تسلل الجثمان من بين أظهر الجثث الميتة ليخرج في فسحة استكشافية لأحوال أهل الأرض .
فجال شبحه في كل البقاع، يجالس الناس، يسمع أحاديثهم ويحضر نزاعاتهم .
ولما علم أصدقاؤه بعودته، امتلكهم حب الاستطلاع ليحكي لهم عما رآه أثناء زيارته، فتحلقوا حوله، وقال لهم :
هنيئا لكم أيها الموتى، هنيئا لأنكم غادرتم باكرا ولم تروا ما رأيت .
لقد استولى الشيطان على الأرض وبسط نفوذه عليها، فاستحوذ على النفوس والأذهان، ولعب بالعقول وغرس بها أفكاره الآثمة، ونواياه الخبيثة .
فتفشى الظلم واستشرى البغي واحتدت الإساءة، كما طغت العدوانية واستفحل البغض وعميت البصيرة .
فلا الإبن يهاب أباه، ولا الأخ يحب أخاه ، ولا الجار يوقر الجار .
لقد سقطت القيم من برجها العاجي وهيمنت الفوضى ، وأصبح الناس حاضرين غائبين بتفكيرهم كمن هو تحت مفعول المخدر ، يتخبطون بعشوائية مستسلمين لنشوة الماديات .
يركضون وراء المظاهر الفارغة، ينهمون من متاع الدنيا، فمنهم من لا يحصل له الشبع فتراه هائما على وجهه يسعى للمزيد، ومنهم من غرق في الحرام حتى أصابته التخمة .
لقد أصبح نهب الحقوق حلالا، وشراء الهمم جد يسير وأصبحت الخيانة تقدم في صحون من فضة .
كما لاحظت اختفاء الخجل واستيطان ظاهرة الجرأة، فانتصر الباطل على الحق، وخلت الساحة أمام الكاذبين والمنافقين والفاشلين لانتهاز الفرص، وأخذ المناصب ، واحتلال الصدارة في المجتمع .
حقا هنيئا لكم أيها الموتى .
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire
Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.