قراءتي في نماذج من النصوص الشعرية للشاعر السوري جوزيف موسى إيليا
"تحت عنوان: "غواية بنيات الشعر و إبدالاتها
"تحت عنوان: "غواية بنيات الشعر و إبدالاتها
الجزء الأول : محطة الملاحظة
*********
:تمهيد
تتوجه هذه القراءة في نماذج من النصوص الشعرية للشاعر السوري جوزيف موسى إيليا نحو قارئها بوصفها مقترحا لرؤية منهجية مسكونة ب 'غواية بنيات الشعر و إبدالاتها".. قراءة محكومة بزمني الكتابة و القراءة معا... شعارها الإسماع و الإنصات ب (و ل) لغة الشعر، لقضايا عقائدية و فلسفية و سياسية و وجدانية و جمالية... قضايا الانسان العربي هنا / الآن .(الانسان السوري خاصة
هي نصوص شعرية متعددة الأغراض و الايقاعات و الوظائف و الأهداف... تصب كلها كروافد أنهار (منها ما يشبه نهرالكوثر(2)، و منها ما يشبه وادي الغي (3)) في بحر غاضب...من تيماتها
...("ـ تيمة عن وظيفة الشعر (نصوص مثل: "هكذا هو الشعر" و " اسمعوها
ـ تيمة ذات بعد فلسفي وجودي (نصوص مثل: "من أنت؟" و "إلى ابنتي.. مع الاعتذار" و "لا نرى غير التراب" و "أكاد أشك"
.(..."ـ تيمة إٌقرار الهوية و الانتماء (نصوص مثل: "أنا ابن الشرق"، و "سورية هويتي
ـ تيمة نبذ التطرف و الحرب (نصوص مثل: "أغلق الباب وراءك"، و "السياسات المدمرة" و "فلتسقط الحرب" و "كفاك صراخا
:و للضرورة المنهجية، نقترح على القارئ مقاربة هذه النماذج من النصوص الشعرية بالتوقف عند ثلاث محطات
.محطة الملاحظة، و محطة التحليل، و محطة التقويم
:1 ـ محطة الملاحظة
و هي استنتاجات أولية لقراءة انطباعية ترتبط بالمؤثرات الخارجية التي تحملها النصوص و تشكل إطارها العام، و منها اسم الشاعر، وعناوين النصوص، و شكل بنائها و هندستها
إسم الشاعر و هويته لهما أكثر من دلالة لفهم نصوصه: جوزيف موسى إيليا شاعرعربي سوري.. و ينتمي لمؤسسة الكنيسة.. و مثقف متنور حداثي.. و لكونه شاعرا يهمنا كقراء أن نعرف تعريفه و تمثله الخاص للشعر و وظائفه... و قد اختصر علينا الطريق لما كتب يقول
" وجودُ الشِّعر نفيٌ للزّوالِ
ورقصٌ فوق أرصفةِ الجمالِ
ضفائرُهُ على رأسِ المعاني
غطاءٌ ناعمٌ مِثْلُ الدّوالي
يصادقُنا ويأخذُنا لدنيا
("نطيرُ بها بأجنحةِ الخيالِ " (قصيدة: "هكذا هو الشعر")
و لكونه عربيا سوريا يجعلنا نتساءل إن كانت توجد علاقة بين مضامين قصائده و اعتزازه بهويته.. و يجيبنا بعدة نصوص مثل: "أنا ابن الشرق"، و "سورية هويتي" و "كردية أنا"...)، نقرأ منها
" سوريّةٌ هُويّتي
أقولُها بعزّةِ
فلمْ تزلْ بحُسنِها
أمَّ الدُّنا سوريّتي
سوريّةٌ هُويّتي
نقيّةٌ أطيابُها
وحلوةٌ أثوابُها
عصيّةٌ أبوابُها
("لا ترتضي بذِلّةِ " (مقطع من قصيدة "سورية هويتي
و لكون بلده سوريا العزيزة يعيش ويلات الحرب، قمنا بمساءلة نصوصه عن مواقفه من السياسة و الحرب، فوجدنا الإجابة في أكثر من نص
:نقرأ
" تبّتْ يدا سياسهْ
في جوفِها نجاسهْ
تشعلُ حربَ شرٍّ
وقودُها الشّراسهْ
إذْ قولُها خداعٌ
وسُوقُها نخاسهْ
ودربُها سرابٌ
...("وروحُها رجاسهْ"... (مقطع من نص: "السياسات المدمرة
:ولكونه رجل دين ينتمي لمؤسسة الكنيسة الشرقية، بدر في ذهننا سؤال
و ما رأيه في التطرف الديني، و حوار الأديان و الحضارات لأجل السلم و السلام؟... فأجابنا من خلال عدة نصوص منها قصيدة: "أغلق الباب وراءك"، نقرأ منها هذا المقطع
