vendredi 2 avril 2021

قراءة في قصيدة "معلقة العشق المهربة سرا " للشاعر العراقي باسم عبد الكريم الفضلي // الناقد مهند طالب هاشم

 

التحكم الشعري في قراءة المتلقي / قصيدة {مُعَلَّقةُ العِشقِ المُهَرَّبةُ سِرّاً }
للشاعر باسم عبد الكريم الفضلي
{مُعَلَّقةُ العِشقِ المُهَرَّبةُ سِرّاً }
صمتاً...
فالأنوارُ المَنسيَّةُ
في زنازينِ الذكريات
شَرَعَتْ تبحثُ
عن عُتمةِ
أوراقِ أيامي
المطويَّةِ
بين حشايا
صمتِكِ...
فما جديدُ هذا الجنون..
أَم ستكتفينَ بانتحاري؟
سأضيعُ فيك
كي أجدَ
حدودَ زماني
بعيداً عن الأثر
قريباً من الأشياء
حيث
لا ظلالَ بيضاء
يُغري السماء
بموجةِِ عرجاء
وضفافِِ غبراء
ــ أمحُ مامضى فقد بدأ
عصرُ الافتراضات ــ
وبلبلُ الجليد
سيغني
حتى تحترقَ الآفاق
(عيناكِ وحدَهما البرهان )
وما جديدُ هذا
الوعدِ..
ألأكيدِ القسوة..؟
فكلُّ شيءِِ مُقرَّرٌ
بنزوةِِ إراديَّةِ الخَلقِ
و الإِفناء
ثم..
مادها الرغبةَ المحكومةَ
باجترارِ أسرارِ التَّواري
في الجحورِ المُقَـــ / صهِِ
...........
......
وما سألَ عن نفسِهِ
سببُ الأمل
وما عرفَ قَدْرَ نفسِهِ
سببُ النكوصِ
الى ذاتِ الإجابة..
كأن لم يكُنِ الـ /تروَّ فقد...
من يرسمُ أفياءَ
أيامِ الرّاياتِ
المرفرفةِ
في عينِ هزيمتي ..؟؟
حين حان حِينُ
الحَين
بان بَينُ
البَين
في عُنفوانِ التَّوَهُّم
فما في جعبةِ
الاستفتاءات
سترسمُ مُنحنياتِ
الانكفاءاتِ
صوبَ مَعناي الوحيدِ
خلفَ السَّواترِ
الرقمية
ــ ابداً..لاتسَلْ ولاتقِفْ.. ــ
...سأسيرُ
فوقَ جراحيَ
أُفتّشُ
عن مشارفِ
فِردَوسِكِ
قريباً من
الجَّمر
بعيداً عن
الرجاء
{..أُحبُّكِ حدَّ الظُّلم..
وتَظلُميني حدَّ الحب..}
"
"
باسم عبد الكريم الفضلي
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
{مُعَلَّقةُ العِشقِ المُهَرَّبةُ سِرّاً } عنوان لنص نثري يعتبر بحدِّ ذاتهِ صوفية جميلة اختزلت رؤيا اكثر عمقاً من رؤيا النص نفسهِ , وهذا يعطينا عتبة نصية وثيمة فيها دلالات معرفية سنلتمس قيّمها الجمالية في حيثيات النص , اذ ان العنونة لها مدارات تحوم حول النص تتنفسه كجسدٍ يحتاج الى الحياة, فهي (العنونة ) رئة النص هذا , اضافة الى كونها مدخله وبابه الذي نلج النص من خلاله .
{مُعَلَّقةُ العِشقِ المُهَرَّبةُ سِرّاً } من حيث الشرح نحن في غنى عن توضيحه . يعرف العنوان بكونه" مجموعة من الدلائل اللسانية , يمكنها أن تثبت في بداية النص من أجل تعيينه والإشارة إلى مضمونه الإجمالي ومن أجل جذب الجمهور المقصود .
هذا وقد نادى " لوسيان ﮔولدمان" الدارسين والباحثين الغربيين إلى الاهتمام بالعتبات بصفة عامة، والعنوان بصفة خاصة , وأكد في قراءته "السوسيولوجية" مدى قلة النقاد الذين تعرضوا إلى مسألة بسيطة مثل العنوان. ,
اذن ان العنوان قد رصد العنونة رصداً "سيميوطيقيا" من خلال التركيز على بناها ودلالاتها ووظائفها ,وننتهي بأن العنوان عبارة عن علامة لسانية "وسيميولوجية "غالبا ماتكون في بداية النص, لها وظيفة تعيينية ومدلولية, ووظيفة تأشيرية أثناء تلقي النص والتلذذ به تقبلا وتفاعلا .
...............................................................
العتبة النصية الاولى :
........................
صمتاً...
فالأنوارُ المَنسيَّةُ
في زنازينِ الذكريات
شَرَعَتْ تبحثُ
عن عُتمةِ
أوراقِ أيامي
المطويَّةِ
بين حشايا
صمتِكِ...
.......................................
((صمتاً...)) العتبة الاولى التي تفتتح النص بتوهج متشظ , يكتنفه الهدوء , لانه تلازم ذاتياً مع البوح القادم , اي انه خطابٌ موحي بدلالةٍ التخاطر عن بعد / تجعلنا نستمع بهدوء لموجة قادمة انزياحية / ((فالأنوارُ المَنسيَّةُ .. في زنازينِ الذكريات)) صمتاً مستهلاً ينفرج عن تداعيات موحية توهجية ذاتية تستبق اطلالة النص وتداعياته المتموقعة فيه , حيث تتمظهر تشعبات هذا الانزياح وما يتبعه من بوح يعانق المعنى وما خلف المعنى .
..............................
فما جديدُ هذا الجنون..
أَم ستكتفينَ بانتحاري؟
سأضيعُ فيك
كي اجدَ
حدودَ زماني
بعيداً عن الأثر
قريباً من الأشياء
