dimanche 10 juin 2018

رؤية نقدية لنصوص إبداعية على الفايسبوك: ج 1 // خالد بوزيان موساوي // المغرب


ورقة حول رؤيتي النقدية لنصوص إبداعية على صفحات الفيسبوك
الجزء الأول

:كتب أحدهم يقول" 
المتابع لسبلة الشعر و الأدب في الفترة الأخيرة (على مواقع التواصل الاجتماعي، و المجلات الالكترونية خاصة)، لا يخفى عليه كثرة المواضيع النثرية التي تندرج تحت ما يمكن تسميته بالخواطر .. كما لا يخفى عليه ضعف هذه النصوص من ناحية عدم تجديد الأفكار فيها ، بل يكاد السواد الأعظم منها متشابه الفكرة ، فهي إما تتعلق بالحب أو الرحيل .. أو عن الوضع السياسي أو الاجتماعي المتأزم ، أو عن مرض العصر (الاكتئاب)... ناهيك عن عدم موافاتها للنص الأدبي من حيث وحدة الفكرة و تسلسل الأفكار في شكل تصاعدي للوصول إلى خاتمة مميزة .."
حكم قيمة كهذا، و إن كان له ما له، و عليه ما عليه، لا ينطبق على كتابات الجيل المعاصر من المبدعين كما أتلقاهى عبر صفحات الفيسبوك، وكما اعترف بتميزها كبار النقاد المعاصرين .
كتب وسيم كردي يقول: "تقول الشاعرة فاديا غيبور:إن الكتابة مهما تنوعت في موضوعاتها فإنها تنبع من الوجدان..ومن الإحساس بهذا العالم الواسع الذي نعيش فيه وله، علينا أن ندخل إلى حياة الناس الموجودين فيه إلى تفاصيل حياتهم ومعاناتهم وما أظننا نبتعد عن هذه المدارات..."‏
و قبل تبني الافصاح عن قناعاتي المنهجية لقراءة هذه النصوص، تذكرت لا شعوريا أحد مشاهد مسرحية توفيق الحكيم 
تحت عنوان: " بنك القلق" 
كان أحد الشخوص يقرأ صحيفة باهتمام بالغ، سأله مخاطبه من باب الفضول عن أهم مستجدات الأخبار، فرد قارئ الصحيفة بجهله لمحتويات الصحيفة، الشيء الذي استغربه مخاطبه... لكن قارئ الصحيفة استدرك ليوضح الموقف قائلا بأنه لم يكن يقرأ الأخبار بل كان يعرب مفردات جمل مقالة
و نستشف من إجابته بأن لكل قارئ أهداف قراءة مسطرة قبليا، و أخرى أثناء الخوص في تضاعيف المقروء، و أخرى بعدية تهم الاستنتاجات و التقييم و ردة الفعل... و هو ما نسميه "قراءة وظيفية"...
و وظيفية بالنسبة لي، لأنها تثير بنية مسبقة من المبدعين الجدد و المخضرمين، أو عن غير قصد، إشكالات مثيرة للجدل متمحورة حول مدى إسهامات النظريات النقدية الغربية في قراءة الأدب العربي المعاصر منه على وجه الخصوص، و حول إشكالية تحديد جنس النص و تسميته و تعريفه و مدى خضوعه للقوالب الجاهزة و المتداولة، و حول مصداقية ما يطلق عليه اليوم مبدأ "تعدد القراءات" للنص الواحد... يعد جان بودريار Jean Baudrillard ( 1929 – 2007 ) من أهم المؤولين للحظتنا المعاصرة في تعقيدها التكويني ، و التصويري ، و التفاعلي معا ؛ إذ يتداخل فيها الحقيقي بالمحاكاة ، و التشبيه ، كما يخرج التشبيه من حدوده النصية ، و البلاغية إلى اليومي ، و السياسي ، و الوجودي ، فيبدو في صيرورة الحقيقي نفسه ، و كأنه بذرة داخلية فاعلة من خلاله ، و ليست خارجة عنه
و حتى نقترب أكثر من هذه الإشكالات من خلال قراءاتنا لنماذج من هذه النصوص... يبدو الأمر منذ الوهلة الأولى (الانطباع الأولي) أننا نقرأ نصوصا متنوعة الانتماء الجنسي، و كثيرا ما لا نميز إن كان النص شعرا حرا أم نثرا، و قد يبدو أننا لن نقرأ ما هو إبداع أدبي صرف... لكن قد يكون للقراء المتخصصين أو النقاد رأي آخر يضاف: وعي الكاتب (ة) بأن التعريفات الشبه مقننة، و المقولبة، و المتداولة حسب المدارس و التيارات و المذاهب الأدبية و الفنية، نسبية جدا، و لا تلزم الكتاب، و ليس باستطاعتها تقييد إبداعاتهم... و إلا أصبح ما يكتبون "صناعة" تخضع لوصفات خاصة...و أسمي هذا التحرر من قيود القوالب في تعريف الأجناس الأدبية، إحدى "مرتكزات الحداثة"...