:" لكلّ متطرّفٍ متعصّبٍ من كلّ دينٍ ومذهبٍ وعقيدةٍ أقو
-----------------------
أغلقِ البابَ وراءَكْ
وامضِ واحملْ معْكَ داءَكْ
أنتَ في صدري دخانٌ
فيهِ ألقيتَ بلاءَكْ
لستَ منّي وأنا لن
أرتديْ يومًا رداءَكْ
من عيونِ الحُبِّ مائي
وأرى البغضاءَ ماءَكْ
أحرفُي خبزُ حياةٍ
..."والرّدى أضحى غذاءَكْ
و لكونه شاعرا و مثقفا و متنورا و صاحب مواقف فكرية، حاورنا نصوصه علنا نجد مؤشرات ترشدنا إلى لب ما وصل إليه تفكيره في هذه الظرفية الحرجة جدا التي يمر منها بلده الحبيب سوريا، فوجدناه تارة متشائما (نص: "إلى ابنتي .. مع الاعتذار")، و تارة متفائلا و مفتخرا، نقرأ
" أنا ابنُ الشّرقِ أعشقُهُ
وبالأشعارِ أرشُقُهُ
وأبني مِنْ حجارتِهِ
لبيتي ما يُنمّقُهُ
وأجلسُ تحت كرمتِهِ
بعينِ الشّوقِ أرمُقُهُ
فخمرتُهُ معتَّقةٌ
..(وأحلى الخمرِ أَعتقُهُ ..." (مقطع من قصيدة "أنا ابن الشرق"
.."و تارة أخرى حائرا، يكاد يشك في كل شيء، نقرأ من إحدى روائعه هذا النص تحت عنوان: "أكاد أشك
" رياح جنون بعثرت قمح أمتي
فنحت عليها ساكبًا فيض دمعتي
و صرت أسير السقم أشكو إلى الورى
نزيف جراحاتي و سطوة علتي
أخي قاتلي و الجوع يطلق سهمه
علي فأستجدي من الغير لقمتي
و أترك قصرًا للهناء بنيته
و أمضي حزينًا متعبًا نحو خيمتي
أهذي بلاد الشرق حقًّا و هل بها
رأى الخلق يومًا وجه شمسي و نجمتي
و هل ها هنا كانت "حدائق بابلٍ"
و "تدمرُ" و "الأهرام عنوان نهضتي
و كيف هنا "زرياب" غنى غناءه
و لي قد بنى "بشار" صخر قصيدتي
و كيف " ابن سينا " من هنا شعَّ نوره
و ظل "معريٌّ" يصارع ظلمتي
تتوجه هذه القراءة في نماذج من النصوص الشعرية للشاعر السوري جوزيف موسى إيليا نحو قارئها بوصفها مقترحا لرؤية منهجية مسكونة ب 'غواية بنيات الشعر و إبدالاتها".. قراءة محكومة بزمني الكتابة و القراءة معا... شعارها الإسماع و الإنصات ب (و ل) لغة الشعر، لقضايا عقائدية و فلسفية و سياسية و وجدانية و جمالية... قضايا الانسان العربي هنا / الآن .(الانسان السوري خاصة
هي نصوص شعرية متعددة الأغراض و الايقاعات و الوظائف و الأهداف... تصب كلها كروافد أنهار (منها ما يشبه نهرالكوثر(2)، و منها ما يشبه وادي الغي (3)) في بحر غاضب...من تيماتها
...("ـ تيمة عن وظيفة الشعر (نصوص مثل: "هكذا هو الشعر" و " اسمعوها
ـ تيمة ذات بعد فلسفي وجودي (نصوص مثل: "من أنت؟" و "إلى ابنتي.. مع الاعتذار" و "لا نرى غير التراب" و "أكاد أشك"
.(..."ـ تيمة إٌقرار الهوية و الانتماء (نصوص مثل: "أنا ابن الشرق"، و "سورية هويتي
ـ تيمة نبذ التطرف و الحرب (نصوص مثل: "أغلق الباب وراءك"، و "السياسات المدمرة" و "فلتسقط الحرب" و "كفاك صراخا
:و للضرورة المنهجية، نقترح على القارئ مقاربة هذه النماذج من النصوص الشعرية بالتوقف عند ثلاث محطات
.محطة الملاحظة، و محطة التحليل، و محطة التقويم
:1 ـ محطة الملاحظة
و هي استنتاجات أولية لقراءة انطباعية ترتبط بالمؤثرات الخارجية التي تحملها النصوص و تشكل إطارها العام، و منها اسم الشاعر، وعناوين النصوص، و شكل بنائها و هندستها
