dimanche 17 novembre 2024

الرواية التفاعلية العربية الرقمية بين السرد التقليدي و التقنيات الرقمية المعاصرة // عبد الكريم حمزة عباس // العراق


الرواية التفاعلية هي عبارة عن نص أدبي إلكتروني تشعبي ( hypertext ) يتم فيه توظيف التقنيات الرقمية الحديثة و البرامجيات الحاسوبية التي تسمح بربط النص اللغوي بالإمكانيات التقنية المتمثلة بالصور و الألوان و الموسيقى و الحركة و الصوت و التقنية الفنية السينمائية و الروابط الخاصة بشبكة المعلومات ( internet links) ، وهي جنس أدبي رقمي حديث يجمع ما بين الأدب و التقنيات الرقمية المعاصرة، مع العلم أنه لا يمكن للقارئ قراءة هذه الرواية و التفاعل معها إلا إلكترونيا و من خلال شاشة إلكترونية رقمية .
إن إنتاج النص الرقمي لا يتحقق من خلال جهد جهة واحدة فقط مثل الكاتب أو القارئ بل هو يحتاج إلى فريق عمل من التقنيين المحترفين في اختصاص إنتاج النص الأدبي الرقمي وإلى خبراء في التقنيات الرقمية الصورية و السمعية و الحركية و الفيديوهات و غيرها .
بعض الأحيان الروابط الخاصة بشبكة المعلومات( internet links) و التي تكون ضمن النص الأدبي الرقمي لا تصل القارئ إلى بؤرة تفاعلية مع النص نفسه بل تعطل هذا التفاعل إذا استمر القارئ في تتبعها .
إن التقنيات الرقمية الحديثة المستخدمة في النص التفاعلي ( interactive text ) تحتاج إلى خبرة عالية و آلية معقدة للتوليف و الابتكار لأن أي خلل في هذا الجانب قد يخرج القارئ من التفاعل مع النص التفاعلي الرقمي .
و من محاولات التجريب في الرواية العربية خلال العصر الرقمي الحالي ظهور الرواية التفاعلية الرقمية حيث لم يعد مسار السرد فيها خطيا و ثنائي البعد بل تجاوز ذلك إلى مسارات أكثر تشعبا باعتباره جزءا من النص التشعبي الرقمي ( hypertext ) فأصبح للعلامات غير اللغوية دورا مهما في تقديم متن الرواية التفاعلية الرقمية بحيث امتزجت اللغة بالحركة و الصوت و التقنيات الأخرى ولم تعد الكلمة هي العنصر الوحيد الفعال كما هو في السرد الروائي التقليدي ، ولا يمكن فصل مكونات السرد الرقمي عن بعضها، كما أن المتلقي في هذه الحالة تحول من قارئ سلبي مستهلك للنص إلى مشارك في بناء النص التفاعلي ومنتج جديد له .
الرواية التفاعلية الرقمية ببساطة هي نمط جديد من الفن الروائي يقوم فيه المؤلف بتوظيف الخصائص التي تتيحها تقنية النص التشعبي الرقمي و الذي يسمح بالربط بين النصوص سواء كانت نصا كتابيا أم صورا أو أصواتا عبر روابط الكترونية باللون الأزرق( links ) تقود القارئ إلى ما يشبه الهامش في النص الأدبي الورقي التقليدي..
و من الأعمال الريادية العربية في الرواية التفاعلية الرقمية هي محاولات الكاتب ( محمد سناجلة ) حيث قام بنشر رواية تفاعلية رقمية عام 2001 بعنوان ( ظلال الواحد ) و التي وظف فيها الكاتب الروابط التشعبية ، ثم قدم رواية تفاعلية رقمية أخرى عام 2005 بعنوان ( شات ) وهي رواية تم فيها توظيف الصورة و الصوت و الألوان و الكلمة ثم أصدر رواية تفاعلية رقمية أخرى بعنوان ( صقيع ) عام 2006 .
و أمام هذا التسارع التقني الرقمي و توظيفه في الرواية التفاعلية الرقمية ظهرت عدة إشكالات بعضها يتعلق بمستوى البناء السردي و بعضها الآخر يتعلق بالمستوى التقني الرقمي الضعيف للقارئ العربي المعاصر ، كذلك قلة خبرة الكاتب العربي في تقنيات توظيف النص رقميا منها نوع البرامجيات الحاسوبية التي تتيح له تقديم نصه بشكل واضح ومفهوم للمتلقي ، بالإضافة إلى أن الرواية التفاعلية الرقمية لا يمكن تقديمها عبر الورق لانها ستفقد جزءا مهما من بنائها ، أي لا يمكن طبعها على الورق مثل الرواية التقليدية العادية.
و بشكل عام لم تلق الرواية التفاعلية الرقمية العربية لحد الآن ما لاقته مثيلتها في الغرب لعدة أسباب منها ضعف تكوين الروائي العربي في المجال الرقمي و عزوف المتلقي العربي عن تقبل هذا النوع من الروايات لعدم اقتناعه بالانصهار في العملية الرقمية و تقبل النتاج الجديد و التفاعل معه و تطوير أدواته القرائية الحديثة .
و الموضوع طويل و شائك و يحتاج إلى وقفات أدبية أخرى.







Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.