و تغتسل الشوارع و الجدران العتيقة من غبار الزمن.. طمي يحمل معه كل أصباغ الكذب لتنجلي الحقيقة.. هذه البلاد ليست لك.. أنت مقيم في منفاك.. اجعل من غربتك مدفأة و من حنينك حطبا.. و ارسم بالفحم على بلاط غرفتك صورة والديك في الوداع الأخير.. لا تنس أن تضع كأس ماء على الشباك فبعض العصافير ضمآى و كذلك هناك أرواح كثيرة تتأهب كي تستحمّ.. و أنا أوصيك.. داهمتني ابتسامة بطعم ملح الدمع.. ظفيرة شعرٍ حملتها الريح مسحت على الخدين.. و نما صوت بداخلي يشبه صرير الأبواب.. يعلو و يتحول إلى ضربات ناقوس عجوز في كنيسة منسية.. التفتُّ لأجد روحي العذراء تتمسح بي كقطة أليفة.. و على جنباتها يرقات من دود الحرير و براعم زهور جبلية.. مررت أناملي على ملمسها الناعم و نظرت من ثقب يطل على الأفق.. كانت صورتها واضحة المعالم.. صافية كقطعة زمرد تتوسط تاجاً فارسيّا.. مدت يدها لي.. يدٌ تشعّ نورا مزّق سواد المكان.. هممت بها دون وعي و في حركة عبثية مفاجئة وجدتني أتبع صورة من سراب.. أهديها فرحي المخزّن في أدراج النسيان و أعلّمها أسمائي.. حملني الاشتياق إلى شوارع مدن مقفرة.. مدن ينزل فيها الثلج ناصعا بلون الموت.. و يستريح البوم ليلا على زخرف بناياتها.. موغل في غربته برد هذا العام و موغلة هذه الروح في التيه.. مجرد صورة قد تكون سرابا تكاد تحطم كل أعمدة دنياي
*********
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire
Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.