كان الإنسانُ في الزمنِ المرِّ يختفي، يذوب كما يذوب الملح في الماء، تُحيطُ بنا دوائرُ التاريخِ والذئابِ، يخشى الواقفَ في نهايةِ الزقاقِ، أُعفي الجميعُ من السؤالِ، الحبالُ تتدلّى فوق منصاتِ الرحيلِ، ماذا تفعلُ أيها الإنسانُ لو وقفتَ بين يدي صانعِ الدمارِ تُطوقكَ القضبانُ ليُحيلكَ رقماً مع تلك الأرقامِ المدفونةِ في ترابِ المأساةِ، كنّا نجمعَ شَتات الحروفِ خلف الحيطانِ التي كانتْ تُسمعنا نبضاتِ الخوفِ بداخلنا، نُلملم أذيالَ الحكاياتِ في المساءاتِ الراقدةِ خلف جدرانِ الترقّبِ، لا شيءَ يُجدي لنفي الضياعِ، القلوب تملأها هواجسُ القادمِ من لحظاتِ التوقّعِ والخيبةِ، فضجَّ رحمُ الأرضِ بصوتِ النزفِ وحصحصَ الجرحُ عنْ فجٍّ عميق، كنتُ أخشى أن يبتلعَ الليلُ أشبارَ الرحيلِ وكانت أمي تدّخرُ الأشياءَ البيضاءَ بعقدةِ (شيلتها) السوداء وتُعلّمنا الصبرَ بلا دمعة، ماتَ الصبرُ وعاشت دمعةُ أُمي
******
الشيلة: فوطة تلبسها النساء من نسيج أسود خاص
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire
Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.