dimanche 19 mai 2024

الكتابة من خلف القضبان - ضوء على أدب السجون // عبد الكريم حمزة عباس // العراق


أدب السجون هو الأدب الذي يتم إنتاجه من قبل كتاب أثناء قضائهم فترة السجن ، أو هو الأدب الذي تم كتابته من قبل أدباء لم يعايشوا حياة السجن بأنفسهم ، و إنما اعتمدوا على مصادر متعددة مثل الأبحاث و المقابلات مع أشخاص عاشوا في السجن .
تعد السجون من أكثر الأماكن غموضا و تحديا في العالم ، فهي تمثل مصير الكثير من الأشخاص و تحمل الكثير من الأسرار و الأحداث الغامضة .
تقول نوال السعداوي ( لا يموت الإنسان في السجن من الجوع أو من الحر أو البرد أو الضرب أو الأمراض أو الحشرات ، لكنه قد يموت من الانتظار ، الانتظار يحول الزمن إلى اللازمن ، و الشيء إلى اللاشيء، و المعنى إلى اللامعنى ) .
لقد كتبت بعض أقوى الروايات و القصص من خلف القضبان ، كما أن بعض الكتاب كتب قصصه و رواياته عند خروجه من السجن ، فالكاتب عندما يكتب من داخل السجن إنما يعبر عن نفسه و يعلن عن حياته المخفية للعالم الخارجي .
أدب السجون هو فرع من الأدب اعتمد مؤلفوه على معايير أدبية و تقنيات مميزة للأدب الواقعي النفسي ، بحيث أصبح هذا الأدب وسيلة للمؤلف لنشر كلمته من خلف جدران السجن وإعلام الناس بما يجري داخل السجون .
في السجن يشعر المرء باغتراب وجودي عميق عن محيطه ، و يبدو العالم بالنسبة له حالة من الفوضى ، يحاول فيها العثور على موضع مستقر يسمح له بإعادة توجيه نفسه ، فالوعي بالمكان و الزمان هناك حالة لا يمكن فهمها بسهولة .
بعض الكتاب استخدم خياله في وصف وضع السجون ، فالواقعية عند هؤلاء الكتاب هي موقف و إدراك من الكاتب لحركة الحياة داخل السجن ، و ليست نقلا حرفيا أو تصويرا آليا ، والإدراك عند هذا الكاتب هو عملية تفسير وفهم للبيئة المحيطة ، و يختلف مستوى الواقعية في هذا النوع باختلاف قصد الكاتب و أسلوب كتابته .
يعتبر أدب السجون نوعا من الأدب الذي يتناول الحياة داخل السجون ، و يعكس في نفس الوقت نظرة المجتمع إلى الشخص المدان ، و يمتاز هذا النوع من الأدب بالواقعية و التفاصيل الدقيقة ، و غالبا ما يتضمن قصص السجناء و تجاربهم و أساليب التعايش و التأقلم مع حياة السجن ، فهو يعرض الجانب الإنساني و يعكس المعاناة و الصراع الداخلي للسجناء ، و يساعد على فهم الحياة داخل السجون و أساليب التعامل مع الأوضاع الصعبة و يعبر عن التحديات التي يواجهها السجناء في محاولة العودة إلى المجتمع و الاندماج معه عند خروجهم من السجن ، و لذلك فإن لهذا النوع من الأدب أهمية بالغة في فهم و تحليل الحياة الإنسانية بصورة عامة.
وإضافة إلى ذلك يعتبر أدب السجون جزء من التراث الثقافي للمجتمعات، فالكثير من الشخصيات التاريخية و الأدبية و الفنية الشهيرة قد قضت فترة في السجن ، و من هناك كتبوا أشهر أعمالهم وقد اسفر ذلك عن نشوء تيار أدبي سمي ( أدب السجون ) .
و قد تختلف هذه الكتابات فمنها ممن لم يتجاوز طريقة الشاهد في تصوير ما عاشه خلف القضبان ، و منها ما كانت بالفعل تمثل عمقا في الإبداع الأدبي في تعبيراته و إنسانيته .








Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.