mardi 12 mars 2019

يوسف الوحيد // محمد عبد القادر محجوبي // الجزائر


كان حري به أن يتبهرج في ذاته بمتعة الانعزال . بعدما كابدت المدينة مزاجه الطريف وهو المائع المميع من بخار الحمام الشعبي . يقبض عليه زمن يتعرى في هالة ماء ساخن يتبخر في انبعاث الأبدان السقيمة . بين يوسف والحمام الشعبي تمتمات قلب مسلوب . منذ أن حسم أمره مع فرجة الماء والبخار وجد ياقوتة العيش العميق . هنا ينبت عمره في نزوع كهولة تتآكل من غبن تاريخ محملق في السراب . من سياسات لا يكاد يراها الا في طحين الأحداث المترسبة على حضيض لاسع للشعور
حجب المدينة تحيله شبحا لذات الزمن المتعنت الرؤى . في نفسه يردد يوسف . شاحبة هي سحنات الوجوه التي تتمزق على خريفها في ذبول المدينة الساقطة
شعوره يتقطر من بخار الحمام حالكه المشحون بغربة . يفضي المسارات غناءه السخي بجمر . يبدع للمدينة هجره الفضي .عزلته خارطة جبال يغوص في تضاريس الحسم . تتجشم الوجوه المشدوهة في حزنه . تحليقه يوسف الوحيد المتعظ من فلتات جذوره الجبلية . لا يزال على سرب التحليق يصطفي خصاصه اللامتناهي فيه . تستجديه غزالة الهواء لكي يرعى رغبتها على قمم الجبال . تستوحشه فضاءات الرعي . همس البساتين . سكرة الحقول . التراب عش حرير يتنامى من موسيقى ماء
يوسف الوحيد منتهاه هديل سكون ومملكة عزلة تنأى عن مروق البخار . عن بطش الحمام . عن عصب الصراخ . عن وباء الزمن المتفرع الثورات . عن مهل الإنتظار
حين زكاه الجبل طائرا ناريا
ارتوى يوسف من شلال جذوره . تشهى لوعاته باستدارة شمسه وشموسه . هناك . هناك التأم بكثافة النعاج بهيج نشوة جبلية . يبعثر عشقه على فيض الفصول التي تركت له رسالة خالدة تتلاسن يوردها الساكن الخجول أطراف الشعاب . ربما تمضغها طفرة الأجيال على حيلتها المتلهفة بقلب يوسف الوحيد
.منه وإليه يشرب يوسف كؤوسه من عنب القلب . كما لو أنه أمير دهر سعيد 




Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.