عبد الباسط بوشنتوف،
تحت عنوان: قراءة القصة القصيرة فسحة الذهاب و الإيّاب بين ضفاف الواقع و الخيال.
*******
ـ تذكير: "قطار الحب.. يصل متاخرا"، عمل أدبي صنفه كاتبه الأستاذ عبد الباسط بوشنتوف في جنس القصة ... صدر الكتاب (الطبعة الأولى) عن مكتبة قرطبة. وجدة. المغرب سنة 2019.. الكتاب من الحجم المتوسط: 90 صفة؛ يحتوي (فضلا عن أوراقه الخارجية) على 12 قصة قصيرة...
ـ تداعيات:
الكتابة عموما، و كتابة القصة في سياقنا هنا مع المجموعة القصصية "قطار الحب... يصل متأخرا" للقاص المغربي عبد الباسط بوشنتوف، إنتاج لخطاب (كما جاء في الجزء الأول من هذه القراءة). خطاب باعتباره:
ـ إفراز لواقع (عشناه، أو نعيشه، أو نستشرفه) نتأثر به.. نؤثر فيه، مع كل ما يتطلب ذلك من مسافة بين زمن الكتابة و زمن الحكاية: توظيف القاص لأسماء معلومة لمدن مغربية (وجدة، و فيكيك، و دبدو..) كفضاء قصصي، قد يوحي للقارئ بأن الأحداث وقعت فعلا، و أن قصص المجموعة قد تشبه "سيرة ذاتية"...
ـ إبداع من خيال كاتب يتقن فن "حسن التخلص" بالسفر بين ضفتي الواقع و الخيال حتى نكاد لا نفرق بينهما... حدّ "المطابقة": "دعني أتخيل ما وقع، أنا كاتب بالفطرة..." (ص. 48).
ـ حصيلة قراءات لأمهات الكتب الأدبية الابداعية و النظرية التي تأثر بها الكاتب، و التي ساقها السياق القصصي بتوظيف تقنية "التناص"، أو الإحالة فقط على أسماء كتب و كُتّاب: "خرجت أحمل كتابا بجزئين، كان "طبقات فحول الشعراء" لمحمد بن سلام الجمحي..." (ص. 57).
و إن كانت هذه الاعتبارات المُنتجة للخطاب الأدبي مشتركة بين معظم الكتاب (إن لم نقل كلهم)، فلكل كاتب مبدع بصمته التي تميز تفرّده كما يقول بذلك "مبدأ الاختلاف"عند النقاد...
و أهم "رافعات" الاختلاف عند القاص عبد الباسط بوشنتوف:
1 ـ مواقفه عبر لسان السارد من بعض الأجناس الأدبية،
2 ـ تمثلاته لزمن القراءة،
3 ـ هندسته لبنية (بُنى) النص القصصي.
*********************
1 ـ مواقف كاتب المجموعة القصصية عبر سارده من بعض الأجناس الأدبية:
يجد القارئ (المُتمرّس خاصة) نفسه، عبر ربوع المجموعة القصصية "قطار الحب.. يصل متأخرا" لعبد الباسط بوشنتوف، أمام سارد يُتقن الخطاب المزدوج: سارد عادي يروي لنا قصة بتنويع آليات تلفظ يتغير معها نوع الملفوظ (وصف، سرد، حوار..)؛ و سارد (هو ظل الكاتب) يقفز على الأحداث لأجل "استراحة" للتعليق (للتعبير عن موقف) لا عن أحداث القصة في حد ذاتها بل عن كتابتها، و الكتابة الأدبية بصفة عامة (هو خطاب "ميتا ـ أدبي")... و من أهم المواقف التي عبر عنها الكاتب على لسان سارده بأساليب ساخرة ملفتة للنظر:
ـ موقفه الساخر من الشعر القديم:
"خرجت أحمل كتابا بجزئين، كان "طبقات فحول الشعراء" لمحمد بن سلام الجمحي، وصلت المقهى منهكا، مهدود الساعدين، ما أثقله، لم تتعب تلك اليد الملعونة و هي تكتبه (...)، بدأت أتصفح الكتاب، كانت مقدمة المحقق أطول من قنطرة "بودير" (حي سكني بمدينة وجدة)، و غير ذاك كانت صفحاته شعرا... شعرا... شعرا، أي جرم ارتكبته لأقرأ كل هذه القصائد القديمة..." (ص. 57).
