الغَيمَةُ مَطَرٌ// أحلام دردغاني //لبنان
******
كانَتْ تَسيرُ بِخُطًى حزينةً ؛ لا شيءَ يُشْبِهُها سِوى الغَيمةِ تَستَحِيْلُ مَطَرًا
...كَمْ ابْتَعَدَتِ النُّجومُ ! زُهاءَ عُمرٍ ونَيِّفٍ
لَنْ تهدَأَ حَرَكَتُها ، هِيَ هِيَ ، ماضِيَةٌ رغْمَ أَنْفِ عجائِزِ الحَيِّ وثَرثَرَاتِهِمْ ؛ والغَرِيبُ الغَرِيْبُ ابتِسامَاتُهُمِ المُنَمَّقَةُ شالَ حَريرٍ مُزَرْكَشٍ باتَتْ تُدرِكُ ما سيَفوهونَ بهِ قبلَ الفَوهِ ...حَفِظَتْهُمْ عنْ ظَهرِ قَلبٍ ... لها اللهُ ولَهُمُ
- ربّاهُ أَعِنِّي على استِيعابِ ما يَدورُ في أَفلاكٍ خرَجَتْ عَنْ مَنظومَتِها ! ناجتْ رَبَّها ... وكَتَبتْ رِسالَةً لكاهِنِ الرَّعِيَّةِ تستجدِي حَلًّا ...
.لٰكنِ الثَّلمُ الأَعوجُ أَعوَجُ ... هكذا كانَ
.لا استصلاحَ لواقِعِ والعَقلُ غارِقٌ في سُباتِ الرَّجعِيَّةِ والتَّخَلُّفِ
...مضَتْ أَعوامٌ والشَّمسُ سَقيمَةٌ ، تَباشِيرُ الأَمَلِ تَنبَعِثُ مِنْ كُوَّةٍ شاحِبَةٍ
! صباحُ الخَيرِ سيِّدَتِي-
! أَلعَمُّ توفيقُ ، يا لَلمُفاجَأَةِ السَّارَةِ-
غالِيَتِي افْتَقَدْتُكِ كثيرًا -
متى عُدْتَ ؟-
دَعينِي أَروِي ظَمَأَ عينينِ أَضناهُما عَطَشُ مَرْآكِ ... كم تَغَيَّرتِ ؟-
!وهذا الشُّحوبُ يَستُرُ حُزنًا دَفينًا زادَكِ غُموضًا
. إنَّني حَبَّةُ القَمحِ ماتَت فأَثمرَتْ سُنْبُلَتَين ملأيَيْنِ بالمَحَبَّةِ -
.. لَيسَ لِجمالِكِ حُدودٌ -
... أَلفَضاءُ لامُتَناهٍ -
عَينايَ سراجانِ مُتَّقِدانِ وأَنْتِ شُعلَةُ مَحَبَّة -
عمّ توفيق ، أَلغَيمَةُ استحالَتْ مَطرًا -
.دَعنِي أَمسَحُ دَمعَةً انحدَرَتْ ، لطَّرِيْقُ صُعُدًا طَوِيلٌ وشاقٌ ، وَوَخْزُ المَسامِيرِ زَنبَقٌ أَبيَضُ
...كَمْ ابْتَعَدَتِ النُّجومُ ! زُهاءَ عُمرٍ ونَيِّفٍ
لَنْ تهدَأَ حَرَكَتُها ، هِيَ هِيَ ، ماضِيَةٌ رغْمَ أَنْفِ عجائِزِ الحَيِّ وثَرثَرَاتِهِمْ ؛ والغَرِيبُ الغَرِيْبُ ابتِسامَاتُهُمِ المُنَمَّقَةُ شالَ حَريرٍ مُزَرْكَشٍ باتَتْ تُدرِكُ ما سيَفوهونَ بهِ قبلَ الفَوهِ ...حَفِظَتْهُمْ عنْ ظَهرِ قَلبٍ ... لها اللهُ ولَهُمُ
- ربّاهُ أَعِنِّي على استِيعابِ ما يَدورُ في أَفلاكٍ خرَجَتْ عَنْ مَنظومَتِها ! ناجتْ رَبَّها ... وكَتَبتْ رِسالَةً لكاهِنِ الرَّعِيَّةِ تستجدِي حَلًّا ...
