(1) مزمور أولي:
تمشي ولا تدري وفيك الكل مجتمعا يدور. الروح يحكمك بجند في المسامع والعيون. والجسم يحملك لتظهر الأفعال وما يكون. قدر جرى جادت به سحب الإرادة. ما فيك يدفعك ويرفعك إلى أفق الشهادة. لا شيء خارجك يدل على البريق ومكنون القلادة. تبدو سجاياك أنا رحت بالكون الفسيح. والناس تعرفها كما عاينتها دون المديح. الميل فطري وبعدك عن سقيم الطبع ديدنك الصريح. من كنت تعشقه بذياك الزمان الغض تمشي إلى شبيهه. وإذا الظلوم يجور علي شجاعتك تكر على وجوده. الحر لا يصبر على الضيم البغيض ولو وعد. مهما تكالبت الخطوب عليه يلتمس الوصال بمن بسط الوجود على ماء جمد. تمشي ولا تدري مصيرا لن تجاوزه الأماني والظنون. مهما تحاشيت الوقائع كي تفوت من بدايات التعب. للعشق أشرعة تتيه بلا سبب. الماء يلزمها ومنه تنبثق السعادة والحياة. وتسير كالربان تمخر في العباب والبحر العظيم بلا سواحل. من أخبر الطير المهاجر درب سبيله وعلمه المداخل؟ للطير قانون اللطائف يمتطيه ويعلو به فوق العواصف. والعقل للإنسان حيره وأورده المزالق والمهالك. لو خاب سعي العالمين ونجوت ما ضر النكير ولا المعاند. أما إذا سعدوا و خبت فتبا للعقول وللعلوم وللبدائع. أسرج بهذا الكون شمعتك ولا تخش عليها من الهواء. يعلو إذا شاء ويأتي من أي الجهات. أنت المراد بما يقول الرب والأقلام لا تحصي الكلام. مألوفه انحاز انحيازا للمحبة والغرام. لا فكر يمرق في سماء البال إلا مر على المدام. إن فات يحلو ويستطاب به الخطاب. وإن تعذر أو تجلط صار في دنيا الوجود كما السراب. اسرج بهذا الكون شمعتك وعشقك يحتويك. تمشي ولا تدري وفي حث الخطى يمضي الطريق. ما كانت الأفكار والأغيار حتي تشوف معناك القديم. أين الطريق إلى كمال النفس والأخلاق في هذا السديم؟ وإذا عرفت فقد عرفت بقدر وعيك. النسخة الأسمى تكون بقدر سعيك. في الفكر في الأفعال والاعمال معدنك وأصلك. ما فيك مفطور يبين بقدر وصلك . في عالم الذر المحبة هيئتك لمقام الخليفة. والفطرة البيضاء يلزمها الصيانة ودوام الوظيفة. مهما ادلهمت نائبات الدهر تدرك عينا للضياء. النور داخلك وخارجك المرايا سائرة. كلمات ربك والملائك يظهرون بدائرة. بشراه من كانت لروحه مثل عين ساهرة. بجلال وجه الله تحفظه, فلا ضر يطاله. لا إنس لا جن لا عفريت لا شيطان. سلطان ربك يخرق الناموس والسحار يسجد بالبيان. لو ذاق بأسك بال في السروال وانصرف يهددك النزال. كم مرة زاغ الحقير وال أمرك للخفاء؟ يؤذوك بالاقوال حتي تعد عدتك لساحات القتال. وإذا رأوك تصف صفك يخضعون ويزوغون كالحشرات بالطيران. تمشي ولا تدري بأن الأمر تجربة يرافقها الجمال. بندول حركتك يدور مع الزمان وحول أنطقة المكان. والعمر عمرك ينتج الأحوال قاطبة ويبحث عن دلالات الكمال. تلك التعاريف القديمة في العقول تواجدت قبل الخلود. من ها هنا تتأمل الحركات والسكتات كي تقوى على دفع البهوت. ونلاحظ العلم الدفين تقوله من غير أحزان علي ضيق اللحود. تؤذيك آراء الجماعة أو ترضيك لا فرق لديك ولا نعوت. تعفيك من درب الحقوق وتجتبيك لتشتريك. وشواهد الحق استقامت في سماء السر بالحظ السعيد. في كل حلقات السنين وقائعا تنجيك من لهب الحريق. والنفس مرتكز الترقي تكل من خبث الحديد. تبغي النقاء فتحترق وحراقها العهد الجديد. تسخو مع الإحراق تنتقل من اللوم العنيف إلى سحابات البريق. وشواهد العلم استطاعت وصل ما انقطع من الأمد البعيد. في وقت لا تدري وتحيا كما تريد بالجب السحيق. ضاقت بك الدنيا وتنتقل انتقالا بالخلايا والوريد.تمضي من الأصلاب والارحام مثل عصفور طريد. لولا المحبة ما استطعت العيش بحواف الخطر. صدق بأن هناك من يصل وينجو من الكدر. لو أي قتال أتاك فلن يغير من قدر.. الدفع لولا الدفع لانهدمت بيوت الله، والإنسان بالعلم الحديث انحط واحتكر المطر.الزم تضاريس المحبة والغرام وقص أخبار الشجر. عود من السنط البهيج يجوب حارات البروق وساحات القمر. كالورد فيه الشوك والألوان والاطياب تجتذب النظر. قد طل برعمك وتعرف أن عقلك لا يصدق من قريب. وتلاطم الأيام جاد بأرض مدينة الأنوار بالأنثى العقيق. ولادة بنت الأمير تميل ميلا للرحيق. والأرض تشبه أرضها حتى تعيش الحب وتجوز المضيق. الحب ديدنك ولحظ الأنثى يجعلك تروح ولا تفيق. مرت عقود العمر مسرعة ولم تشبع من الهوس اللذيذ. كم من عقود فارقتك ووجدها في النفس أقوى من الحديد؟ ولادة لم تستطع كتم المشاعر؛ فاستبدت بالوزير. ما همها عرف الملوك وما استجارت بالعويل. بل صاغت الأشعار تفضحها وساقت ألسن الدهماء للبيت الكبير. وكذلك الانساب تحفظ ودها حتي إذا اشتد النفير. املأ كؤوس الحب من روح تبادلك التواجد والأنين. لا أين يحصرها وكل الناس من هذا الأديم. في الشرق أو في الغرب لا تغفل عن الإشراق والقلب السليم. لغط بهذا الكون أنا رحت والدنيا ألاعيب ودوران مرير. العب كما شئت ولا تترك لسقف شجاعة المرء براحا يستطيل. منذ القديم ونظرة الحر تساوي مبدأ الإحقاق ليهب النسيم. فتراه منتشيا يحث السعي مهما الظالمون استوطنوا الدرب الطويل. ينزاح بعض الشيء بالخطوات حتي يمر ثم يستقيم. ويفوت من كل البيادق في رحاب الوقت كالطود العظيم. يا حامل المسك مهلا واطلب الماء النمير. للعشق طقس لايزال بكل ألوان المعاني هو الأليم. فتق ورتق وانفصال واتصال يخفى عن لب الحكيم. أنت وما أنت فحقق في الخطاب وفي الضمير. والحق في الملكوت يجمعك بأرواح الأحبة حتى تعرف باليقين. مرآة ذاتك يستديم بها الشهود فلا بشير ولا نذير. إن همت النفس لتطلب حظها زجرتها خبرات السنين. ولو أرادت صنع معروف تغذت بالسرور من الضمير. كل الحقائق في ثنايا الكون تختال وتنتظر لوقت كي تبين. لك في تراث الأقدمين الثبت والنهج وتدريج قويم. وخرائط الملكوت يمكن لمحها وقت العروج فيختفي التأويل. ما ذاك غير سطوع وجه الحق فما يكون المستحيل؟ لو كان عشقك صادقا لرأيت كل الناس حسب شعارهم صورا تبدت في سنا التنزيل. أما البلايا واكتمال الفقد فهي للعشق سراجا كي تلين. الجلد يحتاج الحرارة للخشوع وللخضوع وللضمير. جربت ما جربت والأهوال تدفعك لدرب مستقيم. ترجو وترجو وتسلك الطرقات للدنيا وعشقك يستجير. العشق يسري في صحاف السر مختوما بعرجون قديم. مقدورك التجوال في الدنيا لمعرفة الاقانيم التي بها تستقيم. في ساحة الأذكار والأوراد لا شمس تغيب مع الأصيل. لا حد يحصرها ولا جهة تنافرها وتخلو من علامات اليقين. النور ينفجر انفجارا في سواد الليل حتي لا يراه الظالمون. ليلى تجيء إذا نامت عيون الخلق في الأسحار تأسرك بانس وثبات لا يميل. بها تستعيض عن البلايا والرزايا وتصطلي كي تسعد القلب الحزين. العشق يقطعك عن الأغيار والإمتاع من ليلى كماء سلسبيل. تأتيك من خلف الوجود فلا ترى غير الشهود تبوح بالسر الدفين. قل للذين استنكروا خبر الوصول تأدبوا أو فاخلعوا النظر الكليل. ما كل حق في الوجود ترى له ظلا يؤيده قرين. لولا الغشاوة فوق قلب المنكرين لشاهدوا صورا لليلى يرتجيها السالكون. باتوا سهارى مثل ضوء الشمع يحترقون بدمع وأنين. والعز بالحب أولى عندهم من كل ما بالأرض من كنز دفين. من كان لا يفهم عليك فلا ضرار ولا صراخ ولا عويل. لغة الإشارة بالعبارة تستضيق وتستكين. يدري صداها المبتلي بالعشق أنا راح لدوام الوصال مع المسير. انقل لنا وجها يلازمك لليلى لو خفي يوما كرهت العيش بين الميتين. غفلوا فماتوا والحياة يعرفهم حزما من الرغبات والشهوات يظهر في الجبين. تنويع ريح يدهش السمع صداه في تشقق صخرة السد المتين. عزف من الافلاك والأعضاء حبلى بالحكايا والحنين. موسيقي تعلو الكون والألحان تنساب وتلتزم الوتين. تحكي وما تحكي؛ فليلى في الحجوب وفي السفور تموج إن هب النسيم. تاتيك من هذا الخفاء وترتجيك لتستبين. إن نمت تحرسك وان غبت تردك للصراط بلا ضجيج أو نفير. ليلى كما تدري من الأيام يلزمها الترقب والخماص وحسن تقدير الوساطة في المسير. من أين جاء الحال والنيران تخضر اخضرارا يجلب الرحمات في الليل البهيم. لا تدري موعدها وترجو أن تفاجئك بوقت فيه ترتيب وتنظيم ولين. لكن رؤيتها تعز مع الرواج وتأتي في الوقت الكسير. يا حامل المسك مهلا فالغزال هو الغزال. تتبعه أين كنت حتى ترد من البعيد وترتاد المدار. لكن عين الوجد دوما تنطوي على أنثى لتفهمها كضوء شمس بالنهار. تبدو على حسب التعادل في المزاج و في الحواس وغياب القرار. ماذا دهاك وهذا الوجه تؤثره وتدرك كنه ما فيه ويغلق في خفايا الرأس أبواب السؤال؟ أوصاف ليلى تجمع الأرواح والسر العظيم إذا تبدي لمن يراه فلن ينام. لا تبتئس من سلبها وقتا إذا قوي الحنين. تلقاها بالافكار إن شئت لتحث الخطى وتمتدح المصير. ورداؤها الفضفاض يشمل ملتقي الأرواح بكل ما فيه من الأنس وأفراح اليمين. انقل لنا وجها لليلى لو خفي يوما عليك كرهت العيش بين الميتين. حقق لنا البرهان في أصل السجايا والشمائل وخفايا العبير. برهان ما تصبو إليه تعالى في الأفق مع الشوق الدفين. كيف السبيل الى بدائع حسنها بمدينة العلم الحديث وقلعة الكفر الحصين؟ من أين تأتيك بهذا الكرنفال وثوبها الموصول بالابدال والأوتاد ينكمش ويخفي من الجحيم؟ كم مرة أخطأت في التأويل والتقدير والعقل استجار من حيل الأثيم؟ أوحى لكل جنوده أن يحرسوك ليقطعوا عنك الوصال ويخدعوك بوعده المكذوب حتى تستكين. ترضى بما يرضاه يوما بعد يوم والخطى تنأى وتبتعد عن العشق القديم. ولقد فهمت وانت تمشي في يمين الدرب عسر شماله أدركت عرضا بعض ألعاب الأثيم. وفهمت ما في الناس من لبس وتأثير إذا راموا العلا واستمرؤا بالنفس في الوهم الحزين . يأتون بالأحوال لا سند لهم ويحافظون على المظاهر حتي تحسبهم من النوع الأصيل. وإذا تركت الصمت ولزمت البيان أحسوا في دواخلهم بكرب من لظى الرد الثقيل. اوصف لنا في الظل كيف تلامس الأرواح للاشباح تخرج من فراغ الأرض بالعكس المبين. والسلب في الطاقات يجذب خصمك المأفون يرتعش ارتعاشات تراها فيرتاح الطبع السليم. ليعود أنصار الخفاء بلعنة تبقى تؤرقهم علي مر السنين. تلك البوارق في التجارب أغلى ما يمكن حصاده من حقول العابرين. تغيير لون الشخص، فلتات اللسان، تواري الزيف وخروج الأصيل. لا تكترث من هول ما تلقاه بالدنيا فلا دنيا تدوم ولا تخضر للعشاق من زمن طويل. دنياك مزرعة لأخراك القريبة والحصاد كما ترى لا يكفي لليوم الطويل. هل بعد ما أسلفت يا موسى يصح أن تروي الرواية عن فلان عن فلان؟ كلا فلا أحد تشتت في الهوى حتي يبوح بما يراه القلب في بطن الجبال. وإذا استعنت بما يقول الغير فاعلم أنه سبق وللسبق احترام في النزال. ها قد أتاك النهر يندفع بما قالوا لتروي من أعاجيب الهوى وآلام الغريب في درب الغرام. ما كل ما يكابده الغريب يمكن وصفه والعشق سر بعضه قتال. يعمي ويبكم إن أطلت ببعضه كي يكتوي من لم يف بالعهد ويصون اللسان. احك على قدر الحدود ولا تخف، فلربما عقل الأريب مسارب الأنوار. وامش كثيرا قبل أن تروي، فلمس الأرض للسنط يعالج الألم العضال . كل المسافات التي مرت بك في الدرب قد تكفي لوصف تضاريس المحبة والهيام. خبر من الأهوال يمكن جمعه يعلو على الآلام من غير افتتان.. حتي الذي أضناك وابتدا المعارك خلته شبحا أتى من الجب السحيق يلتمس الظلام. أنت الغريب الهامشي بأرضه أوجعته ألما حين استبد وخان. ليعود يستقطبك بكل ما ترضاه وليلى تمنعك بأكثر من منام. تأتي بحسب الحال ترشدك بقول جامع مستدرك فيه ومعسول الخلال. تصحو وتسمعه يرن برأسك، تبكي وتبكي وتدرك الوضع المحال. هل بعد ما أسلفت يا موسى يصح أن تروي الرواية عن فلان عن فلان ؟
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire
Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.