dimanche 28 mai 2023

قراءة في نص " أنا يا سيدتي" للشاعر مهدي سهم الربيعي // ثامر الخفاجي // العراق

 

مهدي سهم الربيعي شاعر يستمد تجربته الشعرية من واقع تحكمه ظروف أكبر من أن يستوعبها المواطن البسيط بعد أن يعجز عن تغييرها فضلا عن مواجهتها:
أَنَا ياسيّدتي بِلَا قَضِيَّة . .
بِلَا شَآمٍ بِلَا بَغْدَادَ . .
بِلَا صَنْعَاءَ وبيروت . .
أَنَا ياسيدتي بِلَا هَوِيِّة .
هذا الانفعال الذي وِلدَ عنده الذي يترجمه لنا بهذا الفيض من الأحاسيس الموشحة بالصبر الجميل والالتقاطات المعبرة وهو يلوح بها اعتراضا واستهجانا لقيم هي أبعد ما تكون عن أحلام وامنيات المواطن العربي فيقول :
لَا أُجيدُ الْعَدَّ سيدتي . .
لَقَد حَرَصُوا عَلَى فَوْزِي . .
بِشَهَادَةِ الْأُمِّيَّة .
يستهل شاعرنا قصيدته بعبارات مكتملة البناء لغويا وفنيا حين يفصح عن مدى رفضه غير المعلن لما يحصل في دائره تكاد تضيق به حد الانفجار حيث يقول:
أَنَا ياسيّدتي بِلَا قَضِيَّة . .
أَوْرَاقِي مُزَوَّرَةٌ . .
وعضباءُ هِي البُنْدَقِيَّة . .
بُيُوتُ اللهِ مُصَادَرَةٌ . .
نِصْفُهَا مُسْلمَةٌ وَنِصْفُهَا قِبْطِيَّة
بهذه الكلمات المتخمة بالصور التي تحكي معاناة الشاعر والتي يلوح بها يستشف منها القارئ لاول وهلة وكانه يعلن هزيمته ،بعد أن فقد كل مقومات الدفاع عن قضيته،فهو اختصر فيها حكاية شعب فقد هويته ومصير وطن آفل للمجهول الذي يرفضه الشاعر هذا الرفض الذي يستبينه القارئ من خلال إعلان الشاعر فقدانه كل شيء يستمد منه الحياة وبتعبير أدق يدافع به عن الحياة التي ينشدها :
١- القضية التي تمنحك ديمومة الحياة التي تناضل من أجلها
٢- أوراقه التي باتت مزورة بعد أن فقد الهوية التي تثبت انتماءه للأرض .
٣- سلاحه الذي يمكن أن يسترد به هويته ويدافع به عن قضيته إذ أصبحت بندقيته عضباء مفرغة من الرصاص
٤- المعتقد الديني متمثلا ببيوت الله التي يحتمي بها الإنسان من شرور النفس ويستعيد بها ثقته بنفسه
صودرت حيث أصبح لايعرف لأي بيت فيها ينتمي .
هذه الالتفاتة الذكية من شاعرنا والتي يعلن هذا الجفاء الروحي الذي أنهك ذاته يجعل القارئ يسترسل معه في شجونه التي رسمهما بحروف يجيد شاعرنا بها صياغة مكنونات نفسه بحرفية واقتدار إذ يقول :
أَنَا يَا سيدتي ابْنُ مُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ . .
لَا صَهْيُونَ . .
أَنَا ابْنُ المآذنِ وَالْقِبَابِ الذَّهَبِيَّة . .
أَنَا الْأَرْبَعِمائَةُ بَعْدَ الْأَلْفِ مُؤْمِنًا . . وماقبلها . .
حضاراتٌ مُزَيْنَةٌ بهَيَّة . .
وعودا على بدء
استهلال الشاعر بعبارة ( أنا يا
سيدتي ) التي يبدأ بها نصه الموجوع لم تأت مصادفة وإنما روضها بحنكة عالية ليصور لنا بها حجم الوجع الذي يعتمل في روحه عندما يخاطب في هكذا مواقف أقرب الناس إليه(سيدتي) هذه السيدة القريبة إلى الروح والتي يشكوها بثه وحزنه لفقدانه كل ما من شأنه أن يسانده في مواجهة كل هذه اللواعج التي يزخر بها النص قد تكون الأم أو الأرض أو الحبيبة ومن الأقرب منهن ليبث شاعرنا