ـ موقفه الساخر من جنس "الحكاية" مُجَسَدة بطقوس حكايات "ألف ليلة و ليلة":
"في الليلة الثالثة بعد الألف، قررت شهرزاد أن تلقي بالملك شهرزاد باليم،أن تخلصه من جسده الميت..." (ص. 83).
ـ موقفه الساخر من جنس "القصة" الطويلة (أو الرواية):
"خدعتك الأقدار يا والدي، بيمينك وحدك كنت تكتب قصة الكاتب اللعين الذي أغرقنا في "البلا بلا"..." (ص. 10).
2 ـ تمثلات كاتب المجموعة القصصية عبر سارده لزمن القراءة (أزمة القراءة):
ـ زمن قراءة يتم فيه "تبخيس" قيمة الكتاب:
"تبين لي من حديثه معها ـ و هو يساوم رزمة الكتب التي تحملها بين يديها ـ أنها تريد بيعها، أخبرته أن زوجها مات منذ شهر تقريبا، و لم يترك لها ما تسد به أفواه صغارها الجياع، إلا هذه الكتب. (...) نظر المراكشي إليها مبتسما بسخرية، و مدها بورقة من فئة خمسين درهما، و انصرفت..." (ص. 56).
ـ زمن قراءة يستهلك الرداءة:
"حين أحببتك... لم يعلم أحد بهمس قلبي إلا أنت، و حين كتبت هذه القصة، كنت موقنا أن لا يقرأها إلا المارون من هنا، أولئك الذين يبحثون عن حكاية مستهلكة يقتلون بها أوقاتهم... يملأون بها فراغهم، القارئ آكل جيفة كما الكاتب، أحدهما يسترجع تجارب سابقة و الآخر يستمتع بقراءتها..." (ص. 39).
3 ـ هندسة القاص عبد الباسط بوشنتوف لبنية (بُنى) النص القصصي في المجموعة:
من يبحث عن قصص غرامية رومانسية في المجموعة (كما يوحي بذلك عنوانها "قطار الحب... يصل متأخرا" سيجدها بكل عناصرها الدرامية من ألف المجموعة إلى يائها...
و من يسائل كواليس النصوص عما تخبئه ما ورائيات قصص العشق "المهزومة"من أفكار فلسفية وجودية، و مواقف إنسانية (عاطفية و اجتماعية و ثقافية و سياسية) سيجد ضالته...
لكن، حتى لا يكرر نفسه من قصة لأخرى، اختار القاص عبد الباسط بوشنتوف (من مبدأ "الاختلاف"، و اتقاء لإعادة إنتاج النصوص القصصية المستهلكة...) الاشتغال على "بُنى" النصوص القصصية ب "هندسة" تتوخى إمتاع القارئ من خلال التجديد المستمر في "هيكلة" النصوص اعتمادا على التنويع في "آليات التلفظ"في مختلف "صيغ أفعال الكلام"،
و "تداخل الأجناس الأدبية":
3 ـ 1 ـ تنويع "آليات التلفظ" في "صيغ أفعال الكلام":
أ ـ توظيف "التبئير الداخلي" باستعمال الذات الساردة لضمير المتكلم "الأنا":
"اسمي بوجمعة... عمري لحظة كتابة هذه السطور اثنتا عشرة سنة و بضعة أيام..." (قصة "بوجمعة" ص. 39)... في هذه القصة و من خلال هذا التصريح ("اسمي بوجمعة")، و تقديم نفسه ككاتب ("لحظة كتابة هذه السطور")، التحدث بضمير المتكلم "أنا"، تتبخر المسافة بين السارد و الكاتب، و تختلط الأمور على القارئ: إن كان الكاتب في القصة هو نفسه عبد الباسط بوشنتوف؟ و إن كانت هذه القصة لحظة من سيرته الذاتية؟... غموض مقصود لإثارة فضول القارئ؛ و الفضول شرط من شروط المتعة حيث لا مسافة و لا حدود بين الواقع و الخيال...
