dimanche 18 novembre 2018

لاحاجة لك بزمن دون عطري .. // الحبيب القاضي // تونس

و أنت في ضياعك ليلا.. زرتكَ البارحة.. بالكاد تبينتُ ملامحمك من كثرة دخان سجائرك.. لم تنتبه لوجودي قربك و لم أشأ أن أثير اهتمامك..نزعتُ حذائي و سحبتُ جميع أساوري و ساعتي من يدي..وضعتها جانبا لا أعرف أين.. ربما على الطاولة أو سريرك.. راقبتك و أنت تحضن الأفق من خلف الزجاج..كنتَ واقفا دون حراك..متسمراً..لم تكن بأناقتك المعهودة.. دنوت منك و سحرتني هيبتك..كان أملي في تلك اللحظة أن أنتزع منك رائحتك، أتعطر بها.. مرّرتُ يداي على عمود جسدك كراهبة بوذية.. أسندت رأسي على كتفيك.."متعبةٌ أنا..خذني إليك".. لم تجبني..صمت يشبه النطق بالحكم.. اقتربت منكَ أكثر.. وضغطت بكامل قوتي حتى أحسست أنّي أصبحتُ منك و فيك.. في تلك اللحظة كرهتُ كبريائي و كِبَري القديم..تذكرتُ تجاهل رسائلك متعللة بانشغالاتي.. رأيتُ جبني و حماقتي يضحكان خلف الزجاج.. أعرف أنك انتظرتني.. بكل اللهفة و الشغف.. و أعرف أنك خلقت لي ألف صورة و صورة..لونتني و كنتَ ترسم ابتسامات على لوحاتك.. مثلك يمزج ألوانه بالدّمع في سرّه..البارحة كان دوري أن أبكي على صدرك.. أن أعترف لكَ بوهني و ضعفي.. بفرحي الذي يغمرني حين تصلني رسائل صباحاتك.. أرجوك لا تخذل حالة وجدي.. في الاشتياق لا يجوز القصاص.. غلبتكَ مروءتك و حضنتني.. غلبك اشتياقك فأضرمتَ حرائقك في دمي.. كنت لهبا و أنا حطبك.. أخذتَني إلى عوالمك و أزحت عن روحي غبار الزمن..تماهيتُ فيك كما كان نور البدر في الغسق.. كنت طفلتك و كأسك..و حين غادرتك تركت لك أساوري و قارورة عطري و ساعتي اليدوية و أخذت معي قلمك و علبة السجائر..لا حاجة لي بزمن من دونك..لا حاجة لك بزمن دون عطري

******


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.