إني تائه
كالدوائر في الدوائر
فابتسمي أيتها التجاعيد
ترقرقي كالسيول الهادرة
أو كعين أمل ناعس..
إني أضيق في صدري
فاملأني بالانتماء إلى وجهتي
او فكرة
او غفوة
.....................................
إني وثقت بما يصخب كزرنيخ
في جمجمتي
إني تشبثت بخيوط النرد..
إني شيدت عن طيب خاطر
قبرا لي،
خانتني بوصلتي
يا حارسة الميناء،
خانت..
فرقت أوصالي
كرأس ثائر
على مدن
وشعاب.
.................................
لقد كنت كالأحصنة،
سعيدا إلى أبعد جزر
ومد ..
أشرب من ماء الخابية
أقتات من هواء الصباح
كقبرة.
كنت أرافق رفيقي الى الدير البعيد
وهناك نموء
وهناك نصلي..
وكنت كالعنكبوت ترتل الثوراة
كل عشية
أصحو كل الليل
وأغني..
والأحلام تدنو مني..
تضمني إلى مهرجان عجيب!
وكنت أتشمم رائحة الخبز
المنسم بالجلجلان
وحب الكتان
فأشبع.
وكنت أتسرب كماء زمزم الى صدرية
الصغيرات
خلف حيطان المدرسة
والمساءات
أطعمهن بلحا طريا
وكذبة ندية..
و ابليس خليلي،
يلعق معي حبة جبن،
يبصبص لي بتسبيحته الطويلة.
وكان بصري
واسعا جدا كمعجزة
غاصا بأصوات الحياة..
وبركات فائضة،
وكنت رغم دمعي الشنيع
أغرق في فردوس
لاقرار لها
ثملا،
وعيدان العسل لي
تتهادى
وشفاه النعناع
كأمي..
تخصب كل النخاع .
..................................
أنا قيس المغربي
عذبتي السنفونيات
بين كاف ونون
توارت أبواب طفولتي
خلف نيزك ..
قالت لي الواقعة
احمل أغراضك وانصرف
صل صلاة الجنازة،
وانصرف
...................................
يوما كنت أترنم بأغان افريقية
يوما كنت أسيح كالبنغوان
بين وديان عجيبة
يوما كنت أرضع الدنيا
بكل شقاوة
و شفتين..
يوما كنت أسهر
تحت السفح المتهالك
أقرأ:
كتاب" نيتشه"
أتهجى قصيدة:
"وتزهر شجرة الحديد"
...............................
الآن...
ابتعد كالأ جراس،
فليتسع حالك
للحال.
تحمل آلامك الآتية..
دع الورم يتسرب ضاحكا
واحرق ورقة الصنوبر
بيديك!
......................................
آه..
يا بيتي
لما تدمعين كغدير تعيس
و بابك موشح بالعرعار
و صمغ الزعتر
من أتعبك يا ذات العيون القزحية
يا ذات الريق الشافي
يا صديقتي
من أحرق شجرة الصندل؟
من شذب أغصان المشمش فجأة؟
من خرب أعشاش السنونو الناهدة؟
من حطم سارية الكنيسة؟
من؟
......................................
إني أصارع مزاجي
بأصابعي فقط
أستطلع سفني
المحملة بمناديلك ..
وترابك
وتراثك .
أعقد مع الاشرعة والامواج
أجلا وثيقا،
أحتسي شمندر المصانع جله،
أفتح شرياني الأيمن
لبنة،
لبنة..
إني رغم هروبي منك..
أحببتك
كان الله في الزوايا
يؤازرني.
كان أبي يمد لي
ذراعين فسيحتين جدا.
كانت أمي تهيئ لي سمكة نون
ووجبة سين..
كانت..
سماء السماء
تربت..
على كتفي
تذرف بسنتين!
....................................
قالت
وبلكنة قاسية..
خذ بياناتك القليلة
وهاجر
إلى أبعد
شط..
قالت:
استفرد بك رضاب المدن الجديدة..
فارغب في ملاذ ما .
أنت اخترت
قالت، حيرتك أنت
أنت حيرتك
انطلق..
يا تاشفين .
يا تاشفين.
.......................................
هنا أقدامك الأولى..
هنا كنت تمشي
تبيع الحلزون
وتشتري اللحظات.
تزدرد اللذة
كمقبرة الغابة!
هنا..
عقيق أختك الكبرى،
حواجبك الكثيفة،
تهليلة وجهك قبل تجاعيدك..
هنا..
دماليج جدتك حية
وميتة،
سقف العالم الذي يحميك
من المفرد
والتثنية،
والاغتراب..
.......................................
ذات غسق
تورطت من مدينة
إلى مدينة
إلى خسارة
إلى ضياع..
والبئر التي حفرتها بأظافري
رفقة أبي
ذات صيف..
تحدب ظهرها،
ولوح عيسى الجزولي
الذي كتبته بالسمق
كالمريد الخاضع
انتحب
ثم..
فر من عيوني..
و "وزير البريد" قبلني مضطرا
على جبيني
ونعاني..
.................................
ارحمني ربي..
أغثني أيها الإله
إني تماديت في انصرافي
فارزقني الثبات-الثبات
ادفع بخطوي
إلى خضرة البرعم
صغ لي مددا
من استدارة هلال.
يا ربي..
أريد أن أعود إلى كلماتي
أتمنى أن أتناول دهشة
من هييل حمام
أتمنى أن أتلذذ بانبعاث البعث
أنبطح مثلا
تحت زمن كامل
وانتماء كامل
وظلال مورقة!
..................................
هنا..
كنت أستحم بالندى
وشمس العارفين
وفي قلبي
تصدح سهول
وتجري
أيام ..
هنا قرب السارية
المصنوعة من الطين
وتبن البيادر
كان شذرات
من فراشات
تمتص شفتي !
كانت يدي تتبلل بالمحيطات
كانت أسناني
كشمعة ولي..
كنت أغرد كالرسول
أتجلى لي،
أردد رذاذا
أردد فجرا،
أسعد أيما سعادة..
أترأس الكون
كله..
.................................
ما خشيت من الوجع
حدث..
لقد بعت نفسي لأفدح مصير،
عن وعي،
كنت أخبث من قنفذ
كنت ..
أخس من جنذب..
استوطنت بيوتا
غير سجيتي
واضمحل الجوهر شيئا
فشيئا
يا أبي..
ضاعت من أمنياتي
أساور
وقلاع
وكتب
وأقراط..
اعتقدت ان الماضي
قد مضى
وضاع بين كهوف
كمحتوى أقداح
لقد أخطأت..
أخطأت..!
....................................
ماخشيت من الوجع حدث..
شتمني وجهي
وهجتني المرايا
قالت،
بلكنة قاسية :
عد إلى عطشك القديم
إلى البهو الأول
صهيلك ..
إلى فورة التنور
حرارتك
وجذورك ..
ثم..
طب
بجديد
الأمسيات.
....................................
كانت هي..
طبيبي
ودوائي.
كانت قريتي الصغيرة
حفنة برق.
كانت آيتي
ووسيلتي
كانت لي في الرسوم
والأطلال
وطن
وقمح
و رواء
و عشق شبق
و عبارة..
كانت لي في رائحة الماشية
وطمي الوديان
وأعشاش الرتيلاء
إدمان
ومتعة..
كانت لي
في بندقية جدي الخشبية
فروسية أكيدة
وقضية.
كانت..
مثل النجوى
وأوراق شاي..
.................................
ما خشيته من وجعي
أوجعني.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire
Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.