ب ـ توظيف "التبئير الخارجي" ب "تقمّص" السارد لذات ساردة أخرى هي "أنتَ تحكي":
نقرأ في قصة "لا أنثى تمد يدها":
"سألتكَ يوما أن تحكي لي قصتك معها، لكنك أدرتني ظهرك و مسحت دمعتك في صمت، (...) و عندما طال انتظاري، بمقهى "الغراف" سألت عنك النادل فأخبرني أنك مت منذ زمن طويل، (...) أتخيلك جالسا أمامي (...) هو الفنجان وحده يذكرني بك. و أسألك للمرة الألف عن حكايتك معها فلا تجيب، دعني أتخيل ما وقع، أنا كاتب بالفطرة." (ص.48).
فقرة غنية بالإشارت (دالة على اضطلاع جيد و عميق للقاص عبد الباسط بوشنتوف بالنظريات النقدية الأدبية الحديثة)؛ إشارات بالتلميح تروم:
ـ في محطة أولى: "سألتك يوما أن تحكي لي قصتك معها؛ هنا تعبير عن رغبة لإسكات السارد الرئيس و إعطاء الكلمة لسارد ثان هو "انتَ" مَعْني بالأحداث مباشرة... هي تقنية "التبئير الخارجي" التي تبحث عن زاوية نظر أخرى "شاهدة" لإضفاء المصداقية على الأحداث المَحْكية...
ـ في محطة ثانية (في نفس الفقرة أعلاه): يتم تغييب السارد المُحتمل "أنتَ" إما بموته: "أخبرني أنكَ مت"، أو بصمته: "لا تجيب"لتبرير عودة الذات الساردة الرئيسة لتحمل مسؤوليتها وحدها لسرد مجريات أحداث القصة :"دعني أتخيل ما وقع، أنا كاتب بالفطرة"...
و ذلك لأن الغائب "موهوم"، و وحده الأنا "معلوم بفضل حواسه التي تلامس المحسوس ("هو الفنجان وحده يذكرني بك").
ج ـ توظيف تقنية "تعدد الأصوات" في نفس القصة:
وظف الكاتب عبد الباسط بوشنتوف تقنية تعدد الأصوات في العديد من قصص المجموعة، لكن ما أربك ربما كل توقعات القارئ (و هذا يُحسَب للكاتب) ظاهرة حضور الكاتب، و السارد،
و شخصيات من القصة، و البطلة، و القارئ كأصوات أُتيحَ لها التعبير عن رأيها عن مجريات الأحداث في نفس القصة، غير السارد الرئيس (قصة "فاطنة"نموذجا):
ـ سارد بضمير المتكلم "أنا":"في البداية خلق الله آدم من طين.." (ص. 23)،
ـ شخصيات من القصة: "قالت أمي..." (ص. 24)، و "قالت خالتي.." (ص. 23)، و "قالت أختي.." (ص. 23)...
ـ سارد مفترض: "لكن كان ما كان..." (ص.26 و 27)،
ـ كاتب مفترض: "قال الكاتب: لكن كان ما كان..." (ص. 27)،
ـ بطلة القصة: "قالت فاطنة: لكن كان ما كان..." (ص. 28)،
ـ قارئ مفترض: "أحبك لكن.." (ص. 29)...
هو ذا قصد الكاتب عبد الباسط بوشنتوف: قالوا كلهم "كان ما كان..."، فأجاب القارئ: "أحبك لكن.."، كما عنوان المجموعة القصصية: "قطار الحب... يصل متأخرا."
