lundi 23 mars 2020

يوميات الحجر زمن الكرونا // سعيدة محمد صالح // تونس


منذ عشرة أيّام كما أغلب النّساء ،لازمت البيت خوفا على نفسي وعلى عائلتي وتقيّدا بتعاليم الكرونا المجحفة ،والتّي تحث على الطّهارة باستخدام أنواع المعقمّات الطبيّة والمشابهة لها. كالجفال والكحول والخلّ فكانت تقريبا كلّ مشترياتنا تلازمها مادّة معقمّة ومطهرة من صابون اخضر قوالب وسائل من شامبو وبخاخات ذات فاعليّة على الاسطح السّرامكية والمعدنية..
وهذا الصباح قررت ولحاجة ملّحة وهو التبضّع لوالدتي وتزويدها بما تحتاجه زمن الحظر خاصّة وانّها تعاني من مرض الحساسيّة ،،
وأنا أتهيأ للخروج تذّكرت المعقّم. ،عدت مسرعة لوضعه في حقيبة يدي ،ثم تذكرت المفاتيح عدت لاخذها ،وشعرت بوخز ينبهني لضرورة تعقيم مقبض الباب الذّي لامسته و أخيرا تمكّنت من الخروج. من البيت دون نسيان ايّ شيء.
،وانا أبتعد بضعة أمتار على بيتي ،وكانت المفاجأة المفرحة عودة جارتي الغالية فاتن لبيتها بمناسبة العطلة ،وفي خرق صارخ لتعاليم الكرونة تعانقنا طويلا ومسكنا ٱيادي بعض و وابل أسئلة الأحوال الشّخصيّة خلال فترة غيابها تتهاطل من كلتانا ،ووصلنا إلى قلب الحدث ؛ انتشار وباء الكرونا ، و عرجنا عن أسبابه المحتملة في ووهان الصّينيّة . والتي ترجعها الأخبار إلى الخفافيش والثعابين. ،وتقززنا من أكلهم لكلّ ما أنجبت الأرض ،وحمدنا اللّه على نعمة الاسلام ،وانتبهنا بعد هذا الشّوط الزمني من الحديث ،لاهميّة مسافة الأمان المتر الواحد ذاك ، ولابدّ من احترامه. ابتعدنا ،انا واصلت طريقي وهي ظلت تترقب جارتي الأخرى القادمة نحوها ،،
أخذت المعقم من الحقيبة وفركت ببعض قطرات منه يدي.
في منتصف الطّريق. اعترضتني صديقتي وانا أعرف مشاكلها الصحيّة وكنا لوهلة. سنسلم على بعضنا بالأحضان
فالتزمنا بالمسافة في بادئ الأمر ولكن مع تطور الحديث عن الأحوال والوضع كان الباقي فاصلا بيننا ، فقط هو ربع المسافة..
_الحمد لله وصلت المغازة. ،وجدت صفّا وشباب متطوّع لتنظيمه و وضع الملصقات الأرضية لتحديد مسافة الأمان ،وتحديد الدّخول بعدد ،و تحديد مشتريات للمواد الاساسيّة بعدد ،ونحن في صفّ الانتظار ،كان الحديث عن الوباء وكيفية الوقاية منه وشدّ انتباهي حديث أحدهم عن اهميّة التعليم ،والصّحّة ،والجيش ،فهي عماد الدولة وقت الأزمات. مردفا بنكهة ساخرة :"اك السّراقة متاع البلاد وين باش يمشو تو عاد يداوو عزرائيل في كلّ العالم تو مع الكرونا ،تونس جنّة عاد توّلي قدام اروبا ". فضحكت المجموعة المستمعة والحقيقة ،ما لاحظته كان ايجابيا فهناك معلومة واضحة تصل للمتلقي ،فضلا عن انضباطه الذّي يعكس طينة هذا التّونسي الذي يحمل الطيبة والخوف والمبادرة لمراعاة الآخر .عموما لا ضجيح ، ولا تطفّل ولا ازدحام ،تمكنت من اقتناء ما يلزمني ،وغادرت. الى بيت أمّي ، فتحت لي الباب بضحكتها الجميلة الهادئة ،وبأدعيّة. عطورها مسك وعنبر. استقبلتني. ،وابتعدت قليلا حتى أتمّكّن. من الدخول بالأكياس ، وقالت لي :"خذي قبلة رضاي عليك وألقتها نحوي بيدها ، وانا أضحك ودموع الغبطة تقفز من عيني. وهي تؤكّد عليّ بضرورة الحجر، وأهمية ملازمة البيت .
قائلة لي :"الجوع لا يقتل. ،وانّما الوباء قاتل!_
غسلت يدي بعد أن نزعت بطلب منها حذائي على خيش معقم بالجافال. وأعدّت لي قهوة بنكهة البرتقال ،وحدثتني عن هذا الوباء كما سمعت من الأطبّاء في برامج تلفزية مؤكدة عليّ ضرورة العناية بالتعقيم وخاصة ملازمة البيت.
ولم تنس أن تؤكدّ مشيرة لي عن استغنائي عن التسوّق بفضل العولة التّي ندّخرها وكانت تأخذ حيّز الاهتمام ووقتا لإعداد ها يمتد على فصل الصّيف ، وتراه ارثنا الثمين
زمن الازمات والافراح والأتراح.
فأمّي تحرص سنويّا على إعداد *عولتها من البهارات والمحمًص والكسكي تماما كما كانت قبل مغادرتنا لعشّها الدّافئ وبنفس الكميات.
وتعود لتوصيني بضرورة ان لا أترك ابني الشّاب يخرج، ضحكت عاليا ،
_قلت لها: هو يطبق تعاليم الكرونة حسب الظروف ههه
بعد حوار طريف وله نكهة الدّعابة بين الحين والآخر. أودعتها ربيّ الرحمان بعباده وغادرت عائدة لبيتي. لتنطلق أنشطتي في التنظيف والتعقيم ابتداءا من جرس الباب. لدرج خزانة مهجور الاستعمال بحكم انّ محفوظاته ليست استهلاكيّة
ولكن الطّريف أنّ زوجي الذّي لم يكن يحمل الأمور محمل جدّ كبير وكانت عمليّة التعقيم التي أقوم بها لا تعنيه ،بل جبرا بخاطري ،أصبح مع الحجر ،وازدياد حالات العدوى وارتفاع نسب الوفيات بايطاليا جارتنا المتوسطيّة ، منضبطا وملتزما بتعاليم الكرونة المجحفة في حقّ حريّة التنّقل والجولان ،بل أصبح المساند الرّسمي في العناية بها ، ملزما ابننا على عدم خرق الحجر!
كما أنّه أشار لي محتارا في الحكمة من هذا الوضع ؛ بأنّ أغلب الدّاعين للحجر والبقاء بالبيت هنّ نساء ! والكرونا مؤنث
هل هو وباء أم ثورة أرض سئمت الفوضى والدّخان ؟؟؟!!!!





Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.