كان هو يتقدم وهي تتقهقر إلى الوراء حتى كانت على حافة السطح، عرفت أنه عازم على دفعها إلى الهاوية فرمت بنفسها، تعجب أنه ما كان يقصد ذلك، بل أراد أن يحضنها ويهمس في أذنها أنه ذلك المجنون الذي صنعه هيامها بجميع الرجال الذين عشقوها بشغف، ينظر إليها من الأعلى وهي جثة هامدة على الرصيف، ولا تزال أصابعه مخضبة بالحبر.. فجأة اختفت الجثة وتفرق الجمع، وعادت الأمور على ما كانت عليه وكأن شيئا لم يكن ووجد نفسه عاد بروايته في عالمه الافتراضي، ينتظر أن تعود إليه شبحا لتنتقم منه، بل من كل الرجال، ابتسم ليخفي الرعب الذي سكنه كأنه من شخوص ذلك البيت المهجور الذي رسمته أصابع لا تتردد في صنع النهايات، نزل إلى غرفتها، لا يستطيع أن ينظر إلى صورتها، يتحسس وقع أقدامها، ومن حين إلى حين يمزق حضورها سكون البيت بشيء يستغربه، يشعر كأنها تراقبه، بل تعيش معه، أحيانا يحس بدفء جسدها وهي تزاحمه على السرير، كان يقول دائما أن ما يجاري الحب أكثر من الجنون، ولهذا بحثت الانسانية عبر العصور عن شيء تبرر به حماقاتها، وتحمله مسؤولية إخفاقاتها، فاستلهمت من أخطائها ربا لكل شيء وظفته لخيرها وشرها، ترضيه بقرابينها، وتضحي من أجله بالنفس والنفيس، واستوحت من هواجسها طقوسا تمارسها في أماكن وأوقات معينة، وجد نفسه وحده لا يؤمن برب يمكن أن يحميه من أشباح الذين أخرجتهم كلماته عن سنن الكون، فما أتعسه في أسطورته ولا خلاص له...
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire
Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.