نص قراءتي في نماذج من النصوص الشعرية للشاعر و المفكر السوري حسان عزت
تحت عنوان: ماهية الكتابة كتمايز في الوجود الوجداني ـ مقاربة أسلوبية و دلالية ـ
نص ـ ترنيمة نقار الخشب ـ نموذجا.
بوزيان موساوي. وجدة المغرب.
تمهيد:
مشروع هذه القراءة ينتمي للدراسات التي تقوم بتحليل نصوص بأكملها و أغلبها طويل (نص "ترنيمة نقار الخشب" نموذجا ـ أكثر من عشر صفحات من الحجم المتوسط ـ). و هو ما يترك فجوات في تحليل النص المفرد، و يكون التكثيف، كما يشير إلى ذلك الناقد المغربي محمد بنيس، وحده مشيرا لاستحالة ملء الفجوات و سد الثغرات... و رهان هذه القراءة هو أن نستهدف استقصاء و مساءلة عناصر نصية و خارج نصية تستحوذ على البنية المشتركة في التجربة الشعرية لحسان عزت بانتقالنا من الخصوصية المفردة التي يتكفل بها النص الواحد على حدة إلى مشترك سؤال الكتابة الشعرية في باقي نماذج نصوص حسان عزت، باعتماد مقاربة القراءة المنهجية Approche de la lecture méthodique أسلوبيا و دلاليا De point de vue stylistique et sémantique .
و تأتي قراءتي للنص الشعري "ترنيمة نقار الخشب" ـ كأحد النماذج من النصوص الشعرية لحسان عزت ـ في ظرفية مضطرمة بقلق اللحظة و أسئلتها.. نصوص تشكل في اعتقادي الشخصي إمضاء لسؤال شعري لم أواجهه بعد: " أن أكون، أو لا أكون بالكتابة، بالشعر .." ..
ستكون قراْءة مسكونة بغواية تموجات ترنيمة ، و انفعالات صدمات النقر على أكثر من وتر حساس.
و نصرح منذ البدء باستراتيجية هذه المناولة: استراتيجية تتطلب عبورا شائكا و صعبا عبر عدة محطات: هي عناصر نصية وخارج نصية وظيفية بالغة الأهمية لمقاربة النص لغويا، و بلاغيا، و إيقاعيا/ بنائيا، لفك ألغازه و التمتع بجماليته.
مشروع هذه القراءة ينتمي للدراسات التي تقوم بتحليل نصوص بأكملها و أغلبها طويل (نص "ترنيمة نقار الخشب" نموذجا ـ أكثر من عشر صفحات من الحجم المتوسط ـ). و هو ما يترك فجوات في تحليل النص المفرد، و يكون التكثيف، كما يشير إلى ذلك الناقد المغربي محمد بنيس، وحده مشيرا لاستحالة ملء الفجوات و سد الثغرات... و رهان هذه القراءة هو أن نستهدف استقصاء و مساءلة عناصر نصية و خارج نصية تستحوذ على البنية المشتركة في التجربة الشعرية لحسان عزت بانتقالنا من الخصوصية المفردة التي يتكفل بها النص الواحد على حدة إلى مشترك سؤال الكتابة الشعرية في باقي نماذج نصوص حسان عزت، باعتماد مقاربة القراءة المنهجية Approche de la lecture méthodique أسلوبيا و دلاليا De point de vue stylistique et sémantique .
و تأتي قراءتي للنص الشعري "ترنيمة نقار الخشب" ـ كأحد النماذج من النصوص الشعرية لحسان عزت ـ في ظرفية مضطرمة بقلق اللحظة و أسئلتها.. نصوص تشكل في اعتقادي الشخصي إمضاء لسؤال شعري لم أواجهه بعد: " أن أكون، أو لا أكون بالكتابة، بالشعر .." ..
ستكون قراْءة مسكونة بغواية تموجات ترنيمة ، و انفعالات صدمات النقر على أكثر من وتر حساس.