.لٰكنِ الثَّلمُ الأَعوجُ أَعوَجُ ... هكذا كانَ
.لا استصلاحَ لواقِعِ والعَقلُ غارِقٌ في سُباتِ الرَّجعِيَّةِ والتَّخَلُّفِ
...مضَتْ أَعوامٌ والشَّمسُ سَقيمَةٌ ، تَباشِيرُ الأَمَلِ تَنبَعِثُ مِنْ كُوَّةٍ شاحِبَةٍ
! صباحُ الخَيرِ سيِّدَتِي-
! أَلعَمُّ توفيقُ ، يا لَلمُفاجَأَةِ السَّارَةِ-
غالِيَتِي افْتَقَدْتُكِ كثيرًا -
متى عُدْتَ ؟-
دَعينِي أَروِي ظَمَأَ عينينِ أَضناهُما عَطَشُ مَرْآكِ ... كم تَغَيَّرتِ ؟-
!وهذا الشُّحوبُ يَستُرُ حُزنًا دَفينًا زادَكِ غُموضًا
. إنَّني حَبَّةُ القَمحِ ماتَت فأَثمرَتْ سُنْبُلَتَين ملأيَيْنِ بالمَحَبَّةِ -
.. لَيسَ لِجمالِكِ حُدودٌ -
... أَلفَضاءُ لامُتَناهٍ -
عَينايَ سراجانِ مُتَّقِدانِ وأَنْتِ شُعلَةُ مَحَبَّة -
عمّ توفيق ، أَلغَيمَةُ استحالَتْ مَطرًا -
.دَعنِي أَمسَحُ دَمعَةً انحدَرَتْ ، لطَّرِيْقُ صُعُدًا طَوِيلٌ وشاقٌ ، وَوَخْزُ المَسامِيرِ زَنبَقٌ أَبيَضُ
*******
قراءة في قصة "الغيمة مطر" للكاتبة و الشاعرة اللبنانية أحلام الدردغاني
بقلم : ذ. بوزيان موساوي ـ المغرب
بقلم : ذ. بوزيان موساوي ـ المغرب
*******
:ـ توطئة
تلعثم قلمي لما حاولت قراءة هذه القصة للمرة العشرين... تقنية معمار نص سردي لم أعهدها في النصوص الحديثة المكتوبة بلغة الضاد
كان من أكبر رواد هذا التنوع في الخطاب الذي أسس لنظريات التلفظ الحديثة: الروائي و القاص غوستاف فلوبير في روايته "مادام بوفاري".. في هذه الرواية كما في القصة التي نحن بصددها للشاعرة و الأديبة أحلام الدردغاني، يحدث تعتيم مقصود في نوعية الخطاب... تعتيم ناتج عن غموض و ضبابية لاستهداف جمالية نادرة في معمار النص و انزياحاته: الخلط المتعمد بين الخطاب اللغوي المباشر، و غير المباشر، و غير المباشر الحر، و الخطاب المسرد(Discours direct / discours indirect/ discours indirect libre / discours narrativisé).
:ـ توطئة
تلعثم قلمي لما حاولت قراءة هذه القصة للمرة العشرين... تقنية معمار نص سردي لم أعهدها في النصوص الحديثة المكتوبة بلغة الضاد
كان من أكبر رواد هذا التنوع في الخطاب الذي أسس لنظريات التلفظ الحديثة: الروائي و القاص غوستاف فلوبير في روايته "مادام بوفاري".. في هذه الرواية كما في القصة التي نحن بصددها للشاعرة و الأديبة أحلام الدردغاني، يحدث تعتيم مقصود في نوعية الخطاب... تعتيم ناتج عن غموض و ضبابية لاستهداف جمالية نادرة في معمار النص و انزياحاته: الخلط المتعمد بين الخطاب اللغوي المباشر، و غير المباشر، و غير المباشر الحر، و الخطاب المسرد(Discours direct / discours indirect/ discours indirect libre / discours narrativisé).