إسم الشاعر و هويته لهما أكثر من دلالة لفهم نصوصه: جوزيف موسى إيليا شاعرعربي سوري.. و ينتمي لمؤسسة الكنيسة.. و مثقف متنور حداثي.. و لكونه شاعرا يهمنا كقراء أن نعرف تعريفه و تمثله الخاص للشعر و وظائفه... و قد اختصر علينا الطريق لما كتب يقول
" وجودُ الشِّعر نفيٌ للزّوالِ
ورقصٌ فوق أرصفةِ الجمالِ
ضفائرُهُ على رأسِ المعاني
غطاءٌ ناعمٌ مِثْلُ الدّوالي
يصادقُنا ويأخذُنا لدنيا
("نطيرُ بها بأجنحةِ الخيالِ " (قصيدة: "هكذا هو الشعر")
و لكونه عربيا سوريا يجعلنا نتساءل إن كانت توجد علاقة بين مضامين قصائده و اعتزازه بهويته.. و يجيبنا بعدة نصوص مثل: "أنا ابن الشرق"، و "سورية هويتي" و "كردية أنا"...)، نقرأ منها
" سوريّةٌ هُويّتي
أقولُها بعزّةِ
فلمْ تزلْ بحُسنِها
أمَّ الدُّنا سوريّتي
سوريّةٌ هُويّتي
نقيّةٌ أطيابُها
وحلوةٌ أثوابُها
عصيّةٌ أبوابُها
("لا ترتضي بذِلّةِ " (مقطع من قصيدة "سورية هويتي
و لكون بلده سوريا العزيزة يعيش ويلات الحرب، قمنا بمساءلة نصوصه عن مواقفه من السياسة و الحرب، فوجدنا الإجابة في أكثر من نص
:نقرأ
" تبّتْ يدا سياسهْ
في جوفِها نجاسهْ
تشعلُ حربَ شرٍّ
وقودُها الشّراسهْ
إذْ قولُها خداعٌ
وسُوقُها نخاسهْ
ودربُها سرابٌ
...("وروحُها رجاسهْ"... (مقطع من نص: "السياسات المدمرة
:ولكونه رجل دين ينتمي لمؤسسة الكنيسة الشرقية، بدر في ذهننا سؤال
و ما رأيه في التطرف الديني، و حوار الأديان و الحضارات لأجل السلم و السلام؟... فأجابنا من خلال عدة نصوص منها قصيدة: "أغلق الباب وراءك"، نقرأ منها هذا المقطع
:" لكلّ متطرّفٍ متعصّبٍ من كلّ دينٍ ومذهبٍ وعقيدةٍ أقو
-----------------------
أغلقِ البابَ وراءَكْ
وامضِ واحملْ معْكَ داءَكْ
أنتَ في صدري دخانٌ
فيهِ ألقيتَ بلاءَكْ
لستَ منّي وأنا لن
أرتديْ يومًا رداءَكْ
من عيونِ الحُبِّ مائي
وأرى البغضاءَ ماءَكْ
أحرفُي خبزُ حياةٍ
..."والرّدى أضحى غذاءَكْ
و لكونه شاعرا و مثقفا و متنورا و صاحب مواقف فكرية، حاورنا نصوصه علنا نجد مؤشرات ترشدنا إلى لب ما وصل إليه تفكيره في هذه الظرفية الحرجة جدا التي يمر منها بلده الحبيب سوريا، فوجدناه تارة متشائما (نص: "إلى ابنتي .. مع الاعتذار")، و تارة متفائلا و مفتخرا، نقرأ
" أنا ابنُ الشّرقِ أعشقُهُ
وبالأشعارِ أرشُقُهُ
وأبني مِنْ حجارتِهِ
لبيتي ما يُنمّقُهُ
وأجلسُ تحت كرمتِهِ
بعينِ الشّوقِ أرمُقُهُ
فخمرتُهُ معتَّقةٌ
..(وأحلى الخمرِ أَعتقُهُ ..." (مقطع من قصيدة "أنا ابن الشرق"
.."و تارة أخرى حائرا، يكاد يشك في كل شيء، نقرأ من إحدى روائعه هذا النص تحت عنوان: "أكاد أشك
" رياح جنون بعثرت قمح أمتي
فنحت عليها ساكبًا فيض دمعتي
و صرت أسير السقم أشكو إلى الورى
نزيف جراحاتي و سطوة علتي
أخي قاتلي و الجوع يطلق سهمه
علي فأستجدي من الغير لقمتي
و أترك قصرًا للهناء بنيته
و أمضي حزينًا متعبًا نحو خيمتي
أهذي بلاد الشرق حقًّا و هل بها
رأى الخلق يومًا وجه شمسي و نجمتي
و هل ها هنا كانت "حدائق بابلٍ"
و "تدمرُ" و "الأهرام عنوان نهضتي
و كيف هنا "زرياب" غنى غناءه
و لي قد بنى "بشار" صخر قصيدتي
و كيف " ابن سينا " من هنا شعَّ نوره
و ظل "معريٌّ" يصارع ظلمتي
و هل ها هنا "الخنساء" عاشت و فاطمٌ
و "مريمنا العذراء" فيهنَّ عزّتي
فأين اختفت لوحات ماضيَّ كلُّها
و كيف انتهت بالخزي أحداث قصتي
