قراءة في :
شرفة على عينيك // فوزية أحمد الفيلالي // المغرب
*******
شرفة على عينيك // فوزية أحمد الفيلالي // المغرب
*******
تتبعني همسات شاردة
ويرتد طرفي
همهمات تموجت عارية
في وجداني
هل العيد وسرى
بعروقي أمل
وجدت الورد بعيني شرفتي
حملقت طويلا
في المدى
فرأيت شبحا يتوارى خلف الموج
أدركت حينها
!...أنه اختفى
زارني ليوم واحد في سنة العمر
أخبرني موج الغروب
أنه عيد التأنيث
فانسحبت بكبرياء
أعد شهور السنة
.وثلاثمائة وخمسة وستين يوما ويوما واحدا
ويرتد طرفي
همهمات تموجت عارية
في وجداني
هل العيد وسرى
بعروقي أمل
وجدت الورد بعيني شرفتي
حملقت طويلا
في المدى
فرأيت شبحا يتوارى خلف الموج
أدركت حينها
!...أنه اختفى
زارني ليوم واحد في سنة العمر
أخبرني موج الغروب
أنه عيد التأنيث
فانسحبت بكبرياء
أعد شهور السنة
.وثلاثمائة وخمسة وستين يوما ويوما واحدا
فوزية أحمد الفيلالي // المغرب
بنية القصيدة :اولا العنوان : " شرفة على عينيك " اسم + حرف جر +اسم مجرور +مضاف ( الكاف)
الاسم جاء نكرة " شرفة " والنكرة تدل على شوارد َ من المعاني في الحقيقة والمجاز.
ف الشرفة موضع عالٍ يشرف على ما حوله ، وهو بمثابة منصة . وفي قاموس المعاني الشرفة ج شُرفات وشُرْفات و شُرُف ، وهي أعلى الشيء..فشرفة البيت بناء صغير يطل على ما حوله ، ومن الشرَف وهو العلو والمجد ، ومنه أيضا ساحة الشرف وهي ساحة القتال دفاعا عن الوطن ، وكلمة شرف لا رجعة فيها ، ومرتبة الشرف تستخدم للدلالة على مرتبة عالية .
إذا بهذا الزخم من المعاني القريبة و البعيدة من هذا اللفظ لم يكن اختياره عبثا من طرف الشاعرة فوزية.
الجار و المجرور و الاضافة يتبع الاسم في علاقة اخبار عن المبتدإ ، فأصل العنوان " هذه شرفة على عينيك ".
البنية العامة للقصيدة :
القصيدة من كتابة و إخراج الشاعرة فوزية الفيلالي .. الإخراج غالبا ما يهمله الشاعر رغم أن له وظيفة كبيرة في إدراك معاني النص .. هو يدخل مع علامات الترقيم في تحديد المعاني .
تتكون القصيدة من 18 سطرا يتراوح طولها من كلمتين الى ست كلمات يربط بينها واو العطف الذي تكرر في الجملة أربع مرات دون أن يُخلَّ بتوازنها تقول :(وثلاثمائة وخمسة وستين يوما ويوما واحدا )
الكلام في السطر الاول والثاني يحكي فعل المتكلم ويخبر عن حاله من خلال جملتين فعليتين ( تتبعني همسات شاردة ) و ( يرتد طرفي )
السطران يحكيان كلام المتكلم في الصيغة و الزمان الذي أنجز فيه الفعل " المضارع "
في البيت الموالي تصر الشاعرة على ابراز حال الفاعل : همهمات تموجت عارية // في وجداني .
من حيث الترتيب ، تقدم الفاعل على الفعل في مطلع السطر ، والتقديم لم يلحق أي ضرر بالسطر الشعري بقدر ما زاد من شاعريته وقوّى من دلالته ، فحصل البيت على قوة التأثير من خلال صياغة التخييل صياغة فنية بلغت في العمق شأوا بعيدا ، و أفصحت عن خبايا نفسية كانت مضمرة ، فلم تعد الصورة في حدود ذاتها السطحية بل تعدت ذلك الى ما وراء الصورة ( التموج في الوجدان ).والصورة عند أصحاب التحليل النفساني تكوِّن شبكة من الدلالات ..هي تكون في لا وعي الشاعر ثم تأتي في نظام واعٍ يمَكن من الحصول على ما "استبد" بهذا الشاعر من صدام وانفعال وتأزم وهو ينقل إلينا تلك الصورة الشعرية .