و نصرح منذ البدء باستراتيجية هذه المناولة: استراتيجية تتطلب عبورا شائكا و صعبا عبر عدة محطات: هي عناصر نصية وخارج نصية وظيفية بالغة الأهمية لمقاربة النص لغويا، و بلاغيا، و إيقاعيا/ بنائيا، لفك ألغازه و التمتع بجماليته.
ـ المحطة الأولى : معجم و دلالات: ( طقوس الكتابة و المرجعيات).
نقرأ هذا المقطع الأول من النص:
"ترنيمة نقار الخشب
لا تنقري في الروح يا صبية
لا تنقري في الروح.......
يقولون كان حارس الغابة البعيدة يعلق قنديله على الأشجار، و يصلي في ليالي العتمة و الريح... تعالي... تعالي....
و يقولون أنه كان يبرّح به الشوق و الوجد يضنيه
فيشعل في كوخه العود و الند.. و يتماهى في حضرة الحبيب على ترتيل عبد الباسط و أناشيد الميلاد،
و على وقع القيثار يروح يرقص رقصه الكياني،
فيضرب الأرض بقدميه حتى تهتز من تحته الأرض فتتطاول و تتطاول...".
"ترنيمة نقار الخشب
لا تنقري في الروح يا صبية
لا تنقري في الروح.......
يقولون كان حارس الغابة البعيدة يعلق قنديله على الأشجار، و يصلي في ليالي العتمة و الريح... تعالي... تعالي....
و يقولون أنه كان يبرّح به الشوق و الوجد يضنيه
فيشعل في كوخه العود و الند.. و يتماهى في حضرة الحبيب على ترتيل عبد الباسط و أناشيد الميلاد،
و على وقع القيثار يروح يرقص رقصه الكياني،
فيضرب الأرض بقدميه حتى تهتز من تحته الأرض فتتطاول و تتطاول...".
نبدأ على إيقاع "النقر"، و العازف طائر، نقار الخشب... قبل أن أقرأ النص سرح خيالي في حلم طفولة وأنا أتفرج مشدوها و مستمتعا بالسلسلة الكرتونية (رسوم متحركة) "نقار الخشب" و موسيقاها الرائعة الإيحائية كما الترنيمة في القصيدة.. و أنا أسترجع معلوماتي عن "نقار الخشب"، استحضرت ظاهرة النقر هذه التي حيرت العلماء: قدرته على مكابدة صدمات النقر على الخشب الصلب و رمزية المعاناة في القصيدة.. و أن أقرأ اسم الكاتب/ الشاعر و انتماءه الجغرافي و القومي ، تذكرت ما قرأته عن نقار الخشب السوري و رمزيته (موطن الشاعر): ـ تعتبر تقنيات طائر نقار الخشب السوري متقدمة جداً بالنسبة إلى غيره من الطيور،... ولذلك كان يفترض الاحتفال به اليوم، لو بقي على قيد الحياة، بأنه مخلص الغابات والبساتين من أخطر الآفات المدمرة كديدان الاشجار التى تدخل إلى عمق الأشجار وتتسبب بيباسها وموتها...
تبدو ملفوظات العنوان "ترنيمة نقار الخشب" تصنيفية لنوعية النص، هو ـ ترنيمة ـ يشهد لها منذ مطلع النص أعلاه، حقل معجمي و دلالي صريح: العود، و الند، و ترتيل، و أناشيد، و القياثر، و يرقص... .. وإضافة لمعناها المعجمي الأولي، للترنيمة إيحاءات ودلالات ثقافية و دينية و حضارية مترسخة في التمثلات الموروثة الدينية منها، و الشعائرية، و الاحتفالية.. هي أنشودة ؛ أغنية صغيرة خفيفة اللَّحن... مشهورة عند اليهود بترنيمة النبي داود، إذ عُرف عليه انه كاتب معظم المزامير التي في الكتاب المقدس. و نشيد يُتغنَّى به في الكنائس المسيحيَّة أثناء القُدَّاس، أشهرها ترنيمة الميلاد، و أناشيد إسلامية مشهورة عند بعض الطرائق الصوفية، أو ما يسمى بليالي المديح الصوفي، أو بليالي السماع...
