dimanche 17 mars 2019

المعاصرة في الأدب العربي مابين العيش مع الأموات والموت مع الأحياء // حسين الباز // المغرب


ماهو مفهوم المعاصرة في الأدب العربي وانعكاسها على المجتمع العربي ؟*
هل استطاعت المعاصرة أن تلبي طموح الكاتب وتخرجه من قوقعة التقليد والتكرار إلى آفاق التجديد والابتكار ؟
 هل استطاع القارئ العربي أن يتناغم مع المعاصرة في ظل كل ظروف الحياة التي يعيشها ؟
.. نقول فلان عاصر قوما أي عاصرهم وعايشهم في فترة حياتهم ، وبالمنطق لا يقبل العقل بمعاصرة الأحياء للأموات ، فلكل زمان مكانه وأهله ولغته وأساليبه في حل المشكلات إن اجتماعية أو عقائدية أو سياسية أو اقتصادية أو أدبية ، لهذا تتغير الدساتير بتغيير الأنظمة في محاولة منها لمسايرة العصر
من بين المشاكل التي تحول دون تنزيل المعاصرة على أرضية الواقع هي تقديس قوم ما للتقاليد والأعراف ، وانحصارهم في العصبية القبلية على شكل طوائف يستحيل معها الانعتاق لتمسكها الشديد بالأموات لغة ودينا وفنا ، لهذا تجدهم وهم قلة يرجعون نمطية عيشهم الحاضرة بالقياس في كل شيء وكأن لسان حالهم يقول : هذا ما وجدنا عليه آباءنا وإنا لهم لتابعون ، يقصون الحاضر والمستقبل ، فيوقفون الزمن للعيش في ماضوية رجعية غير قابلة للعصرنة ، وفي الوقت الذي قطع الغرب كل صلة مع الماضي ، لما يزل الشرق في استماتة وتقاتل لإحياء التراث ، لا بل وجعله حاجزا منيعا لصد كل محاولات التجديد ليس في الدين فحسب بتقييد شرائعه بأصول ابن تيمية والبخاري وإنما تعدى ذلك إلى اللغة فأوقف نحوها وصرفها عند سيبويه ، والشعر عروضه عند الفراهيدي، مما انعكس سلبا في نمو الحضارة العربية قلبا وقالبا، إن لم نكن متفائلين بعصر العولمة فنقول إن هي إلا محاولات فاشلة لإعاقة سير التقدم ستصبح يوما في خبر كان مع العالم القرية الذي يجبرنا على معاصرته
.. استطاع الأدب العربي المعاصر بشكل كبير تجاوز الأصالة بإيجاد بديل عنها مسايرا للعصر ، لغة وأسلوبا ووجد ضالته في الشعر الحديث فأبدع ولما يزل يبدع لولا تصور بعض المجددين بأن التجديد قد توقف عندهم أيضا ، فحاد الأغلبية عن شعر التفعيلة التي تحوي قيودا أصولية كالوزن بالتنقل من بحر العروض لآخر ، وراح يعتمد على الإيقاع في شعر النثر، وطال فك القيود من كل الفنون ، في الرواية والقصة والقصة القصيرة والقصة القصيرة جدا ، والتخلص من التجنيس أيضا فأصبح الكاتب يجمع بين اجناس مختلفة في نص واحد مبتكرا مجددا في كل حين
.. تحت ضغوطات السرعة ، وبولوجه لعالم الإنترنت ، أضحى المتلقي يبحث عن القليل المفيد ، والسهل غير المعقد ، بحيث بضغطة زر ينتقل من كتاب لآخر ، قد يلجأ تطفلا أو بحثا عن تراث قديم لإغناء معرفته ، ولكنه في بحث مستمر عن الجديد والانطلاق للآفاق، كل ما يستوجب على الكاتب المجدد هو التمسك بجمالية اللغة وبسلاستها لأن الجمالية لا تموت، ويحرص كل الحرص وهو يشق طريقه نحو التجديد بأن لا يصبح ميتا بين الأحياء


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.