هل العيد وسرى
بعروقي أمل
في البيت صورة تركيبية واحدة لفعلين مختلفين في المعنى ومتطابقين في الزمن " هلَّ " و " سرى" ونلاحظ أن وقع الفعل على الفاعل لم يكن شديدا .. ف " هل " بمعنى ظهر // هل الشهر / ظهر هلاله و // هل المطر / اشتد انصبابه // والهَلُّ / الرقيق من الثياب والرقيق من الشِّعر ..و//هل العيد إذا حل //
و" سرى " / مشى وسار ليلا // سرى الليل مضى // والليل إذا يسرِ* سورة الفجر الأية4 .. أي: وقت سريانه وإرخائه ظلامه على العباد، فيسكنون ويستريحون..وسبحان الذي أسرى بعبده ليلا . إن بنية السطرين تفهمان عند الخروج من النص ــ وهذه التفاسير التي تطرقت إليها ــ ، الى سياقه الذي هو //عيد المرأة // او اليوم العالمي للمرأة // أو // 8 مارس // ــ تتعدد الأسامي و الحدث واحد ــ والخطاب الأدبي يحمِّل الزمن فكرة قد تتعارض مع أفكارأخرى في واقع الحياة .
بعد هذين السطرين ، أكيد أن القارىء ينتظر شيئا آخر غير هذا العنصر فكان السطر التالي :
وجدت الورد بعيني شرفتي
حملقت طويلا
في المدى.
الألفاظ في السطر الأول كناية عن الأشياء والمفاهيم ونظْمُها في هذا التركيب فعل تعبيري يصل القارىء بالنص وبمجال الحياة اليومية من جهة أخرى .
وعلاوة على التحريض على اتخاذ موقف ، ورد الفعل / حملقت طويلا في المدى / الذات المتكلمة في " وجدت" ظلتْ في وضع المنبهر فرفرف بصرها في الفضاء الى أعمق مدى حيث لا يرن صوت و لا يسمع رنين وحيث علاقة التناسق والتآلف بين الانبهار ورد الفعل ، تنقلنا الشاعرة بجملة معطوفة على ما قبلها ب " ف" حرف العطف الذي يعتبر ثاني حروف العطف العشرة .. هذا الحرف الذي يدل على إشراك ما قبله وما بعده في الإعراب والمعنى كما أن هذا الحرف يفيد أيضا الترتيب والتعقيب :
فرأيت شبحا يتوارى خلف الموج
أدركت حينها
!...أنه اختفى
جاءت في هذه الأسطر الرؤية و الادراك من جهة والتواري والاختفاء من جهة ثانية ، ولم تخرج الشاعرة عن التركيب الفعلي الذي أثث النص والذي أعطاه حركية خاصة وتحولا أمام أعين المتلقي . عكس التركيب الاسمي الذي يختص بالثبات والاستمرار و الرسوخ والنموذج .
وتمضي بنا هذه المتوالية : رأيت ــ توارى ــ أدركت ــ اختفى بإشراق روحي يتناغم فيه الأداء الفني سلاسةً في التركيب وصعودا في الخيال وصورةً مشهديةً قصيرة ( انه اختفى ... !) مع نقاط متتالية وعلامة تعجب و التي تعني "نقط الاختصار أو نقط الإضمار" والتي تدل على كلام مقصوص أو على وجود تتمة لتمثيل تَردُّدٍ أو تمثيل ألفاظ لا نريد كتابتها صراحةً حفاظا على احترام المتلقي وربما هذا ما عنته الشاعرة بتلك النقاط وعلامة التعجب .
وتصطف الكلمات في جملة طويلة نسبيا يربط بين أجزائها حرفي جر " اللام " و " في " وقد استحضرت الشاعرة زيارة " الشبح " عبر حركة الزمن ( يوم واحد) و ( سنة العمر ) وتبدع الشاعرة في تمثيل الواقع من خلال الإستغراق في معالجة خيال بواقع ومن ثم العودة الى الهمسات الشاردة لتعد الشهور والايام ال 365 يوما .
وتلك هي الحياة قد تحضر " وحشا" يتشعب في الأماكن والزوايا ليعم الصمت من هول الذهول ..وقد تحضر " ملاكا" يرفق بالانسان الى أن تدفن الحياة مع الجثمان .
" شرفة على عينيك " نص يشدو مخالطا بهدوء وروية ، نغمة موسيقية تؤثثها صور جميلة تنأى عن الغامض من التركيب ..تبتكر المعاني الشعرية وتشخص الألفاظ بمعان متفاوتة من الدلالة و الايحاء ، وتنقلها أحيانا من وظيفتها اللغوية المعيارية إلى رحابة شعرية ( بعيني شرفتي / كنموذج)
والواضح أن علاقة الموضوع والخطاب الشعري علاقة لها طابع محدد في النص وفي سياق النص الذي جاء بناؤه يتصف بجمالية ساعدتنا على فهم تقليد لم يقنع الشاعرة التي انسحبت بكبرياء.
أتمنى أن أكون موفقا في قراءتي المتواضعة هذه .
بقلم
Assif Assif
18/03/2019
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire
Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.