لم تعد تفصله عن المدينة سوى بضعة كيلومترات ، حركة المسافرين أيقظته من غفوته ، استقام في جلسته ،رفع رأسه قليلا ليتمكن من رؤيتهم وهم يمدون أيديهم حيث وضعوا حقائبهم في الأعلى قريبا من سقف الحافلة ، وقف مستقيما ومد يده ليأخذ كيسا بلاستيكيا وضع فيه أشياءه ثم عاد إلى جلسته واضعا الكيس فوق ركبتيه متأهبا للنزول من الحافلة .
لم يعلم كم استغرق السفر من الوقت، ولم يستطع رؤية معالم الطريق الرابطة بين مدينته والمدينة التي سيحل بها ، فبمجرد صعوده للحافلة وجلوسه على الكرسي غط في نوم عميق لم توقظه إلا حركة المسافرين وهم يستعدون للنزول.
حين دخل الحافلة المكيفة الهواء أحس بالاسترخاء ،وكان الكرسي الوثير يغري بالنوم العميق ...
توقفت الحافلة ، أخذ المسافرون ينزلون منها واحدا بعد الآخر ، حمل كيسه البلاستيكي ، نزل من الحافلة ، واتجه نحو باب المحطة مكان موعد لقائه بأحد أبناء قريته الذي وجد له منصب شغل في ورش للبناء بهذه المدينة الكبيرة .كان الجو حارا ، وكان الوقت ظهيرة ،
فكانت لحظات الانتظار والترقب قاسية ،وزع نظراته الشاردة يمينا ويسارا وهو متسمر بباب المحطة، أحس بالتعب فجلس القرفصاء واضعا الكيس أمامه ، لييستلقي متكئا على جدار باب المحطة ويستسلم للنوم ...
-مصطفى ...انهض يا مصطفى ...
ينهض مذعورا ، يفتح عينيه ليرى صديقه واقفا أمامه ...فيرد بصوت مبحوح
-تأخرت كثيرا يا أحمد ...تأخرت ...
يجيبه وهو يتحاشى نظراته المتعبة
- كان في الورش مشاكل بين العمال وأصحاب الورش...
أحس مصطفى بأن الأمر ليس على مايرام فسأل صديقه:
- ما الأمر...؟
- يقولون عندهم مشاكل مع الأبناك والزبناء وأن العمل سيتوقف إلى حين...
احس مصطفى بالمرارة استشعرها صديقه فقال له مطمئنا:
-لا تقلق غدا قد يكون الأمر أفضل ....
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire
Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.