أكاد أشكُّ اليوم في صدقها فمَن
يخلّصني من موج شكّي و ريبتي؟"
********
و "مريمنا العذراء" فيهنَّ عزّتي
فأين اختفت لوحات ماضيَّ كلُّها
و كيف انتهت بالخزي أحداث قصتي
أكاد أشكُّ اليوم في صدقها فمَن
يخلّصني من موج شكّي و ريبتي؟"
********
هوامش
1 ـ العنوان مستوحى من كتاب " الشعر العربي الحديث.. بنياته و إبدالاتها" ـ محمد بنيس شاعر و ناقد ـ المغرب
2 ـ الكوثر: نهر في الجنة3 ـ الغي: وادي في جهنم
1 ـ العنوان مستوحى من كتاب " الشعر العربي الحديث.. بنياته و إبدالاتها" ـ محمد بنيس شاعر و ناقد ـ المغرب
2 ـ الكوثر: نهر في الجنة3 ـ الغي: وادي في جهنم
:الجزء الثاني : محطة التحليل
******
أتاحت لنا محطة الملاحظة التعريف بالشاعر من خلال نماذج من نصوصه بتيماتها و أغراضها و أبعادها و رسائلها.. و هي قراءة أولية انطباعية لأنها كما أسلفنا الذكر تهتم أساسا بالمؤثرات الخارجية التي تحملها النصوص
أما محطة التحليل فهي تقرأ النصوص لذاتها كمكونات أساسية و بنيوية متفرقة و مجتمعة.. هي محطة التفكيك لإعادة البناء من وجهة نظر القارئ المتمرس.. هي قراءة سطرية linéaireو مسحية متتالية par balayage successif في ذات الآن، و تهتم ب
دراسة المعجم و الحقول الدلالية، و الايقاع بنوعيه الخارجي و الداخلي، و مكونات الصور الشعرية (الصور البيانية و المحسنات البديعية)، و دراسة الأساليب (خبرية / إنشائية) و نوعية الجمل، و هندسة بناء النص الشعري
و سنكتفي هنا، لضيق المجال بمقاربة المعجم، و الإيقاع، و الصور الشعرية من خلال بعض النماذج
2 ـ 1 ـ دراسة المعجم و الحقول الدلالية
رغم تكوينه الديني، و تأثره بلغة الإنجيل، أبى الشاعر جوزيف موسى إيليا، عبر غالبية نصوصه أن لا يستعمل المعجم القديم، كما عند امرئ القيس و النابغة الذبياني، و غيرهم... هو معجم سهل بدون تعقيد، قريب من اللغة المتداولة، لكنه سهل ممتنع لأن كل مفردة أو عبارة لا معنى لها كوحدة مستقلة خارج سياقها، هي حلقة في سلسلة، يتناغم رنينها مع باقي الحلقات...هي لون لا يكتمل بريقه إلا وهو متناسق مع باقي الألوان.. هي إحدى مكونات صورة شعرية بإيحاءاتها كمعنى معجمي أو مجازي.. هي بتكرارها كما هي، أو بواسطة مرادفاتها،تكون الحقول الدلالية للنص الشعري ككل
تحضر على طول مختلف النصوص متقابلة، أو متنافرة، منسجمة أو متناقضة، سلمية أو حربية، هادئة أو حائرة، متيقنة أو مرتابة، محبطة أو حالمة، يائسة أو متفائلة
هي "الهوية" و "الحرب"، و "الحياة" و "الموت"، و "الأمل" و "اليأس"، و "اليقين" و "الشك"، و "الوطن" و "الخراب"، و "الضحك" و "البكاء"، و "الغضب" و "التروي
تكون حقولا دلالية تعبر عن نفسية متألمة ذاتيا / وجدانيا، و اجتماعيا، و فلسفيا، و دينيا، و سياسيا... معجم يسلط الضوء عن مأساة شاعر، و مواطن، و مجتمع، و وطن يعيش مصيرا مشؤوما لم تكن له يد في صنع أحداثه، و أهواله، و عبثيته، و خيباته، و دماره
:"و نقرأ هذه المفردات مجتمعة أحيانا في نص واحد كقصيدة "الغياب ليس ردائي
" من الشّمسِ أسرقُ خيطانَ شِعري
لأنسجَ أثوابَ دفئي بيوميْ الشّتائيّ هذا
فلا يطعنُ البردُ روحيْ بسيفِ الصّقيعِ
ومن شفةِ الّليلِ آخذُ إيقاعَ رقصي
فلا يسجنُ القحطُ فيَّ انبعاثَ الرّبيعِ