و إن كان الشاعر حسان عزت يصرح بالإيحاء المباشر عبر نصه هذا بأن الترنيمة رسالة عشق مهداة للحبيبة / الصبية ("يتماهى في حضرة الحبيب")، يتغزل بها..، يشكو لها..، يعاتبها.. يذوب فيها..، و إن كان يصنفها ـ الترنيمة ـ شكلا كطقس ديني إسلامي ـ مسيحي ("على ترتيل عبد الباسط و أناشيد الميلاد") و إن كان مضمون النص يقوم ببعض الإحالات (تشبه التناص/ الاقتباس) على القرآن، و على العهدين القديم و الجديد في التوراة و الإنجيل (" و يرقص دمعا و شجوا، حتى ينزل المطر سبعة أيام (...) " و يبتاع كتب القديسين و الشعراء" (...) "شجري مستفرد في العراء.. و أفقي مسيح بردان")،و كأن النص ملحمة تصف منعطف حياة متأرجحة بين سفر التكوين و نهاية العالم...، يتجلى لنا بوضوح عبر إيقاعات النص المختلفة، كما سنرى ذلك لاحقا في تضاعيف هذه القراءة، تأثر الشاعر حسان عزت بالموروث الغنائي الشعبي السوري المتوارث، إذ لا يمكن أن تكون سوريا و شاعرا و لا تتأثر بفنون الشعر الغنائي الشعبي الموروث ك"العتابا"، و "النايل"، و "السويحلي"، و "الميجنا"، و "الموال السبعاوي"... و غيرهم... و يشبه هذا النص الشعري "ترنيمة نقار الخشب" في إيقاعاته الموسيقية إلى حد بعيد فن "العتابا"، و هي من فنون الأدب الشعبي، وله صلة وثيقة بالريف السوري، وهو يعبّر عن العادات والتقاليد الأصيلة في المجتمع، ويتسم بالأصالة وقوة العاطفة، وهي من أعرق الفنون الشعبية في سوريا وبلاد الشام، ويقوم هذا الشعر على ( علم البديع)، وخصوصاً في (التجانس اللفظي).. كما سنرى...
و إن كان الشاعر حسان عزت يصرح بالإيحاء المباشر عبر نصه هذا بأن الترنيمة رسالة عشق مهداة للحبيبة / الصبية ("يتماهى في حضرة الحبيب")، يتغزل بها..، يشكو لها..، يعاتبها.. يذوب فيها..، و إن كان يصنفها ـ الترنيمة ـ شكلا كطقس ديني إسلامي ـ مسيحي ("على ترتيل عبد الباسط و أناشيد الميلاد") و إن كان مضمون النص يقوم ببعض الإحالات (تشبه التناص/ الاقتباس) على القرآن، و على العهدين القديم و الجديد في التوراة و الإنجيل (" و يرقص دمعا و شجوا، حتى ينزل المطر سبعة أيام (...) " و يبتاع كتب القديسين و الشعراء" (...) "شجري مستفرد في العراء.. و أفقي مسيح بردان")،و كأن النص ملحمة تصف منعطف حياة متأرجحة بين سفر التكوين و نهاية العالم...، يتجلى لنا بوضوح عبر إيقاعات النص المختلفة، كما سنرى ذلك لاحقا في تضاعيف هذه القراءة، تأثر الشاعر حسان عزت بالموروث الغنائي الشعبي السوري المتوارث، إذ لا يمكن أن تكون سوريا و شاعرا و لا تتأثر بفنون الشعر الغنائي الشعبي الموروث ك"العتابا"، و "النايل"، و "السويحلي"، و "الميجنا"، و "الموال السبعاوي"... و غيرهم... و يشبه هذا النص الشعري "ترنيمة نقار الخشب" في إيقاعاته الموسيقية إلى حد بعيد فن "العتابا"، و هي من فنون الأدب الشعبي، وله صلة وثيقة بالريف السوري، وهو يعبّر عن العادات والتقاليد الأصيلة في المجتمع، ويتسم بالأصالة وقوة العاطفة، وهي من أعرق الفنون الشعبية في سوريا وبلاد الشام، ويقوم هذا الشعر على ( علم البديع)، وخصوصاً في (التجانس اللفظي).. كما سنرى...
