jeudi 25 octobre 2018

قراءة في رواية "امرأة على قيد سراب " // خالد بوزيان موساوي // المغرب

نص قراءتي في راوية "امرأة على قيد سراب " للكاتب الجزائري مصطفى بوغازي
تحت عنوان: الرواية الجزائرية المكتوبة بالعربية صفحة من صفحات تطور الرواية المغاربية و العربية:
لما يصادف موت بطل (ة) ميلاد "الرواية الجديدة" .
ذ. بوزيان موساوي. وجدة ـ المغرب.
تمهيد:
ـ إصدار:
صدر عن دار الماهر للنشر و التوزيع 2018 رواية للإطار التربوي، و الاعلامي و الكاتب، سفير الثقافة و السلام الصديق مصطفى بوغازي رواية تحت عنوان "امرأة على قيد سراب" . الكتاب من الحجم المتوسط.. في حدود 140 صفحة.
ـ هي "الرواية الجزائرية المكتوبة بالعربية"، و ليست "الرواية العربية بأقلام جزائرية".. الصيغة الأولى تكرس ثقافة الاعتراف بالدور الطلائعي للرواية الجزائرية على الصعيد المحلي و الجهوي و العربي و العالمي في تطوير هذا الجنس الأدبي النبيل سواء كانت لغة الكتابة بالعربية أو بالفرنسية ...
 من في عالمنا لم يقرأ بالفرنسية ، أو في نسخ مترجمة، لكاتب ياسين، و محمد الديب، و مولود معمري، و مولود فرعون، و آسيا جبار، و رشيد بوجدرة.. و غيرهم كثر.. ؟ .. أما بخصوص الرواية الجزائرية المكتوبة بالعربية يمكننا إحالة القارئ الكريم على عدة مراجع قيمة من بينها على سبيل المثال لا الحصر مقال للباحث السهلي عويشي تحت عنوان: "الرواية الجزائرية بين النشأة و التطور"، و من بين ما جاء فيها:
"من يتابع التجربة الروائية الجزائرية بالدرس والتحليل، سيدرك أنه أمام تجربة روائية حديثة وفريدة ،استطاعت طرح أسئلتها الخاصة ،وإشكالياتها المتميزة لإفراز خصوصيتها،ففي ظرف وجيز جدا، استطاع الخطاب الروائي الجزائري معانقة فضاءات أوسع للإبداع الخلاق والمتميز .إذ بالرغم من حداثة التجربة الروائية الجزائرية ونشأتها المتأخرة زمنيا، مقارنة مع نظيرتها بالمشرق العربي، أو مع بعض أقطار المغرب العربي كالمغرب، وتونس، فقد تمكنت من أن تنجب مجموعة من الروائيين ممن جددوا، وأضافوا الشيء الكثير للرواية الجزائرية بشكل خاص، والرواية العربية بشكل عام...
النص الروائي الجزائري الذي يجمع النقاد على ريادته، وسبقه في الكتابة الروائية هو "ريح الجنوب" للقاص والروائي عبد الحميد بن هدوقة الذي صدر سنة 1971، بالرغم من وجود بعض الأعمال التي يمكن أن نلحظ فيها البدايات الساذجة للرواية العربية الجزائرية، سواء في موضوعاتها، أو في أسلوبها وبنائها الفني كالقصص المطولة التي كتبها أحمد رضا حوحو "غادة أم القرى" سنة 1947، أو قصة عبد المجيد الشافعي "الطالب المنكوب1 "، وما قبلها من محاولات قصصية مطولة في شكل حكايات أو رحلات أو قصص تنحو نحوا روائيا ...".
و تأتينا سنة 2018 برواية للكاتب مصطفى بوغازي لتغني المكتبة الجزائرية و المغاربية و العربية معا، ليس بجماليتها الأدبية فقط، و إنما كذلك بأسئلتها الجديدة حول جنس الرواية، و تطلعات الإنسان الجزائري في بعده المحلي، و الجهوي، و العالمي، الحامل لتراكمات الماضي، و إكراهات الحاضر، و نظرته الاستشرافية للمستقبل...
و لأجل مقاربة هذه الرواية، اخترنا التركيز في هذه القراءة النقدية التطبيقية كبداية، على محورين أو مبحثين أساسيين : سؤال كتابة الرواية، و تصورفكرة البطل(ة) في الرواية باعتباره صياغة وعي فردي لمشكلات غير فردية.
