أمشي على استحياء لأطرق أبوابا ما عدت واثقة أنها ستفتح في وجهي، شعور بالخوف يتملكني وأنا أحاول النبش في ذاكرة منهكة لم تكن سوى ذاكرتي.
على عتبات الماضي تولد أسئلة مقلقة تهزم شجاعتي، وتثني عزمي، وتعيدني خطوات إلى الوراء..ترى كيف هو الآن؟ وماذا حل به في غيابي!!
إنني هنا..وإنه هناك، لا يفصل بيننا سوى طرقة على الباب، يخيل لي أني أسمع صوته، أشم رائحته، وألمح طيفه..
تبدو المسافة بيننا قريبة جدا..لكن تخطيها يرعبني، هذا الباب الخشبي يصبح فجأة جدارا إسمنتيا ضخما، وأُحسني ضئيلة أمامه..يدي ترتعش في كل مرة أحاول فيها طرقه..والأسئلة تعود لتنخر في ذهني، ترى كيف سيكون لقائي به بعد كل هذا الوقت؟ ماذا لو كان وجودي غير مرغوب فيه!!
ما أقسى هذه الحيرة!! التقدم خطير ومرعب، والتراجع قاس مدمر، وأنا معلقة على باب خشبي..خلفه ناري وجنتي..
أكاد أقرر..أتراجع للوراء..يجب أن أنسحب..لست واثقة من قدرتي على تحمل خسارة أخرى، ولأني عاشقة جبانة فقد اخترت أن أحتفظ بالحلم بدل أن أواجه الحقيقة.
مشيت خطوات قليلة إلى الأمام..ثم عدت إلى الباب وكأني أراه لأول مرة، أتفحص تفاصيله الجميلة؛ مقبضه النحاسي، نقوشه الأنيقة، لونه البني الذي فقد بريقه بفعل الزمن..داعبته بأناملي..لففت كف يدي حول المقبض..وتذكرت أياما خلت كنت أمتلك فيها مفاتيحه، نزلت دمعة من عيوني، تراجعت للخلف..وقبل أن أهم بالمغاردة..فتح الباب في وجهي؛ في لحظة اختلط فيها الحلم بالحقيقة..فوجدته واقفا أمامي بنظراته الهادئة وابتسامته العذبة يتطلع إلي بدهشة..وأتفحصه بفرح طفولي..في نظرة لم أدر كم طال عمرها، حتى قطعها صوته وهو يقول بشيء من الارتباك: سارة!! أ هذه أنت؟؟
ابتسمت له، وهممت أن أمد يدي للسلام عليه..لكني تراجعت على وقع صوت نسائي ينادي من الداخل:
عادل..من بالباب؟!
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire
Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.