mardi 15 octobre 2024

تأثير العصر الرقمي الحالي على جودة النصوص الأدبية العربية الرقمية // عبد الكريم حمزة عباس // العراق

 

في عصرنا الرقمي الحالي الذي تهيمن عليه التطورات التقنية المتسارعة و التي تؤدي إلى تغيير طريقة التواصل اللغوي ومنها تغير أسلوب استخدام اللغة العربية في النصوص الأدبية الرقمية ، حيث غير العصر الرقمي الحالي الطريقة التي نكتب بها و نتحدث بها و كذلك طريقة التعبير عن المشاعر نتيجة لظهور أشكال جديدة من الرموز التعبيرية الصغيرة الملونة و التي تقوم بنقل المشاعر و التعبيرات بطريقة موجزة بحيث أصبحت هذه الرموز التعبيرية جزءا مهما من المحادثات اللغوية الرقمية اليومية .
لقد ظهرت طريقة الإيجاز في العصر الرقمي و انتشرت الاختصارات و تغيرت قواعد اللغة التقليدية بشكل واضح ، و تم استخدام عبارات تتكون من أحرف قليلة تدل على جمل طويلة كما أدت ميزات التصحيح التلقائي و التنبؤ بالنص في الأجهزة الرقمية إلى تغير في طريقة الكتابة و طريقة اختيار الكلمات و بناء الجملة مما أدى إلى تغير في أنماط اللغة المستخدمة و مفرداتها .
إن تطور وسائل التواصل لابد ان يؤدي إلى تطور اللغات و التأثير على معاييره التقليدية و يتجلى هذا التغيير في الطريقة التي يتعامل بها الأشخاص الذين هم من خلفيات ثقافية مختلفة و يتواصلون عبر المنصات الرقمية، و مع صعود التقدم التقني و الاتصال غير المسبوق الذي صنعته شبكة الإنترنت برزت اللغات الأجنبية كاللغة الانجليزية و الفرنسية كلغات مشتركة للعصر الرقمي ، و لهذه الظاهرة أثار على غير الناطقين بها كالناطقين باللغة العربية.
و مما لا شك فيه أن تطور التقنيات الرقمية قد أدى إلى تغير ملحوظ في مشهد اللغة العربية وهذا التغير متعدد الأوجه فهو لا يؤثر فقط على الأساليب و الأدوات المستخدمة في اللغة العربية بل يؤثر أيضا على طبيعة تدريس اللغة العربية و تعليمها في المدارس و الجامعات ، فالطبيعة غير المقيدة و غير المنظمة للغة العربية على منصات التواصل الاجتماعي يمكن أن تؤدي إلى تبني قواعد نحوية غير رصينة أو إلى لغة هجينة تجمع ما بين الفصحى و العامية والكلمات و المصطلحات الدخيلة على سبيل المثال.
ومن ميزات العصر الرقمي الحالي إمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي في كتابة النصوص الأدبية بكافة أجناسها مما أثر سلبا على جودة لغة النصوص الأدبية بصورة عامة ، فالذكاء الاصطناعي يعاني حاليا من ضعف إمكانياته في المساهمة في تطور اللغة و ذلك لافتقاره إلى القدرة على مجاراة التفاعل البشري الحقيقي مع النصوص الأدبية.
و كما هو معروف أن تطور اللغة عملية معقدة تنطوي على الفروق الثقافية الدقيقة و إشارات الاتصال التي قد لا يتمكن الذكاء الاصطناعي الحالي من فهمها بالكامل ، و نتيجة لذلك كانت تجربة كتابة النصوص بواسطة هذه التقنية الرقمية محدودة النتائج للغاية و ربما ساهمت في تدني المستوى اللغوي للنصوص المكتوبة بواسطتها .
و الملاحظ أننا في عالمنا العربي المعاصر نفتقر إلى الدراسات التي تتعلق بموضوع تطور اللغة العربية خلال العصر الرقمي الحالي و فهم العواقب المعرفية و السلوكية لتطور اللغة في البيئة الرقمية الحالية، لذا لابد للجامعات و المنظمات الأكاديمية من الاهتمام بدراسة هذه الظاهرة بشكل جدي و التي ربما تؤدي إلى المزيد من تدني المستوى اللغوي العربي .






Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.