1 ـ سؤال كتابة الرواية: أو مفهوم الرواية في الروايةـ
نتوقف في قراءتنا الانطباعية الأولية ل "امرأة على قيد سراب" عند مؤشرين دلاليين و وظيفيين، كما سنقرأ:
ـ المؤشر الأول: "رواية" و "راوية":
أ ـ نقرأ في بداية الرواية:
"استفاق أهل القرية على أشعة شمس دافئة و رائحة التربة تعبق بأنفاس الصباح، و خبر ازدياد بنت في بيت جدي "شعبان" هي أمي التي سميت "راوية" تيمنا بهذا الارتواء (...) فلا شيء يدخل الفرح على القرويين مثل أن تجود السماء بالأمطار تبشر بالتفاؤل لموسم خصب".. ص. 9 .
ب ـ و نقرأ في آخر الرواية:
"جئت لأجل مخطوط أمي قررت أن أطبعه (...) إذا حظي بالقبول ما كتبته أمي و تقرر نشره أريد أن يكون بعنوان "امرأة على قيد سراب".. ص. 134 و 135 .
نلاحظ أن "امرأة على قيد سراب " عنوان "رواية"، و اسم بطلتها "راوية".. لم يأت هذا الجناس اللفظي صدفة (الجناس هو أن يتفق اللفظان في النطق أو يتقاربان فيه ويختلفان في المعني هذا من جهة ماهيته، أما من جهة فائدته فقد عرفه الرماني فقال: "هو بيان المعاني بأنواع من الكلام يجمعها أصل واحد من اللغة").. بل هو وظيفي يذكر من جهة اشتقاقا بالتعريف الأولي ل "الرواية"، إذ نجد في بعض المعاجم اللغوية: "رويت على أهلي لأهلي، إذ أتيتهم بالماء، و رويت الحديث و الشعر رواية، فأنا راو، في الماء و الشعر و الحديث، من رواة..".
و من جهة أخرى، و بناء على هذا التعريف الأولي، يكمن وجه الشبه بين "راوية / البطلة " و " الرواية" في كونهما معا عنوانا للارتواء (سميت "راوية تيمنا بهذا الارتواء" ص. 9 . و "الرواية " كما في التعريف السالف الذكر "ارتواء بالماء"..)، و حضور الماء في السياقين إحالة على رمزيته كواهب للحياة، بل كمرادف للحياة.
ـ المؤشر الثاني: استمرار "راوية" في "الرواية" بعد موتها، أم "موت الرواية":
أ ـ موت "راوية" البطلة/ الأم رمز الخصوبة: نقرأ:
" ماتت... دوما كانت ضحية لخيانات مفاجئة.. خانها نهد فماتت..." ص. 135 .
ب ـ "راوية" تطمح للخلود بعد موتها عبر نشر "الرواية" / قصةمن تأليف حنان ابنتها: نقرأ على لسان دعاء حفيدة "راوية":
" جئت لأجل مخطوط أمي قررت أن أطبعه.." ص. 135 .
ج ـ موت "راوية" "حنان" أم موت "الرواية"؟
موت الساردة / البطلة و الشاهدة حنان بنت "راوية" و هي نفسها "المؤلفة" في الرواية، يجعلنا نتوقف أمام عناصر درامية محبوكة و مدروسة من طرف الكاتب مصطفى بوغازي:
"امرأة على قيد سراب" : تحيل الصورة البلاغية هنا إلى فضاء فارغ، لكنه مغر (السراب)، بعد عدمي بدون آفاق حقيقية و ملموسة، كما الموت.. و إن كانت الصور وصفا لوضعية امرأة (البطلة، أو اللا ـ بطلة "راوية" و "حنان")، فهي أيضا في صياغتها "عنوان" الرواية: "رواية" ك "راوية" و ك "حنان" قيد سراب، رواية "ميتة" حسب تعبير آلان روب غرييه.. ظاهرة طبعت مسار الرواية العالمية (الغربية خاصة) في منتصف القرن العشرين كان من روادها المؤسسين و المتزعمين الروائي آلان روب غرييه صاحب مقولة "اللا ـ بطل" (l’anti-héros) و "موت الرواية" (la mort du roman).. أو ما سمي آنذاك ب "الرواية الجديدة" (le nouveau roman)، و لتتضح صورة هذا السياق أكثر، نوجز هذا الطرح بما ورد على لسان الناقد الأدبي بن علي لونبس من مقال له تحت عنوان " موت البطل في الرواية.. من رأى جثته؟ " ، إذ كتب:
" إن صورة البطل في الرواية هي وليدة سياقات اجتماعية و سياسية و ثقافية، و ليست وليدة مزاج فني أو خيار تقني بحت يلجأ إاليه الروائي لتأثيث عالمه السردي. كما أن البطل ليس مجرد بورتريه يرسمه الروائي يضيفه إلى متحف بورتريهات الشخصيات الروائية. (...) فالبطل ليس اسما فقط، بل هو كذلك وظيفة. (...). موت البطل هو تعبير عن افتقاد الانسان المعاصر لمعالمه الفردية.. (...)، أو ما سماه الباحث وحيد بن بوعزيز بالنعي المعرفي: موت الفلسفة، موت الرواية، موت الفن، موت الله، موت الانسان، موت المؤلف...".
