لم ينس ذلك اليوم الذي تلقى فيه صفعة من المعلم لما فاجأه وهو يرسم بقلم الرصاص على طاولته ذلك القلب الذي يرسمه الشباب على رسائلهم الغرامية ويخترقه سهم ، كان حينها تلميذا بالسنة الثالثة من التعليم الإبتدائي لا يتعدى سنه العشر سنوات ، لم يشفع له سلوكه القويم، ولا اجتهاده في تلقي هذه الصفعة القوية ،ولا تلك الكلمات القاسية التي تلفظ بها المعلم ووصفه فيها بالحمار والقليل الحياء...
توجهت نحو الطفل، تأملت مكان الصفعة على الوجه الصغير،
كان الطفل مكسور الخاطر، قرأت في نظراته حزنا عميقا وإحساسا بالظلم، وشكوى صامتة تلتمس الإنصاف ، مسحت على رأس الطفل، ثم سألته:
-من صفعك ؟
أجابني دون أن ينظر إلي وبصوت هامس:
-الأستاذ فلان...
-ولماذا صفعك؟
صمت ورفض الإجابة، فكررت السؤال ، فقال مترددا:
-لأني رسمت على الطاولة بقلم الرصاص قلبا بداخله سهم...
فهمت من جوابه أن المعلم اعتبر الأمر سلوكا مخلا بالأدب ،
سألت الطفل:
-ولماذا اخترت هذا الرسم وليس غيره؟
-لأن شكله أعجبني،
- ألا تعرف معنى هذا الرسم ؟
أجابني بالنفي محركا رأسه ...
دخلت على المعلم ، وأخبرته بأن أثر صفعه للتلميذ جلية على وجهه ، وأن ما رسمه على الطاولة مجرد خربشة لا يفهم معناها كما نفهمه نحن الكبار.
الطفل التقيته وقد أصبح رجلا ، لكنه أخبرني بأن تلك الصفعة جعلته يكره كل الصور والعبارات التي ترمز للعشق، وخصوصا تلك التي بها صورة تشبه لتلك التي رسمها على طاولته في المدرسة وهو صغير ...
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire
Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.