هرمت وتقدم بي العمر ووهن العظم مني، ظننت بأن الأمور في وطني تغيرت أو تكاد ،وأن أوضاع الإدارات العمومية تطورت إلى ما هو أحسن وأفضل وأن العمليات داخل هذه الأخيرة تسير بطريقة سلسلة وميسرة،بعيدا عن التعقيدات وأن المواطن تخلص من عقدة سيزيف وانتظار عودة غودو،وأن قاعات الانتظار أغلقت أبوابها إلى غير رجعة، بعد زياراتي إلى بعض المرافق الإدارية اكتشفت بأن حليمة لازالت متمسكة بعاداتها القديمة، عند باب الإدارة منعني أحد رجال الأمن الخاص من الدخول متحججا بصدور التعليمات من الرئيس، هذا الحارس الذي تحول بقدرة قادر إلى الآمر الناهي سألني عدة أسئلة أعادتني إلى سنوات خلت وقضت نحبها.من انت؟من تكون؟ ماذا تريد؟ وعن اي شيء تبحث؟ قف عند هذا الشباك وهذا الحاجز الخشبي وإياك أن تتجاوزها. استجمعت قوتي لأجيبه عن أسئلة فجة ومستفزة لدواخلي التي تكدست فيها مثل هذه الاستفزازات إلى درجة الإشباع، هي أسئلة تبول عليها الزمان،أو ربما أنا من لازال يجتر الماضي الذي ترك بداخلي ندوبه الغائرة، وضع المسؤولون متاريس وحواجز خشبية أمام مدخل الإدارة معززة بعناصر بشرية تحت يافطة الحفاظ عن الأمن والامان داخل المكاتب المكيفة والعطرة وكأن من هم خارج تلك المكاتب مواطنون من درجات غير مصنفة حسب اعتقاداتهم أو حسب النظرية الطاووسية، حداء المترس أو الحاجز جلست على كرسي تاكلت جوانبه من جراء احتكاك مؤخرات المرافقين به، فهم يتقاطرون فرادى وجماعات لعدة مرات من أجل الحصول على وثيقة. سمعت الكرسي يئن و يقول: لقد تعبت منكم و من وثائقكم انتهى الهمس عليكم بالصراخ ثم الصراخ، لم أكثرت لهلوسات ذلك الكرسي البئيس، تركته لأنينه لأن حارس الأمن كان يستعجلني لأجيبه عن أسئلته المتداخلة،طلب مني الإجابة عن السؤال من أنا ومن أكون؟ كما طلب مني أن أسوي وضعية الكمامة على مستوى الأنف وفق النموذج الذي يسوّق له على شاشة التلفاز ،أثناء الحوار كانت كلماتي تٌصاب بالتشوه انطلاقا من مخارج الحروف التي تفرملها الكمامة، مما أدى إلى التشنج مع المحاور الواقف بالباب والذي يتجاوز اختصاصاته وفق ما هو مسطر في دفتر تحملات الشركة الإدارة.قلت له: اما من أنا؟ أنا مواطن عاشق لوطنه وُلد هناك في الأعالي ، أشرت بسبابتي إلى الجبل الشامخ المطل على المدينة، هناك صرخت الصرخة الأولى هناك بين تلك التجاعيد والأخاديد التي أحدثها التعريف استنشقت أول جرعة من هواء وطني، فتلك الشجرة سُقيت بدم أجدادي ألم تعرفني بعد؟ استورق دفاتر التاريخ والجغرافيا لتتعرف على الخبر اليقين ولتعرف أصلي وفصلي بكل التفاصيل،اقتنص أو اسرق لحظة خروج رؤسائك واضغط على زر حواسبهم مع رقن اسمي لتكتشف من أنا؟ بعد سماعه لهذه الكلمات تفحص بطاقتي الوطنية ثم قال بنبرة تهكمية:الألف ضمن حروف اسمك غير منقوطة والنقطة محذوفة الا تعلم بأن الألف تنقط. تعجبت من المعلومة العجيبة فأنا تعلمت في الكتاب على يد الفقيه الأستاذ (الليف ما ينقط والباء وحدة من تحت...) رفض هذا المخلوق التراجع وحججي الدامغة إذ طلب مني شهادة تصحيح الإسم من مدرسة الكوفة ومدرسة البصرة على أن تختم بتوقيع لكل من سيبويه وابن جني، وأن تتضمن هذه الشهادة اسمك الصحيح بألف منقوطة.بعد المداولة سيبث في وثيقتك...
يتبع
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire
Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.