mercredi 2 avril 2025

فصل من رواية " الذئب والمرآة " // محمد بوعمران // المغرب

 

اقترب الطبيب من وحيد وهو يجس نبضه وسأله بصوت هادئ:
- أما زلت تخشى المرآة، يا وحيد؟
انتفض جسده، وتقلصت ملامحه كمن رأى شبحًا، صاح مستنجدًا:
- لا تحضروا المرآة! أرجوكم، لا أتحمل رؤيته... إنه يرعبني
تبادل الطبيب والممرض نظرات خاطفة قبل أن يسأله بهدوء:
- من يرعبك؟
أخفى وحيد وجهه بين كفيه، وانكمش في سريره كطفل مذعور:
- الذئب... يا دكتور... الذئب...
راقبه الطبيب للحظات، ثم قال بصوت رصين مطمئن:
- نحن في المستشفى، يا وحيد، لسنا في الغابة.
رفع وحيد رأسه ببطء، وعيناه متسعتان كأنهما تحاولان استيعاب كلام الطبيب، ثم همس بصوت متهدج:
- الذئب ليس في الغابة... إنه داخلي... يسكنني... ألا ترى وجهه في وجهي؟ فروه
يغطي جسدي... إنه أنا...
ظل الطبيب ينظر إليه بثبات، ثم أجابه برفق:
- أرى أمامي إنسانًا، كما يراك الآخرون. أنت فقط من يرى نفسه ذئبًا.
ارتجفت شفتا وحيد قبل أن يهمس:
- إذن... أنا مجنون، أليس كذلك؟
تنهد الطبيب وهو يسجل ملاحظاته:
- لا، لست مجنونًا، لكنك تحتاج إلى المساعدة لتجاوز هذه المحنة... ونحن نحتاج إليك أيضًا، لمساعدتنا على إزالة هذه الصورة من ذهنك.
وقف الطبيب، ألقى عليه نظرة أخيرة، ثم غادر الغرفة. ظل وحيد جالسًا، يمرر يديه المرتعشتين على وجهه، على ذراعيه، على صدره. تحسس جلده وكأنه يتأكد من حقيقته.
هل كل ما رأيته في المرآة كان مجرد وهم؟ هل كنت أهرب عبثًا، أختبئ خلف الجلباب كالأحمق؟ كيف وصلت إلى هذه الحالة ؟ لماذا...؟
تلاشت الأسئلة في الظلام الذي أخذ يزحف داخل عقله، لكنه لم يجرؤ على النظر إلى المرآة. ليس بعد...






Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.