dimanche 10 mars 2019

مرايا وعيون // كامل عبد الحسين الكعبي // العراق


الخائفونَ من اتساقِ البحرِ والعابثونَ بنهرِ الصَفوِ يعكِّرونَ جلاءَهُ يسلبونهُ الوضوح يحرفونَ معالمَهُ يجعِّدونَ سطوحَهُ فينذرونهُ بالكدرِ أو يطلقونَ ريحهم الصرصر فيثيرونَ أمواجهُ العاتية حتى يختفي ظِلّ القمرِ وتتشوه صورتهُ الناصعة ويغور شعاعهُ الرتيم أو يغيب تماماً كما يغيب الواقعُ عن عيونٍ أصابها رَمَدٌ أو حَلّ بها عشوٌ ، ولازلنا نتحاشى النظر بمرايا مستويةٍ خوفاً من الحقائقِ الصادمة بعدَ أن أَدمنّا وضع الزجاج كحاجزٍ مانعٍ ينأى بنا بعيداً عن جواهرِ الأشياءِ رغم أنّنا مبعَدونَ فعلاً ومبعَدونَ قسراً بل مضلّلونَ ومجبَرونَ على النظر للقضايا البسيطةِ بمرايا مقعرة وللكبيرة بمرايا محدبة ، وما بينَ تقعّر وتحدّب لنْ يجدَ الإستواءُ لهُ فسحةً من خارطةِ الرُؤى إلاّ ما امتدّ به حيزٌ إلىٰ السماءِ وعانق الفضاء وصافح المدى ، فيكون التشخيصُ بعينِ صقرٍ وتتجلى الصُوّرُ بعيونِ زرقاء اليمامةِ فحينها نرى الضوءَ بموشور بصيرتنا ألوانَ حبورٍ زاهية ونعود إلى مرآة القلب فإنّها أصدقُ المرايا ودونها تتكسرُ كُلّ البلورات المزيفة ولا نجد لها سوى شظايا ندوسُها بأَقدامنا ونمضي دونَ أنْ نلتفت

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.