ومن شجرِ الفهمِ آكلُ تفّاحةً
كي أرى عُريَ مَن شرّدوا ليْ قطيعي
ومن كومةِ الطّينِ أجبلُ مفردتي
صارخًا في وجوهِ الّذين استباحوا دماءَ الرّضيعِ
ومن ضحكةِ الحقلِ أرسمُ فوق نهودِ الحياةِ عناقيدَ حُسني
لأمشيْ جميلًا على أرضِ قُبحٍ فظيعِ
أنا شهقةُ الصّحوِ
لستُ أحبُّ ارتداءَ ثيابِ الغيابِ
وإنْ متُّ لن أختفيْ
"فسأتركُ قلبيْ الفتيَّ يعيشُ دهورًا بصدر الفضاءِ الوسيعِ"
: ـ 2 ـ إيقاع النصوص
:الإيقاع في نصوص جوزيف موسى إيليا نوعان
...ـ إيقاع خارجي: و من خلاله نتساءل إن كان الشاعر قد التزم بوزن محدد، و تفعيلات القصيدة، و القافية و الروي
بهذا الخصوص، نكتشف عبر مختلف النصوص التي اعتمدناها نماذجا لقراءتنا هنا (انظر الجزء الأول من المقال) بأن الشاعر جوزيف موسى إيليا لم يرسو على إيقاع خارجي واحد (من اختيار شاعر)
"قصائد تشبه التراتيل المستوحاة من نصوص الانجيل، و النماذج كثيرة،منها نص " الرّبّ أعطى والرّبّ أخذ"
"الرّبُّ أعطى وهو الّذي أَخذْ
أعظِمْ بمن أمرُ قضائِهِ نَفَذْ
وليكنِ اسمُهُ مباركًا فقد
أعدَّ للمؤمنِ موطنًا أَلَذْ "..(القول عبارة عن تناص مرجعه الإنجيل: "أيو ١ : ٢٠ و٢١ "، اعتمادا على الشاعر كمرجع)
:و قصائد التزمت إحدى بحور القصيدة العمودية العربية التقليدية، كقصيدة "أسرار رحلتي"، و منها هذا المقطع "
" على الموج يمشي قاربي متثاقلا
إلى شاطئِ الأنوار يسعى مناضلا
يعاركُ عصْفَ الرّيح لا ينحني ولا
يعودُ هنا عمّا نوى متخاذلا
وأبقى بهِ أشدو لآتٍ مرنِّمًا
.."كأنّي بصدري قد حويتُ بلابلا
ما يثير الانتباه في هذه القصيدة ليس اختيار البحر الطويل (فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن...، مع التغييرات) في حد ذاته باعتباره جسرا بين الشعر القديم و الحياة المعاصرة، و بالتالي ناطق باسم أسرار رحلة "عبر الزمن" كما يوحي عنوان القصيدة، و إنما أيضا لرمزية القافية: "متثاقلا"، "مناضلا"، "و لا"، "متخاذلا"، "بلابلا"... إلى آخر القصيدة... كل هذه الكلمات في آخر الصدر و العجز تنتهي ب "لا".. و هي هنا ليست مجرد أداة نهي، بل صرخة رفض.. رفض لما يجري
و نصوص شعرية قريبة مما نسميه ب"الشعر الحديث"، لكن مع احترام التفعيلة و إيقاع داخلي متميز، مثل نص:" لستُ لأحد"
:"سأنادي للأبدْ
لستُ في صفِّ أحدْ
كان حرًّا قلمي
..."وسيبقى للبلدْ "
:ـ إيقاع داخلي
و في هذا الإيقاع يتم ملاحظة تكرار الصوت أو الجملة أو الكلمة أو حتى للبيت، أو المقطع شعري، و ملاحظة التجانس بين الألفاظ و الوصول إلى الموسيقى الداخلية في القصيدة
و في نفس هذا السياق لاحظنا سابقا كيف تكرر صوت "لا" كقافية ذات جرس موسيقي و ذات دلالة بمعنى الرفض، لكن أجمل قصيدة بتجلى فيها هذا الايقاع الداخلي (من بين قصائد أخرى)، قصيدة "سورية هويتي"، نعطي مثالين فقط لضيق المجال
تتكرر اللازمة "سورية هويتي" ثمان (8) مرات للتوكيد معنى، و للتغني بالوطن ترتيلا... و تتكرر في نفس القصيدة بعض أصوات المنتمية لنفس مخارج الأصوات كالسين و الزاي، و مخرجها، طرف اللسان مع ما فوق الثنايا السفلى، مع ترك فتحة صغيرة بين اللسان والأسنان
" سوريّةٌ هُويّتي
أقولُها بعزّةِ
فلمْ تزلْ بحُسنِها
أمَّ الدُّنا سوريّتي
..."سوريّةٌ هُويّتي ".