2 ـ تصورفكرة البطل(ة) في الرواية باعتباره صياغة وعي فردي لمشكلات غير فردية:
و لأن البطل في رواية "امرأة على قيد سراب" للأديب مصطفى بوغازي ليس بالضرورة صانع أحداث، نقنرح مقاربة كنهه و ماهيته، انطلاقا من عناصر تعتبر من رافعات رواية بوغازي هذه، و هي زمن الرواية، و مكان الرواية، و وظيفة الرواية .
2 ـ 1 ـ البطل من منظور زمن الرواية:
وظف مصطفى بوغازي لمعمار روايته هنا جدلية الزمن المعلوم، و الزمن الموهوم، و المتحرك و الجامد:
أ ـ الزمن المعلوم: و هو الزمن الحقيقي.. و يعني:
ـ زمن الكتابة: و نعني الكتابة الحقيقية لكاتب ليس من نسج الخيال.. نشر روايته ـ امرأة على قيد سراب ـ سنة 2018 ، أي هنا الآن، و هو الروائي مصطفى بوغازي.. فرغم تحميل إن لم نقل توريط ذات ساردة غيره و هي من وحي خياله ـ حنان ـ ابنة راوية، و أوكل لها مهمتي السرد و الكتابة، و رغم مسافة الحياد، فهو مورط من جهة بتوقيعه للرواية باسمه ، و من جهة أخرى, من المعلوم أن "في التعريف الابستمولوجي للمادّة السردية سواء في القصّة أو الرواية يكون في إعادة تشكيل العالم باللغة، أي أن الكاتب يسعى من خلال هذا النتاج الأدبي إلى بعث عالم خاص به، عبر المادّة اللغوية من فقرات وجمل وكلمات... ويسمى بعالم الرواية أو العالم الروائي، وفي هذا العالم يشكّل الكاتب رؤيته للحياة وللكون وللمجتمع... كما جاء على لسان للباحث جميل فتحي الهمامي.
ـ زمن الحكاية / القصة: رغم أن رواية ـ امرأة على قيد سراب ـ ليست سيرة ذاتية للكاتب مصطفى بوغازي، و رغم أنها من نسج خيال الكاتب، فهو يحدد أزمنتها على أنها واقعية فعلا أو مشابهة للواقع أو مستوحاة منه، بتوظيف العلامات الزمنية الدالة في النص كما في الصفحة 21 لما نقرأ على سبيل المثال:
ـ ... حيث خطت سطرا تحت تاريخ معين لتعود أول إلى الصفحة الموالية بعد كتابة عبارة» يتبع «. 1977. ـ
أريد به زمنا فيزيائيا، و استهدف به ما سمي ب ـ الزمن الانساني ـ . يعتقد جورج بولي في هذا السياق بأن ـ الزمن الانساني ـ هو الزمن الحقيقي لأنه يقوم على الثبات و ليس على التغيير. و هذا الثبات هو الذي يتحقق فيه وجودنا و مشاعرنا. و يرى بأن زمنية السرد لا يكمن في تواتر اللحظات التي تتابع الواحدة تلو الأخرى، بل في تجزئته إلى أعداد من اللحظات، و خاصة في شعور الشخصية باستمرارها الزمني المشابه، و أحيانا المطابق، لاستمرارها في المكان و إحساسها بالقوة المجهضة التي لا تنجح في تحيينها.
ـ زمن القراءة: و نقصد به تلك اللحظات الحقيقية الفعلية التي نقرأ فيها رواية ـ امرأة على قيد سراب ـ للكاتب مصطفى بوغازي.. أي هنا/ الآن.، كما أقرأها أنا شخصيا الآن. و هو زمن تصفه نظريات جمالية التلقي في النقد الأدبي، بالزمن الانفعالي المرتبط بمن يقرأ؟ أين يقرأ؟ ماذا يقرأ؟ كيف يقرأ؟ في أية ظروف يقرأ؟...
