mardi 9 novembre 2021

حوار غير منتظر! // محمد علوى // المغرب


في جلسة قمرية دافئة على شرفة "القريقية" بأصيلة ، سألني صديق بنبرة تحمل بين ثناياها أسى و حسرة فقدان فقال:
+ أستاذ ، هل الحب يمتن الأواصر؟
+ و ما الفرق بين غيرة المحب و غيرة العاشق؟
تعجبت لاستفساره ، لأن سنه لا يسمح له بطرح هكذا أسئلة ، و لولا أني أعرف رصانته ، لاتهمته بالمراهقة المتأخرة.
أجبته حذرا فقلت:
- لطيف حتى في أسئلتك ، لعل رومانسية المكان أيقظت فيك بقية من الماضي أو ضوء القمر عبث بأعصابك فبدت عليك بوادر الخبل.
ابتسم في مكر و إصرار ، وقال:
- ألا تجيبني ، و حسبك؟ .
قلت له :
+ من قال لك أني خبير في الحب و ماجاوره؟
قال:
-أعلم أنك تستطيع إجابتي .
فوجدت نفسي مجبرا على الخوض معه في هذا الهديان.
فقلت:
+ أي أواصر تتحدث عنها أواصر العقل أم أواصر القلب ؟
فرد علي بذكاء .
- الأواصر في شموليتها و الغيرة بحقيقتها ، فلا تتهرب و تشعب الأمور.
فاستقمت في جلستي كأني الفقيه النحرير الجهبيد في الميدان ، و استدار هو نحوي
كأنه التلميذ الشغوف لسماع ما سيجود به أستاذه.
فشرعت في عرضي بلهجة المتمكن العارف.
+ اسمع يامن تقلصت شواته ، و تقوست قناته ، و أصبحت كدنته تتمدد .
فعن سؤالك ، هل الحب يمتن الأواصر؟
+ فاعلم يا هذا رحمك الله ، و فتح بصيرتك أن الحب العاقل يمتن ، و الحب الجامح يقوض .
فلا تجنح إلى الحب الجامح
لأن سلطة الحب العاقل لا تركن إلى المغامرة العابرة بل إلى ماهو محسوب .
أما ما يتعلق بالغيرة ، فالمحب يغار ، أما العاشق فيُغَلِّبُ حبه على غيرته لأن محبته هي الأصل و كلامه الجميل عن معشوقه يبقى مجرد كلام جميل و ليس له اسم أو معنى آخر.
فابتسم في وجهي في خبث ، و انبرى قائلا :
- عندما نتحدث عن الحب و الغيرة بهذه الطريقة فإننا نتجاهل الفرق بين المحبين و العشاق و الصيارفة .
و من رده أدركت أني لم أستطع إقناعه.
فاستجمعنا أنفسنا وخرجنا قاصدين مهاجعنا بدون نبس بنت شفة ، و في نفسي ريبة أنه يستقصدني لأني أعلم فيه خصلة تقليب المواجع.




Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.