mardi 31 décembre 2024

الرواية المضادة بين التقليد والتجديد // عبد الكريم حمزة عباس // العراق


كما هو معروف أن أهمية الرواية تكمن جزئيا في قدرتها على مخاطبة الحاضر المتغير و المتسارع و الذي تسعى إلى جعله في متناول الفكر ، و الرواية المضادة ( Anti-Novel) هي
من المصطلحات الحديثة التي ظهرت ضمن فن الرواية الجديدة التي تعتمد على المفارقة و التضاد و الاختلاف و تفكيك الزمن و تداخل الفضاءات .
وهي نوع من الخيال الذي يخالف الأعراف السردية التقليدية و الذي يركز على اللغة و الأسلوب بدلا من تطور الشخصيات ، الرواية المضادة أخذت من ظاهرة( ما بعد الحداثة) التفكيك و تشويه تجارب الشخصيات و تقديم الأحداث خارج الزمن و محاولة تعطيل أفكار الشخصيات .
و من السمات المميزة للرواية المضادة الافتقار إلى حبكة واضحة و عدم تطور الشخصيات و كثرة التغييرات الزمنية و التبادل غير المفهوم بين البدايات و النهايات ، حيث يضطر القارئ إلى بناء واقع الرواية من خلال سرد غير منتظم غير خطي غير زمني ينتقل بين فترات زمنية غير مترابطة أو يقدم أحداثا خارج الترتيب بحيث يبدو السرد مفككا متكونا من أحداث متقطعة بدلا من حبكة متماسكة مفتقرا إلى أقواس الشخصيات و دوافعها التقليدية حيث يكون البطل فيها بطلا مضادا ( Anti -Hero) وهو البطل الذي يفعل الشيء الصحيح أحيانا ليس من جانب وعيه بالشيء و إنما لأسباب خاطئة و عادة ما يسعى هذا البطل إلى حماية نفسه بدلا من العمل لصالح الآخرين.
البطل المضاد شخصية متضاربة غالبا ما تكون وجهته الأخلاقية غامضة ، هو شخصية محورية في الرواية لكنها تفتقر إلى أي علاقة يمكن أن يربطها القارئ بالبطل التقليدي للرواية ، فهو شخصية معقدة لها جانب مظلم و تاريخ من القرارات السيئة فهو منبوذ اجتماعيا يعمل وفقا لقواعده الخاصة التي تخالف القواعد الاجتماعية المتعارف عليها.
و غالبا ما يستخدم الكاتب البطل المضاد كوسيلة لانتقاد المعايير الأخلاقية السائدة ، حيث البطل المضاد يعتقد أن الغاية الطيبة يمكن أن تبرر أي وسيلة خلافا للبطل التقليدي الذي يرفض قبول فكرة تبرير الأفعال الخاطئة .
هذا النوع من الروايات يستخدم قدرة الرواية على التشويق و التأثير في نفس القارئ و محاولة الدخول إلى فكره و وجدانه بسهولة معتمدة على تقويض اللغة و الجماليات و عرض وجهات نظر سلبية مخالفة للقواعد الإنسانية في إطار تجاوز القواعد الفنية و التقاليد الأدبية الروائية المتعارف عليها ، فهل سيجد هذا النوع مكانا له في المستقبل الروائي أم سيعود مرغما للسرد الروائي التقليدي؟.







Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.