mercredi 28 mars 2018

قراءة في المجموعة الشعرية "سمراء وشاي " للشاعرة فوزية الفيلالي // بوزيان موساوي // المغرب



قراءتي في المجموعة الشعرية "سمراء و شاي" للشاعرة المغربية فوزية أحمد الفيلالي
تحت عنوان: أولوية الشكل في تحديد الجمال الفني على الموضوع
ذ. بوزيان موساوي ـ وجدة ـ المغرب
:بطاقة تعريف
فوزية أحمد الفيلالي شاعرة مغربية مخضرمة من مواليد العاصمة الثقافية و الروحية للمغرب مدينة فاس... شاعرة و زجالة، و كاتبة قصص و روايات، و فنانة تشكيلية في بعض أوقاتها... تم تكريمها في العديد من المهرجانات بصيغة المرأة المبدعة... هي رئيسة إعلام و تكنولوجيا للاتحاد الدولي للمراة الافريقية فرع المغرب، و عضوة في أكثر من اتحاد و رابطة للمبدعين على الصعيد المغربي و العربي و الافريقي
و لأنها عاشقة للجمال و مبدعته، و لأنها تتفاعل و تنفعل مع الزمن حاضره و ماضيه، و مع فضائها الجغرافي و قيمه التاريخية و الحضارية، و مع راهن الظرفية الاجتماعية و السياسية وطنيا و عربيا و إفريقيا.. فلقد جعلتنا كقراء نسافر معها في عالم الجمال لكون بوحها يوحي بالنغم و التشكيل أكثر مما يقوله
لذا توقف زمن قراءتنا في هذه المجموعة عند سؤال الكتابة بصيغة المرأة المبدعة، و من خلاله عند قضية المرأة فاعلة و أنثى (مناضلة و عاشقة)، و من خلالها رسم حدود وطن برصاص القلم و الإحساس و التشكيل
:ـ-1سؤال الكتابة بصيغة المرأة المبدعة
لماذا "سمراء و شاي"؟
:تجيبنا الشاعرة كما بتغريدة من خلال أحد أجمل نصوصها
" تزاحمت حروفي
بين أنامل العشق
تستجدي
(...)فناجين من شاي
...سمراء أنا
عارية الوجدان
القريض يدنو مني
والقلم يراقص إلهامي
القصيدة كأس شاي
بين الأمس واليوم
صممت لها من دمي
أجمل عنوان
...سمراء قلم وشاي"
سمراء؟ قلم؟ شاي؟
ـ للسمراء حضور في الشعر العربي ترمز لجمال المرأة، و لون الأرض / الوطن... هي "أدماء".. و الأدمة تعني السمرة، و الأديم هو ظاهر الأرض
:قال زهير بن أبي سلمى
"فاما ما فويق العقد منها
فمن أدماء مرتعها الكلاء
و أما المقلتان فمن مهاة
...و للدر الملاحة و الصفاء"
:ـ و بالقلم وخز الرصاص ... به كحل العين، و به نقش الحرف، و به من يتسمم، و منه ما يطلق على العدو من سلاح
نقرأ:
" عدتُ لقلمي…
فتشت عنّي في حروفي
وجدتُني بين صدفيات (...)
حين كان يبتسم قلمي خفية
مترنحا يقتله صمتي
لا تسألني عن يوم قضيته
...(بجانبي أخرس " (مقطع)"
:و نقرأ
" تبعثر الرصاص
على حافة الحروف
تتشاجر نقط وفواصل
...الرماد
الرصاص يتناثر متدفقا
.(في صدر الانتقام".. (مقطع
ـ و عن الشاي في موروثنا الأدبي و الشعبي حكايات و حكم... الشاي الأخضر -أو "الأتاي" كما يحب جل المغاربة أن يسموه فيما بينهم- له مكانة خاصة، ليس فقط في موائد الأكل، وإنما أيضا في دواوين الشعراء والأدباء، الذين أفرد كثير منهم لهذا المشروب العجيب قصائد شعرية وزجلا ومتونا لم تترك صغيرة ولا كبيرة عنه إلا وأبرزتها
ويعد الشاي المغربي موضوعا استفاضت فيه عدة متون لعل أبرزها أرجوزة الأديب الفاسي والشاعر المغمور "عبد السلام الأزموري" بعنوان "الرائقة العذبة المستملحة الفائقة"
و لما ندعو غيرنا لاحتساء كوب شاي، مغزاه عندنا و ربما حتى عند غيرنا دعوة لتبادل أطراف الحديث و الحكي و المسامرة و الذكرى... أسطورة شهرزاد و الحكاية
:نقرأ
" سمراء قلم وشاي
تزاحمت حروفي
بين أنامل العشق
تستجدي
فناجين من شاي
تصاعد بخارُ سكّرها
بردا وسلاما فوق راحتي
تدفقت الكلمات
...(مدرارا" (مقطع
و من جمال السمراء فتن القلم، و دعانا لجلسة شاي... على إيقاع معزوفات رتلتها الشاعرة فوزية أحمد الفيلالي بقصائد غراء.. و لأنها لم تكتف بمحاكاة جمال، بل أبدعت شكلا هندسة واقع يسمع من أعماقه الأنين، واقع امرأة، و مصير وطن، فلقد غاصت بنا في عالم "الفن الجيد" حسب تعبير أفلاطون
:كتبت الباحثة المغربية ثريا ماجدولين، في نفس هذا السياق تقول
