lundi 4 mars 2024

حوار مثير // محمد بوعمران // المغرب


كعادتي، دخلت مقهى الحي الذي أقطن به، اتجهت نحو الطاولة التي توجد في مكاني المفضل، أخرجت الحاسوب من الحقيبة ووضعته أمامي مستعدا لبداية السباحة في عوالم الأنترنيت ومواقعه، أتاني النادل بفنجان القهوة المعتاد، وبعد أن انتهيت من تحريك الملعقة داخل الفنجان لإذابة قطعة السكر رفعت رأسي اتجاه باب المقهى في حركة لا إرادية وقع بصري على رجل كهل ، طويل القامة ، يرتدي بدلة زرقاء ويحيط عنقه بربطة عنق يغلب على ألوانها اللون الأحمر ، لم يكن من الوجوه المألوفة في هذه المقهى ، دلف للداخل بخطوات بطيئة ، حملق يمينا ويسارا ثم اختار طاولة قريبة جدا مني بالرغم من وجود أماكن شاغرة في صالة المقهى الفسيحة، أحسست ببعض الضيق و الاشمئزاز من اختياره غير اللبق. استوى الرجل في جلسته ، التفت قليلا نحوه فوجدته ينظر الي نظرات فهمت منها أنه يريد الحديث معي ، كان النادل يتابع المشهد ويتبادل معي النظرات الحاملة لتساؤلات محيرة حول هذا الزائر...
كانت نظرات الرجل مثيرة خصوصا حين يرسلها اتجاهي ، فقد كان يتفحصني من أسفل إلى أعلى ، ويحني رأسه اتجاه شاشة الحاسوب ، أحسست بأن الأمر فيه مضايقة مقصودة، فالتفتت نحوه وركزت فيه بصري بشدة وشرارة الغضب تتطاير من نظراتي، لكن الرجل ابتسم في وجهي ابتسامة عريضة هدأت من روعي وقال موجها لي السؤال:
-أنت أستاذ ...أليس كذلك؟
أجبته بنبرة متوترة :
-نعم ...أستاذ
ثم أشحت عنه نظراتي وواصلت التصفح على الحاسوب، ليفاجئني بعد فترة من الصمت بسؤال آخر قائلا:
-هل تعرف كارل ماركس؟
هنا تأكدت أن الرجل يريد فعلا إثارة أعصابي، لكن تماسكت وقررت أن أسايره لأعرف سر هذه الشخصية ، فقلت له :
-نعم أعرفه جيدا، أتدري إنه ابن خالتي...
رأيت الرجل وقد تغير لون وجهه لكنه أخفى امتعاضه من الجواب بابتسامة صفراء، أحسست بالنشوة وأنا أسجل هدف التعادل في مرماه ، ثم علق على إجابتي قائلا:
-أليس كارل ماركس فيلسوفا ألمانيا؟
أجبته وأنا أضحك :
-حسن جدا ...هو كذلك ...
ثم استرسل مضيفا
-وقد كان ملحدا قبل أن يصبح من جماعة الإخوان المسلمين ويقتله الشيوعيون .ووو
انتابتني موجة من الضحك ، نهض الرجل من جلسته غاضبا وقال:
-أتسخر مني ...أتظن أنك تمتلك المعرفة ...
كتمت ضحكاتي دون أن أرد ،غادر الرجل المقهى دون أن يؤدي ثمن مشروبه للنادل وهو يتممتم ...
قال لي النادل:
-فيم كنت تناقش هذا الأستاذ ...أظن أنه دكتور...






Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.