و وظيفتها التصفير.. و يستعمل التصفيرعادة لإثارة الانتباه، أو لترديد نغمة، أو للاحتجاج و التنديد... و هي وظائف مجتمعة في نفس النص
:2 ـ 3 ـ الصور الشعرية
و هي إما صور بيانية (المجاز، التشبيه، الاستعارة، الكناية، توظيف الرمز...)، و إما محسنات بديعية (الطباق، الايجاز، الجناس، المقابلة، الاطناب
:و حتى نتلمس جمالية بعض هذه الصور الشعرية، أقترح قراءة مقطع من النص التالي على سبيل المثال لا الحصر
!"* أسوريّتي لعنتي .. ؟
-------------------------
سأبقى ودمعي على الخدِّ يهمي
أفتّشُ أين تهشّمَ رسمي
وأين كبا بيْ حصانيْ الأصيلُ
وكيف بختْم الدُّجى تمَّ ختمي
وكيف انهزمتُ بحرب وجودي
فأُحرِقَ قمحي ودُمِّرَ كرْمي
وكيف سمائي أراها نحاسًا
تصارعُ أذرعُها ضوءَ نجمي
وأرضي تعرقلُ خطويْ فأمشي
..."كأنَّ صخورًا هوتْ فوق عظمي
:و نتساءل كأي قارئ عادي
كيف "يتهشم الرسم"؟ و الرسم بأي معنى؟.. و كيف الأرض تعرقل خطوه فيمشي؟... و ماذا يقصد ب "حرب وجودي "؟.. و كيف يرى سماءه نحاسا... تصارع أذرعها ضوء نجمه؟
:"تهشم الرسم" صورة بلاغية تتحمل أكثر من تأويل بين مجاز و كناية لتعدد معنى "الرسم"
قد يعني كناية الوجه المرسوم، و و قد يعني اختفاء آثار مشيه باعتبار الرسم (بفتح السين) حسن المشي، و قد يعني إتلاف المكتوب لكون الرسم يعني، من بين ما يعنيه: الكتابة.. و قد يعني التصغير من قيمته كرجل كنيسة (رسم الأسقف الشخص، أعطاه درجة من درجات الكنيسة).. و قد يعني ضياع الحقيقة، لأن من إحدى معاني الرسم ما يقابل الحقيقة، مثال: ("أرى ودكم رسما، و ودي حقيقة").. و في جميع الحالات، يجيب الشاعر متحديا: " وأرضي تعرقلُ خطويْ فأمشي".. باستعمال التشخيص كصورة بلاغية (إعطاء غير العاقل (الأرض) صفة العاقل..).. إنها "حرب وجود".. و هي ما عبر عنها بقصيدته "سورية هويتي"، نفس الصورة البلاغية (التشخيص) نجدها في " يرى سماءه نحاسا... تصارع أذرعها ضوء نجمه؟...".. لكن التشخيص هنا يحيل على توظيف الرمزالأسطوري كالأذرعة الحلزونية المليئة بالنجوم في مجرتنا، مجرة درب التبانة وتنتمي المجموعة الشمسية إليه، ومنها " ذراع الجبار في الفلك"، "حامل رأس الغول".. نحن أمام صورة بليغة جدا للتعبير عن الطغيان و الاستبداد
هذه عينة من الصور البلاغية التي تحتاج أكثر من دراسة لجماليتها، و عمقها، و وظائفها، و رسائلها... نترك للقارئ فرصة اكتشافها و الاستمتاع و الاستفادة بها... و تقويم النصوص الشعرية للمبجل الصديق الشاعر جوزيف موسى إيليا من حيث صدق و وضوح مشاعره، و مواقفه تجاه موضوع كل قصيدة أو القضية الشعرية بما يتناسب مع الخطاب الشعري.نكتفي بهذا القدر لقصر المجال... قراءة ممتعة أتمناها لكم أعزائي القراء
**********
ذ.خالد بوزيان موساوي / المغرب
أما محطة التحليل فهي تقرأ النصوص لذاتها كمكونات أساسية و بنيوية متفرقة و مجتمعة.. هي محطة التفكيك لإعادة البناء من وجهة نظر القارئ المتمرس.. هي قراءة سطرية linéaireو مسحية متتالية par balayage successif في ذات الآن، و تهتم ب
دراسة المعجم و الحقول الدلالية، و الايقاع بنوعيه الخارجي و الداخلي، و مكونات الصور الشعرية (الصور البيانية و المحسنات البديعية)، و دراسة الأساليب (خبرية / إنشائية) و نوعية الجمل، و هندسة بناء النص الشعري
و سنكتفي هنا، لضيق المجال بمقاربة المعجم، و الإيقاع، و الصور الشعرية من خلال بعض النماذج
2 ـ 1 ـ دراسة المعجم و الحقول الدلالية
رغم تكوينه الديني، و تأثره بلغة الإنجيل، أبى الشاعر جوزيف موسى إيليا، عبر غالبية نصوصه أن لا يستعمل المعجم القديم، كما عند امرئ القيس و النابغة الذبياني، و غيرهم... هو معجم سهل بدون تعقيد، قريب من اللغة المتداولة، لكنه سهل ممتنع لأن كل مفردة أو عبارة لا معنى لها كوحدة مستقلة خارج سياقها، هي حلقة في سلسلة، يتناغم رنينها مع باقي الحلقات...هي لون لا يكتمل بريقه إلا وهو متناسق مع باقي الألوان.. هي إحدى مكونات صورة شعرية بإيحاءاتها كمعنى معجمي أو مجازي.. هي بتكرارها كما هي، أو بواسطة مرادفاتها،تكون الحقول الدلالية للنص الشعري ككل
