تطاردني مواجع الماضي
تحاصرني في الحاضر
تحبسني في ركن الآهات
تعزلني في مكان صامت
تذكرني بملابسي القديمة
بسروالي المقطع المرقع
بجلبابي الصوفي الخشن
بنعلي الذي كان يتوسل الرحمة
من رائحة عرق أقدامي
و أشياء أخرى نتنة
يذكرني أيضا بغباوتي
بشعري المتسخ كذاتي
الذي كان القمل غابته المثلى
ويذكرني بضعفي وشقاوتي
بكل شيء مني وإلي
بجدي المعمرالصوفي
شجرتي المتفرعة
التي كانت تضللني من حر القهر
يذكرني بنوادره
بحكمه العامية
بصور من حياته
بحكاياته الطريفة
بماضيه وجهله الأليم
بصراعه من أجل البقاء
في عصر السيبة
يذكرني بوالدي الشقي اليتيم
حمار الطاحونة الأمي
التي قتلت كل الأجداد
يذكرني بعذاب أمي الجاهلة
بخبزها الحافي
بضمئها وحزنها
بحقوقها المسلوبة
حتى ماتت معلولة
يذكرني بطفل يرعى بقرة
بحمال أثقال في مزرعة
بإسكافي في سوق الحفا
بتلميذ يحمل أوزارا
في علبة بلاستيكية
كسرة خبز شعير جاف
قنينة شاي بارد
كتبا ودفاتر مقطعة
بالطباشير الجيري
وبلوحة مشروخة
يذكرني بطفل مغفل
يطارد طيف جنون القراءة
بين صبيان القرية
وهو المطارد بالخوف
في ترحالاته اليومية
يذكرني بطالب يعجن خبزه
من دقيق أسود مغشوش
و يطبخ خضرا وعدسا
بعيدا عن خبز الأم
وعن حنانها في دروبه القاسية
يطاردني بأشياء كثيرة
مقام القصيد لا يتسع لذكرها
حتى لا تكون مواجعي عدوى
يكرهها من يريد بدل البكاء
ابتسامة أمل تدفن الماضي
وكأنه لم يكن كما كنا
أحاول عبثا الهروب من حصاره
و كلما حاولت النسيان
أجد نفسي مكبلا بسلاسل الحنين
لماض لا أرضى غيره مرآة
لرؤية وجهي كما كنت وكما أنا
فأمشط شعري بمشط الهموم
وأغسل أسناني بفرشاة جراحي
ووجهي بدموع الأسى
وأتزين بحلل معاني الصبر
المصنوع من يأس
وأرش علي رائحة تواضع
لأذهب لعرس المستقبل
أحمل باقة حروف متمردة
و علبة مغلقة من عفة
لأحباب الحرف الراقي
أنادمهم كما أنا بعفويتي
كؤوس البوح الصادق
وأنا عاري كما أنا
حتى الثمالة.
**
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire
Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.