يوغل الدكتور سعيد علوش (استاذ الادب الحديث والمقارن كلية الآداب الرباط) في جوهر مصطلح (الهرمنوتيك) ليخرج لنا بتعريف يتمحور حول المعارف والتقنيات التي تسمح باستنطاق الرموز واكتشاف معانيها الأمر الذي دفع بـ(ميشال فوكو) الى ان يطلق على هذه المعارف والتقنيات اسم (سيمولوجيا) بحكم تمييزها لمواقع الرموز وتحديد ما يجعل منها رموزا ويضبط علاقاتها وقوانين تسلسلها وتستمد الهرمنوتيك علميتها من مبادئ وقواعد التأويل المحسوس والتطبيقي على النصوص التي تتخذها موضوعا لدراستها ويؤيد الدكتور علوش ما ذهب اليه (تودوروف) على وجود تقليدين متميزين لتاريخ الهرمنوتيك يطلق على التقليد الاولى (بلاغة) بينما يطلق على الثاني (هرمنوتيك) ويتعارض التقليدان فالاول يمارس (كنظرية للانتاج) على حين يعرف الثاني (كنظرية لفهم واستقبال هذا الانتاج)
و كأن الكاتب (ة) يحمل القارئ مسؤولية التلقي و التأويل، و وضع كل نص في الخانة التي تعجبه أو يراها مناسبة بين الأجناس الأدبية، انطلاقا من تراكماته، و تمثلاته، و آرائه
تقول الشاعرة فاديا غيبور:إن الكتابة مهما تنوعت في موضوعاتها فإنها تنبع من الوجدان..ومن الإحساس بهذا العالم الواسع الذي نعيش فيه وله، علينا أن ندخل إلى حياة الناس الموجودين فيه إلى تفاصيل حياتهم ومعاناتهم وما أظننا نبتعد عن هذه المدارات...‏
و أستحضر هنا في نفس السياق، الجدال الذي أثاره نقاد الرواية في بداية القرن العشرين لما نشر آندري جيد André Gide "روايته: تجار العملة المزيفة" (Les faux monnayeurs) لما كتب على غلاف كتابه و على صفحته الأولى ك "هذه ليست رواية" (Ceci n’est pas un roman) و كأنه يبعث برسالة للنقاد التقليديين الأكادميين، يقول فيها: إن كنتم تبحثون عن قوالب جاهزة في كتابي هذا لتصنفوه "رواية"، فأنا أقول لكم بأن روايتي ليست برواية كما تتمثلون أنتم جنس الرواية؟... و وجه الشبه هنا بين آندري جيد و الجيل الجديد من المبدعات و المبدعينهو ذاك البحث عن التحرر من القيود الأكاديمية البالية، و إعطاء العنان لروج إبداعية حديثة معاصرة و متجددة...
و يوغل الدكتور سعيد علوش (استاذ الادب الحديث والمقارن كلية الآداب الرباط) في جوهر مصطلح (الهرمنوتيك) ليخرج لنا بتعريف يتمحور حول المعارف والتقنيات التي تسمح باستنطاق الرموز واكتشاف معانيها الأمر الذي دفع بـ(ميشال فوكو) الى ان يطلق على هذه المعارف والتقنيات اسم (سيمولوجيا) بحكم تمييزها لمواقع الرموز وتحديد ما يجعل منها رموزا ويضبط علاقاتها وقوانين تسلسلها وتستمد الهرمنوتيك علميتها من مبادئ وقواعد التأويل المحسوس والتطبيقي على النصوص التي تتخذها موضوعا لدراستها ويؤيد الدكتور علوش ما ذهب اليه (تودوروف) على وجود تقليدين متميزين لتاريخ الهرمنوتيك يطلق على التقليد الاولى (بلاغة) بينما يطلق على الثاني (هرمنوتيك) ويتعارض التقليدان فالاول يمارس (كنظرية للانتاج) على حين يعرف الثاني (كنظرية لفهم واستقبال هذا الإنتاج
*****

1 commentaire:

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.