تحضر على طول مختلف النصوص متقابلة، أو متنافرة، منسجمة أو متناقضة، سلمية أو حربية، هادئة أو حائرة، متيقنة أو مرتابة، محبطة أو حالمة، يائسة أو متفائلة
هي "الهوية" و "الحرب"، و "الحياة" و "الموت"، و "الأمل" و "اليأس"، و "اليقين" و "الشك"، و "الوطن" و "الخراب"، و "الضحك" و "البكاء"، و "الغضب" و "التروي
تكون حقولا دلالية تعبر عن نفسية متألمة ذاتيا / وجدانيا، و اجتماعيا، و فلسفيا، و دينيا، و سياسيا... معجم يسلط الضوء عن مأساة شاعر، و مواطن، و مجتمع، و وطن يعيش مصيرا مشؤوما لم تكن له يد في صنع أحداثه، و أهواله، و عبثيته، و خيباته، و دماره
:"و نقرأ هذه المفردات مجتمعة أحيانا في نص واحد كقصيدة "الغياب ليس ردائي
" من الشّمسِ أسرقُ خيطانَ شِعري
لأنسجَ أثوابَ دفئي بيوميْ الشّتائيّ هذا
فلا يطعنُ البردُ روحيْ بسيفِ الصّقيعِ
ومن شفةِ الّليلِ آخذُ إيقاعَ رقصي
فلا يسجنُ القحطُ فيَّ انبعاثَ الرّبيعِ
ومن شجرِ الفهمِ آكلُ تفّاحةً
كي أرى عُريَ مَن شرّدوا ليْ قطيعي
ومن كومةِ الطّينِ أجبلُ مفردتي
صارخًا في وجوهِ الّذين استباحوا دماءَ الرّضيعِ
ومن ضحكةِ الحقلِ أرسمُ فوق نهودِ الحياةِ عناقيدَ حُسني
لأمشيْ جميلًا على أرضِ قُبحٍ فظيعِ
أنا شهقةُ الصّحوِ
لستُ أحبُّ ارتداءَ ثيابِ الغيابِ
وإنْ متُّ لن أختفيْ
"فسأتركُ قلبيْ الفتيَّ يعيشُ دهورًا بصدر الفضاءِ الوسيعِ"
: ـ 2 ـ إيقاع النصوص
:الإيقاع في نصوص جوزيف موسى إيليا نوعان
...ـ إيقاع خارجي: و من خلاله نتساءل إن كان الشاعر قد التزم بوزن محدد، و تفعيلات القصيدة، و القافية و الروي
بهذا الخصوص، نكتشف عبر مختلف النصوص التي اعتمدناها نماذجا لقراءتنا هنا (انظر الجزء الأول من المقال) بأن الشاعر جوزيف موسى إيليا لم يرسو على إيقاع خارجي واحد (من اختيار شاعر)
"قصائد تشبه التراتيل المستوحاة من نصوص الانجيل، و النماذج كثيرة،منها نص " الرّبّ أعطى والرّبّ أخذ"
"الرّبُّ أعطى وهو الّذي أَخذْ
أعظِمْ بمن أمرُ قضائِهِ نَفَذْ
وليكنِ اسمُهُ مباركًا فقد
أعدَّ للمؤمنِ موطنًا أَلَذْ "..(القول عبارة عن تناص مرجعه الإنجيل: "أيو ١ : ٢٠ و٢١ "، اعتمادا على الشاعر كمرجع)
:و قصائد التزمت إحدى بحور القصيدة العمودية العربية التقليدية، كقصيدة "أسرار رحلتي"، و منها هذا المقطع "
" على الموج يمشي قاربي متثاقلا
إلى شاطئِ الأنوار يسعى مناضلا
يعاركُ عصْفَ الرّيح لا ينحني ولا
يعودُ هنا عمّا نوى متخاذلا
وأبقى بهِ أشدو لآتٍ مرنِّمًا
.."كأنّي بصدري قد حويتُ بلابلا
ما يثير الانتباه في هذه القصيدة ليس اختيار البحر الطويل (فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن...، مع التغييرات) في حد ذاته باعتباره جسرا بين الشعر القديم و الحياة المعاصرة، و بالتالي ناطق باسم أسرار رحلة "عبر الزمن" كما يوحي عنوان القصيدة، و إنما أيضا لرمزية القافية: "متثاقلا"، "مناضلا"، "و لا"، "متخاذلا"، "بلابلا"... إلى آخر القصيدة... كل هذه الكلمات في آخر الصدر و العجز تنتهي ب "لا".. و هي هنا ليست مجرد أداة نهي، بل صرخة رفض.. رفض لما يجري
و نصوص شعرية قريبة مما نسميه ب"الشعر الحديث"، لكن مع احترام التفعيلة و إيقاع داخلي متميز، مثل نص:" لستُ لأحد"
:"سأنادي للأبدْ
لستُ في صفِّ أحدْ
كان حرًّا قلمي
..."وسيبقى للبلدْ "
:ـ إيقاع داخلي
و في هذا الإيقاع يتم ملاحظة تكرار الصوت أو الجملة أو الكلمة أو حتى للبيت، أو المقطع شعري، و ملاحظة التجانس بين الألفاظ و الوصول إلى الموسيقى الداخلية في القصيدة
و في نفس هذا السياق لاحظنا سابقا كيف تكرر صوت "لا" كقافية ذات جرس موسيقي و ذات دلالة بمعنى الرفض، لكن أجمل قصيدة بتجلى فيها هذا الايقاع الداخلي (من بين قصائد أخرى)، قصيدة "سورية هويتي"، نعطي مثالين فقط لضيق المجال
تتكرر اللازمة "سورية هويتي" ثمان (8) مرات للتوكيد معنى، و للتغني بالوطن ترتيلا... و تتكرر في نفس القصيدة بعض أصوات المنتمية لنفس مخارج الأصوات كالسين و الزاي، و مخرجها، طرف اللسان مع ما فوق الثنايا السفلى، مع ترك فتحة صغيرة بين اللسان والأسنان
" سوريّةٌ هُويّتي
أقولُها بعزّةِ
فلمْ تزلْ بحُسنِها
أمَّ الدُّنا سوريّتي
..."سوريّةٌ هُويّتي ".