شكواه وخيبته فيما آلت إليه الأمور سواهن ، لقد كانت التقاطة بيانية رائعة لشاعرنا باستهلاله بها في نصه الذي يدفع بالقارئ مشاركته هذا الوجع الذي ألمَّ بروحه وهز وجدانه ليعلن الثورة والرفض ولكن بطريقة تهكمية يستفز بها مشاعر المتلقي ليشاركه الوجع ويثبت فيها أنه عارف بأسباب هذا النكوص الذي يخالجه ليلقي برأسه متعبا على وسادتها فيقول:
أَنَا الْغَدُ اللَّا آتِي سيدتي . .
أَنَا صَفْحَةُ التَّأرِيخِ الْمَنْسِيَّة . .
فَهَلَّا قَبَّلْتِنِي عَلَى كَفَنِي ووسدْتِني . .
أحْتَاجُ نَوْمَةً أَبَدِيَّة
في هذاالنص لا يعبر فيه الشاعر مهدي سهم الربيعي عن تجربة ذاتية وإنما عن تجربة عامة تتخطى حدود الذات لتشارك وتواكب كل ما يتعلق بحياة الناس من أمل يستعيدون فيه عافيتهم وللوطن هويته وتذكي فيهم روح نبذ كل ما من شأنه أن يجهض أحلامهم . فاجتماع صدق العاطفة التي ولدت هذاالانفعال الجميل مع الفكرة التي يتبناها الشاعر في نصه يجعل من تجربة الشاعر مهدي سهم الربيعي تجربة تستحق الإشادة وتعطي للتجربة قيمتها الإنسانية التي تستحقها.
رغم أن شاعرنا أطلق العنان لمشاعره لتسجيل نقطة النظام هذه في سجل وطن يكاد يسلب منا وتصادر معه كل احلامنا ومقتنياتنا، حيث التشرذم والفرقة فيقول :
أتعرِفين ما القَضيَّة . .
إنِّي بِتُّ بِلَا قَضِيَّة . .
نَادَيْتُ بِهَا وَاحِدَةً فَجَاءَتْ . .
فرادى أقطارُكِ الْعَرَبِيَّة . .
إلا أنه كان بارعا في تصويرها بحروف يزينها بيان اللغة ووضوحها بتؤدة واقتدار وهو يمسك بزمام الحروف في إيصال رسالته الإنسانية والأدبية.
فرغم روح الانكسار التي يستشفها القارئ من خلال قراءته للنص إلا أنه يجد فيه بعد تأمل عبارة تقول له:
لابد لليل من فجر جديد
النص
أَنَا ياسيّدتي بِلَا قَضِيَّة . .
أَوْرَاقِي مُزَوَّرَةٌ . .
وعضباءُ هِي البُنْدَقِيَّة . .
بُيُوتُ اللهِ مُصَادَرَةٌ . .
نِصْفُهَا مُسْلمَةٌ وَنِصْفُهَا قِبْطِيَّة . .
أَنَا ياسيّدتي بِلَا قَضِيَّة . .
بِلَا شَآمٍ بِلَا بَغْدَادَ . .
بِلَا صَنْعَاءَ وبيروت . .
أَنَا ياسيدتي بِلَا هَوِيِّة . .
أتعرِفين مالقَضيَّة . .
إنِّي بِتُّ بِلَا قَضِيَّة . .
نَادَيْتُ بِهَا وَاحِدَةً فَجَاءَتْ . .
فرادى أقطارُكِ الْعَرَبِيَّة . .
أَنَا يَا سيدتي ابْنُ مُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ . .
لَا صَهْيُونَ . .
أَنَا ابْنُ المآذنِ وَالْقِبَابِ الذَّهَبِيَّة . .
أَنَا الْأَرْبَعِمائَةُ بَعْدَ الْأَلْفِ مُؤْمِنًا . . وماقبلها . .
حضاراتٌ مُزَيْنَةٌ بهَيَّة . .
لَا أُجيدُ الْعَدَّ سيدتي . .
لَقَد حَرَصُوا عَلَى فَوْزِي . .
بِشَهَادَةِ الْأُمِّيَّة . .
أَفْنَيْتُ الْعُمْرَ عِشْقًا فِي قِبلتينِ . .
ثَانِيهَما مَحْظورَةٌ . . وَأُوْلَاهَا مَسْبِيَّة . .
أَنَا الْغَدُ اللَّا آتِي سيدتي . .
أَنَا صَفْحَةُ التَّأرِيخِ الْمَنْسِيَّة . .
فَهَلَّا قَبَّلْتِنِي عَلَى كَفَنِي ووسدْتِني . .
أحْتَاجُ نَوْمَةً أَبَدِيَّة.








Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.