3 ـ 2 ـ تداخل الأجناس الأدبية في جنس القصة:
عَوّدَنا جنس "الرواية" على احتوائه عدة أجناس أدبية أخرى، و كدنا نُكَوّن قناعة ثابتة ان عنصر "التكثيف" في القصة القصيرة (و هو من شروطها الأساسية) يكرّس مبدأ: "ما قلّ و دلّ"، أو "المختصر المفيد"، دون الاطالة في الوصف، و الحوار، أو احتواء أجناس أدبية أخرى...، إلا أن القاص عبد الباسط بوشنتوف في مجموعته القصصية هذه "قطار الحب... يصل متأخرا"(و بفنية عالية)، خرج عن المتداول (و هذا يُحسب له) لما حافظ على كل مُقوّمات القصة القصيرة من وحدات ثلاث، و عنصر "التكثيف"، و وحدة الموضوع/ القضية... و "غامر" كتابة لأجل انفتاح القصة القصيرة على أجناس أدبية أخرى مثل:
ـ الشعر: بداخل قصة "بوجمعة" (ص. 42)،
ـ الرسالة: بداخل قصة "بوجمعة" (ص. 45 و 46)،
ـ المسرح: بداخل قصة قصة "امرأة بين رجلين... بين وطنين"(من صفحة 13 إلى صفحة 21)؛ و سنتوقف قليلا عند هذه القصة كنموذج لتقنية انفتاح القصة على الأجناس الأدبية الأخرى:
ـ وضعية الانطلاق: سرد قصصي عادي كما الراوي يتحدث من الكواليس في المسرح التقليدي، أو ربما قد نطلق عليه كما في لغة المسرح مشهد العرض (و هو مشهد احتضار السارد/ الشخصية في القصة):
"ممددا الآن على سريري، أرقب الموت..." (ص. 13)
ـ المشهد الأول (هكذا سمّاه الكاتب في نفس القصة): وظف فيه القاص تقنية "الفلاش باك"
و كأنه يدغدغ جرح نفسي عميق لكائن بهويتين:
"عيني الآن على قرية "الملاليح"، أرض تبعد عن فجيج بسبعين كيلومتر، تقع على مقربة من الحدود الجزائرية (...) أحمل في جيب سترتي هويتي الجزائرية، و بطاقة جندي في صفوف جيش التحرير، و أمامي، قبرا والديّ المغربيين..." (ص. 14).
ـ المشهد الثاني (كما اسمه في القصة): مشهد وداع البطل لحبيبة كان قد قام في المشهد الأول بإجبارها على فراق زوجها و رضيعها و وطنها:
"... و مَرّ عام و نحن معا، الساعة العاشرة ليلا و خمس دقائق وقف على رأس الدرب ينتظر خروجي، و بالداخل كنت أودعها..." (ص. 17).
ـ المشهد الثالث (كما اسمه في القصة): ننتقل من قصة حالة نفسية مرتبكة بين جنسيتين،
و حالة امرأة حملت مع رجلين، إلى حالة سياسية تختزل خصومة جارين/ دولتين: المغرب
و الجزائر:
"و في الغد، ذاع الخبر إن العلاقات بين البلدين انقطعت، و أن الحدود أغلقت..." (ص. 19).
ـ المشهد الرابع و الأخير (تحت عنوان "المشهد الرابع الذي لم أره"): هو مشهد النهاية، أو "القفلة يفاجئنا بانتفاضة أمرأة (الحبيبة بزوجين و وطنين)، انتفاضة أرض...
"أتيتُ لأخبرك أني راجعة إلى الملاليح، سأجمع شمل ابني، و إن سألاني عن والديهما، سأخبرهما أنهما ماتا على باب قلبي، و تركتهما جثتين لفظهما الحب" (ص. 21).
و إلى أن نلتقي مع كتاب آخر، تقبلوا أغلى تحيات نافذة النقد
و الأستاذ بوزيان موساوي.