vendredi 18 septembre 2020

المعلم كورونا // مدحت ثروت / مصر


سمح الله تعالى بفيروس صغير جدا أصاب العالم منذ فترة وجيزة، وارتبك العالم كله فجأة؛ وانقسم كعادته في التعامل مع الأزمات بدلا من الاتحاد، فريق أخذ يكيل السباب لدول باعتبارها السبب في نقل هذا الفيروس بسبب تناوله لأطعمة معينة، والبعض الآخر راح يدرس البحث عن أمصال مضادة، وثالث راح يسخر من هلع الفريقين ورابع وخامس..إلى أن صار المصاب واحدا في العالم كله والدول جميعها المتقدم منها والنامي، دول العالم الثالث والدول العظمى، وعلى غير العادة اتحد العالم في ارتداء الكمامة الطبية، وكأن الطبيعة أبت إلا أن تكمم أفواه العالم كله ،وكأن مشيئة الله استحسنت أن يغلق فم العالم كله ليرتفع بقلبه إلى السماء بالدعاء، أغلقت المدارس أبوابها وباتت كل دول العالم بلا تعليم لأن: ﴿ فَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ﴾ وفتحت المشافي أبوابها لاستقبال المصابين( وإذا مرضت فهو يشفين ) و «أَنَا الرَّبُّ شَافِيكَ». تعالت صيحاتهم على أسرة المرض، وبات في كل بيت مصاب وراحل، بكاء وصرير، نحيب وأنين...كنت أحسب البشر سيعون الدرس ويدرون أن العمر هو لحظة وأن كيان الإنسان ارتفع شانه أو انحط ليس اكثر من نفس داخل رئتيه ونفس خارج منهما، فيروس من الصغر بحيث لا تراه بالعين المجردة لكنه أصاب العالم كلهة بفالج الحركة والعمل، وقطع العلاقات الاجتماعية اكثر واكثر، وحرم المؤمنين ارتياد دور عبادته؛ لأجل درس وجب علينا تعلمه

كنا بعيدين؛ قطعنا صلة رحمنا، تركنا صلاتنا وقيامنا، تكاسلنا عن الوصايا والفروض، لهثنا وراء وريقات المال ذات الرائحة الكريهة لنقطف منها ما يملأ قلوبنا وأحشاءنا قبل جيوبنا، فنسينا ذوينا؛ نسى الابن اباه وتركت الابنة امها وقست الكنة على حماتها وتلوثت الحياة وبات المال هو السيد والله الجديد يعبده أناس كثيرون من دون الله، فأصبح من الضروري ان نتعلم درسا جديدا ليكون بمثابة صفعة لنا على وجوه التيه التي اصابتنا، فعاد العالم لينقسم من جديد إلى فرق كثيرة بدلا من أن يجتمع ليدرس ويتعلم الدرس ، فريق الأطباء أصحاب شهادة الطب الذين يمارسون مهام عملهم والأطباء من منازلهم الذين وكلوا أنفسهم على رعاية البشر وإعطاء نصائحهم الطبية عن جهالة وتشديد الأمر وتعنيفهم حيال كل تقصير، وفريق المرتعبين الذين اغلقوا أبوابهم وفتحوا هواتفهم الذكية لمتابعة أعداد المصابين والوفيات كل ثانية إلى أن أصابهم الوسواس القهري، وفريق حراس البيت ممن لم يبرحوا منازلهم ولن يبرحوا حتى إشعار آخر، وهذا فريق الدراويش الذين يصرحون ويعظون وهم على أسرة راحتهم في غرفهم المكيفة وأمام شاشة الهاتف يبثون إرسالهم مباشرا عن الرحمة والمحبة والتسامح وإعالة الفقير ومساعدة المريض وقد أغلقوا أجراس منازلهم كي لا يفتحوا لأحد أبوابهم، وفريق الكوميديا المبتذلة ممن يسخرون من المرضى أو المصابين الذين يأخذون بعض الإجراءات الاحترازية أمانا لهم ولأولادهم... فريق يسفه وفريق يوسوس، فريق يضحك وفريق يبكي، فريق يهون وفريق يهول، فريق يعظ وفريق يجدف، ألا ترون يا بشر أنه قد آن الأوان لنتحد ونقف وقفة مع أنفسنا ضد أنفسنا ولنرضي الله حتى يرضى عنا؟





   

مدحت
a envoyé
il y 2 minutes


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.