ـ المحطة الثانية: عمق رسائل الشاعر الوجدانية و الفلسفية و مسافة الانزياحات الأسلوبية:
نقرأ في هذا المقطع من نفس المتن/ القصيدة:
"... شجري مستفرد في العراء
و أفقي بمسيح بردان
نجومي متعتعة بالغصص
و أنت تحسبينها عناقيد
سمائي حبال بالية
و أيامي متخمة بالرمال... "
"... شجري مستفرد في العراء
و أفقي بمسيح بردان
نجومي متعتعة بالغصص
و أنت تحسبينها عناقيد
سمائي حبال بالية
و أيامي متخمة بالرمال... "
يجسد الشاعر شخصية حارس الغابة ("يقولون كان حارس الغابة يعلق قنديله على الأشجار")، و يقول " شجري مستفرد في العراء".. نتوفر بخصوص تيمة الغابة على عدة تمثلات، أهمها أنها موحشة و تخضع لقانون الغاب، و أهمها ذاك التصور لها من طرف ابن المقفع في "كليلة و دمنة" على أنها صورة مجازية مشفرة تحيل حركية ساكنتها من الحيوانات على واقع معيش بمشاكله الاجتماعية و السياسية و الفكرية و الأخلاقية.. تصور شبيه في أبعاده العميقة كذلك بنظرة شكسبير في "حلم ليلة صيف" إذ وازاها ـ الغابة ـ في تناقض صارخ مع عالم "القصر": قطيعة إبستيمولوجية بين عالمين: عالم يتحكمه الاستبداد و التسلط و الاستعباد رغم معالم تحضره، و عالم "في العراء"، موحش، لكنه يمثل الطبيعة بكل تفاصيلها، و يجسد الحياة الحقة بكل تناقضاتها.. عارية كالحقيقة، عارية كالمسيح المصلوب ("و أفقي بمسيح بردان").. استعارة جميلة جدا تختزل زخما من الايحاءات أهمها هذا التشبيه المجازي لحارس الغابة الباحث عن الحرية بقنديله، و المسيح "المحرر للبشر".. و تسترسل الصور المجازية للتجاوز الحارس و المسيح إلى معالم أسرار الكون من خلال التشخيص البلاغي للنجوم ("نجومي متعتعة بالغصص")، و تشبيهها مجازا ("و أنت تحسبينها عناقيدا")، و وصف بلاغي للسماء باستعارة ("سمائي حبال بالية")، و الخروج من معالم الكون للزمن، اللحظة التاريخ بتشخيص و استعارة أكثر جمالية ("و أيامي متخمة بالرمال").
ثم بالتوازي، تسود لغة العتاب، عتاب الصبية الحبيبة:
ثم بالتوازي، تسود لغة العتاب، عتاب الصبية الحبيبة:
"و أنت تطلقين أسراب البجع
و أنت تستفزين الهواء
و ترسلين البحيرات إلى ما وراء الأفق...
لا تنقري في الروح يا صبية..."
و أنت تستفزين الهواء
و ترسلين البحيرات إلى ما وراء الأفق...
لا تنقري في الروح يا صبية..."
و نعود للترنيمة، و نعود للنقر، إلى "نقار الخشب"/ عازف الترنيمة ليتجسد امرأة / الصبية / الحبيبة التي يخاطبها الشاعر على طول النص كالمعاتب، كالمناجي باستعمال أداة النهي "لا":
"لا تنقري في الروح يا صبية
لا تنقري في الروح.....".
لا تنقري في الروح.....".