:ـ تعتيم
لما ينصب السارد ("الهو") نفسه مجرد شاهد محايد يقص بنظرة كامرمان محترف تعابير وجه، و مجرد ملتقط لأصوات (الحوار) لا مكان لها في منطقة وسطى بين التكتم و الصراخ... و في ذات الآن، نجس نبض سرده فنكتشف بأن هذا الحياد بصيغة الغائب (الأنا الساردة: "الهو"، أو "الهي")، يتجاوز صيغ السرد المألوفة ليتحول إلى مونولوج داخلي.. الأمر الذي يجعل القارئ اليقظ المعتاد على تحليل نوعية الخطاب انطلاقا من الرافعات المعيارية الأكاديمية يتساءل: من المتحدث؟ ... أ هو الكاتبة؟ (هو واقع معيش إذا؟) (أ هو السارد (ة)؟ ( هو عالم افتراضي إذن؟) من المخاطب؟ (القراء؟ كاهن الكنيسة؟ الرب؟ الرعية؟ العم؟)..و ما هي الرسالة؟... (نص جميل للقراء يحمل دلالات و عمق معنى؟.. رسالة لكاهن الرعية تستجدي حلا؟... أم مجرد فكرة / وحي نزل على الشاعرة بغتتة فخطته بحبر أسود؟)
قد تكثر التأويلات و تتنوع... لكن الجمالية.. الجمالية هي ذاتها... هكذا تعتيم... يثير فضول القارئ... ليتمتع بجمالية المقروء
:ـ غموض
الغموض :عنوان الحزن، و الألم / الأمل يؤثث فضاء القصة / الخرافة / الواقع المعيش
..." و هذا الشحوب يستر حزنا دفينا زادك غموضا"
و وراء التعتيم عن صوت و هوية الذات الساردة في النص (أ هي الكاتبة؟ أم الساردة؟ أم الشخصية؟)، نستشرف من منطلقات انتظارات قارئ ، الشخصية التي ستنوب عن الذات الساردة...، و إذا بنا نصطدم بذات شخصية يسبق ذهول الفضول معرفة كنهها و ماهيتها و وظيفتها (essence / identité / fonction) في النص / القصة أو الخرافة... و اختارت الكاتبة /الشاعرة أن تقدمها عكس المنتظر بدون هوية... دخلت عالم القصة بضمير الغائب "هي" (" لن تهدأ حركتها، هي هي، ماضية")... من هي؟ ... أ هي الكاتبة؟... أ هي السارد (ة)؟.. أ هي الشخصية في القصة / الخرافة؟.. نعرف أنها فقط لغويا حاضرة بصيغة المؤنث.. ملاحظة كهذه، تحيلنا على عوالم مدرسة "موت الرواية"، أو مبدأ "اللا ـ بطل"، كما عند الروائي الحداثي آلان روب غرييي
و رغم إضفاء صفة الحركية عليها "كانت تسير بخطى حزينة"... "لن تهدأ في حركيتها"... فهي طيلة القصة بقيت "هي" بدون اسم ، خارج الزمن، و الجغرافيا... لقب واحد لازمها منذ بداية الحكاية: "الغيمة مطر"... و قد جردتها الذات الساردة حتى من هذا الوصف اللقب: "الغيمة تستحيل مطرا"...لكنها في ذات الآن و كأننا مع مفارقة وجودية تؤكد الغموض، هي ذات مغيبة بضمير "هي"، و في نفس الوقت، عالمة بمجرتها " كم ابتعدت النجوم ! عمر و نيف "...، وبمحيطها (الحي)، و بأهلها: " باتت تدرك ما سيفوهون به قبل الفوه"... و كأن الكاتبة / الساردة تضع كمامة على أفواه الجميع نجوما كانوا أو أمكنة أو أشخاصا... فقط هي.. نعم هي السارد (ة) / الشخصية لها حق الكلام: " رباه ! أعني على استيعاب ما يدور في أفلاك خرجت عن منظومتها ! ناجت ربها... و كتبت رسالة لكاهن الرعية تستجدي حلا..."... و كأن صوت غيرها لا جدوى منه... و كأن الحل وحده يكمن في صوتها هي و هي تستجدي الرب بوساطة كاهنها
..." و هذا الشحوب يستر حزنا دفينا زادك غموضا"
