ليس الوطن حاكما "مبجلا"،
و لا تلك المساحة الجغرافية المترامية،
و لا قطعة ثوب ملونة مزركشة،
و لا حتى نشيدا تعاد فيه لازمة رتيبة مكررة،
و لا صور مفبركة بين القنوات،
و الإذاعات الرسمية..
و لا تلك الوجوه الكئيبة..
على أجساد متكرشة..
في ملابس مكوية زاهية.
ليس الوطن تاريخا مغلوطا يكتبه المنتصرون،
و يلقن في مدارس رديئة متهالكة،
و لا آثارا بنيت على أكتاف المضطهدين،
و رويت بدموع الثكالى،
و اليتامى،
و المفقرين..
الوطن يا هذا،
و يا ذاك..
هو تلك التفاصيل البسيطة المتوارية خلف.. بهرجة الصور الكاذبة،
و صياغة العقول المكسوبة..
المدلسة،
و كلام الأفواه المأجورة،
بأيد حديدية متسلطة،
متحكمة..
الوطن هو نداءات الصلاة في غسق ليال طويلة،
هو صوت أمي الحانية و هي تدعو لأبي و لنا،
هو زوجة تعد إفطار الصباح لأطفالها الصغار،
هو أجساد مهدودة عليلة..
لا تجد مصلا و لا دواء و لا حيلة..
هو تلك العيون الناعسة،
الذابلة..
تخوض نفس المسار كل يوم..
هو أيد حانية مشقوقة،
و قلوب خائفة ،
مكلومة،
حائرة،
و ضحكات منفلتة ضاجة في عيون صغيرة.. تحلم بالمستقبل،
هو رائحة القهوة في مقاه عشوائية،
و روائح أزقة ضيقة مظلمة قصصها حزينة،
هو الزحام في محطات الحافلات،
و في أسواق شعبية،
هو أصوات المحتجين،
و الباعة الجائلين،
و السكارى المعربدين..
الوطن يا هذا،
و يا ذاك..
هو تلك المساحات المترامية المنسية..
خلف الجبال،
و في النجود،
و في الصحاري..
حيث يعيش الإنسان المقصي،
المخصي،
المدمي..
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire
Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.