ـ المحطة الثالثة: الايقاع الداخلي للترنيمة: كونشيرتو الانتظار و الحياة و الموت في أحضان الحبيبة:
و لأن النص الشعري : ترنيمة نقار الخشب" ترنيمة كما عنونه كاتبه الشاعر حسان عزت، فلابد من التوقف بالضرورة عند خصوصية إيقاعات النص. و للتذكير، فالإيقاع ـ نظريا و تقنيا، قائم على الفاعلية بين الشاعر والمتلقي، فهي حركة تخرج عن السكون، لتعطي المتلقي إحساسًا بالفرح والسرور أو الحزن والألم. وقد عرّف "كمال أبو ديب" الإيقاع بأنه: "الفاعلية التي تنتقل إلى المتلقي ذي الحساسية المرهفة الشعور بوجود حركة داخلية ذات حيوية متنامية تمنح التتابع الحركي وحدة تغمية عميقة عن طريق إضفاء خصائص معينة على عناصر الكتلة الحركية"... و هو نوعان: الخارجي و الداخلي.. لا يهمنا الايقاع الخارجي هنا باعتباره يتكون من: تقطيع البيت تقطيعًا إيقاعيًا، وكذلك استخراج البحر العروضي والقافية أو الروي.. و ذلك لأن النص/ المتن هنا، ليس قصيدة تقليدية عمودية.. سنهتم أكثر بالإيقاع الداخلي باعتباره يتمثل في النص هنا على شكل وحدات إيقاعية لا تكتفي بتزين النص. بل تجعل الإيقاع يحاكي أغوار الشاعر وجدانيا في كل تلوينات حالته النفسية.. ويتكون الإيقاع الداخلي من: تَكرار صوتي ولفظي، ومن موازنة وتجاور صوتي، وتصريح، وغيرها من الوحدات الإيقاعية التي تساعد على إبراز جماليات النص ومعانيه.
فبالإضافة للازمة الرئيسية في المتن الذي نحن بصدده:
و لأن النص الشعري : ترنيمة نقار الخشب" ترنيمة كما عنونه كاتبه الشاعر حسان عزت، فلابد من التوقف بالضرورة عند خصوصية إيقاعات النص. و للتذكير، فالإيقاع ـ نظريا و تقنيا، قائم على الفاعلية بين الشاعر والمتلقي، فهي حركة تخرج عن السكون، لتعطي المتلقي إحساسًا بالفرح والسرور أو الحزن والألم. وقد عرّف "كمال أبو ديب" الإيقاع بأنه: "الفاعلية التي تنتقل إلى المتلقي ذي الحساسية المرهفة الشعور بوجود حركة داخلية ذات حيوية متنامية تمنح التتابع الحركي وحدة تغمية عميقة عن طريق إضفاء خصائص معينة على عناصر الكتلة الحركية"... و هو نوعان: الخارجي و الداخلي.. لا يهمنا الايقاع الخارجي هنا باعتباره يتكون من: تقطيع البيت تقطيعًا إيقاعيًا، وكذلك استخراج البحر العروضي والقافية أو الروي.. و ذلك لأن النص/ المتن هنا، ليس قصيدة تقليدية عمودية.. سنهتم أكثر بالإيقاع الداخلي باعتباره يتمثل في النص هنا على شكل وحدات إيقاعية لا تكتفي بتزين النص. بل تجعل الإيقاع يحاكي أغوار الشاعر وجدانيا في كل تلوينات حالته النفسية.. ويتكون الإيقاع الداخلي من: تَكرار صوتي ولفظي، ومن موازنة وتجاور صوتي، وتصريح، وغيرها من الوحدات الإيقاعية التي تساعد على إبراز جماليات النص ومعانيه.
فبالإضافة للازمة الرئيسية في المتن الذي نحن بصدده:
"لا تنقري في الروح يا صبية
لا تنقري في الروح.."
(....)
"لا تنقري في الروح يا صبية
عيناك نقار خشب"
(...)
"لا تنقري في الروح يا صبية
فضاء نايات و شمس مبتلة"
(....)
"لا تنقري في الروح يا صبية
صباح راعش و صور على الجدار"
(...)
"و أنت أيتها الصبية العنيدة
لا تنقري في الروح..."
لا تنقري في الروح.."
(....)
"لا تنقري في الروح يا صبية
عيناك نقار خشب"
(...)
"لا تنقري في الروح يا صبية
فضاء نايات و شمس مبتلة"
(....)
"لا تنقري في الروح يا صبية
صباح راعش و صور على الجدار"
(...)
"و أنت أيتها الصبية العنيدة
لا تنقري في الروح..."
