غادرت سريرها متثائبة..نظرت إلى الساعة الصغيرة الموضوعة جانبها، فتحت أحد أدراج خزانتها، أخذت المشط الخشبي، الذي أهدتها إياه أمها، ووقفت أمام المرآة الكبيرة التي تتوسط غرفتها، تسرح خصلات شعرها الذهبية، وتنظر بإعجاب لملامحها الفاتنة، عينيها الخضروان، شفتيها الرقيقتان،خديها الموردتان، بشرتها البيضاء الناعمة، قوامها المتناسق، كل تفاصيلها كانت تنطق بالجمال، ابتسمت، مدت يدها أمامها، وتأملت خاتم الخطبة الجميل، الذي يطوق إصبعها، لم يبق سوى أشهر على زفافها وهي في كامل استعدادها لليلة العمر. عقصت شعرها الأشقر الحريري إلى الوراء، وأخذت قلادتها الفضية، ولكنها حين همت بارتدائها، لاحظت بقعة بيضاء داكنة في عنقها، تحسست جلدها بأناملها، أشعلت الضوء، نظرت أكثر.. ما هذا؟ اعترتها رجفة هزت أوصالها، وخفق قلبها بسرعة جنونية.. وبدأت بفحص سائر جسدها، فوجدت بقعة أخرى في بطنها.. بدأت الدموع تتهاوى من عيونها، وشحب لون وجهها..لا يمكن أن يكون المرض اللعين يهاجم جلدها، لا يمكن أن تصبح مشوهة، مجرد التفكير في ذلك جعلها تنهار في نوبة بكاء حادة. باغتتها أمها حين وصل نحيبها إلى الخارج، فما كان منها إلا أن ألقت بنفسها بين ذراعيها، وظلت تبكي كطفلة فقدت دميتها المفضلة. حاولت أمها أن تستفسر منها، لكن صوتها خانها ، ولم تستطع قول شيء. وهو ما زاد جزع أمها التي تحاول تهدئتها دون جدوى. فيروز، ما بك يا حبيبتي؟ هل تشاجرتِ مع ياسين؟ وبكلمات متقطعة أجابتها: ليتني تشجارت معه يا أمي، الأمر أخطر من ذلك ، أنظري ، وأشارت إلى البقعة البيضاء في عنقها.. إنه البرص يا أمي أليس كذلك؟
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire
Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.