dimanche 10 mars 2019

يقول المتنبي ... // حسين حسين // تونس

"يقول المتنبي : " إذا أتتك مذمتي من ناقص فهي الشهادة لي بأني الكامل
وهذا القول قد يردده الواحد منا عندما يتعرض إلى نفس الموقف الذي عاشه أبو الطيب في حينه
والحقيقة أن الكمال غاية لا تدرك وأن الإنسان ناقص وسيظل ولا يمكن الحديث عن الكمال في نسبة منه إلا حين نتحدث عن الإنسانية بشكل عام وما بلغته عبر الزمن من تطور و تحضر وما حققه البشر مجتمعون عبر تراكم تجاربهم وخبراتهم أفرادا وجماعات وبأقدار متفاوتة من نماء عاد بجم الفوائد على الجميع وبنسب متفاوتة أيضا بين الشعوب ، تتحكم فيها موازين القوى والأخذ بناصية العلوم
وبالعودة إلى القولة مطلع المقال فإن الفرد ، حتى النابغة إنما هو شخص ناقص وناقص للغاية إذ أن نبوغه في إختصاص ما لا يعني إمتلاكه المطلق لمفاتيح ذلك الإختصاص فضلا عن كونه يبقى في حاجة لغيره من الناس يساعدونه في شتى مناحي الحياة ولا تستقيم حياته إلا بوجودهم إلى جانبه يقومون عنه بكثير من الأدوار الضرورية للإستمرار على قيد الحياة
هذا عن النابغة فماذا عن الغالبية العظمى من عامة الناس !؟
إن أشد ما يزعجني هو هذا الإحساس بالنقص فأنا ومهما أبذل من جهد لا يسعني أن أحقق كل ما أريد بنفسي بل سأكون محتاجا لمساعدة الغير لي . وحتى المال وأيا يكن متوفرا فلن أفعل به شيئا يكاد يذكر في سبيل أن أستشعر الكمال بل يمكن لأحدهم من مسديي ما أحتاج من خدمات أن يرفض مالي مهما يكن عرضي مغريا وأن يرفض خدمتي في شتى المجالات التي تتجاوزني
هذا وأنا أتحدث عن إحتياجاتي المادية ،والأمر أشد تعقيدا حين أتكلم في ما أحتاجه عاطفيا و فكريا وروحيا
لن أخوض في ما يختلج بقلبي وشغافه ولا في ما يتعلق بالروح وأسرارها
سأكتفي ببعض الإشارات ذات الصلة بفكري ، فأنا أكذب حين أردد ما يتردد على بعض الألسنة من قبيل " أخذت أو آخذ من كل شيء بطرف "
لأن الأشياء لا حصر لها ، هذا أولا ، وثانيا فما هو هذا الطرف ؟ وهل هو كاف ؟
هب أنني مولع باللغة فهل يعني حذقي للتخاطب بها و قدرتي على إستخدامها في ما أحتاجه مشافهة أو كتابة يفيد تضلعي فيها ؟ وإذن لماذا قال سيبويه :"أموت وفي نفسي شيء من حتى " وفي الحقيقة نموت وفي أنفسنا أشياء كثيرة من أخرى كثيرة منها ما هو ضمن أطرنا الذهنية ومنها ما هو غائب عنها
الحديث في هذا المبحث لا ينتهي غير أنني
لا أرجح أن يكون شعوري بالنقصان وإقراري به ذنبا ولكن على إفتراض أنه كذلك فالإعتراف بالذنب فضيلة . ولا كمال إلا لله

*******

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.