mercredi 11 septembre 2024

هيبة الكلب ( قصة قصيرة) // محمد بوعمران // المغرب

 

كان يحكي وكنت أتابع حكيه وأنا ما بين الدهشة و الحيرة، فلم أكن أتوقع أن يكون رده عن سؤالي عن زيارته لشخص من أثرياء القوم والذي له نفوذ في دواليب الإدارة من أجل أن يتوسط له في الحصول على وظيفة بهذا الشكل...
قال لي وهو يحكي بتوتر و انفعال :" هذا الرجل يقطن مسكنا فخما وسط ضيعة شاسعة، لما اقتربت من الباب الحديدي للضيعة شاهدت كلبا ضخم الجثة يظهر من وراء القضبان الحديدية وهو مستلق على بطنه، كان الكلب يلهث ولسانه
يتدلى مقتربا من الأرض، كلما اقتربت من الباب حملق في وجهي بنظرات حادة من عينيه اللتان تتطاير منهما شرارة الغضب و رفع أذنيه للأعلى معلنا تأهبه واستعداده للمواجهة والفتك، أرعبني منظر هذا الكلب الشرس، لكن تشجعت ووضعت أصبعي على زر الجرس فأخذ الكلب يرسل نباحا قويا اخترق هدوء المكان وهزني من الداخل، بعد برهة ظهر الرجل الذي أقصده وهو يتقدم نحو الباب وهو يرتدي بدلة رياضية، ألقيت عليه تحية الصباح وردها علي بابتسامة صغيرة، ثم طلب مني أن أتبعه للداخل، وكان الكلب وراءنا ،لما شعر الرجل بخوفي قال لي مطمئنا :" لا تخف إني ربيته أحسن تربية، وهو وفي و لن يلحقك منه سوء..."
دخلنا صالة فسيحة، جلست فجلس الكلب أمامي مستلقيا على بطنه كما رأيته أول مرة، وكأنه يراقبني، كلما تحركت لأغير وضعية جلوسي رفع أذنيه للأعلى وأرسل اتجاهي نظرات تنبهني بأني مراقب وأن أي حركة طائشة ليست في صالحي، أحسست أن لهذا الكلب شخصية قوية و هيبة، وشعرت بالضعف والهوان...
بعد مدة من الانتظار والرعب دخل الرجل وأمر الكلب بالانصراف وقال لي :
-أنت تعلم أن إيجاد منصب في الوظيفة العمومية ليس بالأمر السهل ويحتاج الكثير من الوقت والبحث عن الفرص وعلى ما يبدو أنك شخص طيب لذلك أقترح عليك العمل معي في هذه الضيعة لحين الحصول على وظيفة...
استبشرت خيرا فسألته :
-وماهو هذا العمل ...فأنا لا أعلم عن الفلاحة شيء
رد علي مبتسما :
-لا ...أنت ستعتني فقط بذلك الكلب ...
صدمني هذا الجواب، فنهضت وطلبت منه بعضا من الوقت لأرد على طلبه..."
لم أستطع كتمان ضحكتي ، ولم يكن صديقي بخيلا في مشاركتي ضحكات الاستغراب والمرارة....








Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.