جميل هذا التكرار لكلمة "الروح "في لازمة القصيدة:
"لا تنقري في الروح يا صبية
لا تنقري في الروح....:"
الروح مشخصة كما الشجرة، و نقار الخشب صبية/ حبيبة، و الايقاع يحاكي المعنى في الترنيمة، يرافق التكرار "في الروح"... "في الروح".. تم اختيار اللفظ الذي يتكون في تقطيعه الشعري الصوتي من سكون و حركة و مد.. ليستقيم النغم و المعنى مع ما يشبه الجناس بمفردات مثل الريح: ("و يصلي في ليالي العتمة و الريح")، و يبرّح: ("و يقولون أنه كان يبرّح به الشوق و الوجد يضنيه") ، و يروح: ("و على وقع القياثر يروح يرقص رقصة الكياني")...
يتعزز التكرار الإيقاعي بلازمة ثانية شبيهه بنيتها بلازمة قصيدة بدر شاكر السياب "مطر"، تتكرر فيها لفظة واحدة: مطر، نقرأ في "ترنيمة نقار الخشب":
"مطر في نجمة المحال
مطر في انتعاش الحنايا
مطر في اللمى و السؤال
مطر في اندياح الأماني الفريدة
مطر في انهمار القصيدة..."
استعمال وظيفي لتكرار مفردة "مطر" تتغيّا كما في الكونشيرتو الإيطالي الإعداد لمقامات التجاوز، الانتقال بالترنيمة إلى إيقاعات/ فضاءات/ معاني إلى مقامات موسيقية متجددة بين صعود و استقرار و هبوط و استقرار و حركة... لنعيش مع الترنيمة/ القصيدة لحظات انتشاء:
ـ لحظات الرقص الصوفي الذي يبدأ على إيقاعات تحاكي الزلزال لتتهاوى حتى الصمت/ الموت، نقرأ:
" و على وقع القيثار يروح يرقص رقصه الكياني،
فيضرب الأرض بقدميه حتى تهتز من تحته الأرض فتتطاول و تتطاول (...)
حتى ينزل المطر سبعة أيام،
فيأخذه الحال،
فلا يعرف الليل من النهار،
و يشف حتى يصبح مثل رقاق المزاهر..
فيتهاوى سكران مثل ورق الخريف الساقط.."
و كأننا مع إحدى رقصات الطرائق الصوفية التي تنتهي بإغماءة الراقص، و كأننا ب "نزول المطرسبعة أيام" بالشاعر يلجأ إلى تقنية التناص و يذكرنا بسورة الحاقة في القرآن الكريم:
الْحَاقَّةُ (1) مَا الْحَاقَّةُ (2) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ (3) كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ (4) فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ (5) وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ
لا تنقري في الروح....:"
الروح مشخصة كما الشجرة، و نقار الخشب صبية/ حبيبة، و الايقاع يحاكي المعنى في الترنيمة، يرافق التكرار "في الروح"... "في الروح".. تم اختيار اللفظ الذي يتكون في تقطيعه الشعري الصوتي من سكون و حركة و مد.. ليستقيم النغم و المعنى مع ما يشبه الجناس بمفردات مثل الريح: ("و يصلي في ليالي العتمة و الريح")، و يبرّح: ("و يقولون أنه كان يبرّح به الشوق و الوجد يضنيه") ، و يروح: ("و على وقع القياثر يروح يرقص رقصة الكياني")...
يتعزز التكرار الإيقاعي بلازمة ثانية شبيهه بنيتها بلازمة قصيدة بدر شاكر السياب "مطر"، تتكرر فيها لفظة واحدة: مطر، نقرأ في "ترنيمة نقار الخشب":
"مطر في نجمة المحال
مطر في انتعاش الحنايا
مطر في اللمى و السؤال
مطر في اندياح الأماني الفريدة
مطر في انهمار القصيدة..."