و وراء التعتيم عن صوت و هوية الذات الساردة في النص (أ هي الكاتبة؟ أم الساردة؟ أم الشخصية؟)، نستشرف من منطلقات انتظارات قارئ ، الشخصية التي ستنوب عن الذات الساردة...، و إذا بنا نصطدم بذات شخصية يسبق ذهول الفضول معرفة كنهها و ماهيتها و وظيفتها (essence / identité / fonction) في النص / القصة أو الخرافة... و اختارت الكاتبة /الشاعرة أن تقدمها عكس المنتظر بدون هوية... دخلت عالم القصة بضمير الغائب "هي" (" لن تهدأ حركتها، هي هي، ماضية")... من هي؟ ... أ هي الكاتبة؟... أ هي السارد (ة)؟.. أ هي الشخصية في القصة / الخرافة؟.. نعرف أنها فقط لغويا حاضرة بصيغة المؤنث.. ملاحظة كهذه، تحيلنا على عوالم مدرسة "موت الرواية"، أو مبدأ "اللا ـ بطل"، كما عند الروائي الحداثي آلان روب غرييي
و رغم إضفاء صفة الحركية عليها "كانت تسير بخطى حزينة"... "لن تهدأ في حركيتها"... فهي طيلة القصة بقيت "هي" بدون اسم ، خارج الزمن، و الجغرافيا... لقب واحد لازمها منذ بداية الحكاية: "الغيمة مطر"... و قد جردتها الذات الساردة حتى من هذا الوصف اللقب: "الغيمة تستحيل مطرا"...لكنها في ذات الآن و كأننا مع مفارقة وجودية تؤكد الغموض، هي ذات مغيبة بضمير "هي"، و في نفس الوقت، عالمة بمجرتها " كم ابتعدت النجوم ! عمر و نيف "...، وبمحيطها (الحي)، و بأهلها: " باتت تدرك ما سيفوهون به قبل الفوه"... و كأن الكاتبة / الساردة تضع كمامة على أفواه الجميع نجوما كانوا أو أمكنة أو أشخاصا... فقط هي.. نعم هي السارد (ة) / الشخصية لها حق الكلام: " رباه ! أعني على استيعاب ما يدور في أفلاك خرجت عن منظومتها ! ناجت ربها... و كتبت رسالة لكاهن الرعية تستجدي حلا..."... و كأن صوت غيرها لا جدوى منه... و كأن الحل وحده يكمن في صوتها هي و هي تستجدي الرب بوساطة كاهنها
:ـ انفراج
:و من وراء التعتيم و الغموض انفراج
بعدما تاه القارئ بين ذات ساردة و شخصية بدون هوية (لم تذكر الكاتبة اسمها و لا وظيفتها)، يتفاجأ مرتاحا (و لو نسبيا بوجود شخصية أخرى تؤثث فضاء القصة بإقحامها في حوار مفترض... هو في حد ذاته صوت الأنا بصيغة المذكر... لكن بهوية: ...,,..(العم)، و باسم : (توفيق)... (العم توفيق ! يا للمفاجأة السارة ! )
و هو انفراج في القصة بعدما سادت سماء الخرافة غيوم كئيبة
!ـ "... و هذا الشحوب يستر حزنا دفينا زادك غموضا
"ـ "إنني حبة قمح ماتت فأثمرت سنبلتين ملأيين بالمحبة
:و من وراء التعتيم و الغموض انفراج
بعدما تاه القارئ بين ذات ساردة و شخصية بدون هوية (لم تذكر الكاتبة اسمها و لا وظيفتها)، يتفاجأ مرتاحا (و لو نسبيا بوجود شخصية أخرى تؤثث فضاء القصة بإقحامها في حوار مفترض... هو في حد ذاته صوت الأنا بصيغة المذكر... لكن بهوية: ...,,..(العم)، و باسم : (توفيق)... (العم توفيق ! يا للمفاجأة السارة ! )
و هو انفراج في القصة بعدما سادت سماء الخرافة غيوم كئيبة
!ـ "... و هذا الشحوب يستر حزنا دفينا زادك غموضا
"ـ "إنني حبة قمح ماتت فأثمرت سنبلتين ملأيين بالمحبة
هي تقنيات القصة القصيرة، حافظت على بنيتها التقليدية (زمان / مكان/ شخصيات / وصف / سرد / حوار/ انزياح لغوي / جمالية/ قضية...) ، بدايتها حبكة، و وسطها حركية، و آخرها حل مفتوح لعقدة...، لكن بمعمار حداثي قل نظيره، و بأسلوب كاتبة أصلها شاعرة ذات توجه خاص و متفرد
******
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire
Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.