ب ـ الزمن الموهوم: و هو الزمن المتخيل / المفترض في عالم موازي، و يعني:
ـ زمن الكتابة المتخيل:
أوكل مصطفى بوغازي مهمة كتابة رواية بنفس عنوان روايته الحقيقية لشخصية في الرواية من نسج خياله، هي حنان بنت راوية البطلة.. و كأنه بذلك يكتب لنا رواية في طور الكتابة من لدن شخصية افتراضية من صنعه.
و هي تقنية في الكتابة الروائية ربما استهدف من خلالها مصطفى بوغازي إعطاء الأولوية للحاضر و التركيز عليه.. كتبت الدكتورة مها حسن القصراوي في كتابها ـ الزمن في الرواية العربية ـ ... في هذا السياق:
ـ إن زمن الحكاية يندمج في زمن الحكي لتشكيل الزمن الروائي في لحظة الحاضر، و ما الماضي إلا مجرد خدعة فنية، لأنه لا يعني سوى الحاضر. فالراوي يسرد ما يجري في مخيلته لحظة إفراغ النص السردي على الورق. ـ .
ـ زمن القراءة المتخيل:
عمد مصطفى بوغازي ، و كأنه يوظف إحدى رافعات نظريات جمالية التلقي في النقد الأدبي، إلى خلق شخصية ـ طارق ـ و هي لا مكان لها في رواية ـ راوية و حنان ـ تلعب دور القارئ، أول قارئ مفترض لرواية ـ امرأة على قيد سراب ـ كما تضمنها مخطوط الشخصية / الكاتبة حنان... كما نكتشف ذلك على سبيل المثال لا الحصر في الصفحتين 20 و 29 .
نقرأ: ـ أتى ـ طارق ـ على هذه الصفحات من مخطوط ـ حنان ـ و في نفسه نهم كبير لمواصلة القراءة، و فضول أكبر لمعرفة أين تتجه الأحداث في هذا السرد، فهي طرقت باب دار النشر هذا الصباح لتضع بين يديه عينة من كتاباتها..
و الجميل في هذا التداخل للأزمنة كون ـ طارق ـ و منذ الصفحة 20 من الرواية يكون قد قرأ رواية تم إنهاء كتابتها، في الوقت الذي لا زلنا كقراء حقيقيين لم ننته بعد من قراءة الفصل الأول منها... و الأجمل أنه هو، أي طارق، من يوقف السرد متى شاء، و يسمح به ليعطي الكلمة للساردة حنان متى شاء.. و كأنه هو من يقرأ و هو من يحكي.
و قد تحتوي هذه الفقرات التي يتدخل فيها القارئ طارق رسالة مشفرة من طرف الكاتب مصطفى بوغازي للمطبعات و دور النشر الجزائرية و العربية: ـ هل توجد فعليا لجان قراءة مفعلة تابعة للمطبعات و لدور النشر تقوم بقراءة كتب المبدعين قبل طبعها و نشرها؟..
ـ زمن السرد المتخيل:
هو زمن متخيل كما الأحداث المسرودة.. ينتمي لزمن حاضر يختلف باختلاف تعدد الأصوات الحكائية.. هناك ذات ساردة عالمة من خارج الرواية لا نتعرف إليها كقراء إلا من خلال سلطة اللغة و جماليات الانزياحات النحوية و البلاغية..أو باستعمال التبئير درجة صفر ـ كما تم استعمال المصطلح من قبل ج. جونيت. ـ أي من سرد بلسان سارد بصيغة ـ هو ـ أو ـ هي ـ لتوخي الموضوعية و الحياد مع مسافة حقيقية بينه و بين الأحداث المسرودة، و يجسد هذا النوع من التبئير الكاتب مصطفى بوغازي.
و هناك في نفس الرواية، و في تقنية تعدد الأصوات الحكائية، ذات ساردة رئييسية حنان تنوب عن الكاتب و تستعمل الضمير المتكلم الأنا، ليصبح التبئير داخليا ذاتيا كما في روايات السيرة الذاتية، رغم أن الساردة حنان تروي حكاية أمها راوية، و حكايتها هي من خلالها، و حكاية طبع رواية في ذات الآن. تبئير داخلي يبعد الكاتب الحقيقي عن الأحداث...