حيث
لا ظلالَ بيضاء
يُغري السماء
بموجةِِ عرجاء
وضفافِِ غبراء
ــ أمحُ مامضى فقد بدأ
عصرُ الافتراضات ـ
...................................................
التساؤل الذي يطرحه الشاعر ينبعث من فوضوية عائمة في بحر من الجدل , ((فما جديد هذا الجنون)) / استحضار وتساؤل يمنح الآخر مساحة كبيرة من الاستدراكات التي ستنمو حال وصول السؤال , ان هذا التساؤل يسلك تليباثية مخاطبة عن بعد / ثم ما يلبث ان يتحول الى نصف اجابة بنفس الوقت / ((سأضيعُ فيك ..كي اجدَ ..حدودَ زماني )) وهنا ينحدر هذا التساؤل الى آفاق اخرى غير ما ورد , وهذا استدلال اخر يأخذنا الى منعطف اخر اكثر احتواءاً حيث يقول الشاعر ((أمحُ مامضى فقد بدأ .. عصرُ الافتراضات ـ)) ان وجود الشارحة ( _ ) هنا ليس اعتباطاً ولا عفوياً , بل هو يدل على وجود جملة اعتراضية تربط ما قبلها بما بعدها , فهنا الشاعر يكتب كل شيئ بدقة وترتيب وليس في نيته حشو النص بنقط وشارحات من أجل التزيين أو الزخرفة , ربما هذا شائع عند الكثيرين , إلا أن شاعرنا هنا يعي ما يكتبه بدرجة عالية من الفهم , ينتقل بنا الشاعر الى مكان آخر في هذه الجملة ((أمحُ مامضى فقد بدأ .. عصرُ الافتراضات ـ)) حيث ان غياب الواقع استوجب الافتراضات , وان هذا الغياب هو تناسلي الوجود , اي انه مدان بنفس الوقت , فلم يختر أحدٌ هذا الغياب وليس هنالك حجة أو بينة لوجوده , مما جعل الافتراضات ممكنة ومتاحة ومقبولة طالما الواقع لا أرضية له أمام هذا التساؤل .
..................................................................
وما سألَ عن نفسِهِ
سببُ الأمل
وما عرفَ قَدْرَ نفسِهِ
سببُ النكوصِ
إلى ذاتِ الإجابة..
كأن لم يكُنِ الـ /تروَّ فقد...
من يرسمُ أفياءَ
أيامِ الرّاياتِ
المرفرفةِ
في عينِ هزيمتي ..؟؟
حين حان حِينُ
الحَين
بان بَينُ
البَين
في عُنفوانِ التَّوَهُّم
فما في جعبةِ
الاستفتاءات
سترسمُ مُنحنياتِ
الانكفاءاتِ
صوبَ مَعناي الوحيدِ
خلفَ السَّواترِ
الرقمية
...................................
يتكلم الشاعر هنا عن نفسه مخاطباً الآخر بصفة مجازية , هنا جدلية عميقة في احتواء الواقع / ((حين حان حِينُ .. الحَين ..بان بَينُ .. البَين ..في عُنفوانِ التَّوَهُّم )) واضحاً جدا عمق هذه الجدلية (في الشيء شيء وشيء اخر ) ان التنافر في المعنى والتقارب يحمل المعنى أكثر من طاقتها عندما يكون هنالك استدلالات متوالية في دالاتها بمعنى التوالي الذي يندرج هرمياً إما تصاعدياً أو تنازلياً , وهذا يمنحنا عمقاً فلسفياً متداخلاً باطنياً , ثم نجد بعد هذه الجدلية أن كل هذه العقد هي نتاجاتٌ افتراضيةٌ خلف شاشاتٌ رقميةٌ تتعامل مع العالم ضمن محيطها الافتراضي .
.................................................
ــ ابداً..لاتسَلْ ولاتقِفْ.. ــ
...سأسيرُ
فوقَ جراحيَ
أُفتّشُ
عن مشارفِ
فِردَوسِكِ
قريباً من
الجمر
بعيداً عن
الرجاء
{..أُحبُّكِ حدَّ الظُّلم..
وتَظلُميني حدَّ الحب..}
............................................
يختتم الشاعر هذه التوهجات الذاتية الروحية في نهاية تعرف مسبقاً كيفيتها , وينحدر الينا هذا المعنى منزاحاً لا ارادياً فهو ينساب دلالياً نحو نهايته التي فرضت نفسها ولم يخترها أحد , يكتفي الشاعر هنا بمتعة هذه العشق وما تبادلا من خلاله , ويعطينا ذلك أن بعض القصص وإن كانت غير ناجحة إلا ان متعة حدوثها بحدّ ذاتها انعاشاً روحياً شعرياً , ثم يترك الشاعر للنهاية مظلوميته على أنها خارجة عن إرادته وواقعة عليه كإحدى مقررات هذا القدر الذي اختار نمطية محددة له يعيش في كنفها رغماً عنه , {..أُحبُّكِ حدَّ الظُّلم..وتَظلُميني حدَّ الحب..} نهاية مأساوية تنتهج معان فيما بينها وورائيات عدة عندما تنشق من ذاتها (المعنى ) وتتشظى الى معانٍ اخرى اكثر واكثر , وهذا بطبيعته يعتبر ثقافة عميقة في ذات الشاعر تمكنه من شعرية نابغة ذكية في رسم النص والتحكم في أفكار المتلقي ليأخذه سياق النص إلى ما يريد الشاعر لا إلى ما يريد المتلقي .
مهند طالب هاشم




Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.