vendredi 21 juin 2024

الرواية بين الإسهاب والإطناب // عبد الكريم حمزة عباس // العراق

 

قد يخلط البعض بين الإسهاب والإطناب، لكونهما يشتركان في بسط الكلام وتطويل المعنى، إلا أن هناك فرقاً بينهما، فالإطناب هو زيادة اللفظ على المعنى مع وجود الفائدة، أو هو تأدية المعنى بعبارة زائدة عما هو متعارف عند أوساط البلغاء لفائدة تقويته وتوكيده، على نحو قوله تعالى: "رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا" للدلالة على الكبر في السن، بينما الإسهاب هو بسط الكلام وتكثيره دون وجود فائدة.
وعلى ذلك، فالإطناب من أساليب البلاغة، والإسهاب هو مجرد عيّ وضعف، ولا يُحسب على البلاغة.
الفن الروائي العربي يقف الآن عند مفترق طرق و إمتحان عسير ، إذ لا يمكن لهذا الجنس الأدبي أن يستمر و يتطور اذا ما تحول إلى ساحة للإسهاب و الإطناب.
و من الممكن أن تكون العلاقة بين الوضوح و الإسهاب في كتابة الرواية عملية معقدة و تعتمد في أغلب الأحيان على السياق ، في حين أن الوضوح في الكتابة غايته نقل الأفكار بشكل فعال إلى القارئ.
لذا فإن الكثير من كتاب الرواية يعتبرون أن الأولوية هي لعنصر الأسلوب ، فالاسهاب قد يستخدمه الكاتب بشكل متعمد لتحقيق تأثيرات معينة و لشد القارئ و إغراقه في عالم غني بالتفاصيل ، وهناك بعض الأسباب التي توجب استخدام الإسهاب في الرواية منها :
١- التعبير الفني : يستخدم بعض الكتاب الإسهاب كخيار فني متعمد لخلق جو معين من خلال استخدام الوصف التفصيلي أو استخدام لغة رمزية و جمل إيحائية يمكن من خلالها إثارة مشاعر القارئ أو زيادة التوتر أو تعزيز العمق الموضوعي للرواية .
٢- تطوير الشخصيات : يمكن استخدام الإسهاب لتطوير الشخصيات بمزيد من التفصيل و توفير نظرة ثاقبة لأفكار الشخصيات و مشاعرها و ودوافعها من خلال الحوارات الداخلية الطويلة، و بذلك يتمكن الكاتب من الكشف عن تعقيدات الشخصيات و صراعاتها الداخلية .
وهناك أسباب أخرى توجب الإسهاب و أخرى تمنعه لم يتم ذكرها، وتم ذكر الأسباب الشائعة تجنبا للإطالة .
يرى بعض النقاد أنه يجب تجنب الإفراط في الإظهار و الكشف، إذ أن عنصر التشويق في الرواية يمكن تحقيقه بالتفصيلات الصغيرة و ليس استخدام الإسهاب في الوصف أو التعليق على كل صغيرة وكبيرة في الأحداث.
بينما يرى البعض الآخر أن من خصائص الرواية أن يميل كاتبها إلى الإسهاب في وصف الأحداث بما فيها الزمان والمكان ولا يترك شيئا إلا أن يصفه وصفا تفصيليا ، حيث أن الرواية تستمد طولها من هذا الوصف التفصيلي .
و أخيرا بين هذا وذاك تترك الحرية للكاتب سواء للإيجاز أو الإسهاب على شرط أن لا تتأثر المقومات الأساسية لكتابة الرواية .








Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.