mercredi 6 septembre 2023

قراءة أولية في قصيدة "أجول بعيني .." للشاعر علاء الدين الحمداني // محمد الكروي // المغرب

 

أجول بعيني
شساعة الغابة القصية
قمم الجبال العالية النائية
نهارا ورديا
سكب ملامحه السرمدية
على روح تحلم بانتشاء
مثقل الروض
برائحة البنفسج
بدوري أجول هذه القصيدة ،التي جال الشاعر فيها تضاريس المكان ذي الاختلاف الجغرافي ،المتكامل الإيقاع.
أجول بعيني
شساعة الغابة القصية
قمم الجبال العالية النائية
طبعا، لا مكان دون زمن ، فكلاهما يستدعي بالضرورة الآخر، حتى يكتمل التقاط المشهد :
نهارا ورديا
سكب ملامحه السرمدية
فثنائية الزمن و المكان لا اعتبار لها و لا قيمة ،بل لا وجود لها خارج وجود الانسان و إحساسه ، ذلك أن الإنسان هو المحور الذي عليه يدور سر الوجود ،فهو الذي يمنح كل ذرات الوجود قيمتها و كينونتها ، فلا حياة خارج دائرة الانسان .
على روح تحلم بانتشاء
مثقل الروض
برائحة البنفسج
بعد هذه القراءة الإجرائية المتأملة لجغرافية النص، أعود الى قراءة عمق سطح كل جزء، وكذا علاقته بباقي الأجزاء الأخرى المكونة لوحدة النص و تماسكه.
ففي المقطع الأول الخاص بالمكان نجد تداخل و حضور الزمن و روح الأنا العميقة المتجاوزة للعين و جمالها إلى الرؤية و ثرائها.
إن العين الفنية الجمالية ذات الرؤى الزاخرة بشتى الأوراق الندية ، لم يفتها تملي الغابة البعيدة ، و قمم الجبال المحاورة لنوافذ الغمام:
أجول بعيني
شساعة الغابة القصية
قمم الجبال العالية النائية
إن هذا المقطع يجلو هدوء وجمال الغابة و الجبال وأثرهما على النفس البشرية /الشاعر، و تخلصها من أدران و ضوضاء المدينة ،مما أكسبها راحة و تأملا و استمتاعا لذيذا ، ينم عن الارتخاء و الرعشة و الاستمتاع المستحضر للعين و الرؤية و الإحساس الدافئ:
نهارا ورديا
سكب ملامحه السرمدية
إن هذا المقطع الثاني ، و الذي يشير إلى الزمن لهو بمثابة الدرة في العقد، الذي صاغه شاعرنا أزاهير عطرة طرية هدية جولة غابة و جبال ،ود الشاعر لو يبقى هذا الجمال و الاحساس الوردي مدى الزمان .
تلك أمنية الإنسان/ الشاعر لسان الأنا الجمعي ، وهي أمنية قديمة وجدت مع ظهور الإنسان ،الذي تبين ان وجوده على البسيطة جد محدود، مهما طال به العمر ، و حتى يمدد من ذكره و ذكراه لجأ الإنسان إلى النقش و الأساطير/ جلجاميش و المعمار ...
إلى هذا الذي سبق ،يرمز المقطع الثالث الخاص بالروح و أمنياتها العديدة و أحلامها الكثيرة التي تريدها عطرة ومعمرة كزهرة البنفسج:
على روح تحلم بانتشاء
مثقل الروض
برائحة البنفسج
أفضت قراءة هذا النص، إلى كونه يعرف انسجام و تناغم الاجزاء، التي ارتأينا اجرائيتها لقراءتنا ،غير الغافلة بكون النص ترك مفتوح النوافذ ،مما سيتيح للنص قراءات تجدد هويته باستمرار ، و هذا أمر ليس بغريب على نص يعي إرثه الشعري الكبير القديم منه و الحديث ،على حد سواء باعتباره ينشد لحظة الأنا المختلفة المؤتلفة ،إضافة أخرى الى مسيرة الحلم الإنساني ،المتجدد دوما ، رغم بعض عثرات الطريق .
في جرسه الخفيف و قاموسه الشعري الظليل ينساب النص كجدول هادئ ،يسقي عطش ذرات التيه .
يتميز هذا النص ببساطته وعمقه و نظرته الجمالية الفلسفية التي يستحيل اقتفاء ريحها.





Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.