تجلس
كعادتها كل صباح تراقب العالم من خلف الزجاج، تتأمل الكون علها تهتدي لأسرار هذه
الحياة، حزيران شهر الصفاء والجو الهادئ البديع يأتي على غير عادته هذه السنة
ممطراً حزينا.
يفيض
قلبها بالضجيج، وتعم الفوضى زوايا حياتها..ولكنها تنسى هذا الضياع حين ترى المطر..
تقف
تحته ترتوي..تنتعش للحظات..لكن الذكريات تطاردها، تجعلها تهذي..تنادي باسمه فتنتشي
الحروف وترقص على إيقاع ترانيمها، وتهمس لقطرات المطر بأسرارها.
تتأمل
الوجوه ، بحثا عن شبيهه، عن تفاصيله التي تعشقها..
فلا
ترى سوى طفلة تقف تحت المطر، جسمها الصغير مبتل عن آخره، رفيقها الصغير يحمل مظلته
ويقف أمامها، تومئ له بجسمها أنها مرتعشة مبتلة وتريد أن تشاركه مظلته..لكنه لا
يفهم ما ترمي إليه إشاراتها، ويظل يحملق بها..وهي تصر على عنادها وكبريائها،
وتتأفف من التصريح بما يدور في خاطرها.
ويشتد المطر، وهما
واقفان، هو تحت المظلة، وهي تحت المطر..
تتوتر أعصابها، وهي
تتابع باهتمام..وترى الطفل رغم براءته مغرورا ماكرا يتلذذ بتعذيبها. وتراها رغم
حجمها الصغير قوية شامخة لا تنيخ الجبين..وتحقد عليه، وتكاد تسير إليه لتوبخه؛
لكنها تتذكر أنهم مجرد أطفال، وفجأة يأتي الفرج، يمد لها يده الصغيرة، وتبدو
مترددة، لكنها تسلم في النهاية وتعطيه يدها. ويسيران معا تبدو عليه آثار
الفرح،وعليها آثار الرضى..
أما هي فتشعر بسعادة لم
تدرك كنهها، عيونها ظلت تراقبهما حتى إختفيا عن الأنظار. عندها عادت إلى عالمها
وضحكت من نفسها، فلربما أنها حملت الطفلين أكثر مما يطيقان، وأسقطت عليهما
نوازعها، وتكلمت على شفاههما البريئة. ولكن النهاية التي انتهيا إليها أرضت نفسها
التائهة.
ذات حزيران
******
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire
Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.