و يتجلى هذا التبئير الداخلي أيضا عبر وقف السرد و فتح مزدوجتي الحوار المباشر بين الشخصيات.. و نحن نعلم أن تقنية بناء الحوار داخل رواية لا يهدف فقط لتنويع أساليب الخطاب، بل أيضا لإعطاء الحيوية للملفوظ و كأن الشخصيات حية ترزق فعلا و ليست مجرد كائنات من ورق.. نقرأ:
ـ ... سحق عقب السيجارة بعنف على أرضية الغرفة و التفت قائلا:
ـ ماذا تنتظرين؟ أليس هذا ما كنت تبحثين عنه؟
أجهشت بالبكاء فما كان عليه إلا أن صفعني بقوة قائلا:
ـ هل تريدين أن يجتمع علينا رواد الفندق؟ ... ـ ص. 80 .
ج ـ الزمن المتحرك و الزمن الجامد:
في رواية ـ امرأة على قيد سراب ـ التي نحن بصددها هنا للكاتب مصطفى بوغازي، تستوقفنا محطات تنقلنا من سرد أحداث في زمن متحرك ـ لأن لا أحداث دون حركية كرونولوجية في المكان ـ إلى محطات يتوقف فيها السرد، فيتجمد الزمن، و كأن الكاتب يهدي محطة دون أحداث لاستراحة القارئ.. محطات تعمد الكاتب إقحامها لأهداف جمالية ـ تتعلق بتصوره الشخصي لمعمار روايته ـ ، و فكرية فلسفية ـ تعكس نظرته للواقع المسرود ـ ،و تعبوية ـ على شكل رسائل مشفرة ذات أبعاد اجتماعية و سياسية مسكوت عنها.. محطات يسميها إيدوين موير ب ـ انحلال الحدث ـ إذ يقول:
ـ ... الزمن في الرواية الدرامية زمن داخلي، حركته هي حركة الشخصيات و الأحداث. و بانحلال الحدث تأتي فترة يبدو فيها الزمن و كأنه توقف، و يترك مسرح الأحداث خاليا. و هكذا ينتج عنه تعدد موضوعات الرواية... ـ
.
و تتجسد هذه المحطات حيث الزمن الجامد في توقف الساردة حنان عن الحكي، لتعطى الكلمة
ـ مرة ل ـ طارق ـ و هو من زمن خارج زمن الحكاية، زمن الكتابة لمصطفى بوغازي ـ ، نقرأ:
ـ انتقل طارق إلى الصفحة الموالية، كانت بيضاء بلا كتابة، أما التي تليها فكان حظها ليس أقل من السابقة، مما جعله يعتقد أن حنان تعمدت أن تترك فراغا لفكرة أو لحدث أرجأتهما لوقت لاحق... ص. 29 .
و كأننا نوقف السرد لأن الرواية لا زالت في طور الكتابة و أن الصورة لم تكتمل بعد...
ـ و مرة يتوقف السرد لدعوة القارئ إلى فسحة عبر تقنية الوصف: و صف الطبيعة ) مثال ص 23 و 16 ( ، او نحت بورتريهات لشخصية معينة من قلب الحدث كما بورتريه الجد ص. 13 و 16.. أو عبر تدوينات على شكل شريط وثائقي لبعض العادات و التقاليد المتوارثة عند القرويين التي يستنكرها الكاتب إما بشكل غير مباشرباستعمال أساليب السخرية و التهكم، و إما بلسان الساردة أو إحدى الشخصيات.. عادات و تقاليد تتعلق بنظرة القرووين للمرأة ص. 10 ، و لتزويجهاـ ص. 10 و 18 و 19 و 26 إلى 30 على سبيل المثال لا الحصرـ ، و بنمط عيش الفلاحين . ص. 16 نموذجا، و ترهات الاعتقاد بوجود الجن و السحر و التداوي بشطحات بعض الطرائق المتصوفة . صفحات 26 و 27 و 28 و 30 و 31 و 32 إلخ... و عبر تلميحات لتقصير المنظومة الصحية على التصدي لأمراض العصر كسرطان الثدي الذي أودى بحياة حنان. ص. 135 ، و نقرأ منها:
ـ ... ماتت... دوما كانت ضحية لخيانات مفاجئة... خانها نهد فماتت. حين جاءت هنا كانت بداية معاناتها مع سرطان الثدي... ـ ص. 135 .
و لنا عودة للرواية بمقاربة منهجية أخرى.. مع تحيات نافذة النقد و الأستاذ بوزيان موساوي . وجدة. المغرب

L’image contient peut-être : Khalid Bouziane Moussaoui

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.