استعمال وظيفي لتكرار مفردة "مطر" تتغيّا كما في الكونشيرتو الإيطالي الإعداد لمقامات التجاوز، الانتقال بالترنيمة إلى إيقاعات/ فضاءات/ معاني إلى مقامات موسيقية متجددة بين صعود و استقرار و هبوط و استقرار و حركة... لنعيش مع الترنيمة/ القصيدة لحظات انتشاء:
ـ لحظات الرقص الصوفي الذي يبدأ على إيقاعات تحاكي الزلزال لتتهاوى حتى الصمت/ الموت، نقرأ:
" و على وقع القيثار يروح يرقص رقصه الكياني،
فيضرب الأرض بقدميه حتى تهتز من تحته الأرض فتتطاول و تتطاول (...)
حتى ينزل المطر سبعة أيام،
فيأخذه الحال،
فلا يعرف الليل من النهار،
و يشف حتى يصبح مثل رقاق المزاهر..
فيتهاوى سكران مثل ورق الخريف الساقط.."
و كأننا مع إحدى رقصات الطرائق الصوفية التي تنتهي بإغماءة الراقص، و كأننا ب "نزول المطرسبعة أيام" بالشاعر يلجأ إلى تقنية التناص و يذكرنا بسورة الحاقة في القرآن الكريم:
الْحَاقَّةُ (1) مَا الْحَاقَّةُ (2) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ (3) كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ (4) فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ (5) وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ
ـ لحظات اليأس و الامتعاض و الحزن لفراق الوطن الحبيب سوريا، نقرأ:
" الطريق إلى دمشق طويلة طويلة
و المطر عاصف و رماح"
" الطريق إلى دمشق طويلة طويلة
و المطر عاصف و رماح"
ـ لحظات الخوف من المجهول، نقرأ:
"لا تنقري فتبدأ القصيدة كأول
و يبدأ الخيال
من مطر و غرفة و قبلة جديدة
في غابة بعيدة."
ـ لحظات البحث عن ملاذ في حضن الحبيبة/ الصبية، نقرأ:
"لا تنقري فتبدأ القصيدة كأول
و يبدأ الخيال
من مطر و غرفة و قبلة جديدة
في غابة بعيدة."
ـ لحظات البحث عن ملاذ في حضن الحبيبة/ الصبية، نقرأ:
"و ما بين رعشة و لهفتين
و دهشة و كلمتين
ثلاثة فناجين و يدان مرتبكتان
و قبلة مخطوفة مستدركة
أشعلها الحنين في شفاه طفلة صبية
هوت على فمي كنجمة
ففز طائري المحبوس من عقاله
و اشتعل المكان بالكواكب المغردة"
و دهشة و كلمتين
ثلاثة فناجين و يدان مرتبكتان
و قبلة مخطوفة مستدركة
أشعلها الحنين في شفاه طفلة صبية
هوت على فمي كنجمة
ففز طائري المحبوس من عقاله
و اشتعل المكان بالكواكب المغردة"
ـ و لحظات التفاؤل و الفرج، و انتظار تحقق النبوءة، نبوءة شاعر تجسدها حبيبة / صبية نبية، نقرأ:
"يقولون و مازال الحارس يعلق قناديله على أشجارالغابة و يصلي في العتمة و الريح،
و مازال على رقصه و جنونه فرسا بيضاء تصهل فتسمعها القارة:
تعالي تعالي أيتها الصبية النبية
يا إمامة العصف و الريحان
تعالي تعالي"...
"يقولون و مازال الحارس يعلق قناديله على أشجارالغابة و يصلي في العتمة و الريح،
و مازال على رقصه و جنونه فرسا بيضاء تصهل فتسمعها القارة:
تعالي تعالي أيتها الصبية النبية
يا إمامة العصف و الريحان
تعالي تعالي"...
و كأننا على طول النص (قصيدة "ترنيمة نقار الخشب") مع سمفونية على خشبة مسرح "الكوميديا الغنائية"، في موقع متأرجح بين " الكوميديا الإلهية" لدانتي، و "الكوميديا الانسانية" لبالزاك.. حكايتها عشق امرأة.. و من خلالها الأمل في عناق وطن (سوريا) في أبهى حالاته.. و يستمر الرقص.. و يستمر الشاعر/ حارس الغابة في حمل قنديله: قنديل المثقف المتنور الحالم بغد أفضل..
مع تحيات نافذة النقد و الأستاذ بوزيان موساوي. وجدة/ المغرب.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire
Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.