و وظيفتها التصفير.. و يستعمل التصفيرعادة لإثارة الانتباه، أو لترديد نغمة، أو للاحتجاج و التنديد... و هي وظائف مجتمعة في نفس النص
:2 ـ 3 ـ الصور الشعرية
و هي إما صور بيانية (المجاز، التشبيه، الاستعارة، الكناية، توظيف الرمز...)، و إما محسنات بديعية (الطباق، الايجاز، الجناس، المقابلة، الاطناب
:و حتى نتلمس جمالية بعض هذه الصور الشعرية، أقترح قراءة مقطع من النص التالي على سبيل المثال لا الحصر
!"* أسوريّتي لعنتي .. ؟
-------------------------
سأبقى ودمعي على الخدِّ يهمي
أفتّشُ أين تهشّمَ رسمي
وأين كبا بيْ حصانيْ الأصيلُ
وكيف بختْم الدُّجى تمَّ ختمي
وكيف انهزمتُ بحرب وجودي
فأُحرِقَ قمحي ودُمِّرَ كرْمي
وكيف سمائي أراها نحاسًا
تصارعُ أذرعُها ضوءَ نجمي
وأرضي تعرقلُ خطويْ فأمشي
..."كأنَّ صخورًا هوتْ فوق عظمي
:و نتساءل كأي قارئ عادي
كيف "يتهشم الرسم"؟ و الرسم بأي معنى؟.. و كيف الأرض تعرقل خطوه فيمشي؟... و ماذا يقصد ب "حرب وجودي "؟.. و كيف يرى سماءه نحاسا... تصارع أذرعها ضوء نجمه؟
:"تهشم الرسم" صورة بلاغية تتحمل أكثر من تأويل بين مجاز و كناية لتعدد معنى "الرسم"
قد يعني كناية الوجه المرسوم، و و قد يعني اختفاء آثار مشيه باعتبار الرسم (بفتح السين) حسن المشي، و قد يعني إتلاف المكتوب لكون الرسم يعني، من بين ما يعنيه: الكتابة.. و قد يعني التصغير من قيمته كرجل كنيسة (رسم الأسقف الشخص، أعطاه درجة من درجات الكنيسة).. و قد يعني ضياع الحقيقة، لأن من إحدى معاني الرسم ما يقابل الحقيقة، مثال: ("أرى ودكم رسما، و ودي حقيقة").. و في جميع الحالات، يجيب الشاعر متحديا: " وأرضي تعرقلُ خطويْ فأمشي".. باستعمال التشخيص كصورة بلاغية (إعطاء غير العاقل (الأرض) صفة العاقل..).. إنها "حرب وجود".. و هي ما عبر عنها بقصيدته "سورية هويتي"، نفس الصورة البلاغية (التشخيص) نجدها في " يرى سماءه نحاسا... تصارع أذرعها ضوء نجمه؟...".. لكن التشخيص هنا يحيل على توظيف الرمزالأسطوري كالأذرعة الحلزونية المليئة بالنجوم في مجرتنا، مجرة درب التبانة وتنتمي المجموعة الشمسية إليه، ومنها " ذراع الجبار في الفلك"، "حامل رأس الغول".. نحن أمام صورة بليغة جدا للتعبير عن الطغيان و الاستبداد
هذه عينة من الصور البلاغية التي تحتاج أكثر من دراسة لجماليتها، و عمقها، و وظائفها، و رسائلها... نترك للقارئ فرصة اكتشافها و الاستمتاع و الاستفادة بها... و تقويم النصوص الشعرية للمبجل الصديق الشاعر جوزيف موسى إيليا من حيث صدق و وضوح مشاعره، و مواقفه تجاه موضوع كل قصيدة أو القضية الشعرية بما يتناسب مع الخطاب الشعري.نكتفي بهذا القدر لقصر المجال... قراءة ممتعة أتمناها لكم أعزائي القراء
**********
ذ.خالد بوزيان موساوي / المغرب


Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire
Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.