"لقد ميز أفلاطون بين الجديد و الجميل في النظر إلى الفن، من خلال تقسيمه الفنون إلى نوعين: نوع يكتفي فيه الفنان بالمحاكاة السطحية للطبيعة، و يمكن حينذاك الحديث عن "الجميل"، و نوع آخر يحاكي فيه الفنان مثل الخير و الحق و الجمال، و هو في نظره الفن "الجيد"
 ـ2 سؤال الكتابة بوح امرأة فاعلة، و أنثى عاشقة
و لأن النصوص الشعرية التي أبدعتها الشاعرة فوزية أحمد الفيلالي تنتمي فعلا لهذا الفن "الجيد" (أنظر تعريف أفلاطون أعلاه)، فلقد جسدت المرأة بتمظهرات و تجليات مختلفةكـ امرأة فاعلة قرأت محيطها و استوعبته، فتأثرت به، و أثرت عليه.. نقرأ:
" انا امرأة حرة
في يوم عيدي
أصرخ بصوت أنثى
بيدي باقة ورد جنان
ألونها بكل أشعاري
(بكل قصائد الغزل" (مقطع)
:و نقرأ
"صرخة أنثى
في صمت صحراء الحرية
بمياه زرقاء على صفحات ذكرياتي
رفعت قلمي بين انامل العشق
كتبت بدم روحي
أحبك وطني يا ورد ة من حُمْرة دمي
اختال بين ربوعك منك وإليك
بأعلى نبرات صوتي أهتف
...(أنا امرأة حرة..." (مقطع)
ـ و أنثى عاشقة للجمال و الحرف و المعاشرة الطيبة و لحضن وطن أجمل و أرقى، تعيش للذكرى، و تنشد تلعثم الحاضر، و تحلم بغد أنظف...، نقرأ
"بيني وبينك
...كلام ليل
حكاية تحت المطر
حبٌّ بلّلَ معاطفنا
بجميل القبل
ظللت أنظر إليك
نظرة دون لثام
لقاء كان زمان
تحت الصفصافة
...تحدثنا
عن قبلات في الظلام
عن عرس افلاطوني
مع زغاريد ضفادع نشوانة
تصفيقات طيور الهوى
وسواقي حزيران
أخبرَني مكانُ موعدنا
أنّ مخابرات وسهام
ترصّدتْ للحظات عشناها
(معا مغمى علينا"... (مقطع)
:و الأروع هذا المقطع من حوار
قال: القلادة ثمينة والجيد أجمل
قلت: أراك تتغزل بقوامي أمام العسكر
الوقت صبح وأنت خارج من صلاة فجر
قال: في الجمال لا أخاف المخفر
قلت: ويحك أما تهاب حدّ السّيف؟؟
...أم العشق أعمى عينيك
فأصبحت شفتاك عن البوح لا تتأخر
.قال: أموت فوق الصدر لا أتأثر" (مقطع من نص "أقوال شاعرة... خاطرة)
جميل هذا التمويه الشعري المقصود المتعلق بهوية المرأة في هذه المجموعة الشعرية الراقية: يكاد القارئ لا يفرق بين الشاعرة فوزية أحمد الفيلالي كإنسانة، تعيش بالذكرى (نص "شتات الذكريات") و للذكرى عبر مرثيات (نص "كنت سـأكلمه"..)، و بين الناطقة باسم المرأة عبر النصوص باسم "أنا امرأة حرة".. و بين الأنثى العاشقة الحالمة شعرا و موسيقى بأنغام الطبيعة و جمالية الكون (نصوص مثل "هلى موج الهوى.." و "عنك أقول" و "فنجان العشق"...).. و المرأة الأسطورة: "بلقيس"(نص: "خلف الجدار") و "دون كيشوت" (نص:" و حين يداهمني صبحي") و "عروس البحر" (نصك "متى يلتئم جرحي..")
: ـ 3سؤال الكتابة رسم حدود وطن برصاص الحرف و الاحساس و التشكيل
و إن كانت المرأة ـ أدماء ـ السمراء الفاتنة رمز الأرض / الوطن عبر النصوص الشعرية للشاعرة فوزية أحمد الفيلالي ، فهي الأخرى تبحث عبر القصيد عن تعريف للوطن لا الارتماء عبثا في أحضانه
و قراءتنا للنصوص المكتوبة عن الوطن، أوحت لنا بأن الأمر لا يتعلق بنصوص شعرية نمطية تتغنى بالأوطان في مناسبات و أعياد رسمية، بل بنظرة وجدانية و فلسفية تحاول رسم تصور حدود برصاص القلم و الاحساس و التشكيل
:فهو أحيانا كل الأوطان و لا وطن
:تقول في مقطع من نص "لو سألتم اليمام؟"
"هل أجاب سرب اليمام؟؟
عن هويتي
عن جنسيتي
أم أقبر الجواب و دوى السراب؟؟
لو سألتم قلمي
...على عنواني
...و عن كأس مرجاني
أنا الهائمة بين الأوطان..."
:و يشبه الوطن الحالي منفى، مقارنة عما كان عليه
نقرأ في مقطع من نص "نصف قدم"ك
" أيها المنفى
ضقت درعا بغربة
أفنت عمري
في سراديب حزني
أعِرْني طوق الحمام
أسافر حيث سريري
حيث قنديلي
حيث عقدي الثمين
وجدتي ..."
:و يصبح أحيانا ذاك الحب العظيم و الحلم المجهض كما في نص "أحبك وطني"، و هذا مقطع منه
" عناقا ووجدا يا وطني
أوراقي أينعت بين ظلالك
سيظل حبك في دمي
...يثمر كل الفصول"
.و لنا عودة .. في مناسبات أخرى مع الشاعرة فوزية أحمد الفيلالي.. قراءة ممتعة أتمناها لكم لمجموعة "سمراء وشاي
**********



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.