جرعات حزني الصباحية // حسين المغربي // المغرب

:الجرعة الاولى

صمت..الصباح..الزقاق..لا صوت غير وقع خطوات متباعدة،متثاقلة،تكسر هدوءه
:فجأة يتعالى نداء طفولي مريب
بابا..بابا..بابا -.
زقاقي بآذان و عيون..و هذا النداء في هذه الساعة يثير الفضول،فألتحق بشرفتي عابرا بضعة أدراج،أطل فألمح الابن الصغيرللجار في البيت المقابل،منتعلا حذاء أمه،و قد خرج مجبرا و على عجل،و هو ينادي أباه
يتوقف الأب على بعد أمتار قليلة منه،و هو رجل في منتصف الثلاثين،يلبس سروال دجينز و يضع سترة رياضية و قد حشر رجليه،في صندل بلاستيكي..يلتفت نحوه مغمغما شيئا لم أتبينه..ثم يتابع طريقه
بابا..بابا..بابا -
يعود الصوت الطفولي متوسلا هذه المرة
"..تكلم لماما،قالت لك اعطيها خمسة دراهم."-
..يستدير الأب مرة أخرى غاضبا نحو مصدر الصوت ينهره
..ثم يواصل طريقه
يرتفع النداء من جديد مرة أخرى..ملحاحا هذه المرة،لكن الأب كان قد ابتعد
..عاد الإبن إلى أمه خائب الرجاء..يبكي
!!حكاية صباح

:الجرعة الثانية

تستفيق باكرا كما تفعل كل يوم،أوجاع مفاصلها صدى لتعبها،تعد فطورا سريعا:كأس شاي و قطعة خبز و زيت،ثم تخرج وحيدة تخترق تلك الأزقة الضيقة،و الدروب الموحشة،متجهة نحو محطة الحافلات، تاركة وراءها أبناءها الشباب و زوجها غارقين في النوم،محاولة أن توفر ما استطاعت: مصروف البيت و أفراده،في زمن اختلت موازينه
!!حكاية كل صباح

:الجرعة الثالثة

زوجة شابة،تخوض كما تفعل سابقتها و نساء أخريات كثيرات..أزقة و دروبا،و الخوف يملأ قلبها،قاصدة الشركة التي تياوم فيها،فيما زوجها اللامبالي،يحتضن وحيدهما،و لا يكلف نفسه حتى مرافقتها إلى وسيلة النقل
!!حكاية كل صباح

:الجرعة الرابعة

عجوز..زوج و أب لشابة معاقة و لمراهق،يمشي بتؤدة متحاملا على نفسه،يرزح كتفاه تحت ثقل السنين،و عبء الحاجة و التعب،أصادفه في صباحات كثيرة،نتبادل التحية و أسئلة سريعة عابرة،أشيح بوجهي هربا و مداريا حزني،صعب أن أرى رجلا في سنه يصارع قدرا سيزيفيا
!!كل صباح

:الجرعة الخامسة

مجنون الحي..محشور في بيته المتداعي،حوله الرعاع إلى مزبلة،و الأوباش إلى ملجأ،رهينة مصيره،و أسير سلطة أختيه،و لا مبالاة أخويه..لا هم قدموا له المساعدة،و لا سمحوا لمن يريد أن يفعل
!!كل صباح

!!و صور اخرى تائهة في الزحام

..مرارة
!!كل صباح جرعاتي الحزينة تستبيح دمي